|
|
14-12-12, 04:04 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
المحاضرة الخامسة ( أركان النص الأدبي ) الركن الثاني : الخيال
بعد انقطاع طويل أعود لأكمل معكم فصول هذه الدورة والتي يبدو أنها ستطول بسبب انشغالي وتغير طبيعة عملي عموماً لا أنسى أن أذكركم أن هذه المحاضرة مرتبطة بما قبلها من محاضرات فأتمنى قراءة جميع المحاضرات السابقة بشكل متسلسل لكي تكون الفائدة أكبر وحديثنا اليوم سيكون في الركن الثاني من أركان النص الأدبي وهو " الخيال " ولا ننسى ايضاً أن الركن الأول وهو " الألفاظ والجمل والتراكيب " مع الركن الثاني " الخيال " ينتج عنه ما يسمى في علم النقد بـ " اللفظ " أو " الشكل " فنحن لازلنا لحد الآن ننظر للنص الأدبي من حيث شكله وألفاظه التي يتكون منها ومن المحاضرة القادمة إن شاء الله سندخل في النص الأدبي من حيث مضمونه ومعناه الذي يؤديه يقول أينشتاين : "" التخيل أهم من المعرفة "" ومع أن الخيال الذي يعنيه أينشتاين غير الخيال الذي سنتكلم عنه ولكن الخيال بوجه عام قدرة عقلية رهيبة وعجيبة لا يستهان بها وفي هذه المحاضرة سنتكلم إن شاء الله عن : 1- أهمية عنصر الخيال في النص الأدبي 2- المعوقات الي تحول دون شرح مفهوم الخيال بشكل دقيق 3- تعريف الخيال بوجه عام وتعريفه بالنسبة للنص الأدبي 4- خصائص الخيال 5- مفهوم " المعنى الحسي " و " المعنى المعنوي " 6- مفهوم الخيال في النص الأدبي 7- الخيال والصورة الشعرية 8- التخيل والإسقاط 9- طرق إنتاج الصورة الشعرية 1- أهمية الخيال : الخيال هو روح النص الأدبي وجوهره ولبه ولذته ونكهته وهو أهم ميزة تميز النص الأدبي عما سواه من النصوص فإذا كان الرسام يستخدم الريشة والألوان لإنتاج لوحاته الفنية فالشاعر أو الكاتب المبدع يستخدم الكلمات والجمل في رسم مشاعره وأفكاره وأحاسيسه وعواطفه التي استثيرت فيصوغها في قالب فني مؤثر يترك أثره في المتلقي وحتى تكون الصورة حية في النص الأدبي لها ما لها من مفعول و تأثير فلا بد لها من خيال يخرجها من النمطية والتقرير والمباشرة فالخيال هو الذي يحلِّق بالقارئ في الآفاق الرحبة ويخلق له دنيا جديدة وعوالم لا مرئية تخرجه من العزلة والتقوقع والنص الأدبي إذا قل فيه الخيال أو انعدم يصبح نصا شاحبا لا يحرك وجدانك ولا مشاعرك يقول الجاحظ في كتابه "البيان والتبيين" (وأحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره ،ومعناه في ظاهر لفظه. . .) ويقول في كتاب الحيوان ". . فإنما الشعر صناعة ،وضرب النسج ،وجنس من التصوير" 2- المعوقات الي تحول دون شرح مفهوم الخيال بشكل دقيق. يقول رسكن: إن حقيقة الخيال غامضة صعبة التفسير وينبغي أن يفهم من آثاره وحسب ". وحقيقةً محاولتي لشرح مفهوم الخيال محاولة صعبة وشبه مستحيلة فلا أدري كيف يمكن أن اشرح لكم هذا الركن المهم للغاية في النص الأدبي فالخيال طاقة عقلية غامضة صعبة التفسير فلا يمكن أن ندركه بحواسنا الخمس فهو لا يرى ولا يشم ولا يسمع ولا يمكن لمسه مع ذلك فالحواس الخمس التي ذكرتها لكم هي " من " الأدوات التي يستخدمها الأديب والشاعر في تصوير خياله .. هذا من جانب ومن جانب أخر فلكي تدرك مفهوم الخيال في الأدب او ما يسمى بالصورة الشعرية أو الشعورية فلابد أن تكون ملماً بعلوم البلاغى الثلاثة :( علم البيان ، علم المعاني ، وعلم البديع ) فأنت من خلال هذه العلوم الثلاثة تستطيع أن تفهم كيف رسم الأديب صورته الشعرية وبالتالي تستطيع أن تحللها فلأجل ذلك لن ندخل في دراستنا هذه إلى شيء من علوم البلاغة التي من ضمنها انواع التشبيه وأنواع الاستعارة والكناية والطباق والتورية ..... الخ ليس لعدم أهمية علم البلاغة بل هو علم مهم وهو روح الأدب وجوهره الذي لا يستغني عنه ، ولكن لأن علم البلاغة يحتاج إلى دورة مستقلة ومنفصلة تماماً لأجل هذين السببين سيكون هناك صعوبة في شرح مفهوم الخيال الأدبي ،وقد تكون هناك الكثير من النقاط التي لا يمكن فهمها بشكل سهل فلابد أن تبذل معي جهد أيها القارئ الكريم كي نصل إلى درجة من الفهم تكون مقبولة ومرضية إلى حد ما . وللمعلومة فقط : كثيرا من الكتابات الأدبية في قطرات وفي خارجها حتى وإن اختل فيها أحد أركان الأدب أو لم يختل إلا أن غالباً ما يكون الخيال عنصراً طاغي عليها فيعوض بعض النقص والقصور إن كان فيها ذلك هذا الطغيان وهذا الاكتساح غالبا ما يأتي من دون تكلف وعلى سجية الكاتب وبشكل عفوي ومن دون قصد ومن دون فهم أو دراسة لما يسمى بالخيال أو الصورة الشعرية وهذا جميل . ولكن الأجمل منه أن تعرف ما صنعت وماذا قدمت حتى وإن كان ما قدمته شيء جميلاً فلابد أن تعرف مواطن الجمال فيه ومواطن الخلل فهناك فرق بين شخص لا يجيد سوى قيادة السيارة وحسب وشخص اخر يجيد قيادتها ويجيد إصلاحها إن أصابها خلل وعطل فلابد أن تكون مدركاً إدراكاً يفهمه عقلك الواعي قبل أن يرسخ في عقلك الباطن فيأتي على السجية ، فتعرف ما أنت فاعل وماذا فعلت وماذا ستفعل 3- تعريف الخيال بوجه عام وتعريفه بالنسبة للنص الأدبي لو أخذنا الخيال بمفهومه العام والواسع سنحتاج إلى مجلدات لا يتسع وقتنا لقراءتها ولا لحصرها بل سنحتاج إلى دورة خاصة عن مفهوم الخيال بشكل عام فهناك الخيال العلمي والخيال الأدبي والخيال لدى الأطفال والخيال والواقع والخيال في القرآن والخيال وعلم النفس والخيال والفلسفة .... الخ تعريف الخيال بشكل عام وواسع : هناك تعريفات كثيرة لمفهوم الخيال فكل علم يعرف الخيال من وجهة نظر مختلفة وحسب حاجته ولكن نكتفي بهذا التعريف الذي قد يكون أقرب إلى الخيال في النص الأدبي عرف الخيال بأنه " قوة ذات نشاط ذهني توحد بين القلب والعقل ، بين الوعي واللاوعي ، تثار بحافز عميق ويصحبها انفعال منظم ، لتنتج صورا وأشكالا تعبر عن تجارب متجاذبة متنافرة لكنها منظمة منسجمة وتؤلف كلا موحدا " اما تعريف الخيال في النص الأدبي . فهو قدرة الكاتب على اسقاط مشاعره وأحاسيسه على موقف أو مكان أو زمان أو أشخاص أو غير ذلك من الأشياء هذا الاسقاط ينتج من تفاعل الكاتب تفاعلاً عاطفياً مع هذا الشيء ، من ثم يقوم برسم مشاعره وتصويرها من خلال هذا الاسقاط وهناك تعريفا اخر تتضح من خلاله أدوات الخيال بشكل أكبر هذا التعريف يقول : ((الصورة الشعرية تشكيل لغوي يُكَوِّنُهَا خيال الفنان من معطيات متعددة , يقف العالَم المحسوس في مقدِّمتها , لأن أغلب الصور مستمَدَّة من الحواس على جانب ما لا يمكن إغفاله من الصور النفسية والعقلية )) ولا يغيب عن ذهن القارئ الكريم أن للخيال في النص الأدبي له أيضاً عدة تعريفات وذلك بسبب كثرة المذاهب الأدبية والنقدية وتعددها ولكل مذهب نظرته الخاصة وحكمه المستقل . ونحن اقتصرنا على هذين التعريفين وشرح هذه التعريفات يحتاج إلى وقت طويل ،ولكن لا مانع إطلاقاً من السؤال عن معنى ومقصد أي فقرة وردت في جميع هذه التعريفات الثلاثة 4- خصائص الخيال : 1- الابتكار وعدم التكرار . 2- ان يؤدي الخيال دوره بشكل كامل في إيصال الفكرة للمتلقي وأن يبرزها بشكل واضح من دون نقص أو تشويه. 3- أن يكون الخيال مناسبا لعاطفة الكاتب وانفعالاته . 4- أن يكون الخيال مناسباً لبيئة الكاتب وينسجم معها . 5- ان يعتمد الخيال على الاثر النفسي لدى الكاتب وأن يقوم على الإيحاء بالتشابه وليس على التشابه المحسوس . ولكي لا تطول المحاضرة لن أدخل في شرح هذه الخصائص شرحاً تفصيلياً إلا لمن سأل عن شيء فيها 5- مفهوم " الحسي " و " المعنوي " الناس ،كل الناس إدراكهم للأمور والأشياء إما أن يكون إدراكاً حسياً مادياً أو إدراكاً معنوياً مجرد إذا فهناك " معاني حسية " و " معاني معنوية " الحسي : (هو كل شيء يدركه الإنسان عن طريق حواسه الخمس ) " السمع ،البصر ، الذوق ، الشم ،اللمس " الأصوات ،الأشكال والألوان ،النكهات ، الروائح ،الناعم والخشن ..... الخ جميعها أمور حسية ومعانيها المخزونة في الذاكرة هي معاني حسية أيضاً لأن العقل توصل إلى معانيها من خلال الحواس الخمس ويمكن أن نطلق على الحسيات معنى أخر وهو " المادي " فكل حسي هو مادي بالضرورة والحسي ينقسم إلى قسمين : حسي عاقل وهو الإنسان فقط وحسي غير عاقل وهي كل الماديات الأخرى عدى الإنسان المعنوي : ( هو كل شيء يدركه الإنسان عن طريق الذهن أو العقل ) فهذا الإدراك لم يتم عن طريق الحواس الخمس ولكنه إدراكاً ذهنياً محض كالمشاعر الإنسانية باختلافها " الخوف الحزن الألم والحب والحنين والسرور والفرح ..... الخ وكذا الأمور الغيبية " الملائكة الجنة النار الجن والشياطين ....الخ وكذالك الأساطير " العنقاء والغول وغيرها مما لا يحضرني الآن هذه الأمور يدركها الإنسان وترسخ لها معاني محدد في ذهنه ولكن هذا الإدراك لم يكن من خلال الحواس الخمس فلذلك تسمى أمور معنوية تم إدراكها إدراكاً معنوياً ومعناها الذي يفهم الشخص هو أيضاً معنى معنوي ويمكن أن نطلق على المعنويات معنى أخر وهو " المجرد " فكل معنوي هو مجرد بالضرورة 6- مفهوم الخيال في النص الأدبي : الكاتب المبدع حينما يريد أن يوصل إليك أفكاره و عواطفه و احاسيسه من خلال النص الأدبي فإنه لا ينقلها لك مجردة ومباشرة وكما هي في الحقيقة ولكنه يقوم بتوظيف خياله فيرسم لك مشاعره وعواطفه وأحاسيسه ويصورها تصويراً فنياً يدخل فيك الدهشة واللذة معاً هذا التصوير وهذا الرسم تدركه أنت كمتلقي بذهنك وشعورك ووجدانك أيضاً لأنه لا يأتي بصورة فجة ومباشرة فالكاتب المبدع يستطيع عن طريق خياله أن يسقط تجربته ومشاعره وأحاسيسه وعواطفه على ما يختزنه في ذهنه من معاني حسية ومعنوية وأنت كمتلقي تستقبل هذه المشاعر والعواطف والأحاسيس كلوحة فنية رائعة ومؤثرة . قد لا يكون تفسيري لمفهوم الخيال في النص الأدبي لحد الآن واضح بشكل جيد ولكن دعونا نأخذ هذا البيت للمتنبي لنفهم كيف اسقط المتنبي تجربته التي ألمت به وما نتج عن هذه التجربة من مشاعر وأحاسيس وعاطفة على ما يختزنه المتنبي في ذهنه من معاني حسية أو معنوية فيقدمها لك على شكل صورة فنية متقنة التصوير اصيب المتنبي وهو في مصر بالحمى . والحمى تجربة مر بها جميع الناس ولكن المبدع يستطيع أن ينقل إلينا تجاربه والتي قد نكون جربناها مثله بطريقة فنية مبدعة ، يقول المتنبي : وزائرتي كأن بها حياء فليس تزور إلا في الظلام بذلت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي يضيق الجلد عن نفسي وعنها فتوسعه بأنواع السقام إذا ما فارقتني غسلتني كأنا عاكفان على حرام هل المتنبي حين اصابته الحمى قال لنا انه اصيب بالحمى وأنها تشتد عليه في الليل فتصيب العظام والجسم بالوهن والألم ويظل العرق يتصبب منه بشدة لو كان هذا ما قاله المتنبي فهو ليس شعرا البته ولكنه شكوى وحسب لكنَّ المتنبي أراد أن ينقل إلينا تجربته مع الحمى وكل ما اصابه فيها من مشاعر المرض من ألم و وهن وتعب والمتنبي كشاعر فذ فإنه سوف يوظف خياله الخلاق فيمزج هذه التجربة بما لديه من تجارب سابقة وبما يختزنه في ذهنه من معاني " حسية " و "معنوية " كي ينتج من ذلك صورة فنيه رائعة تحمل لنا تجربته وعواطفه وأحاسيسه التي ألمت به فصور هذه الحمى وكأنها فتاة تتردد عليه بالزيارة وأنها فتاة من صفاتها الخجل والحياء فهي لا تزوره إلى في الظلام خوف من أعين الرقباء ورغم ما لديه من مفارش وفيرة وناعمة فإنها تعاف النوم عليها وتفضل أن تتسلل إلى داخل جسمه وتبيت في عظامه وهي في تسللها هذا تواجه جلده الضيق الذي لا يتسع لجسد المتنبي نفسه ناهيك ان يتسع لهذه المتسللة معه فتوسع طريقها إلى داخل عظامه بالمرض والألم الشديد فتبيت ليلتها وهي داخل عظامه وجسمه وحين تفارقه فإنها تغسل هذا الجسم الذي باتت فيه بالعرق الشديد حتى ليخيل إلى الشاعر أنهما قضيا ليلتهما في حرام هكذا يفعل المبدع حينما ينقل لنا تجربته الذاتية وما صاحبها من مشاعر وأحاسيس يُعْمِلْ خياله لينتج لنا صورة فنية راقية فالمتنبي لو لاحظنا إنه لم يذكر اسم " الحمى " في قصيدته إطلاقاً ولم يصرح بألمه و وهن جسمه ولم يذكر كلمة " عرق " وهو كذلك لم يكن مباشرا في تشبيهه للحمى بأنها فتاة أو انثى و لم ترد مثل هذه المفردات في نصه إطلاقاً ولكنه قدم هذا التشبيه بطريقة إيحائية تدركها أنت كقارئ بذهنك فقط ولذلك قلنا أن من خصائص الخيال ( ان يعتمد الخيال على الاثر النفسي لدى الكاتب وأن يقوم على الإيحاء بالتشابه وليس على التشابه المحسوس ) (( فالخيال منطقة ضيقة تقع مابين الحقيقة الفجة والتشبيه المباشر )) ..... يتبع
لا يسمح بنشر هذا الموضوع إلى المواقع الأخرى الا بذكر اسم صاحب الموضوع ومصدره الأصلي ../
الـموضـوع ://: :
المحاضرة الخامسة ( أركان النص الأدبي ) الركن الثاني : الخيال
-||-
المصدر :
قطرات أدبية
-||-
الكاتب :
عبدالرحمن منصور |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
14-12-12, 04:07 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
7- الخيال والصورة الشعرية . النقاد في هذا العصر يعبرون عن الخيال بمفهوم اخر وهو " الصورة الشعرية " أو "الصورة الشعورية " وهذا طبيعي جداً فتركيب الصور الشعرية وتكوينها لا يتم إلا بواسطة الخيال وعن طريقه لذلك نحن في هذه الدورة نستخدم مصطلح " الصورة الشعرية " في تعبيرنا عن الخيال أحياناً لأنك إذا استخدمت هذا المصطلح فأنت قد حددت نوع الخيال الذي تقصده فهو الخيال الذي ينتج لنا صورا شعرية كما أنك تنتزع مفهوم الخيال الأدبي من عدة مفاهيم أخرى يشملها الخيال كالخيال العلمي والخيال الذي بمعنى الوهم إضافة إلى ذلك أن مفهوم الصورة الشعرية أدق وأقرب للأدب فهو يرتبط بالشعور والوجدان بشكل مباشر ولكي لا يتوهم أحدٌ أن الخيال هنا بمعنى الكذب أو التوهم أو التزييف أو احلام اليقظة فهو ليس كذلك إطلاقاً وكي نواكب مسيرة النقد الحديث في تغيير بعض مسمياته أو تغير نهجه أو نظرته للنص الأدبي بشكل عام 8- " التخيل أو الإسقاط " لنعلم أولاً وكما قلت لكم في بداية هذه المحاضرة أن الخيال يعتمد بشكل رئيسي على علوم البلاغة الثلاثة وهي: علم المعاني ،وعلم البيان،وعلم البديع لأن الخيال لا يستطيع أن ينشئ الصورة الشعرية إلا من خلال هذه العلوم وأخص منها بالذكر علم البيان الذي يشمل المواضيع التالية : فن التشبيه بجميع أنواع والحقيقة والمجاز العقلي والمجاز المرسل والاستعارة بأقسامها والكناية بأنواعها ، فلو قمنا بتحليل الصورة الشعرية تحليلاً دقيقاً سنجد أنها لن تخرج عن هذه الأنواع ولن ندخل في تفصيل ذلك .... ولكن سننظر للموضوع - طرق بناء الصورة الشعرية - بشكل مبسط يستطيع أن يفهمه كل شخص سواء أكان متخصص في اللغة أم لا ولكن برجاء التركيز الشديد ومحاولة الفهم والاستيعاب بقدر المستطاع نحن نعلم أن كل إنسان لديه معاني حسية ومعاني معنوية اكتسبها مسبقاً وتحددت معالمها في ذهنه وشرحنا ذلك في الفقرة الخامسة وكل إنسان أيضاً يمر بالكثير من التجارب المختلفة والمتنوعة والتي يصحبها مشاعر وأحاسيس مختلفة أيضاً إذا هناك تجارب كثيرة ينتج عنها عاطفة ومشاعر وأحاسيس مختلفة وهناك أيضاً معاني حسية وأخرى معنوية مخزونة في ذاكرة كل إنسان والأديب بشكل عام والشاعر على وجه الخصوص إذا مر بتجربة اثارت في نفسه مشاعر انسانية وحركت وجدانه فهو لا ينقل إليك هذه التجربة وهذه المشاعر بشكل مباشر وسطحي كما حدثت له وكما أحس بها أو كما هي في الواقع ولكنه يقوم عن طريق خيالة بإسقاط هذه التجربة وما يصحبها من مشاعر وأحاسيس على ما لديه من معاني حسية ومعنوية يختزنها في ذهنه وذاكرته فينتج عن هذا الاسقاط أو التخيل ما يسمى بالصورة الشعرية ، والشعراء ينتهجون عدة طرق لإنتاج هذه الصورة الشعرية سنذكر منها ما تيسر لنا ذكره مع أخذ مثال لكل طريقة كي تتضح الفكرة بشكل أفضل . 9- طرق إنتاج الصورة الشعرية : 1- التجريد : هو ان يتجرد الشاعر من ذاته أو من احدى جوارحه أو اعضائه فيقوم بمخاطبتها وكأنه يخاطب شخص اخر منفصل عنه تماماً. كقول الخنساء ترثي اخاها صخراً وتقول : قذىً بعينك أم بالعين عوار ... أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار ؟ الخنساء هنا تجردت من نفسها فأخذت تخاطبها وتسألها وكأنها شخص منفصل عنها تماماً فما هو سبب هذه الدموع المنهمرة باستمرار هل هي بسبب قذى في عينها ام بسبب مرض الرمد أم لأن الدار خلت من صاحبها وسيدها صخراً بعد مقتله ... فهي كأنها تجهل سبب هذه الدموع فأخذت تسأل هذه النفس التي تجردت منها وتضع عدة احتمالات ومثال اخر للتريجد / يقول أبو ذؤيب الهذلي يرثي أبناءه الخمسة الذين ماتوا في عام واحد بسبب مرض الطاعون أمن المنون وريبها تتوجع ***** والدهر ليس بمعتب من يجزع المنون جمع منية وهو الموت هنا الشاعر تجرد من نفسه فاخذ يخاطبها أو بالأصح يعاتبها على شدة الجزع وطول التوجع بسبب موت أبنائه الخمسة وان موتهم كان بيد الدهر الذي لا يثنيه عن مشيئته جزع من جزع ولا اعتراض من اعترض فما الفائدة من طول الجزع والحزن على ما قد وقع 2- التشخيص :هو خلع الحياة على الحسيات الجامدة والظواهر الطبيعية الصامتة الغير عاقلة إلى حسيات عاقلة حتى إنها تخاطب مخاطبة الذي يعقل ويفهم , وتخلع عليها صفات المخلوقات النابضة بالحياة والحركة فالتشخيص إذا هو نقل المعاني الحسية الغير عاقلة إلى رتبة الحسي العاقل وهو الإنسان كقول المتنبي : يقول بشعب بوان حصاني ***** أعن هذا يسار إلى طعان أبوكم آدم سن المعاصي *** وعلمكم مفارقة الجنان ولكي نفهم فكرة البيت لابد ان نعرف شيء عن المكان والزمان الذي قال فيه المتنبي هذه الابيات فالمتنبي كان في طريقه إلى عضد الدولة فمر بواد أو شعب اسمه " بوان " وهو يقع في أرض فارس وهذا الوادي جنة من جنان الدنيا بما فيه من الاشجار والثمار والأزهار والأنهار والأطيار استراح المتنبي اثناء رحلته في هذا الوادي فأعجب بطبيعته الخلابة وحين وصل إلى عضد الدولة قال قصيدة طويلة مدح فيها عضد الدولة كما وصف جمال وروعة شعب بوان الذي استراح فيه اخذنا منها هذين البيتين لكي نستشهد بهما على انشاء الصورة الشعرية عن طريق التشخيص فالمتبني في البيت السابق اسقط على حصانة - والحصان حسي غير عاقل - اسقط عليه صفة من صفات البشر وهي الكلام والتعجب فنقله من رتبة الحسي غير العاقل إلى رتبة الحسي العاقل فجعل الحصان يسال ويتعجب كيف تتركون هذا المكان وهذه الجنة وتخرجون منها إلى حرب وطعن وقتل ودمار ..!!! ولكن الحصان استدرك وتذكر أن جميع البشر هم ابناء ادم الذي اسكنه الله الجنة لا نصب فيها ولا تعب ولا جوع ولا مرض ولا موت ولكن آدم عصى ربه وأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها فأخرجه الله من جنته إلى الأرض التي كلها شقاء وعناء كل هذا الكلام وهذه الأفكار هي في الحقيقة أفكار المتنبي وتساؤلاته واستفهامه وتعجبه الذي يدور في نفسه ولكنه اسقط كل ذلك على حصانه بعد ان رفعه من رتبة الحسي الذي لا يعقل إلى رتبة الحسي العاقل القادر على الكلام والاستفهام والتعجب فنطق الحسان وتكلم وتعجب بدلاً عن صاحبه . كما ان المتنبي اسقط في حديث الحصان قصة تاريخية ذكرت في القرآن وهي قصة آدم عليه السلام وخروجه من الجنة فالشاعر المبدع لا يقدم لك أفكاره ومشاعره بطريقة سطحية مباشرة ولكنه يمزجها بمخزونه الكبير من المعاني الحسية والمعنوية لينتج عن ذلك صورة شعرية تنبض بالحياة والحركة فتكون أعمق في التأثير وأبلغ في الخطاب 3- التجسيد : هو منح المعنويات ملامح الإنسان العاقل , أو بعض أعضائه أو بعض صفاته فالتجسيد إذا هو نقل المعنوي إلى رتبة الحسي العاقل كأن نقول " العدل عمر " والكرم حاتم " فالعدل والكرم أمران معنويان وعمر وحاتم حسي عاقل وكقول المتنبي : وزائرتي كأن بها حياء **** فليس تزور إلا في الظلام فالحمى أمر معنوي ولكن المتنبي خلع عليها بعض صفات البشر كالحياء فنقلها من رتبة المعنويات إلى رتبة الحسيات العاقلة واخذ يتكلم عنها وكأنها فتاة جاءت لزيارته اثناء الليل ... وقد تم شرح كل ذلك في الفقرة السادسة 4- التجسيم : ويقصد به تحويل المعنويات المجردة إلى حسيات غير عاقلة ,إذ يصبح لها جسم وحيز يمكن ملاحظته وإدراكه كأن نقول " الحسد نار " فالحسد في الاساس أمرٌ معنوي ولكن نقلناه الى رتبة الحسي غير العاقل وهو النار يقول صلى الله عليه وسلم " إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " 5- الإيضاح : هو تشبيه شيء بشيء اخر من نفس رتبته كأن نشبه حسياً عاقل بحسي عاقل ( كأن نشبه رجلاً كريم بحاتم الطائي ) فكلاهما حسي عاقل أو نشبه حسي غير عاقل بحسي غير عاقل ( كأن نشبه نور السراج بضوء القمر ) أو أن نشبه معنوي بمعنوي آخر كقوله تعالى ( طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) فالشجرة التي تكلم الله تعالى عنها في هذه الآية هي شجرة الزقوم تنبت في جهنم ونحن لم ندرك هذه الشجرة بحواسنا الخمس فهي أمر معنوي وقد شبه الله عز وجل ثمر هذه الشجرة برؤوس الشياطين ورؤوس الشياطين أمر معنوي أيضاً لا نستطيع أن ندركه من خلال حواسنا الخمس فالصورة هنا للإيضاح لأن طرفي التشبيه كلاهما امر معنوي "" وقفة بسيطة "" نلاحظ أن الخيال ينقل المعنى من درجة أقل إلى درجة أعلى منه -ففي التشخيص نقل الحسيات غير العاقلة الى مرتبة الحسي العاقل -وفي التجسيد نقل المعنويات إلى مرتبة الحسيات العاقلة -وفي التجسيم نقل المعنويات إلى رتبة الحسيات الغير عاقلة فجعلها تدرك بالحواس الخمس هذا النقل من رتبة أقل إلى رتبة أعلى يجعل الصورة الشعرية نابضة بالحياة والحركة ولهذا نقول أن الخيال هو روح النص الأدبي، إذا فقده النص اصبح جثمان لا روح فيه ولا حركة 6- تراسل الحواس : هو أن يقوم الكتاب المبدع عن طريق خياله الواسع برسم الصورة الشعرية بطريقة لا يوجد لها مثيل في عالمه الواقع ، فيقوم بعملية إبدال أو تراسل مابين الحواس الخمس فيجعل حاسة البصر مثلاً تدرك الأصوات وتميزها والصوت في الواقع لا يدرك إلا من خلال حاسة السمع ويجعل من الأشياء التي كانت لا تدرك الا من خلال حاسة البصر يجعلها عن طريق خياله الواسع تسمع أو تلمس أو يكون لها رائحة أو طعم ومذاق ويجعل حاسة السمع تدرك الأحاسيس والمشاعر المختلفة كقولنا مثلاً .... طعم ضوءك ينساب في فمي .... و رأيت صوتك يسري في دمي على هشاشة هذا المثال فسنجد فيه الكثير من تراسل الحواس فالضوء لا يدرك إلا بحاسة البصر ولكن من خلال تراسل الحواس أصبح من الممكن إدراكه من خلال حاسة الذوق وهو إدراكاً مجازي وليس على الحقيقة وكذا الصوت فالحاسة المختصة بإدراكه هي حاسة السمع ولكن في المثال السابق استطعنا أن ندرك الصوت من خلال حاسة البصر . وعلى هذا الشكل يتم ما يسمى بتراسل الحواس فمن خلال تراسل الحواس نقوم بنقل وضيفة حاسة إلى حاسة أخرى هذا النقل يساعد على نقل الأثر النفسي كما هو أو قريباً مما هو وبذا تكمل أداة التعبير بنفوذها إلى نقل الأحاسيس الدقيقة وفي هذا النقل يتجرد العالم الخارجي عن بعض خواصه المعهودة ليصير فكرة أو شعوراً وذلك لأن العالم الحسي صورة ناقصة لعالم النفس الأغنى والأكمل والقرآن الكريم مليء بالكثير من تراسل الحواس والتي قد لا ندركها من خلال الوعي والفهم بشكل مباشر إلا لمن درسها ووقف عليها أما أغلبية الناس فيدركونها من خلال اللاوعي مع ذلك فلذتها ودهشتها سيجدها الجميع سواء من علم بها أو من جهل لأنه قرآن معجز فكلمة ( ألم ترَ ) وردت كثراً في القرآن الكريم قال تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) وقال تعالى :( ألم تر كيف فعل ربك بعاد ) وقال تعالى : (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ) الخطاب في هذه الآيات موجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحكي قصص أقوام لم يدركهم الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يرهم ولم يرى ما أنزل الله عليهم من العذاب فمن المفترض أن يكون الخطاب ( ألم تسمع ) لأن رؤية الرسول لهؤلاء الأقوام لم تحدث ولكنه سمع بهم من القرآن الكريم فهنا تراسل واضح ما بين حاسة البصر وحاسة السمع وهو ليس مجرد تراسل وحسب ولكنه إعجاز في منتهى الكمال فالأمر الذي تراه بعينك درجة صدقه أعلى من الخبر الذي تسمعه بإذنك فاستعيرت الرؤية بدلاً عن السمع لكي تؤكد صدق ما حل بهذه الأمم وهؤلاء الأقوام وأنه حقيقة لا مراء فيها ولا شك واستعيرت الرؤية بدلاً من السمع أيضاً لكي تقرب لنا تلك الأحداث وتزيل الفترة الزمنية التي تفصل ما بيننا وبينها وتجعل احتمال وقوعها شيء غير مستبعد لكل من جحد وأنكر وكذب الرسول لأن التذكير بالنظر يقرب إلى الأذهان الأمر المستبعد الحدوث وهو اشد وأقوى من التذكير بالسمع فتراسل الحواس الذي ورد في هذه الآيات ليس مجرد إعجاز بلاغي وحسب ولكنه إعجاز من عدة أوجه كثيرة ولو بحثنا في القرآن الكريم سنجد الكثير من الشواهد على ترسال الحواس بجميع صوره المختلفة إلى هذا الحد نكون قد انتهينا من الحديث عن هذا العنصر المهم جداً في النص الأدبي وهو عنصر الخيال ولا أدعي أني استوفيت الموضوع من جميع جوانبه فهناك الكثير من الجوانب التي لا يتسع لنا الوقت لحصرها ولكن حسبك من العقد ما أحاط بالعنق اتمنى من الله أن تجدوا في هذه الصفحة ما يرضي شغفكم لفهم بعض الجوانب المهمة والممتعة في تذوق النص الأدبي إلى حين نلتقي في المحاضرة القادمة تقبلوا مني اصدق الأمنيات وللجميع خالص التحية مني ..،،، |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
6 أعضاء آرسلو آعجاب لـ عبدالرحمن منصور على المشاركة المفيدة: |
14-12-12, 04:30 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
لمن أراد المناقشة ... عليه أولاً أن يجيب على ثلاثة من هذه الأسئلة ؟ |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16-12-12, 07:44 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا *** من الحسن حتى كاد ان يتكلما التشبيه.. شبه الشاعر الربيع بالإنسان الضاحك المبتسم الذي يختال بمشيه والطلق هنا صفة.. ووصف إن من شدة الجمال والحسن الذي اعتراه كاد إن ينطق ويتحدث وهذه من صفات الإنسان.. ثالثا . اذكر بيت من الشعر الفصيح مما تحفظه مع ذكر نوع الصورة الشعرية الموجودة فيه . ارعى الكواكب في السماء كأن لي عند النجوم رهينة لم تدفع زهر تألق بالفضاء كأنها حبب تردد في غدير مترع الشاعر هنا أستخدم الخيال بالجمع بين شيئين فشبه النجوم في الفضاء بالفقاعات اللامعه على وجه الماء رابعاً : لو شبه احد الشعراء في العصر الجاهلي محبوبته بنهر يتدفق بالحسن والجمال فهل هذا التشبيه مستحسن ام مستهجن مع ايضاح السبب في ذلك .؟ التشبيه مستحسن فالشعراء منذ العصر الجاهلي إلى الأن يستخدمون صور الجمال في وصف المرأة بصور مستهلكة كأن يصف وجهها بالقمر وشعرها بسوداء الليل وفمها بالخاتم وهكذا فالتشبيه مستحسن متوافق بالوصف يضيف صبغة جمالية خامسا : يقول ابن مالك في مقدمة ألفيته الشهيرة قال محمد هو ابن مالك *** أحمد ربي الله خير مالك مصلياً على النبي المصطفى *** وآله المستكملين الشرفا وأستعين الله في ألفية *** مقاصد النحو بها محوية تقرب الأقصى بالفظ موجز *** وتبسط البذل بوعدٍ منجز وتقتضي رضى بغير سُخط *** فائقة ألفية ابن معط وهوَ بسبق حائز تفضيلاً *** مستوجبٌ ثنائي الجميلا والله يقضي بهباتٍ وافرة *** لى ولهُ في درجات الآخرة حدد درجة الخيال في الآبيات السابقة من حيث وجودة من عدمه أو من حيث السطحية والعمق . الآبيات هنا تفتقد عنصر الخيال وإن وجد في البقية فهي سطحية وتمسى بالآبيات التعليمة. استاذ عبدالرحمن واعذرني إن اخطأت بشيء فيبقى التعقيب والتصحيح منك منتظر تقدير |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2 أعضاء آرسلو آعجاب لـ نيفين عبدالله على المشاركة المفيدة: |
17-12-12, 01:12 AM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
اهلا نيفين |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
23-12-12, 08:56 PM | المشاركة رقم: 6 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
اقتباس:
\ مساء يزدان بالفرح والخير للجميع بدءاً بالــوجيه ولكل العابرين فردا فردا .. أما بعد .. لا شك أن المادة الأدبية المعروضة هنا دسمة جدا ولولا معرفتنا البسيطة بالأدب ومما أكتسبناه من علم ضئيل في مدارسنا لأحتاجت لوقت طويل جدا لفهم ما سُكب من علم هنا .. أما بخصوص ما جاء من أسئلة فإجابتي على النحو التالي : قال البحتري : اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا *** من الحسن حتى كاد ان يتكلما حدد نوع الصورة الشعرية في هذا البيت مع ايضاح وتفسير ما تقول . نوع الصورة الشعرية هي : تشبيه المشبه هو : الربيع المشبه به : الانسان فقد أسقط الشاعر على الربيع صفات بني البشر كالمشيء بخيلاء والضحك اذكر بيت من الشعر الفصيح مما تحفظه مع ذكر نوع الصورة الشعرية الموجودة فيه . كم تشتكي وتقول أنك معدم .. ......... والأرض ملكك والسماء والأنجم .. ولك الحقول وزهرها وأريجها .. ................... ونسيمها والبلبل المترنم .. طبعا الأبيات معروف للجميع بأنها لأيليا أبي ماضي .. في البيت الثاني ( البلبل المترنم ) استعارة مكنية .. فقد ذكر الشاعر المشبه ( البلبل ) وحذف المشبه به ( الانسان ) وأتى بصفة من صفاته وهي الترنم ( يترنم بمعنى يغني ) .. وبنفس الوقت ( البلبل المترنم ) فيها تشخيص فبحسب تعريفكم للتشخيص على أنه : خلع الحياة على الحسيات الجامدة والظواهر الطبيعية الصامتة الغير عاقلة إلى حسيات عاقلة حتى إنها تخاطب مخاطبة الذي يعقل ويفهم , وتخلع عليها صفات المخلوقات النابضة بالحياة والحركة ( نقل المعاني الحسية الغير عاقلة إلى رتبة الحسي العاقل وهو الإنسان ) نجد أن الشاعر أسقط على البلبل وهو غير العاقل صفة العاقل وهو الانسان حيث وصفه بأنه يترنم / والترنم أحدى صفات الانسان وتدل على الفرح والانبساط أما عن اجابة رابعا وخامسا فستكون في ردي القادم حتى أعطي نفسي فرصة أكبر للفهم ومن ثم التطبيق أتمنى أن أكون وفقت في الإجابة على السؤالين وإلى لقاء قريب بإذن الله محبتي ومودتي
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الأعضاء الذين آرسلوا آعجاب لـ الــمُــنـــى على المشاركة المفيدة: |
25-12-12, 11:02 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
السلام عليكم والرحمة |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الأعضاء الذين آرسلوا آعجاب لـ الــمُــنـــى على المشاركة المفيدة: |
26-12-12, 03:55 AM | المشاركة رقم: 8 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
اقتباس:
هلا بالمنى وحياك الله في ما يتعلق بجوابك على بيت البحتري فيهمني من جوابك السطر الأخير " فقد أسقط الشاعر على الربيع صفات بني البشر كالمشي بخيلاء والضحك" لان في هذه المحاضرة نحن ندرس اسلوب بناء الصورة الشعرية في النص الأدبي فقط فلا يهم أن نشرح هذه الصورة إلا إذا كان هذا الشرح سوف يحدد لنا نوع الأسلوب الذي انتهجه الشاعر في بناء الصورة ولا يهم كذلك أن نحدد نوع الصورة إن كانت تشبيه أم استعارة أم كناية أم غير ذلك من الأمور التي تصب في عمق علم البلاغة ولكن يهمنا الأسلوب الذي انتهجه الشاعر في بناء الصورة الشعرية وأنت يا منى أتيتِ بنصف الجواب وتركت نصفه فقد ذكرت أن الشاعر اسقط على الربيع بعض صفات البشر كالمشي بخيلاء والضحك وهذا صحيح بقي أن تذكري نوع هذا الأسلوب حين ينقل الشعر المعنى الحسي الغير عاقل إلى رتبة العاقل ماذا يسمى هذا الأسلوب .... هنا يكون الجواب قد اكتمل أما جوابك على الأبيات التي ذكرتيها من قصيدة إيليا أبي ماضي فلها وجهان .... فإن اعتبرنا الترنم صفة من صفات الإنسان ... فستكون جملة " البلبل المترنم " كما قلت استعارة مكنية فقد اسقط الشاعر على البلبل " وهو حسي غير عاقل " صفة من صفات الإنسان وهو " حسي عاقل " فنقله من رتبة الحسي غير العاقل إلى رتبه الحسي العاقل فالأسلوب الذي انتهجه الشاعر هنا هو " تشخيص " وهذا هو الجواب الذي اخترته أنتِ وهو جواب صحيح لا غبار عليه " بشرط " أن تكون صفة الترنم متعلقة بالإنسان وليست بالبلبل أما إن كانت كلمة "الترنم " في البيت السابق تدل فقط على تغريد البلبل أو صفيره الذي يصدره حين يطرب فهي إذا صفة من صفات البلبل وليس الإنسان فلن يكون هناك استعارة مكنية ولا يحزنون ولن يكون هناك خيال نستطيع أن نستخلصه في جملة " البلبل المترنم " ولكن في الأبيات مجتمعة تقرير واثبات باستخلاف الله للإنسان في هذه الارض وأنها وكل ما عليها من مخلوقات ونعم هي ملك يمينه فكيف يكون حزينا معدما ... فبدأ الشاعر هذه الأبيات باستفهام غرضه التعجب والانكار " كم تشتكي وتقول أنك معدم " من بعد ذلك بدأ بالتقرير المجمل على هذه الدعوى أو الشكوى " والأرض ملكك والسماء " من ثم فصل " والأنجم " وفي البيت الثاني كذلك تقرير بذكر العام " الحقول " من ثم فصل " وزهرها وأريجها ونسيمها والبلبل المترنم هذا في حال اعتبرنا الترنم صفة من صفات البلبل فلن يكون هناك استعارة مكنية ... وعن نفسي أميل لهذا الجواب أكثر من سابقه مع ذلك جوابك صحيح لأنه محتمل شكرا منى على حضورك وعلى مشاركتك لك خالص التقدير |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
26-12-12, 04:09 AM | المشاركة رقم: 9 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
01-01-13, 05:57 AM | المشاركة رقم: 10 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
عبدالرحمن منصور
المنتدى :
دورة تذوق النص الأدبي
اقتباس:
\ صباح الرحمة على الجميع .. أما بعد .. بخصوص الأبيات السابقة رغم أحتوائها على جرس موسيقي تسمعه وأنت تقرأها بصوت عالي وأثناء تنثلك من بيت لآخر إلا أنها أفتقرت للخيال الشعري وخلت من جميع الصور الشعرية آنفة الذكر القصيدة برأئي المتواضع أقرب للسرد منها للخيال هذا وبالله التوفيق الــوجيه .. أستمعت كثيرا بما قدمت جزيت بكل حرف كتبته وأكثر خيرا من لدن كريم جزل العطايا .. وزادكم الله من فيض علمه وخيره دمت بود منى |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أنت عضو منتدى قطرات أدبية فاجعل ردك يعكس شخصيتك ومدى ثقافتك و وعيك وإطلاعك
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
(عرض الكل) الاعضاء اللذين قامو بقراءة الموضوع : 38 | |
متاهة الأحزان, محمد الطيب, مجهول, مشاعر انثى, مصطفى معروفي, مــريـــم, أنور, الأمـــ وردة ــل, المسافر, البوصلة, الخضيري, الشهاب, الــمُــنـــى, الكنز, اياد كعيكاتي, انثى الغيم, خالد الطويل, حكايه, روح الياسمين, سلامو, سالم, شاعر مجهول, سحر, سحر المانع, سقيا مطر, عبدالرحمن منصور, عبير أحمد, غياهب, فرج اعبيد, هيثم الفتاحي, هدى ازيك, نادية الجعبة, نيفين عبدالله, نسيان, ~ تمارا ~, قطرات, كليو باترا, كاريزما |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
المحاضرة الرابعة ( أركان النص الأدبي ) الركن الأول : الألفاظ والجمل والتراكيب | عبدالرحمن منصور | دورة تذوق النص الأدبي | 9 | 08-06-20 03:32 PM |
المحاضرة الثالثة ( أركان النص الأدبي ) مفهوم الشكل والمضمون | عبدالرحمن منصور | دورة تذوق النص الأدبي | 13 | 08-03-17 11:53 PM |
المحاضرة الثانية ( أنوع النص : من حيث المتعة والفائدة ) | عبدالرحمن منصور | دورة تذوق النص الأدبي | 12 | 22-02-17 11:22 PM |
المحاضرة الأولى ( أركان العملية الإبداعية والعلاقة التي تربط بينها ) | عبدالرحمن منصور | دورة تذوق النص الأدبي | 26 | 12-02-17 06:35 PM |
تعريب وتطوير شبكة بلاك سبايدر التقنية 16-10-2009 |
الساعة الآن 09:52 PM.