خطبة لأم المؤمنين عائشة
رحمها الله يوم الجمل:
قالت: أيها الناس، صَهْ صَه، إنّ لي عليكم حُرْمَة الأمومة، وحق اَلموْعظة، لا يتّهمني إلا مَنْ
عَمى ربّه،مات رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين سَحْري ونَحْري، فأنا إحدَى نسائه في
اَلجنّة، له ادّخَرَني ربِّي،وخلصني من كل بُضْع، وبي مَيّز مُؤمنكم من مُنافقكم، وبي أرْخَِص
اللّه لكم في صَعِيد الأبْوَاء،ثم أِبي ثاني اثنين اللهّ ثالثهما، وأوَّل من سُمِّي صِدِّيقًا. مَضى
رسوُل اللّه صلى الله عليه وسلم راضيًا عنه،وَطوَقه أعباء الإمامة، ثم اضطرب حَبْل الدِّين
بعده َفمَسَك أبي بَطرََفيه، وَرتَقَ لكم َفتْق النِّفاق،وأغاض نَبعْ الرِّدّة، وأطفأ ما حَشِّت يهود،
وأنتم يومئذ جُحْظ العيون، تَنْظرون العَدْوة، وتَسْمعون الصَّيْحة،فرأب الثّْأي، وأوَدَ من
الغِلَْظة، واِمتاح من اُلهوّة، حتى اجْتَحى دفينَ الداء، وحتى َأعْطن الوارد، وأوْرد الصادر،
وعَلّ الناهل، فقبضه اللهّ إليه واطئًا على هامات النّفاق، مُذْكِيًَا نار اَلحرْب علِى المشركين،
فانتظمت طاعتُكم بحَبْلهِ،فَوَلّى أمركم رجًلا مُرْعِيًَا إذ رًكِنَ إليه، بعيدًا ما بين الَّلابتين إذا
ضُلّ، عُرََكة للأذاة بجَنبه، صَفُوحًا عن أذى الجاهلين، يقظان الليل في نُصْرَة الإسلام،
فسلك مَسْلك السابقيه، ففرّق شَمْل الفِتْنَة، وجَمَع أعضاد ما جَمَّع القرآن، وأنا نُصْب
المسألة عِن مَسِيري هذا، لم ألتمس إثمًا، ولم أُؤَرِّث فتنة ُأوطئكموها. أقول قولي هذا صِدْقَا
وعَدًْلا، وإعذارًا وإنذارًا، وأسأل اللهّ أن يصلّي على محمد وأن يُخَلِّفه فيكم بأفضل خِلافة
المُرسلين.