نبضات قلب

[ايوب صابر]

استراحة المحارب

صار لا بد لي أن أتوقف عن الكتابة والاحتراق والتحول إلى قصائد شعرية واحصل على استراحة كاستراحة المحارب كما يقال.

نعم يا سيدتي فكثيرا ما قالوا "المرأة مثل الدنيا تقبل على من أدبر عليها وتدبر على من اقبل عليها". وأنا بكل تأكيد لا أريد قطعا أن تكون شدة عشقي لك السبب وراء هروبك إلى كوكب آخر، أو أحضان رجل آخر.

وأنا لا أريد ولا ارغب أبدا في دفعك دفعا إلى الجنون أو الخروج عن المألوف أو الخروج عن النص، أو ارتكاب حماقة أبشع من ذلك بكثير مثل التفكير مجرد التفكير في طعني من كافة الاتجاهات وذلك بإلقاء قصائدي ونبضات قلبي في سلة المهملات، والدوس على مشاعري بالكعب العالي، أو إعلان حربك الكونية بمنعي فجأة من الكتابة لك.

لا يا عزيزتي لا بد من استراحة للمحارب هنا وقبل فوات الأوان.
فأنا يا عزيزتي اشعر ومنذ أن سمحت لنفسي بالخروج عن المألوف وإطلاق العنان لقصائدي ومشاعري ، وبدأت أسجل خواطري ونبضات قلبي تجاهك ، بدأت أحس وكأنني أتعرى كل يوم شيئا فشيا .
وفي المقابل ما تزالين أنت متماسكة تماما ، لا بل انك أصبحت ترتدين أقنعه ومزيد من الماكياج ربما لتغطي ملامح وجهك حتى لا اعرف بالتحديد مدى وقع قصائدي على جهازك العصبي وعلى انفعالاتك، فأنت تعتبرين حتى تاريخه أو هكذا يبدوا لي بأن الحب ضعف واستكانة واستسلام غير مقبول.

فأنت لا تكترثين أبدا

باحتمال أن أصل النيران كلها وبدون استثناء لا بد أن يكون شرارة وقعت بمحض الصدفة من عينيك فأحرقت أولا قلبي وأشعلت النيران في كل الاتجاهات والحقول والعقول.

نعم

لا بد من وقفة ونظرة متأنية، فإلى متى أظل اركض في اتجاه معاكس لاتجاه الريح، وأنت تجلسين على كرسيك الهزاز، وتعلكين وتنظرين لي من خلف زجاج نظارتك الشمسية .

إلى

متى أظل احترق بنيران أشعاري وأحاسيسي التي لا تبدو أنها تثير فيك سوى ضحكتك التي لا يكاد يعرف حتى الشاعر مغزاها، رغم انه أستاذ في ترجمة المشاعر والأحاسيس.

إلى متى أظل أسبح ضد التيار وضد الأمواج وعلى شفا الغرق، وأنت تقفين هناك بكل برود وكأن الأمر لا يعنيك، واغلب الظن انك لن تقدمي على رمي طوق النجاة لي لو أنني شارفت على الغرق ومع هذا تنتظرين مني آخر النهار لؤلؤه أخرى أكون قد التقطها من قلب محارة وأنا على شفا الاختناق، وقصيده أخرى لم يكتب مثلها الشعراء.

لا بد لي من وقفة ونظرة متأنية لأنني لا أريد أن أصحو ذات يوم اجلد نفسي أو أجد نفسي هائما كالمجانين في الشوارع متلهفا للقائك بينما تكونين أنت تمارسين هواياتك على نغمات عذاباتي، وترشفين الشاي مزهوة ومحتفلة بانتصارك الأزلي على قلبي، وتضحكين بين فترة وأخرى كيف انك تمكنت مني ودفعتني إلى الجنون والهذيان الشعري وتعرية قلبي تماما ودفعي للقفز في البحر بينما أنت على الشاطئ بعيده همك الأكبر تحويل لونك إلي اللون البرونزي.

أنت تريدين أن تقتلي وتفتكي وتطعني وتحرقي وتشعلي النيران في كل الاتجاهات ولا تتركي أثرا أبدا ، بينما بصمات أصابعي وقصائدي ونبضات قلبي أنا مبعثرة هنا وهناك ومعلقه على الجدران ومنتشرة في كل الاتجاهات.

لكل هذه الأسباب صار لا بد لي أن أتوقف وامتنع عن ممارسة الكتابة إلى حين.

[ايوب صابر]

لا يا سيدتي

---

أنت امرأة تعيسة بكل المقاييس، مسكينة ،بائسة وحزينة. ولا اعرف على وجه التحديد ما هي الأسس التي تبنين عليها استنتاجاتك الخائبة. وكيف يمكن لك أن تتوصلي إلى ذلك الاستنتاج البائس اللعين.

فإذا كان كل هذا الاندفاع الشعري، وكل هذه الانهيارات الجليدية هنا وهناك، و كل هذه الزلازل والبراكين التي تهز بين فترة وضحاها ثنايا قبلي فتتفجر الأشعار كالنابيع.

إذاكانت كل هذه الأمطار الغزيرة المنهمرة بلا انقطاع من ثانيا الروح وهذه الثلوج التي تسقط على شكل قصائد.

وهذا الاشتعال وهذا الاحتراق الذي يكاد يشعل العالم حبا وعشقا وشغفا بك.

إذا كانت كل هذه العواصف والرياح العاتية المزلزلة. و هذه الأمواج الشاهقة من المحبة الجارفة المتلاطمة التي تضاهي اكبر تسوماني عرفته القلوب من قبل.

أذا كانت كل هذه الورود والإزهار التي أقدمها لك وكل محاولاتي المتتالية للامساك بالقمر لأقدمه لك على طبق من ذهب.

و كل محاولاتي لأصنع لك أسوارا من النجوم وأشعة الشمس عند لحظة الشروق.

إذا كانت كل محاولاتي لأسر لحظة الغروب لأصنع لكمنها وردة أقدمها لك في عيد ميلادك.

وهذا الانصهار والتحلل الذي ينتابني وأنااكتب لك والذي يشبه إلى حد بعيد تحلل العنصر المركب إلى عناصره الأساسية الأولية.

أذا كانت دعوتي لك لان تطلقي العنان لروحك لكي تحلق عاليا في رحلة سماوية مع روحي إلى كوكب آخر أو إلى كون آخر، وهذا الانفلات الهائل في نبضات القلب المتسارعة بلا انقطاع ، والتي هي إعلان محبة صريح وواضح وصارخ.

اذا كان كل ذلك يترجم لديك على أنه محاولة مني لاحتلال أطراف أصابع يديك ومحاولة مني لدفعك للاستلام و بالتالي رفع أعلامي على سفوح نهداك وشواطئ عيناك لكي أعلن انتصاري.

إذا كان كل ذلك يفهم لديك على انه محاولة منى للاستيلاء على جسدك الدنيوي، والذي لا يشكل أكثر من حفنة من التراب، وضمه إلى أملاكي الخاصة لأتصرف به كيف أشاء ومتى أشاء، فأنت امرأة واهمة تعيسة وبائسة وحزينة.

أنت امرأة كارثية وتستحقين الشفقة والعطف. أنت امرأة منهارة ومسكونة بالخوف واليأس.

أنت امرأة أسيرة لمخاوفك وأوهامك وكوابيسك وهواجسك.

أنت امرأة خائبة وفاشلة ومهزومة ومنهارة بكل المقاييس والمعايير.