ج2
نفضت رأسها تحاول النسيان لكن نبرة صوته حين تحدث تمنعها وتجعل النوم حلماً بعيد المنال نظرت للنافذة.
هل يفكر هو بها ... إن كان هو فارس هل يذكرها لكنه آسر ... نعم سمعتهم يخاطبونه بهذا الاسم ... حسناً آسر هل يفكر بها .. هل لها وقع في نفسه وقلبه . كما له في نفسها...
في الفندق الكبير... تحديداً في الجناح الخاص بالبعثة المختصة بالتنقيب عن الآثار كان الصمت والهدوء يوحي بأن المكان خالي لا يقطنه أحد. لولا تلك الدموع التي ترقرقت من مقلتين جرحهما اللقاء دون أسباب.
ضغط على قلبه... محدثاً صديقه أخبرتك أني راضٍ عن كل ما مضى عن الحاضر عن المستقبل وما قد يأتي معه من عذابات على أنني في حيرة من أمري
كنت على الدوام أشعر أن شيئاً ينقضي شرخٌ في صدري لم يرممه المال والمنصب ولا المال والمعرفة. الآن أنا قادرٌ على القول أن قلبي لوحُ زجاجيٌ مكسور لست أدري كيف عثرت على جزئه المفقود, وكيف التئم رغم كسره طوال السنين الماضية ,هي جزءٌ مبتورٌ عني كنت أبحث عنها طوال ما مضى من وقت ولم أجدها, قد شعرت بالاكتمال بالاكتفاء بالامتلاء حين وجدتها وعندما غادرت أخذت ذلك الجزء معها مجدداً ...
هذا ليس حباً... أنا لم أشعر بالحب لا تضحك ساخراً لا تصفق وتردد مصفراً أنني وقعت أخيراً ..
لربما كنت غارقاً منذ البدء في بحر الهوى على أن غيابها منع عني نبضه المجنون
لكن ما أحدثك عنه الآن يختلف عن الحب. وكأنها الوطن, الوطن الذي فقدته مرغماً ثم غادرته راغباً غير مترددٍ ولا عابئ...
قد تظن مساً من الجنون أطاح بي. أقسم يا صديق الأمر مختلف...
سأحاول في الغد أن أجد إجابة شافية أما الآن سأخلد للنوم. حالما بذلك الوطن من جديد...
تقلبت في فراشها... نظراته لا زالت تطاردها تخبرها شيئاً لكن لا تعرف ما هو وربما تسألها عن أشياء, حتى فارس نفسه لا يسأل عنها عيناه فقط من تسألان.
ضحكت بمرارة فارس مات ليعود آسر, لا استيقظي هذا شخصٌ مختلف ولكن اخرسي دون لكن... آسر موظف في وزارة العلوم الأثرية.
قادم مع بعثة أهدافها محددة ربما حضر ليسرق آثار أرض الحب ويطمس تاريخها العريق
وأنت طالبة في كلية الآثار ومهمتك الحفاظ على تاريخ بلدك, ومنع الأغراب من سرقة آثارها ومجدها العريق
إذن... نحن خصمان...
لا تدري كيف غرقت بذكريات اللقاء مجدداً لقد سمعت النداء في مكبرات الصوت.. مجموعة الأبحاث الأثرية توجهوا للقاعة الخامسة في مبنى علوم الأرض الطابق الثالث
اجتمعوا هناك ومن بين ثلاثين شخصاً تعلقت عيناه بها للحظات.
وجه بصره للشخص التالي على أنه عاد لها بعينيه سريعاً وكأنه نسي شيئاً ما ويريد استعادته حدق بها طويلاً نظرات شخصٍ يعرفها لكن...
آه لو تعلم ما يأتي خلف لكن هذه
بعد فترة ابتسم حياها بحركةٍ بسيطة وكأنه يفتح آفاقاً للحوار الصامت ما بينهما..
على أن أحدا ربت على كتفه منبها له...آسر الأستاذ حمد يريد الحديث إليك.
تنبه وكأنه سقط من عالم بعيد على حين غرة, عيناه الغاضبتان يا الله, أنهما عيني فارس. نفس الغضب نفس النظرة . جنة خضراء تطل عليك منهما رغم أنف الغضب...
هكذا انتهى اللقاء...
حاولت الهرب من جحيم الأسئلة إلى جنة فارس .
دميتها البالية - كم تحبها - كانت تحتضنها وتريها الزهور المختلفة في الحديقة تحدثها عن الألوان البديعة والروائح العطرة التي تنبعث من كل زهرة على حدة
هي لم تخاف ولكنها تفاجأت وربما حزنت لأن دميتها البالية تحكي عن حال الفقير وحاجته
جنة ورد... لقد حضرت كنت بانتظارك لذلك تجنبت المشاكل
حدقت به حين مد يده يأخذ الدمية دون إذن مسبق دميتك جميلة... لكنها حزينة, تراها فقدت شخصا ما لتكون بهذا الحزن كله...
أطرقت مفكرة... هل يحاول إخباري أن فقد الأحبة من يبلين... كادت أن تجيب حين أخرستها دمعةٌ معتصمة في جنتيه الخضراوين
أتعلمين أملك واحدة لكنها قطنية حسنً قد تكون حزينة هي الأخرى, انتظري لحظات سوف آتي بها... أعاد دميتها ورحل سريعاً ليعود بخطى بطيئة ثقيلة... كأنه يوشك على الفقد بإرادته ولكن دون رغبة , ترى ما الذي يدفعه إلى ذلك.
مد يده بالدمية القطنية دبٌ أبيض وأسود بحجم طفلٍ صغير يبدو قديماً ليس بالياً ولكن ربما تعرض لحادثٍ ما
حدقت به طويلا قبل أن تمسكه بيدين مرتجفتين حافظي عليه جيداً, أقسم لك
هو آخر ذكرا أملكها لأمي وشقيقتي الكبرى..
إذا كانت كذلك فلماذا تعطيني إياه, ضربها على مقدمة رأسها ضرب خفيفة مبتسما يغالب غصة البكاء في حلقه.. الرجال لا يلعبون.. الألعاب للأطفال فقط.
أنا لست طفلة... بل أنت كذلك إذن أنت لست رجلاً.
أرتجف قلبها خائفاً ربما يضربها إن غضب,
\
\
يـتـبـع