" من أنا ...؟؟!! "
عندما اختار شخصية افتراضية في عالم افتراضي" أفاتار" واختار لها ملامح تشابه ملامح وجهي والبسها كملابسي فهل هذه الشخصية الافتراضية هي انا.؟ الجواب بسيط بلا شك ...... فهي ليست أنا
وحينما أرى وجهي في المرآة هل هذا الوجه المنعكس على المرآة هو أنا .؟ بكل بسط لا فهو مجرد صورة منعكس من الضوء على وجه المرآة
و حينما اشاهد فيديو قمت بتصويره لنفسي قبل ثواني قليلة او قبل سنين بعيدة أو قام بتصويري أحد غيري اثناء حديثي أو مزاحي أو ركضي أو بأي حالة أخرى
فهل هذا الشخص في هذا الفيديو هو أنا .... إنه ليس أنا فهو مجرد حزمة محبوسة من الضوء على ذاكرة الكترونية
وعندما اتحسس وجهي وجسدي ورأسي وكفاي وقدماي وأسال نفسي هل هذا الجسد أنا... تجيبني نفسي بأن هذا ليس أنا ...!!!
فما تحسه وما تراه مجرد جسد مادي تسري فيه الكهرباء وتمده بالحياة - ألا ترى أنه إذا أوشك شخص على الموت يصعقون قلبه مرات عديدة بالكهرباء لتسري فيه من جديد ويعود للحياة
فلا يمكن أن أكون مجرد جسد يعمل بالكهرباء..... إذاً من أنا ..؟؟
أنكر كل هذا الهراء لألوذ بعلم الفيزياء و أساله من أنا .؟
لتخبرني الفيزياء بكل وقاحة بأن عيني لا يمكنها أن ترى وأن أذني لا تستطيع أن تسمع وأن جميع حواسي الخمس لا يمكنها أن تعمل من دون الكهرباء. فكل هذا العالم الذي أراه - أو أتوهم أني أراه - هو مجرد انعكاس لفوتونات الضوء من على أسطح الأشياء تصل للعين التي تنقله إلى الدماغ من دون أن تدري العين ماهيته أو حقيقته فالعين في طبيعتها لا ترى الأشياء، هي مجرد وسيلة يمتطيها الضوء ليصل من خلالها إلى الدماغ القابع في أعماق الظلام المطبق في قاع جمجمة محكمة صماء ليقوم الدماغ بتفسير هذه الموجات الكهروضوئية وتحليلها وتلوينها وتحريكها ويعطيها الحجم والشكل واللون وينتج منها الصور المتحركة والثابتة فتستطيع أن ترى وتشاهد هذا العالم بجميع أشكاله وألوانه وأطيافه المختلفة.
وكذاك يفعل مع الأصوات التي نسمعها فهي مجرد موجات صوتيه تنتج من ضغط الهواء ما بين المرسل والمستقبل فأنت في الحقيقة لم تصدر أي الصوت وأنا بالتالي لم أسمع منك أي صوت هي مجرد حيلة تقوم بها الحبال الصوتية من خلال اهتزازها داخل حنجرتك وحركة الشفتين واللسان ينتج عن كل ذلك ضغط محدد وغير منتظم على جزيئات الهواء فينتقل هذا الضغط عبر الفضاء على شكل موجات صوتيه تصل لطبلة الأذن التي هي بدورها تحاكي وتماثل هذا الاهتزاز دون أن تعرف محتواه أو تدري عن فحواه أو تفك شفرته فالإذن في طبيعتها لا تسمع الأصوات ولكنها تقوم بتحويل ما يصل إلى طبلتها من اهتزاز إلى موجات عصبية تصل للدماغ في أعماق الظلام الدامس وهو من يقوم بتحويل هذه الموجات العصبية إلى أصوات ونغمات أو الحان ...
فالدماغ هو من يرى ويسمع... أما العين والأذن وبقية الحواس فمجرد ساعي بريد تنقل تلك الرسائل الإلكترونية على اختلاف أشكالها إلى الدماغ الذي هو من يقوم بتحليلها ومعالجتها وتفسيرها فيخلق لنا هذا العالم الذي نشاهده ونسمعه ونراه وكذلك تعمل بقية الحواس التي هي سبيلنا الوحيد للتواصل مع هذا العالم.
فحقيقة العالم خارج الدماغ هو الظلام الدامس والصمت المطبق ( إنها حقيقة مفزعة )
فهذا العالم الذي نسمعه ونراه ونعيش فيه ونتعامل معه باستمرار حتى و إن كان له وجود خارج ذواتنا فوجوده لا يتعدى كونه سيل كبير من الموجات الالكترونية التي تنقلها الحواس إلى الدماغ ليقوم بترجمتها وصنع هذا العالم.
لذلك عندما يكون هناك خلل في عمل الدماغ لأي سبب ..يحدث أيضاً خلل في هذا العالم الذي ينتجه هذا الدماغ المعطوب فيرى أشياء ويسمع أصوات لا وجود لها إطلاقاً.
فهل أنا مجرد دماغ مسجون في قاع جمجمة صماء.؟ أم أنا مجرد موجات كهربائية تسري في هذا الفضاء.؟..... فمن أنا ..؟؟
انكر كل هذا الهراء لألوذ بعلم الكيمياء لأسأله من أنا .؟
لتخبرني الكيمياء بكل تبجح أن كل مشاعري من حب وخوف وحزن وشوق مجرد تفاعلات كيميائية معقدة وهرمونات تصدرها الغدد الصماء بأوامر من الدماغ، فالقلب في حقيقته لا يحب ولا يكره ولا يحن ولا يشتاق كما كنت أتصور فالحب مجرد هرمون الدوبامين الذي يمنحني الاحساس بالحب ,وأن مستوى سعادتي ونشاطي مرتبط بمستوى هرمون السيروتونين الموجود داخل جسمي، وكذلك بقية المشاعر بجميع اختلاف أنواعها.
وأن جميع أعضائي الداخلية بما فيها القلب كلها مجرد أنسجة وعناصر كثيرة مختلطة يمكن فصلها عن جسدي ونقلها لجسد إنسان آخر ليكمل بها حياته بعد أن أموت، وأن دمائي مجموعة من العناصر والمعادن المختلطة بنسب مختلفة فجزء مني نحاس وجزء مني صوديوم وجزء حديد والقليل من المغنسيوم و الكثير من الكربون. ويمكن أن أتبرع بهذا الدم ليتدفق في عروق جسد إنسان غيري كما كان يتدفق في عروقي وفي جسدي.
فهل أنا مجرد كومة من المعادن المختلطة.؟! أم أنا مجرد تفاعلات كيميائية معقدة وهرمونات مختلفة.؟!
أم أنا جسد يمكن تشريحه وتشليحه وتوزيعه داخل أجساد أخرى.... فمن أنا .؟
انكر كل هذا الهراء لألوذ بعلم ميكانيكا الكم هذا العلم والعالم المجنون لأساله من أنا ومن أكون .؟
وهنا لابد أن اخلع جمجمتي وأنحيها جانباً فكيف يمكن أن أصدق بأني موجود ولست موجود في ذات اللحظة لأن تراكبي الكمي يجعلني موجود في كل مكان وبجميع الاحتمالات الممكنة وغير الممكنة.؟!
وأن دالتي الموجية المزدوجة تجعلني مادة وموجة في ذات الوقت فأنا موجة من الاحتمالات اللانهائية ولن يكون لي وجود الا حين اتخلص من طبيعتي المزدوجة وتنهار دالتي الموجية هنا فقط يمكنك أن تراني
فهل أنا مجرد موجة من الاحتمالات الشبحية التي لا يمكن أن يكون لها وجود إلا بعد أن تنهار ..... فمن أنا ومن أكون .؟
انكر كل هذا الهراء لألوذ بالواحد الخالق المبدع القادر الجبار .... لأسجد له ذلة ومهابة وأشهد انه الحق الذي لا شك فيه ولا مِراء وما سواه مجرد وهمٌ وخيالٌ .
جميع أو معظم ما جاء في هذا النص هي حقائق علمية مثبته.
/
\
/
الوجيه