يا ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ أحزانِ القلوبِ
|
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــــوبِ
|
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
|
حاملاً في كفِّه العــودَ يُغنّــــي للغُيوبِ
|
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليــلِ في الوادي الكئيبِ
|
****
|
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شُهد الوادي سُـــرَاها
|
أقبلَ الليلُ عليهــا فأفاقتْ مُقْلتاهـــــا
|
ومَضتْ تستقبلُ الواديْ بألحــانِ أساهــا
|
ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّــي شَفَتاهــا
|
آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري ما مُنَاهـــا
|
****
|
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ
|
وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْــتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ
|
فنَضتْ بُرْدَ نهارٍ لفّ مَسْــراهُ الحنيـــنُ
|
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ حزيــنُ
|
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ أنيـــنُ
|
****
|
إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديـــهِ الأَغــنِّ
|
هوذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيـــا مُتَمنٍّ
|
تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُــزْنِ
|
فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّــي
|
وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ
|
****
|
ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسماءِ ؟
|
أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعـــراء ؟
|
أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقــاءِ ؟
|
أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضيـاءِ ؟
|
عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المســـاء
|
****
|
طيفُكِ الساري شحوبٌ وجلالٌ وغمـوضُ
|
لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّه الليلُ العـريضُ
|
فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أســـرارٌ تَفيضُ
|
آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيـضُ
|
فارجِعي لا تَسْألي البَرْق فما يدري الوميضُ
|
عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سـرُّ الذُهُولِ ؟
|
ما الذي ساقكِ طيفاً حالماً تحتَ النخيـلِ ؟
|
مُسْنَدَ الرأسِ الى الكفَينِ في الظلِّ الظليلِ
|
مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ
|
ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميــلِ
|
****
|
أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ
|
فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائنــاتُ
|
قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ الحيــاةُ
|
ليس يَدْري العاصـفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ
|
فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ
|