أقول ربما
في الشتاء الماضي وبتفصيلٍ أدق نهاية الشتاء الماضي اجتاحني الحزن لم يكن الأمر معتاداً أو حتى عابر.
وكأنه أقسى شتاءٍ عصف بقلبي وروحي ,لست أعلم بل أنا أدرك جيداً سبب ذلك الحزن القاتل الذي عصف بالربيع محولاً إياه مآتم حزن.
لازلت أذكر كم مرة خرجت في نزهة لم تكن كذلك في حقيقتها بل هي فرارٌ من الوحدة وسط كل ذلك النحيب كثيراً ما ركضت عبر الطرقات الوعرة وقفزت من حجرٍ إلى صخرة لعل هذا الموت الذي اجتاح صدري يتكسر أو يتساقط مني بعضه بلا جدوا.
عبثاً حاولت فقد امتد الأمر واستغرق مني ربيعاً بأكمله ونصف شتاء أحدهم قال لي تخلي .
نعم تخلي عن كل ما يؤذي قلبك ابتسمت أخبره أني فعلت في حقيقة الأمر أنا كنت أزداد تمسكاً بل وأتشبثُ بما يؤذيني ليس لشيء إلا لأنه خيل إلي أني لا أستطيع التخلي .
رحل الربيع ببهجته التي افتقدتها للمرة الأولى في حياتي بهذا الشكل وأقبل صيفٌ باهت الألوان حزين أطل بجبروته على جرحٍ في القلب لم أبحث له عن دواء ظناً مني أنه عُضال .
لست أذكر متى أخذتني الدنيا من نفسي وغمرة أحزاني ليتلاشى كل شيء دون محاولة مني ذهب الحزن أدراج الرياح وربما التئم الجرح , لا في الحقيقة أنا تركت سبب شقائي ومضيت أخيراً.
الأمر بداية كان شاقاً جداً فموت جزءٍ منا ليس بالأمر اليسير لكني آمنت بمقولة ــ من ترك ملك ــ آمنت بضرورة التخلي بل وركل أسباب الأذى بعيداً عنا وإن كانت لها الروح تواقة.
في مثل هذا الوقت تقريبا ومنذ عامٍ مضى اجتاحني اعصار الحزن ضرب قلبي وهزمني طويلاً لست أدري لماذا أستعيد الذكريات وبل ربما لأنه عاد يطل برأسه من وراء الغمام على هيئة شخصٍ ما.
فأربت على صدري مذكرة نفسي أن القادم مع أي عابرٍ ليس إلا حفنة ابتساماتٍ تجر خلفها جيوش الجراح وبكاءً يشبه بكاء السماء على أن دموع السماء تهطل بالحياة ودموع القلب تتساقط معها الحياة.
سألزم نفسي بالتخلي عن كل ما يستهلكها أقول ربما .
مجرد فضفضة