تغريدات الدكتور : سلطان بدير العتيبي حول الحج مع الشيخ أبن جبرين رحمه الله .
أكرمني ربي كبعض إخوتي بالحج مع شيخنا ابن جبرين في آخر سبع سنين من حياته
وسأكتب أشهر ما تعلمته من هذا الحبر في عدة تغريدات
- كان الشيخ من أسبق الناس حضوراً للمشاعر
لا يرى أن يضيع دقيقةً دون نفع
بل ترى الحزن في عينيه إن حبسه زحام عن نفع الناس
- كان حريصاً جداً على تمام السنة
لم يكن يبحث عن الرخص ولم يكن ينزّل حديث (افعل ولا حرج) على نفسه كثيراً وإن أفتى به الناس
- كان صارماً حازماً مع نفسه جداً
هيناً ليناً مع الناس
لا يبالي في إجهاد نفسه على إصابة السنة مهما لحقه العنت والمشقة
كان من أبرّ الناس وأوفاهم بمشائخه وأقرانه العلماء
لا يمكنك أن تلمح في كلامه أي انتقاص أو انتقاد بل دائم الذكر في الثناء عليهم
- وقد اقتُرح عليه كتاب يشرحه أيام منى فاختار التحقيق والإيضاح للإمام ابن باز
فشرحه كاملاً وسّمي الإفصاح شرح التحقيق والإيضاح
- وقرأنا كتاب لمعة الاعتقاد في خيمته
فقلنا له:هناك شرحان ياشيخ أحدهما لك والآخر لابن عثيمين فما نحضر؟
قال:شرح ابن عثيمين
- وفي ذات سنة أحضر كتاب فتاوي أركان الإسلام للشيخ ابن عثيمين بكميات كبيرة وجعل يوزعه علينا
أي وفاء هذا وأي نقاء قلب يحمله
- وكعادته لا يرى أن يقبل أحد رأسه
ولكثرة الحجيج كان يدفعهم عن القُبلة بلطف وابتسامة آسرة
والمفاجأة أنه يرى أنه ليس أهلاً لذلك
- وقد أُحرجت بكلمة في المصلى بحضرته فاستحييت كثيرا ولم يكن مفرّ
فحين انتهيت قبلت رأسه واعتذرت
فقال بكل تواضع :والله أني انتفعت
-وأهديت عليه في منى رسالتي للماجستير لغرض الدعاء
فوالله أنه طار فرحاً بها ويقول لأبناءه :أهديت إليّ
كبراءة طفلٍ أهدي له مايحب
- وأكون بجواره حين الاستماع لخطبة عرفة من سماحة المفتي فما إن ينتهي المفتي منها إلا ويثني عليه بعد أن يحسب وقت الخطبة إعجابا
- وحين انتهى سماحة المفتي مرة ً قال : ما شاء الله عليه خمسون دقيقة خطبة شاملة لكن ليته زاد في مدح الصحابة وأغاظ الرافضة
- وكان شديد البغض للرافضة
لا يحب أن يراهم ولا حافلاتهم المكشوفة ولا يحب سماع أصواتهم وأغانيهم
يقبحهم ويحذر منهم
- وكان يحب أن يسير مع جموع الحجيج يكره تمييزه عن الناس
لا يحرج أحداً ولا يطلب شيئاً لنفسه
وشفاعته للناس لا لنفسه
- وربما ألقى بعض الدعاة محاضرةً بحضرته في المصلى فلا يقوم أبداً
يجلس مع الناس حتى تنتهي المحاضرة
ثم يقوم بكل تواضع وأدب
- وفي يوم عرفة في اليوم المشهود رأيت عجباً
فإنه إذا اشتد وقت الدعاء ابتعد عن الناس
واعتزل فجعل يكثر الدعاء واقفاً وقاعداً
- وكنا اثنين معه في خلوته فكان يدعوا ونؤمن
ومما أذهلني أنه بدأ بأدعية القرآن من الفاتحة إلى الناس ترتيباً وإتقانا
في خشوع لله
- وكان لا يفوت فرصة للدعاء والتلبية والدعوة إلا استثمرها
ففي عرفة رأى عاملاً فرغّبه في الحج فلبى بالحج مكانه
وكررها مع كثير
- ولا يركب السيارة إلا وهو يدعو
ولا يتأفف من الزحام على كثرته
بل يراه فرصة لكثرة الدعاء والتلبية ونفع من معه من الرفقة
- ولقد رأيته خبيراً بالطرق والأودية والمعالم حتى بأسمائها القديمة وتواريخها
ويذكر معاناة الحجاج قديماً ويشكر الله على نعمه
-وأصر أخٌ على تقبيل رأسه فأبى فخطف يد الشيخ فقبلها فرد الشيخ بسرعة فقبل يد أخينا ثم جهش بالبكاء وهو يقول : ابن جبرين يقبل يدي
- ولم يشغله النسك ولا العلم ولا الدعوة عن العبادة
فإن قيام الليل لا يخطئه
ولا يؤذن وهو في خيمته
وفي الطريق نفعٌ وابتسامه
- وربما سألناه فأحب أن يختبرنا فيحترم الرأي ولو لم يعجبه ولا يثرّب وينقّص وحسبه أن يقول : يمكن هذا .
ثم يجيب وهو يغرف من بحر
- وسمع أن عاملاً معنا أصيب في رجله فأصرّ على عيادته والسؤال عنه رغم ضيق وقته
فحين دخل على العامل تأثر كثيراً لهذا التواضع
- وحين يبدأ الدرس أو الفتوى لا يمكنه أن يتوقف بنفسه
ولولا أن يقول المقدم : انتهى الوقت ياشيخ لما توقف حتى وهو في أشد مشقة
- وقال لنا مرة في اجتماع مابعد الحج:أراكم تشفقون علي لكبر سني
لا أنا مستعد لأكثر من هذا فزيدواد عليّ فأنا أفرح
روح سمت عاليا
- وفي ذات الاجتماع بُدء بالقهوة فقال:إنما الكأس مجراها اليمين
وسقطت أوراق للشيخ السدلان فارتمى سريعا على الأرض يجمعها
أي خلق!
-وكانت آخر فائدة علمية سمعتها منه في آخر اجتماع بعد الحج هذه الفائدة
قال لنا رحمه الله :
" قال الله تعالى { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون }
جمع عمر رضي اله عنه الصحابة فقال :
يا أصحاب محمد نزلت هذه الآية في علماء بني إسرائيل فقد مضى القوم ولم يُعنى بها سواكم.
فالله الله في العلم و العمل و الدعوة "
- وفي آخر حجة له حين أردنا الرمي أبطأت عليه فاعتذرت بقولي: كنت أبحث لك عن رجل خرّيت
فمازاد عن الابتسامة
فكانت آخر العهد به
- وكان محباً للدعوة أُسمعه أخبارها كل حج.