ابن هتيمل الضمدي ولد في العقد الثاني أو الثالث من القرن السابع الهجري وهو أحد كبار شعراء تلك الحقبة المنسية التي شغلت فيها الأمة بتوالي النكبات وتمزقها وتكالب أعدائها عليها .
عاش في عصر الدولة الرسولية و مدح المظفر الرسولي ورجال دولته وأحمد بن الحسين القاسمي وبعض أشراف مكة وأمراء المخلاف السليماني ، كان كثير السفر والتنقلات ، امتاز بالثقافة الواسعة والبديهة الحاضرة والبيان المحلق , تميز شعره بالصور الرائعة المحلقة والبديع الجميل كما كتب في أغراض كثيرة أظهرها المدح والغزل وكان على عادة الشعراء الأقدمين يبدأ بالغزل وصولا به إلى غرضه خصوصا عن خوضه في غرض المدح .
قال القاسم بن علي بن هتيمل (القرن السابع الهجري) يندب شبابه، ويصف المشيب:
رمت المتاب ولات حين متاب
وصباي بعد الأربعين تصابي
أهوى وقد نضت السنون نضارتي
عني وقد سلب المشيب شبابي
بدلت كافوراً بمسك أذفر
في لمتي وحمامة بغراب
أفلا يعزيني الرفاق بغائب
كالميت لا يقضى له بإياب
أبدعَ القاسم بن علي بن هتيمل الضمدي قصيدةً مشابهه تعتمدُ أيضاً على الإشاره الحسيّه فكانت أكثرُ إثارةً وتشويقا..
يميسُ قوامُ الرمحِ كالغصنِ هكذا
ومبسمُهُ البـراقُ يلمـعُ هكـذا
وألفاظهُ بالسحرِ ترشـقُ مهجتـي
فاجعلُ كفّي فوقَ رأسيَ هكـذا
وأطلبُ منهُ الوصلَ سِرّاً فيستحي
ويومي بتركِ الوصلِ بالرأسِ هكذا
وأكتمُ دمعي من عذولـي مخافـةً
وأمسحهُ من فوقِ خدّيَ هكـذا
وإن لاحَ لي برقٌ بجازان لم يـزل
فؤادي من الأحزانِ يخفقُ هكـذا
وللهِ يومـاً إذ ترانـي منـكـمُ
يسيرُ على أطرافِ رجليهِ هكـذا
وصلِّ إلهي كل يومٍ على الـذي
لهُ خرّتِ الأصنامُ في الأرضِ هكذا
وقال أيضا في " السيد الرئيس سالم بن يحيى بن مهنا بن سرور ابن نعمة "الله الصغرى " ممدوح الشاعر ابن هتيمل الخزاعي الضمدي ومن قوله فيه :ـ
أراك تروح ما ودعت نجدا
ولا أحدثت بالعلمين عهـدا
ولا صافحت أهل الزند كفا
فكفا فيه أوخـذا فخـدا
نبوت عن الديار وكان رأيا
وقوفك بينها خطأ وعمـدا
ضلال ما أتيت من التجافي
الا بعـدا لما أضمرت بعدا
سقى الله الحيا كف ابن يحيى
علي العلات لا برقاً ورعداً
فراحة سالم العلم ابن يحيى
أبرّ من الحيا غيثاً واندا
فتى فضل الورى عما وخالا
وابنا سيداً وأبا وجــدا
ومن شعره أيضا
انا من ناظري عليك اغار
وار عين مازال عنه الخمار
يا قضيبا من فضة يقطف
النرجس من وجنتيه والجلنار
قمر طوقه الهلال ومن شمس
الدياجي في ساعديه سوار
صن محياك بالنقاب والا
نهبته القلوب والابصار
فمن الغبن ان يماط لتام
عن محياك او يحل ازار
عجبا منك تحت برقعك النار
وفيه الجنات والانهار
لك في الخيار من القتل والمن
جميعا وما عليك خيار
من معيري قلبا صحيحا ولو
طرفة عين ان كان قلبي يعار
.