فَكَمْ أَبَا مِتعِبٍ في عَهدِكُم رُفِعَتْ الدكتور عبدالله أحمد منصور آل رضي
قَصيدة في رثاء المغفور لَهُ - بِإِذْن الله تعالى - فقيد العروبةِ والإسلام، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، طيب اللهُ ثراه.
سَمِعتُ نَعيِكَ في الأخبار إعلانا
فَهَاجَتِ النَّفسُ أَشجاناً وأَحزَانا
قَالوا لَنا أَنَّ شَمسَ البِرِّ قَدْ كُسِفتْ
فَقُلتُ كيفَ وضَوءُ الشَّمسِ جَلاّنا
قَالوا خُسِفتَ أَيا بَدراً أَنارَ دُجَىً
وأَنتَ نُورُكَ في الظَلماءِ يَغشَانا
يا نَبعَ خَيرٍ رَوى الآفاقَ فَانتَعَشَتْ
مِنْ فَيضِهِ حَلَباتُ الخَيرِ أَزمانا
فَكَيفَ يَنضَبُ نَبعٌ قَدْ جَرى نَهَراً
وكَمْ رَوَى نَهرُكُم حَقلاً وبُستَانا
قَالوا رَحلتَ إلى مَثوَاكَ يا مَلِكَاً
عَمَّتْ فِضَالُكَ أَقطاراً وبُلدانا
فَكَيفَ يَرحَلُ مَنْ في القَلبِ مَسكَنَهُ
وكيف يَرحَلُ من بالرُّوحِ أَحيانا
و هَلْ يَمُوتُ رِجالٌ قَدْ غَدَوا سَبَباً
لِعِزَّةِ الدَِينِ، والتَّوحِيدِ، عُنوانَا
لا، لا يَموتُ وقَدْ قَامتْ لَهُ نُصُبٌ
في كُلِّ بُقعَةِ أَرضٍ تَرفَعُ الشَّانا
فَأَنتَ ما مِتَّ لَكِنْ رُوحُكُم رُفِعَتْ
إلى السَّمَاءِ لَكَ الأَبرَارُ إِخوَانا
ما ماتَ مَنْ خَلَّدَ التَّاريخُ مَنزِلةً
وصارَ للبِرِّ والإحسانِ مِيزَانا
و لِلعُروبةِ والإسلامِ قُطبَ رَحىً
وكُنتَ رَغمَ عُلُوِّ الشَّأنِ إِنسانا
فَليسَ شَعبُكَ فيكَ اليومَ منْ فُجِعُوا
بَلِ كُلُّ شَعبٍ أَبِيٍّ حَيثُ ما كَانا
فالمُسلِمونَ وغَيرُ المُسلِمينَ بَكوا
لِفَقدِكَ الْيَوْمَ والأحشاءُ نِيرانا
بكتكَ أَفئدَةٌ يا منْ غَدَوتَ لنا
أَباً حَنُوناً وفي البأساءِ مَلجانا
بَكَتكَ بَحرَينُنا يا مَنْ ظَلَلتَ لها
مُدافِعاً ما انثَنى يَومَاً ولا لانا
بَكَتكَ أَرضٌ وشَعبٌ، والمَليكُ نعى
فِيكَ العُروبةَ والإسلامَ إِيمَانا
يا خَادِمَ البَيتِ أَنتَ البيتُ يَعرِفُكُم
أَعلَيت لِلبيتِ أَسواراً وجُدرانا
بَنَيتَ دَاراً وشَعباً لَيسَ يَعدِلُهُ
في العِزِّ قَومٌ، عَلا في المجدِ بُنيانا
فَكَم، أَبا مِتعِبٍ، في عَهدِكُم رُفِعتْ
رَاياتُ عَدلٍ تُظِلُّ النَّاسَ إِحسَانا
قَدْ خِفتَ رَبَّكَ في سِرٍّ وفي عَلَنٍ
فَزَادَكَ اللهُ إِحساناً ورِضوانا
حَباكَ رَبُّكَ في الدَّارينِ مَنزِلةً
غَشَّاكَ رَبُّك في الدَّارين غُفرَانا
فَاللهَ نَسأَلُ عِلِّيِّينَ يُنزِلُكُم
في جَنَّةِ الخُلدِ فِيهَا الأُكْلُ أَفنانا
و يُعْظِمُ اللهُ أَجرَاً في المُصَابِ لَنَا
و يُلهِم النَّاسَ، كُلَّ النَّاسِ، سِلوَانا