الحب شوهه الإنسان
سندس : لن أصدق أنك تعيسة إلى ذاك الحد الذي قد ينتزع من قلبك أي إحساس إنساني آخر...
جنان : ما الذي تعرفيه أنت عن التعاسة حتى تحدثيني عنها وعن الأحاسيس الأخرى...؟؟
سندس : لمَ تظني أنني سعيدة ؟؟ ألأني أعيش في منزلٍ فخم مريح فيه خدم وتحيط بي أسرةٌ محبة ؟؟
جنان :قد يكون ذلك مع أني لست بمستوى أقل حتى أنظر لحياتك من تلك الزاوية الضيقة
سندس :إذن ما هو السبب لنظرتك لن أقول السطحية دعيني أسميها نظرة بسيطة لاتغوص بالأعماق لترتاد محيطها الحاوي لجميع صروف الدرب الذي قطعته.
جنان :قد تكون بسمتك الدائمة ...روح الدعابة التي تسكنك دون تكليف هما السبب
سندس :إذن دعيني ياصديقتي العزيزة أخبرك أنك جد مخطئة ....فتعابير الوجوه لم تكن يوماً دليلاً على كل ما تحمله القلوب قد يكون هذا عند بعض الناس ولكن ليس كلهم حتماً
جنان : هذا يعني أنك تحملين حزناً قد يكون كبيراً !!؟
سندس :ليس بمقدورك القول بأنه حزن وبل جرحٌ عميق طويل العمر كثير الألم
جنان :مع أننا صديقتين منذ زمنٍ طويل إلا أنك لم تحدثيني يوماً عن جرحك حتى أنك لاتبدين ألماً وضعفاً منه ...ترى هل هو سرٌ خاص لهذه الدرجه أم ماذا ..؟؟ وهل من الممكن أن أعرفه يوماً ؟؟
سندس : جنان لم أكتمه عنك عمداً ...كما أنه جرحاً يمدني بالقوة والإصرار قدماً بطريقٍ قد يوصلني لغايتي
ستتسائلين عن هذه الغاية ....هي مسح معالم الفقر التي قد أستطيع المسح على جرح كل مسكين في متناول يدي ...وبذل الحب لمن يستحقه
جنان :غريب للوهلة الأولى ظننتك تتحدثين عن أمرٍ يخصك ولكن ها أنت تذهبين بعيداً حتى عن العالم الذي يحيط بك ....أخبريني من أين جئت بهذه الغاية النبيلة الغريبة عن وسط العاصمة
سندس :وكنت تظني جرحي قصة حب قد إنهارت أو سفرالحبيب وغيابه الطويل ..أم فقدان الأم لاياعزيزتي في الدنيا أشياء كثيرة قد لاتراها العيون ولا تلمسها الأيدي ولكنها تسكن القلوب الكبيرة الطيبة ...لا أمتدح نفسي بهذه الكلمات الرنانة فقلبي كان ضيقاً لايتسع لمعاناة الآخرين
لم يكن يتسع إلا لتفاهات الناس بالبحث عن الحب وتمثيل دور ضحيته الممزقة ولكن .........
جنان :لكن ماذا ...؟؟ لمَ كل هذه الدموع ؟؟ إذا لم تودي الحديث فلا بأس ....لا أحب الضغط عليك أكثر
سندس : وبل أريد...لكي تعلمي أن تعاستك شيءٌ أنت صنعتيه ـ أما التعاسة الحقيقية هي التي تفرض عليك من خارج نطاق نفسك وقدرتك ....
جنان : شوقتيني لأستمع ...تحدثي فقد أجد في جرحك مايمسح الحزن من نفسي ,,,
سندس :أتعلمين لو حدث هذا فلن نكون صديقتين بعد الآن لأني لاأصادق من لايحس بمعاناة الآخرين ولا يتألم لها
جنان : حسناً لا تغضبي قد أسأت التعبير لم أقصد ما قلته ....
سندس : إذن إستمعي حتى النهاية ,,,,أنا إبنة رجلٍ مكافح بنى نفسه بنفسه بشرفٍ وأمانه بداية عهده سكن بقريةٍ ريفيه نائية مدقعة الفقر ـ فجدي فلاحٌ لايملك سوى قطعة أرضٍ صغيره تعيله وعائلته الكبيره جداً
عنما ولِدتُ أنا كان قد إنتقل لمنزلٍ متواضع بطرف العاصمة ....نجاحه بعمله وجده نقله لوسط العاصمة للمدينة الكبيرة التي تدوس كل صغيرٍ دون رحمه ,,عندما كنت في الثامنة عشرة أخبرتني أمي عن تفاصيل حياة أبي الذي لا أعرف أحدا من أقاربه فقد سرقه النجاح حتى من إخوته عندها عدت للقرية لأصل أبي ومنشأه لأتعرف على أناسها البسطاء الطيبين بطرف القرية مررت بمنزلٍ لاوصف له ...جدرانه قد لايمسكها ببعضها سوى إشفاقها على من يحتمون بها بابه شبه محطم قرعت الباب ودخلت
دخلت لأرى ثلاث أولادٍ وبنتان في حالٍ يرثى لها ...ثيابٌ ممزقه ووجوهٌ متسخة وجوعٌ يفتك بهم تريه في تلك الملامح البريئة من النظرة الأولى ....بدون وعي سألتهم عن أمهم وأبيهم ـــــــــ ألا معيل لهم ؟؟؟؟
أمهم ميتة لا أقارب لهم وأبيهم رجلٌ ضرير ومع هذا يكد طوال النهار حتى يوفر لقمة العيش ,,,,يا إلاهي ماهذا !!!؟؟؟؟؟؟؟فقر !! وبل هو أكثرمن ذاك كانت الفتاتان في سن السادسة والأخوة في الرابعة والثالثة والثانية كذلك حاولت مد يد العون بتقديم بعضى المال إقتربت من طفلةٍ تدعى سلمى وضعت المال بيدها .......أتعلمين ماذا قالت ؟؟؟
لانريد مالاً نريد أماً فأطفال القرية يتقززون منا ومن رائحتنا ـ لا أحد يمد لنا يد العون غير والدي يبتعد عنا الأطفال لأننا على الدوام جياع .....نحن لانريد مالاً نريد مساعدة حباً وحنان وعدتها بتوفير ولو جزءٍ يسير مماطلبت عدت لمنزلي وعن إذن أمي أخذت خادمتي الخاصة وإبتعت لهم ملابس وطعام ــ لقد فرحو بهذا العون الذي قد لم يحلمو به يوماً.
وقفت جانب سلمى سعيدة بما قدمته ,قد يكون لكني أكثر سعادة برؤيتهم والفرح يغمرهم أمسكت بيدي تشكرني
وتردد:....أتمنى لو كنت أستطيع رؤية ملامح وجهك بوضوح يوماً لكن لا بأس أنت في قلبي ملاكٌ أرق من نسائم الربيع وأحن من لحظات الغروب وأكرم من غيوم الشتاء...لقد صدمت مالذي تعنيه ؟؟؟
إنه الحادث نعم الحادث الذي قتل أمها أثر على عينيها {{قال الطبيب بالإمكان أن تشفى إذا أجريت لها عملية بشكلٍ سريع ـ ولكن كيف ومن أين ؟؟مر على الحادث سنه ونصف وقد فقدت نظرها تقريباً ولا أمل لها بإستعادته وضعت بيدها مبلغاً كبير من المال من أجل العملية وقلت بأني سأعود لزيارتها والإطمئنان عليها ....
وبعد ذاك غبت لست أدري كم من الوقت غرقت بمستنقع حياتي الخاصة قبل أن أعود لزيارة تلك العائله .......عندما عدت أوقفت سيارتي وركضت لسلمى كانت تجلس على حافت الشارع بدت لي تراقب الصبية وهم يمرحون سلمت عليها شدت على يدي
تردد ::..نعم هو ذات الصوت الملائكي ..وأخيراً عدت لزيارتنا وتذكرتينا ؟؟؟؟
سلمى ألم يعاودك النظر بعد !؟؟
سلمى : لاياشمسي فقد ذهب البصر دون عوده المال الذي تركتيه لي جعلته لإخوتي الجياع لم يكن عدلاً أن أستعيد عيناي وإخوتي ينهشهم الجوع البرد والذل
جثمت على الأرض مصعوقة لا أدري أي شيءٍ أفعله ...لقد حاولت جاهده أن تخفف وقع الصدمة علي دون جدوى ....بالنهايه آثرت الإنسحاب تركت معها مالاً يقيهم شر ما ذكرت ووعدتها بالعودة خلال فترةٍ قصيرة
قالت لي قبل ذهابي ::تمنيت لو أراك ولو للحظه وذهبت الأماني أدراج الرياح أتمنى أن أجالسك وأحدثك بكل ما يجيش في صدري...ترى أتحققين هذه الأمنيه في زمنٍ قريب ؟؟؟
وعدتها بأن أفعل وإنصرفت تتزاحم في صدري مشاعر القهر والغضب على الدنيا وعلى نفسي فلو كنت قريبه من يدري قد يكون المصير مختلف
أحاسيس الحزن والجرح الذي شقت به تلك الصغيرة صدري ...بعد ثلاثة أسابيع عدت للأسرة سعيدة فقد إبتعنا لهم منزلاً مرتب بطرف العاصمة جهزته أنا بكل مايلزم وإستعملت لهم خادمه ـ هي إمرأه طيبة القلب في عقدها الرابع قدرتها على العطاء غير محدوده ستعاملهم كما لو كانت أمهم عملي هذا لملم أطراف جرحي على سلمى فهي ستفرح لهذا الأمر
هناك بحثت عنها كمن يبحث عن حلمٍ يسكن روحه ولم أجدها توجهت للرجل الضرير أسأله
فقال :: أنا لا أرى لذا لاأكتب فحفظت كلماتها لك لو قبلت سماعها صمت برهةً ثم ــــــــ ـردد بصوتٍ تخنقه الحسرة { أنت حلمٌ سكن قلبي ولم تراه عيناي ,أنت أمنيه وعدت بأن تتحقق ولكن الأماني في قلب الأيام تذهب تراك تصلي ترابي لتقولي وداعا فحتى هذه بلفظها لك لم أنعم }..............
نعم رحلت سلمى ياجنان وكبر الجرح الذي شلني
جنان :سندس كنت أظنك أوسع صدراً,, أتركتيها في أمس الحاجة لك ونسيتيها ومن ثم تبكين لأنها جرحتك ؟؟؟؟
أراك إنفعلت ونسيتي تعاستك أمام قصتي
جنان : تعاستي ! ومن قال أن فقدان الحبيب أمام ماذكرت تعاسة ؟؟ لا فالحب قد يعوض وبل قد يعود يوماً ولكن ........
سندس : جنان لاتثقلي علي ..قلت لك كنت ككل بنات عمري منشغلة بتفاهات العصر الذي أعيشه { البحث عن قصة حب وسماع أغانيها الحزينة سلمى مسحت الغبار عن روحي حركت قلبي وأزالت الغشاوة عن عيناي لأرى حقيقة الدنيا
يال السخافه نتغنى بالحب ونبكي لأجله دون أن ندرك معناه ولا حقيقته ـ فالحب عطاءٌ لايعرف الحدود الحب نسمة ربيع تهب على قلوب المحتاجين بالدفء والرضى وليس أغنيه نبكي مع كلماتها أو حتى لقاءٌ بفارس حلمٍ تحجبه الأقدار عنا
لاياجنان لقد شوهنا الحب وصورته الحقيقية شوهنا معناه جعلناه رخيصاً لاقيمة له في يومٍ نضعه على رؤوسنا تاج وفي آخر تحت الأقدام ندوسه بإدعاء الكرامة والكبرياء ومنذ متى كان الحب جرحاً في كرامتنا أو إمتهاناً لكبريائنا
حتما ليس هذا هو الحب ...جنان إذا كنت تملكين قدرةً على العطاء فإبحثي عمن يحتاج عطائك وإلا فإبكي كل عمرك ليس لأنك تعيسة وبل لحبٍ مشوه سكن نفسك وإستملكك
النهــــــــــــــــــــــــــا يــــــــــــــــة
الحب أسطورتنا ...........هو عطاء بلا حدود وكلٌ منا عنده شخصٌ وبل أكثر يستحق عطائه إجعلوا قلوبكم سفنٌ تشق عباب البحر بصدقها وتحمل على متنها كل من إستحق قطع المحيط الغاضب معها
همسة بالجهر: عمر النص يزيد على عشرة سنوات
بإمكاني القول خربشات بريئه لم تكن قد نضجت ومع هذا
سعيدة بطرحها بين أيديكم
تــم نـشــرهــا ســابـقــا