قطرات أدبية

قطرات أدبية (https://qtrat.com/vb/index.php)
-   دورة تذوق النص الأدبي (https://qtrat.com/vb/forumdisplay.php?f=46)
-   -   المحاضرة الأولى ( أركان العملية الإبداعية والعلاقة التي تربط بينها ) (https://qtrat.com/vb/showthread.php?t=3010)

عبدالرحمن منصور 29-07-12 02:30 AM

أهلا متاهة الأحزان

(( الكاتب لا يولد من رحم الجهل ))
لو ظفرت بهذه العبارة قبل إعلان الدورة لجعلتها عنوان لها
نعم فالكاتب لا يولد من رحم الجهل ... ما أصدقها من عبارة
كما أن القارئ لا يولد من رحم الجهل أيضاً
فالعلم والمعرفة والثقافة هو المعين الشترك الذي يستقي منه الكاتب والمتلقي على حدٍ سواء


وفي الجزء الأول من ردك والذي بدأ بجملتك الرائعة ( الكاتب لا يولد من رحم الجهل )
وختم بقولك " لكن دون الهبوط بمستوى لغته " أنتِ في هذا الجزء لخصتِ دور الكاتب
وما يجب عليه تجاه نصه الذي سينوب عنه في حمل شعوره وإحساسه وتجربته إلى المتلقي
ولا أجد في تلخيصك إلا أنه أخذ زبدة القول وخلاصته وقدمها في ثوب قشيب
وهذا ليس بغريب على كاتبه لها في التجربة الأدبية بصمة واضحة


وفي اجابتك عن مفهوم التجربة الذاتية
فقد وفقت كثيرا في تبيانها فلم تحصريها في جانب الألم والمأساة
ولا كنها اتسعت عندك لتشمل الفرح والسعادة أيضاً ،فهناك تجربة قاسية ومريرة كما أن هناك تجربة رائعة وجميلة
ولذلك تعددت اغراض النص الأدبي فمنه الرثاء ومنه الفخر ومنه الغزل ومنه الحكمة ومنه المدح والكثير غيرها من الأغراض
والتي لن نتجاهل ذكرها في ثنايا هذه الدورة إن شاء الله

ولكن ...أنتِ تشترطين أن تكون هذه التجربة قد وقعت في حياة الكاتب نفسه أو لشخص أخر أمامه ... أليس كذلك ..؟
فهل التجربة التي لم يشهد حدوثها الكاتب ولم يراها بعينه لا يعتد بها كتجربة حقيقة من الممكن أن تؤثر في نفسه وينتج عنها نصاً ادبياً مكتمل الأسس والأركان .؟
إذا كيف نفسر كثيراً من القصائد التي يحق لها أن تُكتب بماء الذهب وهي تحمل لنا تجربة قديمة جداً لازال الشاعر يحس بها كما وقعت ولازالت نفسه تسيل أساً عليها
كقصائد كثيرة رثا فيها شعراء كُثر سقوط الأندلس و وصفوه لنا وكأنهم يرونه رأي العين وهم لم يعيشوا في ذاك الزمن إطلاقاً ... كأحمد شوقي مثلاً


أما فيما يتعلق بحديثك عن تأثر الكاتب بنصه فلا يمكنني هنا إلا أن أرفع لك قبعة الاحترام كناية عن مدى الإعجاب بحديثك
فالكاتب هو القارئ الوحيد الذي يجيد قراءة نصه ويتأثر به فهو ليس إلا مضغة من فؤاده وقطعة من روحه
هذا في حالة إن كانت العاطفة في النص صادقة وعميقة غير مفتعلة أو مزيفة ، ولكن هناك نصوص - قد تكون قليله - ينفر منها الشاعر وقد يبغضها
لنفوره من التجربة التي مر بها وأدت إلى كتابة هذا النص و كرهه لمجرد حتى تذكرها . منها على سبيل المثال قصيدة المتنبي التي قتل فيما بعد بسببها والمتنبي هو امبراطور الشعر العربي على الإطلاق
فقد كان يعرض عن سماع هذه القصيدة وينفر من الحديث عنها لما كانت تحمله من الفاظ نابية وحقيرة
ولكن في المجمل يمكننا أن نقول أن الكاتب هو أكثر من يجيد قراءة نصه وأكثر من يتأثر به ..وللمعلومة حتى نفور الكاتب من نصه أو بُغضهُ له هو نوع من أنواع تأثر الكاتب بنصه
فتأثر الكاتب حيال نصه ليس دائما تأثراً ايجابيا وجميلاً .... فالنص يحمل في طياته تجربة الكاتب وقد تكون هذه التجربة جيدة بالنسبة للشاعر أو غير جيدة أو أنها تحولت إلى تجربة غير جيدة وقد تفقد أهميتها وتأثيرها مع مرور الزمن فيصبح النص لا يحرك وجدان صاحبه كما كان حين كتابته

شكرا لك متاهة الأحزان
على هذا الرد المفحم الجلي الواضح
ولك خالص التحية مني والتقدير ....،،

مــريـــم 29-07-12 05:16 AM

أما بخصوص سؤال ...... تعريف التجربة الذاتية لدى الكاتب .؟
تعريفك للتجربة الذاتيه تعريف موفق ورائع ،ولكن لو سلمنا بأن التجربة الذاتيه هو كما تقولين "هي كل ما تعرض له - الكاتب - منذ طفولته واختزله في ذاكرته "

فهل كل ما تعرضنا له في طفولتنا نستطيع كتابته في نص أدبي ، أو توجب علينا أن نكتبه في نص أدبي ،كنجاحنا من الصف الأول أو فوز نادينا المفضل في مباراة لكرة القدم
وهل التجربة الذاتيه لا يمكن أن تحدث إلى في سن الطفولة فقط .؟ ..
فعلا وكما أشرتَ أنني حددت التجربة الذاتية بالطفولة وماتحتفظ به الذاكرة في هذه المرحلة من تجارب بينما الصواب وكما أشرتَ أستاذي عبدالرحمن أن التجارب الذاتية للكاتب هي تشمل جميع مراحل عمره من الشباب إلى الشيخوخة وأيضا قد تكون هذه التجارب هي أكثر نضجا لإعطاء الكاتب دعم في كتابة نصه بشكل أشمل وأعم..
أيضا أنا حصرت أنواع التجارب على التجارب المؤلمة فقط والحقيقة كما وجهتني وكما أشارت الكاتبة متاهة الأحزان أن التجارب هي كل مايمر بالكاتب من فرح أو حزن وجميع الحالات الإنسانية حتى وإن كانت تجارب للغير وأثرت في الكاتب بشكل كبير... بل ربما سيكون كاتب أناني لو حصر قلمه على أحاسيسه دون الإلتفات لمشاعر الآخرين والإحساس بما قد يعانون ولو كحد أدنى.....ولكن مجرد ملاحظة مني قد تكون خاطئة أن نصوص التجارب الفاشلة أو الناتجة عن معاناة هي أشد تأثيرا سوى على الكاتب نفسه أو المتلقي والدليل أن القصائد والقصص والمسرحيات التي احتوت على كمية كبيرة من المعاناة والنهايات المؤلمة هي أكثر انتشارا وقبولا من تلك التي تخصصت ف المدح أو الوصف أو غير ذلك من أغراض الشعر والكتابة..

فهل أنت تقصدين أن هناك نصوصاً تؤثر في كاتبها ونصوصاً لا تؤثر فيه ؟
فإن كان هناك نصاً أدبياً لا يؤثر في كاتبه فهل نتوقع أن يؤثر في متلقيه .؟

نعم قد يكون هناك نصوص لا يتأثر بها كاتبها فأنا لا أتصور شاعر أنشأ قصيدة مدح لأحد الأمراء أو الخلفاء كما كان يحدث من أجل المال أ الجاه لا أتصور أن نص مثل هذا الشاعر سيؤثر فيه بل هو مجرد مصلحة فقد لا يرى الشاعر في الممدوح مايستحق المدح ولكن العكس تماما قد يرى فيه صفات تستحق الذم فمثل هذا النص لا أتوقع أنه يؤثر في قائله.
وأتوقع أن مثل هذا النص سيؤثر في متلقيه خصوصا الممدوح لأنه جاء ليعطيه صفات وأخلاق ليس أهل لها ولكن جاءت على هواه..
وأنا جدا آسفة على الإطالة ولكن الموضوع فعلا جذبني وف النهاية هي مجرد نظرة قاصرة ومن وجهة نظري الشخصية تتلاشى ضمن الآراء الأكثر عمقا وفهما..
شكرا لك مرة أخرى على تقبلي بصدر رحب..



متاهة الأحزان 29-07-12 10:37 AM

لم أشترط أن تكون حدثا وقع للكاتب أو رآه بأم عينه

فنحن مثلا نهب ونثور إذا علمنا أن ملة أخرى سبت أحد الصحابة رضوان الله عليهم أو تعرضت للرسول صلى الله عليه وسلم

ونقيم حملات للدفاع عن رسولنا الكريم وصحبتة رضي الله عنهم

وتلك الحملات تشمل مقاطعة البلد الذي سمح بالإعتداء وبإلقاء الخطب والدروس التي تظهر فداحة ما قيل ومجون القائل كماتظهر مناقب الصحابة رضوان الله عليهم ورسولنا الأكرم ...

وتلك الدروس حتما تؤثر في نفس متلقيها إن كتبة بلغة سليمة وعاطفة صادقة...

\

كما أننا نثور ونكتب حين نعلم ان مسلما في بلد مسلم أهين واضطهد حتى لو أننا لم نرى ذلك لقلة توفر الصور

لكني أشطرت بالتجربة الذاتية أن تكون حدثا أثر في نفس الكاتب بدرجة جعلت نصه مفعما بالحياة مهما كانت قسوة التجربة أو ايلامها

\

أدرك أيضا أننا لازلنا نتغنى بأمجادنا العربية التي مضى عليها الزمان ...نتغنى بها فرحا حين وحزنا على حالنا هذه الأيام حين

إذن كيف للتجربة أن تكون شخصية ...؟؟؟!

\

في ردي الأول ...اختصرت الشرح دون انتباه للصيغة الأجابة التي تدل على أن التجربة الذاتية حدثا وقع للكاتب نفسه...

وهذا خطأ برد أعتبره ضربا من التعلم لكتابة النص الأدبي

فالنص الأدبي قد يكون جوابا

خطابا

رساله

أو غير ذاك الكثير

\
/

أخي سر بنا للأمام ماقدرك الله على ذلك

وأنا أول من يتبع خطاك باذن الله

تقديري

الــمُــنـــى 29-07-12 07:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن منصور (المشاركة 73343)


ثالثا.... ذكر في الدرس مصطلح ( التجربة الذاتية ) فهل نستطيع شرح هذا المصطلح كي نعرف ماذا نعني بالتجربة الذاتية ...وهذا مطلوب من الجميع


[align=center][tabletext="width:80%;background-color:white;border:4px inset firebrick;"][cell="filter:;"][align=center]
/
\


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تقبل الله صيامكم وسائر أعمالكم إنه سميع مجيب ،،
أما بعد :

من وجهة نظر شخصية أرى أنه :
(( وكما أن لكل فعل ردة فعل تناسبه ))
فكذلك هو الحال في عالم الأدب بأختلاف أشكاله وأنواعه .
فالأديب المبدع هو الذي يتفاعل مع جميع الأحداث والمواقف
سواء عايشها أم لم يعايشها وسواء كانت تلك المواقف :
* شخصية ( تجربة ذاتية ) ..
* أو مواقف تعرض لها الأفراد المحيطين به ,,
* أو مواقف تعرض لها المجتمع عموما أو الأنسانية قاطبة .,,
فالأديب المبدع :
يستطيع في جميع الحالات السابقة أن يحول المخزون اللغوي الهائل
الذي بداخله والذي أكتسبه من أحدى الطرق التي ذكرت أعلاه إلى
نص أدبي في غاية الجمال والروعة .
نص يؤثر في صاحبه أولا وفي المتلقي ثانية ..
بشرط أن تكون العاطفة التي أدت لكتابة ذاك النص صادقة
فما يخرج من القلب يصل لقلب المتلقي بسهولة .
ولا يشترط أن يكون النص الإبداعي وليد اللحظة التي حدث فيها التأثير
على كاتبه سواء كان الحدث خاصا أم عاما ..
فقد يبدأ الكاتب في لحظة حدوث الحدث أو لحظة السماع عنه أو رؤيته
بكتابة بعض الجمل المتفرقة في أجندته الخاصة وبعد زمن من التخمر والنضوج
يولد نص أبداعي توفرت فيه جميع أركان العملية الإبداعية السابقة الذكر .
وحينما يرى النور يجد الآذان المصغية له والقلوب المتعطشة له .

التجربة الذاتية ..
هي برائي المتواضع هي تجربة شعورية لا ترتبط بزمان أو مكان
بقدرما ترتبط :
بنبض كاتبها والذي يحولها بعبقريته الفذة إلى نص يتجاوب معه
أبناء الشرق والغرب .
إن أصبت فتوفيق هو من الله
وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان

تقديري وأمتناني للجميع
منى
:7

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

عبدالرحمن منصور 30-07-12 03:06 AM

مريم أشكر لك حضورك الثاني هذا
واشكر حقاً على جودة صياغتك و وضوح فكرتك
فقد جاء ردك هذا بشكل أفضل من ردك الأول والذي استعجلتِ فيه قليلَ
أعلم أنك بذلتي جهداً كبيرا في هذا الرد وبذلتي وقت أطول
ولكن لكل شيء جميل ضريبة ولابد أن نكون مستعدين لدفع هذه الضريبة إن رُمنا أن نرتقي بخطابنا إلى مراتب عالية
ومع المداومة والاستمرار سيصبح ذلك سجية وعادة فينا تأتي بلا تصنع وبلا مشقة .

>>>>>>>>>> <<<<<<<<<<
وبما أنك تعلمين أن التجربة الذاتية لدى الكاتب قد تكون حزينة وقد تكون سعيدة
فأنت تقولين أن التجربة الذاتيه الصادرة عن الشعور بالأسى والحرمان والمرارة والحزن
اثرها يكون أشد على الكاتب وعلى المتلقي من أثر التجربة السعيدة والجميلة
وهذه حقيقة نقر بها جميعاً ونعترف وندين لك بالفضل في ابراز هذه الفكرة وإيضاحها
فغالبا ما تكون النصوص الأدبية التي تحمل في طياتها شعور الحزن والفقد أو الثكل والفجيعة
لها تأثير بالغ وأشد وأكبر من تلك النصوص التي تحمل في ثناياها عاطفة الفرح والسعادة والسرور أو الزهو والفخر
بل أن هناك من الشعراء العمالقة على امتداد جميع العصور والذين تطرقوا لجميع اغراض الشعر
كان أفضل نتاجهم الأدبي ما كان في الرثاء او الفقد او الفجيعة والثكل
بل إن منهم من تخصص في الجانب المظلم والسوداوي لهذه الحياة كأبي العلاء المعري " رهين المحبسين "
الذي يقول في إحدى قصائده الرائعة :
تعبٌ كلها الحياة فما أعجبُ **** إلا من راغبٍ في ازديادِ
إن حزناً في ساعة الموت **** أضعاف سرور في ساعة الميلادِ
ضجعة الموت رقدةٌ يستريح *** الجسم فيها والعيش مثل السهاد

>>>>>>>>>> <<<<<<<<<<

وفي ما يختص بتأثر الكاتب بنصه :
فأنت أيضاً اشرت إلى نقطة جديدة لم يتم التطرق لها وهذا يدل على حسن تفكيرك وتأملك في الدوافع التي انتجت النص الأدبي
فكما أن هناك نصوص كان الدافع من ورائها تجربة ذاتيه " نبيلة " أدت إلى كتابتها فحملت لنا عاطفة صادقة وإحساس نبيل ( وهي التي نحن بصددها في هذا الدرس )
فهناك قصائد لم يكن وراءها تجربة ذاتيه ولكنها قد تكون مصلحة ذاتية أو مطامع شهوانية فكانت العاطفة فيها غير صادقة وغير قوية
ونحن هنا سننتقل من الحديث عن التجربة الذاتية الى الحديث عن الدافع الذي أنتج النص الأدبي
فإما أن يكون الدافع تجربة ذاتية .. وإما أن يكون مصلحة ذاتية ... وهذا شيء تحده درجة العاطفة الموجودة في النص والتي سنشبعها حديثاً في درسنا الثاني إن شاء الله ..... وكلا

الدافعين ينتجان لنا نصاً ادبياً رائع ولكن الاختلاف بينهما في درجة العاطفة وصدقها من عدمه
ويتضح هذين الدافعين بجلاء في ديوان أبو الطيب المتنبي والذي احتوى على قصائد كثيرة في كلا الجانبين
فقصائده التي قالها وهو في حلب وعند اميرها سيف الدولة الحمداني تحمل عاطفة قوية وإحساس نابع عن شعور صادق فقد كان - اقصد المتنبي - يتعصب لهذا الأمير العربي و يوده
بينما قصائده التي قالها في مصر وبين يدي حاكمها كافور الأخشيدي كانت العاطفة فيها مصطنعة وغير صادقة لأن الهدف منها ذاتي ومصلحة شخصية بحته ، لدرجة أنه كثيرا ما كان يمدحه في الظاهر وهو يهجوه ويسخر منه في الحقيقة
ولن أطيل الحديث في هذا الجانب فنبتعد عن محور حديثنا نكتفي بقراءة مقطوعتين للمتنبي الأولى نظمها وهو في حلب وامتدح فيها سيف الدولة الحمداني بعد انتصاره في احدى المعارك
والثانية نظمها عندك كافور الاخشيدي ومدحه فيها أيضاً فكلاهما نصين أدبيين بلا شك ولكن العاطفة فيهما تختلف مابين الصدق والافتعال والقوة والضعف

يقول المتنبي وهو يمدح سيف الدولة بعد انتصاره في أحدى المعارك :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم ........ وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها ........ وتصغر في عين العظيم العظائم
يكلف سيف الدولة الجيش همه ........ و قد عجزت عنه الجيوش الخضارم
و يطلب عند الناس ما عند نفسه ........ وذلك ما لا تدعيه الضراغم
يفدي أتم الطير عمرا سلاحه ........ نسور الفلا أحداثها و االقشاعم
وما ضرها خلق بغير مخالب ........ وقد خلقت أسيافه و القوائم
هل الحدث الحمراء تعرف لونها ........ و تعلم أي الساقيين االغمائم
سقتها الغمام الغر قبل نزوله ........ فلما دنا منها سقتها الجماجم
بناها فاعلى و القنا يقرع القنا ........ و موج المنايا حولها متلاطم
وكان بها مثل الجنون فاصبحت ........ ومن جثث القتلى عليها تمائم
طريدة دهر ساقها فرددتها ........ على الدين بالخطي و الدهر راغم

وقال في مدح كافور في قصيدة طويلة :
وأخلاق كافور اذا شئت مدحه........ وان لم أشأ تملي علي وأكتب
اذا ترك الأنسان أهلا ورائه........ ويمم كافورا فما يتغرب
فتى يملأ الأفعال رأيا وحكمة ........ ونادرة احيان يرضى ويغضب
اذا ضربت في الحرب بالسيف كفه........ تبينت أن السيف بالكف يضرب
أبا المسك هل في الكأس فضل أناله........ فأني أغني منذ حين وتشرب
وهبتَ على مقدار كفّي زماننا ........ ونفسي على مقدار كفيك تطلب
اذا لم تنط بي ضيعة أو ولاية ........ فجــودك يكسوني وشغلك يسلب

ورغم أن عاطفة القصيدة وأخص بها عاطفة المتنبي تجاه كافور لا تقاس إطلاقاً بعاطفته تجاه سيف الدوله
إلا أن القصيدة آية في الجمال والروعة فما بالك بقصيدة تكتمل فيها عاطفة المتنبي فما عساها تكون ..!

ولمن شاء أن يسمع القصيدة فهي هنا
http://www.youtube.com/watch?v=h8ahS...feature=relmfu

وسنتعلم إن شاء الله في هذه الدورة كيف نقيس درجة العاطفة في النص الأدبي .

مريم
لك الشكر على تفاعلك وحضورك ومداخلاتك
التي أثرت الموضوع وجعلتنا نتطرق لبعض النقاط التي لم نتطرق لها مسبقاً

لك كل التحية ....،،،

عبدالرحمن منصور 30-07-12 03:52 AM

أهلا متاهة الأحزان
أعلم حقيقة أنك لم تقصدي أن تشترطي أن تكون التجربة حدثا وقع للكاتب أو رأه بأم عينه
ولكني أبحث في كلامكم عن التجربة الذاتية عما يجعلنا نتوسع في الحديث عنها بشكل كبير
فإن كانت النطفة هي مرحلة أولية من مراحل خلق الكائن الحي فإن التجربة الذاتية هي بمثابة هذه المرحلة للنص الأدبي
ولن أبالغ إن قلت كما يقول الكثير من متذوقي الأدب بأن النص الأدبي " كائن حي "
وأنت أشرت إلى ذلك في قولك (لكني أشطرت بالتجربة الذاتية أن تكون حدثا أثر في نفس الكاتب بدرجة جعلت نصه مفعما بالحياة )
فهذا الشطر من حديثك قدم لي الكثير مما كنت أبحث عنه في هذا الحديث المسترسل والطويل عن التجربة الذاتية
فكيف يمكن أن أقول لأحد أن النص الأدبي كائن حي فلن يستسيغ مني أحدٌ هذا القول قبل أن أخذه إلى نقطة عميقة جدا
ومرحلة أوليه من مراحل تكون النص الأدبي في ذهن الكاتب وكيف يكون مجرد مضغة وأمشاجاً قوامها الشعور الإنساني والعاطفة الجياشة
من ثم تولد وتخرج للنور على شكل نص أدبي جسده من الحروف والكلمات وروحه من العاطفة والشعور الانساني
وهذه مرحلة لن نتعداها قبل أن نفهمها حق الفهم ونمعن النظر فيها طويلاً

اشكرك متاهة الأحزان
على حضورك الثاني
وعلى تفاعلك مع هذا الدرس

لك مني خالص التحية ...،،

مــريـــم 30-07-12 04:47 AM

بل الشكر الجزيل لك أستاذ عبدالرحمن على هذه الفرصة التي أتحتها لي
وبردك الشافي والكافي بارك الله فيك ووفقك لما يحب ويرضى
وبالفعل أنا كنت مستمتعة
بالمناقشة وفي نفس الوقت مستفيدة منها بشكل كبير..
أكرر شكري وإمتناني وتمنياتي بالتوفيق للجميع..

عبدالرحمن منصور 30-07-12 04:50 AM

أهلا منى
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته

أنت تقولين أن الأديب المبدع هو الذي يتفاعل مع جميع الأحداث والمواقف
سواء عايشها أم لم يعايشها وسواء كانت تلك المواقف :
* شخصية ( تجربة ذاتية ) ..
* أو مواقف تعرض لها الأفراد المحيطين به ,,
* أو مواقف تعرض لها المجتمع عموما أو الأنسانية قاطبة .,,

ليس من المنطق أو المعقول أن يتفاعل الأديب مع كل هذا
فهل نقول أن الأديب الذي لم يتفاعل مع تسونامي الذي ضرب اليابان ليس أديب .؟
أم نقول أن الكاتب الذي لم يكتب ولو نصاً واحد مع الحرب العالمية الثانية ليس كاتبا مبدعا .؟
الأديب لا يتفاعل إلا مع حدث يلامس شعوره ويحرك وجدانه فقط ... بغض النظر عن الدوافع الآخرى التي قد ينتج عنها النص الأدبي


الأديب يا منى إن لم يلامس الحدث أياً كان هذا الحدث احساسه ولم يحرك شعوره فلن يكون قادرا على إيجاد النص الصادق
ولا أقصد هنا بأن هناك نصا صادقاً ونصا آخر كذباً .. بل أقصد العاطفة تحديداً
فلو احترق العالم بأسره ولم يحرك هذا الحدث احساس الكاتب ولم يوقظ شعوره فقد يكون غير قادر على التفاعل معه
وإن فعل فسيكون هذا النص ضعيف العاطفة لأن هذا الحدث بالنسبة لهذا الكاتب لا يعتبر تجربة ذاتية ( وفاقد الشيء لا يعطيه )
ولكنه قد يحرك وجدان كاتب اخر فيعتبر هذا الحدث بالنسبة له تجربة ذاتيه فيتفاعل معه بكتابة نص أدبياً يعطيه من شعوره وإحساسه الذي يحسه
ولو قتلت نملة في أدغال أفريقيا وحرك موتها وجدان أحد الكتاب ورثاها بقصيدة فيمكننا أن نقول أن الشاعر في هذا النص عاش تجربة ذاتية قاسية :)
فالحدث في ذاته ليس مهماً ،المهم أن ينتج عن هذا الحدث شعور وإحساس صادق يستطيع من خلاله الكاتب أن ينتج نصاً أدبياً


نخلص من كل هذا بالخروج عن بضع سطور استخلصتها من حديثكم عن التجربة الذاتية فيمكننا أن نقول :
بغض النظر عن الزمان والمكان وعن أي شيء أخر فالحدث أياً كان هذا الحدث قديم أو جديد بعيداً أو قريباً
خاصاً أو عاماً مشترك إذا ما حرك وجدان الأديب ونتج عنه شعور انساني أيا كان هذا الشعور
فهو كفيل أن ينتج لنا نصاً أدبياً فيه من العاطفة بمقدار ما كان في نفس الكاتب حيال هذا الحدث
هذا الحدث هو ما نطلق عليه
التجربة الذاتية وشرطها الوحيد أن تحرك وجدان الكاتب


وبهذا نكون قد انتهينا من الحديث والنقاش في هذه المحاضرة
ولم يتبقى سوى طرح المحاضرة الثانية أن شاء الله
أمهلوني قليلاً من الوقت وستكون بين أيديكم إن شاء الله

ولكم مني عظيم الشكر
ولكم كل التحية والتقدير ...،،،

نسيان 30-07-12 12:42 PM

يسعد مساااكم جميعا
بكل خير
اعتذر لتاخري بالتلخيص و لكن لاجل ان الم اكبر قدر ممكن من المداخلات و الردود
كل انسان يكون بحياته اشياء مؤثره البعض يكتبها شعرا او نثرا البعض لوحات فنية حتى الشخبطااات على الورق
لو غصنا برموزها لوجدنا انها نتيجة لمؤثر
طريقة اخراج ذلك المؤثر الذ لامس الوجدان تختلف من شخص لآخر
المبدع يكون هو الشخص الذي الم التجربة كاملة من مؤثر ومن سعة اطلاع ومن قدرة على صياغة الحدث باجمل الصور و اروع التعابير
يعني سيكون عندنا مبدع قوي ومبدع ضعيف كلا يعتمد على كمية الاطلاع و الثقافة وعلى كم من تاثير هذا المؤثر
على تفاعلة و انغماسة فيه
يعني اسلوب الكاتب وهو هو الذي يميز هذا الشاعر عن غيرة و اسلوبة هو ((إذاً فلابد للكاتب أن يجعل من تجربته الذاتية تجربة ذات افاق أرحب فقد ينقل تجربته الذاتية إلى تجربة اجتماعية
وقد ينقلها إلى أُفقٍ أرحب فيجعل منها تجربة إنسانية .))1

قدرة الكاتب على صياغة الاحاسيس وعلى الابهار بمتانة الالفاظ و التعابير تعتمد على الكم الهائل و المخزون الذي
حفظه او تلاه
هناااك اعتبارات لسلامة و جوده النص واعتلاء منصة الابداع
اهل الاختصاص يعرفون لتلك المقايس وهذا الهدف من انشاء هذه الدورة

التجربة الذاتية :
كل انسان يستطيع ان يصيغ احداثيات يومه بشكل او بآخر و لكن وصوله للابداع يحتاج الى ركائز اولها الصدق في نقل المشاعر لاجل ان تصل الى قلب المتلقي ..
كلما كان الكاتب صادق لنقل تجربته للمخاطب كلما كانت اعمق ونقدر نقول عنها ابداااع

مثال : كتب بعض الشعراء شعر غزل فكتبت له لم اجد صدق المشاعر في قصيدتك حواااء مفقوده
هنا نسج خيال على الورق لم تغوص باعماااق تجربة و لم تدع لنفسك الابحااار و التخيل بوجود حواء
لم يصل الى قلبي
فاكتفيت عليه برد رائع بارك الله بك .. فالصدق بالاحاسيس و التجارب يوصلك لشعور التصفيق ام فقط السكوت
المتلقي هنا يتفاعل مع النص الصادق الجزل

البعض يكتب قصيده و لا تقف على اسبابها صف حروف و كلمات تريد ان تمسك قصة للاحداث و المعاناة و الزخم الهائل من الالم المسكوب لا تجد هنا ايضا نفتقد للمصداقية و راح يفقد المتلقي التفاعل مع النص فالتجربة الذاتية لابد من صدقها وان كانت مدحا مثال آخر لماذا تثبت الايات القرانية كلما عرفنا اسباب النزول
كذلك هي القصائد تصل للابداع عندما نعرف اسباب و نقف على حقيقة تلك المشاعر ...

اعتذر طولت

عبدالرحمن منصور 30-07-12 09:21 PM

اهلا نسيان
حضورك متأخر
ولكن نقدر لك هذا التأخير ونعلم أنك كنت تتابعين الردود المتوالية ليكون لديك فكرة أفضل وأجمل عن الموضوع

عموما نسيان لك وللجميع أحب أن اذكر نقطة قد تكون الأخيرة في هذا الموضوع

التجربة الذاتية هي ليست حكراً على الأديب دون سواه
فجميع البشر على وجه هذه الأرض يلم بهم الكثير من الأحداث الحزينة أو السعيدة
ولكن الأديب هو الشخص الوحيد الذي يتميز عنهم بعدة أمور

أولاً ... الأديب يستطيع أن يجعل شريحة عريضة من الناس تتعاطف معه حين ينقل لهم تجربته الذاتيه و مشاعره واحاسيسه التي ألمت به من خلال نصه الأدبي الذي يكتبه و يشحنه بعاطفته ومشاعره التي تختلج في نفسه
فالتجربة الذاتية تتحول لدى الأديب الى تجربة اجتماعية وقد ترتقي لمستوى اعلى فتصبح تجربة انسانية
أما بقية الناس - غير الأدباء - فتجربتهم قد لا يحس بها إلا هم ،او المقربين منهم فالتجربة لديهم تبقي في المستوى الأول دائما

ثانيا .... جميع الناس غير الأدباء تجاربهم الذاتية لها عمر قصير فجميع مشاعرهم وأحاسيسهم سوف تموت بموتهم
أما الأديب فلاااااا ... فكثير من تجاربه وكثير من مشاعره وعواطفه يكتب لها الخلود وتبقى بعد موت صاحبها إلى أن يشاء الله لها أن تكون
فهناك أدباء وشعراء ماتوا منذ الف سنة ويزيد ولازالت مشاعرهم تتأجج وتتقد في ثنايا نصوصهم وإرثهم الأدبي الذي تركوه حتى يومنا هذا
وكأن العملية الإبداعية بمثابة تحنيط لهذه المشاعر والعواطف يحفظاها من التلف والتعفن والفناء

ولمن أراد مثالاً على هذا ... فهذه قصيدة أبو ذؤيب الهذلي والذي توفى له في عام واحد خمسة أبناء بمرض الطاعون
بمعدل شهران ونصف ما بين وفاة كل ابن والآخر .. فتصور انسان يبتلى بهذه الفاجعة وهذا الثكل العظيم .. هي مأساة إنسانية حقاً
ولكن حين تعلم أن هذه الفاجعة وقت لشخص قبل 1400 عام فهل ستتعاطف معه ..؟؟ غالبا لن تتعاطف معه فهناك حقبة زمنية بعيده تفصل ما بيننا وبينه
ولكن أقرأ قصيدته التي رثا فيها أبنائه ستجد أنك مجبر على أن تتعاطف مَعْهُ ،أقرأها بتمعن وتخيل الفاجعة في ذهنك ستتعاطف معه بلا شك
وستجد عاطفته لازلت غضة طرية إلى هذا اليوم وستجد دموعه التي سفكها على موت أبناءه تسيل حتى اليوم في ثنايا النص الذي رثا فيه أبنائه
فالنص الأدبي يعطي لعواطف ومشاعر وإحساس الكاتب عمرا أطول بكثير من عمر صاحبها وقد يكتب لها الخلود

القصيدة قمت بشرحها شرحا بسيط ومتواضع مسبقا على هذا الرابط
https://www.qtrat.com/vb/showthread.php?t=2483



http://www.youtube.com/watch?v=bkGFdtGoxRI
شكرا لك نسيان على حضورك
ولك خالص التحية مني


الساعة الآن 08:05 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع قطرات أدبية 2009