أمي الغالية
 
السلام عليكِ من مطلع القلب ، و لكِ سلامُ حتى ترضي
 
أمي الغالية
 
توهمت أني أفتقدك كثيراً
 
لكني حين استيقظت من نومي و تسللت آشعة الشمس لجبيني عبر النافذة
تذكرت كفيك و هي تمر بوجهي لتوقظني حين كنت لا أستطع الاستيقاظ وحدي ، او حين كان يفتك بي السهر و يتثاقل جسدي .
 
و حين نهضت من سريري و تعثرت بـ " نعالي " تذكرت صوتك يصهل في أرجاء الغُرفة " اخلعوا الشباشب خارج الغرف " لكن أين أخلعه يا أمي و أنا كل سكني " غرفة ؟ "
 
و حين هرعت للإغتسال ، لمحتك من خلف الباب المُوارب تقفين بالمطبخ تغلين الحليب لتعدي لي كوب شاي بالحليب ، حتى حين بدا لي المطبخ خاوياً إلا من طيفك تبسمت لأني أعلم أنك تفعلينها الآن مع مشير أو إسراء أو حتى مع " طاطا " بنت الجيران إذا ما شعرتي بها و هي ذاهبة للحضانة .
 
حين انتهيت و ارتديت ملابسي و هممت بإغلاق باب الغرفة خلفي ، لمحتك تجلسين بأقصى زاوية في السرير تسبحين على أصابعك و حين أسالك " عاوزة حاجة يا ماما ؟ " تردين بلهفة " عاوزة سلامتك روحي الله يستر طريقك و يكفيكي شر ولاد الحرام " ، و حين أداعبك بقولي " اوعي تنامي و متصحيش مشير عارفاكي هتنامي و مش هيروح الشغل ، تردي لي بابتسامتك الماكرة الحنونة " هو انتو تعرفوا تعملوا حاجة من غيري يا "جِزم " 
 
هبطت الدرج ، و نظرت خلفي ، و رغم أن سكني نوافذه موصدة ، ليست كنافذة بيتنا تُفتح كل صباح لتدعو السماء كي تسكن معنا ، لكنة توهمتك واقفة هناك تنتظرين غروبي من الشارع ، و سمعت صوتك يسألني كعادته كل صباح حين أزلف للشارع " أخذتي محفظتك و موبايلك " لا أعلم لما تنتظرني أهبط 4 طوابق كاملة حتى تسألني ؟ ، لما لا تسألني و أنا بأعلى جوارها و حين سألتها مرة هذا السؤال جاوبتني " عشان اديكي حِس في الشارع ، يعني أنا غلطانة " حاشاكي من الغلط يا بِضعة القلب .
 
حين زلفت للباص و جلست تذكرتك تحثيني على دعاء الركوب فأتلوه ، و حين هبطت من الباص باتجاه مكتبي
اشتدت حرارة الشمس فحسبتها حرارة قلبك التي تشتعل أكثر من باطن الشمس آلاف المرات
 
و حين مررت بالحديقة قبل مكتبي ، لمحت وجهك يعتلي كل الزهور ، و حضنك يسقي كل الأرض الخضراء حولي .
 
و حين زلفت لمكتبي لمحتك تمرين من هناك تعيدين ترتيب الأغراض فوقه رغم أنها أصلاً " مُرتبة " و حين أخبرك " يا أمي سيبي الحاجة زي ما أنا مرتباها " تقولين لي " هي النعكشة دي اسمها ترتيب " ، فابتسم و اعيد ترتيب اغراضي على طريقتك .
 
و حين أجلس لمكتبي يا أمي أجدكِ تمرين بي مرّ السحب ، و تطوي كل ما بي طيّ السجل للصحف ، و تهطلين على من سماء الحنين حُنواً ، رحمةً للمغتربين.
 
فأتنفس بك الصعداء ، و أرتشف من الإشتياق لكِ كأس صبر على فِراقك مزاجها كافورا و أتمتم " جعلتي بي كل شئٍ حيّ ، فكيف أفتقدك إذاً ؟ "
 
أمي
صباح الخير
 
 
 
الرياض
15 يونيو 2011
الثامنة و 45 دقيقة صباحا
 
اللميـــاء