العودة   قطرات أدبية > الأقـــســــام العـــامـــــة > القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
التسجيل القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09-06-15, 10:51 PM   المشاركة رقم: 41
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

نهاية زعيم المنافقين
عبدالله بن أبي أطلق شائعة الإفك فأراد إبنه أن يقتله!


جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلي المدينة مهاجرا إليها، وكان أول مافعله أن آخي بين المهاجرين والأنصار، ثم كتب صحيفة المدينة التي أمن اليهود فيها علي معتقداتهم وأموالهم، كما أمن الطوائف الاخري في المدينة علي ألا يخونوا المسلمين، ولايتحالفوا مع أعدائهم ولايجيرهم. وجمع الرسول عليه الصلاة والسلام في يديه بين السلطة الروحية والسياسة.
وكانت هناك في المدينة طائفة من المنافقين تظهر الاسلام وتبطن العداء للرسول عليه الصلاة والسلام، وكان علي رأس هؤلاء المنافقين عبدالله بن أجبّيٌِ بن سلول

وكان من الخزرج، وكان يستعد قبل أن يهاجر الرسول الي المدينة أن يتوج ملكا عليها، غير أن هجرة الرسول أضاعت عليه هذه الفرصة فقد التف أهل المدينة حول الرسول، ولم يعد يأبهون بعبدالله بن أجبّيٌِ، مما جعله يحقد علي الاسلام ونبي الاسلام إذ انتزع الاسلام منه ما كان يحلم به من سلطة وجاه في المدينة.
ومضت الأيام.. وزاد التفاف المسلمين حول الرسول، ثم قامت معركة (بدر) بين المسلمين ومشركي مكة، وأنتصر المسلمون في هذه المعركة انتصارا حاسما، رفع من قيمة المسلمين في المدينة، وعزز مواقفهم، ووجد عبدالله بن أجبّيٌِ، أن الاسلام يسير في طريق صاعد وانه ينبغي ان يكون له دور في المجتمع الجديد فأعلن إسلامه، وهو يطوي بين جوانحه النفاق!! وأمر أعوانه من المنافقين باعلان اسلامهم حتي لا يأخذ المسلمون منهم موقفا، وبذلك أصبح هؤلاء المنافقون يضمرون شيئا، ويظهرون شيئا آخر!

***

وكانت هذه الجماعة المنافقة برئاسة عبدالله بن أجبّيٌِ، تتصل باليهود، وكل الناقمين علي المسلمين، ليكيدوا لهم ويتأمرون ضدهم إذا ماحدث في الأمور مايستدعي وقوفهم ضد الاسلام والمسلمين!
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يعرف ذلك كل المعرفة، ولكنه ترك أمرهم لله، فالسرائر يملكها الله عز وجل، وكان يقول:
'لم أؤمر أن انقلب عن قلوب الناس أو أكشف عن أسرارهم'.
وقد صور القرآن الكريم هؤلاء المنافقين يقوله:
'ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين.. يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم ومايشعرون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون'.
(البقرة 8*10)
وصور الله سبحانه وتعالي مواقفهم المتخاذلة من الاسلام وهروبهم وتخلفهم عن الجهاد، حتي لايناصروا الدعوة بقوله تعالي:
'لايستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين. إنما يستأذنك الذين لايؤمنون بالله واليوم الآخر، وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون. ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدٌة، ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم، وقيل اقعدوا مع القاعدين'
(التوبة 44*46).
وما أكثر الآيات الكريمة التي تصف سلوكيات هؤلاء المنافقين ومواقفهم المتخاذلة، وأطماعهم وسوء طويتهم.

***

وقد ظهر هذا الرجل علي حقيقته عندما انتصر المسلمون في بدر، وحاول يهود بني قينقاع أن يهزأوا بهذا النصر، ويقللون من أهميته، ويظهرون تأييدهم لقريش، وهذا يعني أنهم خانوا عهدهم مع الرسول، وحذرهم النبي من مغبة هذه الخيانة وقال لزعمائهم:
'يامعشر يهود، أحذروا من الله مثل مانزل بقريش من النقمة، واسلموا، بأنكم قد عرفتم انني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم، وعهد الله إليكم'
ولكنه قالوا له:
'يامحمد، أرأيتنا مثل قومك، لايغرنك أن لقيت قوما لاعلم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس'.
وأنزل الله في اليهود:
'وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم علي سواء إن الله لايحب الخائنين'
(الانفال 58).
وكان لابد من المواجهة.. وواجههم الرسول، فما كان من اليهود إلا أن دخلوا حصونهم، وحاصرهم الرسول وكان هؤلاء اليهود لهم حلفاء من العرب منهم (عبادة بن الصامت) الذي بريء من أفعالهم، وكان من هؤلاء الحلفاء (عبدالله بن أجبّيٌِ) الذي أبدا التعاطف معهم، وقال:
إني امرؤ أخشي الدوائر ولا آمن الزمن!! بمعني انه لايدري المستقبل فربما ينتصرون علي المسلمين أي انه بنفاقه أظهر انه لن ينحاز الي أحد لأنه لايعرف لمن سيكون له النصر!!
وأخيرا اضطر اليهود الي الجلاء عن المدينة علي أن يتركوا للمسلمين أموالهم وسلاحهم، المهم أن ينجو هم وأولادهم ونسائهم!!
وقبل الرسول الجلاء علي أن يرث المسلمون أموالهم وديارهم.

***

وتمر الأيام
وفي شعبان من السنة الخامسة للهجرة، اتجه الرسول الي بني المصطلق، عندما علم انهم يتآمرون علي المسلمين، وخرج مع المسلمين بهدف البحث عن الغنائم وبعض اهل النفاق وعلي رأسهم عبدالله بن أجبّيٌِ وانتصر المسلمون في هذه الغزوة، وقد حدث في اثناء هذه الغزوة ان تخاصم علي الماء أجير لعمر بن الخطاب، مع رجل حليف للخزرج وكان الخلاف حول أيهما يسقي قبل صاحبه، وماكان من الأجيران ضرب حليف الخزرج، واشتعلت فتنة بين المهاجرين والأنصار عندما استعان كل واحد منهما علي الأخر، وأخمد الرسول هذه الفتنة، غير أن عبدالله بن أجبّيٌِ ماكان يرضي ان تهدأ الفتنة وأراد ان يشعلها من جديد، فأخذ ينفث سمومه، ويهاجم المهاجرين علي أساس انهم دخلاء علي المدينة، وقال:
ولئن رجعنا الي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ويقصد بالأذل المهاجرين!!
وسمع الرسول ان عبدالله بن أجبّيٌِ يحرض الانصار عي المهاجرين فغضب، حتي ان عمر بن الخطاب قال للرسول:
يارسول الله، مر (عباد بن بشر) *وهو من الانصار* أن يقتله
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام:
لا، فكبت ياعمر إذا تحدث الناس ان محمدا يقتل أصحابه، ولكن أذن بالرحيل'.
وعندما علم ابن أجبّيٌِ ان الرسول علم بكل ما قاله، ذهب الي الرسول وأنكر أنه تحدث بشيء!!

***

وفي هذه الغزوة حدث حادث آخر، اتخذه هذا المنافق وسيلة لاشعال نار الفتنة، ويوهن المسلمين، ويحال اغاظة النبي عليه الصلاة والسلام، وعائشة بنت أبي بكر.
ففي اثناء هذه الغزوة وبينما المسلمين أخذوا في الرحيل الي المدينة، كانت في هذه الحملة أم المؤمنين عائشة، وكان قد انفرط عقدها، فأخذت تجمع حبات العقد، بينما كان المسلمون قد مضوا في طريقهم في طريق العودة، ورآها احد الصحابة (صفوان بن المعطل) فأركبها راحلته وقادها الي المدينة، حتي أعادها.
ورآها عبدالله بن أجبّيٌِ وصفوان يقود ناقتها، فاتهمها في شرفها مع هذا الرجل، وسرعان ماردد المنافقون قولته!
وعلم الرسول بذلك فحزن حزنا شديدا علي الافتراء علي زوجته الفاضلة، وسمي هذا الحديث (حديث الإفك).. أي الكذب، ونزل وحي السماء يبريء عائشة من هذه التهمة.. ونزل قوله تعالي من سورة النور:
'ان الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم، لكل امريء منهم ما اكتسب من الاثم. والذي تولي كبره منهم له عذاب عظيم لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا، وقالوا هذا أفك مبين لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء، فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والأخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم. إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ماليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ولولا إذ سمعتموه قلتم مايكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم. يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا ان كنتم مؤمنين'
(النور 11*17)

***

وبرئت عائشة من فوق سبع سماوات وتحدث الناس في كل مكان في المدينة عن هذا الحادث وكيف افتري عبدالله بن أجبّيٌِ كذبا علي أهل بيت الرسول، حتي أن ابنه (عبدالله).. توجه الي الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وكان الابن تقيا صالحا علي عكس والده المنافق* وقال:
يارسول الله : انه بلغني انك تريد قتل (عبدالله بن ابي) فيما بلغك عنه.. وقلت من يغدر بي في رجل آذاني في أهلي؟
فإن كنت لابد فاعلا فمرني به، فأنا أحمل لك رأسه.
فو الله ماعلمتْ الخزرج ماكان لها من رجل أبر بوالده مني.. وأني أخشي أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أن أنظر الي قاتل أبي يمشي في الناس ، فاقتله، فاقتل رجلا مؤمنا بكافر فأدخل النار،
فقال النبي صلي الله عليه وسلم
بل نرفق به، ونحسن صحبته مابقي معنا وتسامع الناس بموقف رسول الله منه ، وبدأوا يشعرون أن 'عبدالله بن ابي' قد بلغ الذروة في النفاق، وان سلوكياته لاتليق برجل كريم، فكانوا يعنفونه، وبزدرونه، ويحتقرون تصرفاته..!
وقال الرسول الكريم لعمر بن الخطاب وهو يري موقف ا لناس من هذا المنافق:
يف تري الآن ياعمر؟
اما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله لأرعدت له أنف لو أرثها اليوم لقتلته'
فقال عمر:
قد والله علمت لأمر رسول الله اعظم بركة من امري'
يقول الدكتور عبدالرحمن عميره في كتابة رجال ونساء انزل الله فيهم قرآنا):
'... وبلغ الكتاب أجله ومات عبدالله بن ابي.. مات زعيم المنافقين، وجاء ابنه الي رسول الله صلوات الله عليه وسلامه فقال: اعطني قميصك حتي أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له. فأعطاه قميصه ثم قال:
آذني أن اصلي عليه فآذنه.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فاي وقف عليه تحولت حتي قمت في صدره فقلت: يارسول الله.. أعلي عدد الله عبدالله بن أبي القائل يوم كذا.. وكذا: أعدد أيامه ورسول الله صلي الله عليه وسلم يبتسم، حتي إذا أكثرت عليه قال آخر عني ياعمر، إني خيرت فاخترت.. فقد قيل لي: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ، ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم.. لو أني أعلم أني ان زدت علي السبعين غفر له لزدت.
قال : ثم صلي عليه السلام ومشي الي ان وصل الي قبره فقام علي قبره حتي فرغ منه.
قال : فعجبت لي وجرأتي علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ، والله ورسوله أعلم، فو الله ما كان يسيرا حتي نزل:
ولا تصل علي أحد منهم مات ابدا ولاتقم علي قبره'
قال: فما صلي رسول الله صلي الله وسلم بعده علي منافق ولاقام علي قبره حتي قبضه الله تعالي.
قال المعشرون: وكلم رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه فيما فعل بعدالله بن ابي فقال:
ومايغني عنه قميص وصلاتي من الله. والله اني كنت أرجو ان يسلم به ألف من قومه'

مراجع

حياة محمد د. محمد حسين هيكل
النبي العربي احمد التاجي
رجال ونساء انزل الله د. عبدالرحمن عميرة












توقيع : الخضيري

[حسبي الله وكفى.. ليس وراء الله منتهى]

عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 10:57 PM   المشاركة رقم: 42
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

القضاء علي ثورة الراوندية
الخليفة المنصور يحارب الراوندية الذين جعلوه إلها!


كان الخليفة الثاني للخلافة العباسية أبوجعفر المنصور (136*158 هـ) من أهم وأبرز الشخصيات التي ظهرت في التاريخ العباسي، بل يعده المؤرخون المؤسس الحقيقي للدولة العباسية وقد ولد سنة 95ه في قرية الحميمية بالشام، وقد تعلم علي يد كبار علماء بني هاشم، فنشأ فصيحا.. فقيها.. محبا للشعر والأدب، ومحبا للأسفار.
وعندما تولي الخلافة بعد أخيه (أبوالعباس) تعهد أن يوصي الناس بالعدل، ويحقق للناس ما يصبون إليه من خلال الشريعة الغراء وسنة الرسول الخاتم.
وما أكثر ما واجهه من مشكلات، متمثلة في الخارجين علي الدولة من أمثال عمه الذي ثار عليه (عبدالله بن علي).. كما نجح في القضاء علي ثورة محمد النفس الذكية، والقضاء علي أبي مسلم الخراساني، وأيضا القضاء علي هذه الحركة الغريبة التي ظهرت في سماء الحياة العباسية وألَّهت الخليفة، واعتقدت أنه هو الذي يطعمهم ويسقيهم! كما قضي علي حركات الخوارج.

* * *

والراوندية حركة غريبة ظهرت في أجواء الحياة العباسية (141هـ *758م).. وسميت الراوندية نسبة إلي قرية (راوند) القريبة من أصفهان.. وكانوا يؤمنون بنتائج الأرواح، ثم أعلنوا أن أبا جعفر المنصور هو الإله الذي يرزقهم ويطعمهم.
واتجه ستمائة شخص منهم نحو عاصمة الخلافة العباسية في ذلك الوقت (الهاشمية) وأعلنوا ثورة عارمة علي الخليفة المنصور، الذي لم يقرهم علي أفكارهم، وطالبهم بالرجوع عن هذه الأفكار، فما هو إلا مجرد خليفة، وعبد من عباد الله، وليس إلها.
ومن هنا وجد هؤلاء الراوندية أن الخليفة لا يستحق التقديس، فهم قد رفعوه إلي مرتبة الإلهية، وهو يأبي ذلك، فلابد إذن من الثروة عليه، لأنه لا يستحق هذا الشرف العظيم.. ومن هنا فقد قرروا إعلان الحرب عليه.. وتوجهوا نحو قصره بالهاشمية، ومن هنا فقد وقف الخليفة موقفا في غاية الشجاعة عندما امتطي صهوة حصانه، وأمسك سبغه، وخرج من قصره لمواجهة هؤلاء العصاة المتمردين.. وما كاد الناس يرون شجاعة أمير المؤمنين وهو ممسكا بسيفه ويقاتل هؤلاء المتمردين حتي انضموا إليه، وأخذوا يحاربون بجانبه.

* * *

ووسط لهيب المعركة شاهد الخليفة أحد الفرسان الملثمين، وقد اقترب من الخليفة وأخذ يقاتل بجانبه، ويقتل كل من يقترب منه، ويحارب بشجاعة منقطعة النظير.
واستطاع الناس فتح أبواب المدينة، ليدخل من يدخل للقتال بجانب الخليفة، وكان من هؤلاء الذين دخلوا المعركة بجانب الخليفة القائد (خازم بن خزيمة).. فقد أقبل في جنده وهو يمتطي صهو جواد قصير الدنب، واستأذن المنصور في قتالهم، حتي القضاء علي هؤلاء المتمردين.
وعرف الخليفة أن هذا الفارس الملثم هو معن بن زائدة* وكان يداري وجهه لأنه كان من أعداء الخليفة قبل ذلك، فعفي عنه المنصور لحسن بلائه في هذه المعركة، وولاه حاكما علي اليمن.

* * *

وكان المنصور قد أعد وليمة بعد هذه المعركة، ودعا إليها معن بن زائده، ولما فرغوا من العشاء التفت المنصور إلي عيسي بن علي وقال له:
يا أبا العباس.. أسمعت بأسد الرجال؟
قال: نعم
فقال له المنصور:
لو رأيت اليوم (مَعْنا) علمت أنه من تلك الأساد.
فأجابه معن:
الله يا أمير المؤمنين.. لقد أتيتك وأني لوجل القلب. فلما رأيت ما عندك من الاستهانة بهم، وشدة الإقدام عليهم، رأيت أمرا لم أره من خلق في حرب، نشد ذلك من قلبي، وحملني علي ما رأيت مني.
وأمر المنصور له بعشرة آلاف درهم، وولاه اليمن.

* * *

ولقد فكر المنصور بعد هذه المعركة علي أن تكون هناك عاصمة محصنة ليست كالهاشمية تصلح لأن تكون مقرا للخلافة، وكان وراء هذا الدافع بناء العاصمة العباسية بغداد.
ويقول علي أدهم معلقا علي هذه الأحداث وما انتهت إليه!
وتركت هذه الحادثة في نفس المنصور أثرا قويا وصورة باقية، فقد تشعب به الحديث مرة مع أحد أعوانه فقال له المنصور:
إني أخطأت ثلاث خطيات وقاني الله شرها.
قتلت أبا مسلم وأنا في خرق ومن حولي يقدم طاعته ويؤثرها، ولو هتكت الخرق لذهبت ضياعا.
وخرجت يوم الراوندية ولو أصابني سهم غرب لذهبت ضياعا.
وخرجت إلي الشام ولو اختلف سيفان بالعراق ذهبت الخلافة ضياعا.
وكان معن بن زائدة معروفا بالكرم، فلما ولي اليمن قصده الشاعر (مروان بن أبي حفصه) ومدحه بالقصيدة التونية المشهورة فأعطاه ألف دينار.
وقدم (معن) عقب ذلك فدخل مع المنصور، فتجهم له المنصور ولم يرحب بمقدمه، ودارت بينهما هذه المحاورة:
المنصور:
لقد بلغ أمير المؤمنين عنك شيء لولا مكانك عنده ورأيه فيك لغضب عليك!
معن:
وما ذاك يا أمير المؤمنين؟
المنصور:
إعطاؤك مروان بن أبي حفصة ألف دينار لقوله فيك:
معن بن زائدة الذي زيدت به
شرفا إلي شرف بنو شيبان
إن عد أيام الفعال فإنما
يوماه يوم ندي ويوم طعان
معن:
والله يا أمير المؤمنين ما أعطيته ما بلغك لهذا الشعر.. وإنما أعطيته لقوله:
مازلت (يوم الهاشمية) معلنا
بالسبت دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وفاءه
من وقع كل مهند وسنان
المنصور (وقد غلبه الحياء)
إذن إنما أعطيته ما أعطيته لهذا القول!
معن:
نعم يا أمير المؤمنين، والله لولا مخافة الشنعة عندك لأمكنته من مفاتيح بيوت الأموال وأبحته إياها.
المنصور:
لله درك من أعرابي، ما أهون عليك ما يعز علي الرجال وأهل الحرم!

* * *

صورة مشرفة جميلة لرجال عرفوا معني الرجولة في المواقف الصعبة، وعرفوا معني الوفاء عند الوفاء، وعرفوا أن لكل مقام مقال.


المراجع:

صور تاريخية.. علي أدهم
العصر العباسي في العراق والمشرق: أ.د حسن علي حسن، د. عبدالرحمن سالم












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 11:11 PM   المشاركة رقم: 43
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

معاوية وقيس.. حرب الد هاء والمكر!


قد يكون الانتصار في معارك الحياة راجعا الي اللين والصبر والحيلة، وليس فقط بقوة السلاح وابداء الشجاعة.. وهناك من ينتصر في معاركه علي أساس أن الغاية تبرر الوسيلة.. ولا يهمه الا تحقيق مكاسبه بأي وسيلة، بينما هناك من يري أنه لابد من شرف الوسيلة للوصول الي أشرف الغايات.
و..... بين الوسيلتين دارت المعارك عبر كل العصور.

ان قصص التاريخ الواقعية أكثر متعة من قراءة الروايات التي يتفتق عنها خيال الروائيين.. لان فيها سحر الواقع وقسوته في نفس الوقت.
والذي يقرأ الصراع الدامي الذي حدث بين الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ومعاوية بن أبي سفيان، يتضح أمامه الفارق بين من يريد أن يصل الي غايته دون أن يتنازل عن القيم والمثل العليا وبين من يريد أن يصل الي غايته في السلطة والحكم بأي وسيلة.. حتي لو كانت هذه الوسيلة هي المكر والخداع.
الامام علي كرم الله وجهه يمثل الرجل الحريص علي القيم والمباديء، ومعاوية يمثل الرجل الذي لا يعنيه الا الحصول علي السلطة والجاة والسلطان مهما كانت الوسائل.
وعندما كنت اقرأ في سيرة حياة قيس بن سعد الذي ولاه الامام علي بن أبي طالب حكم مصر كانت تبرز في ذهني العديد من علامات الاستفهام حول السياسة والساسة.. الذين يجيدون المكر والخداع.. والذين لا يجيدون هذا المكر وهذا الخداع.
لقد ذعر معاوية عندما تولي سعد بن قيس حكم مصر من قبل الامام فهو يعرف أن الرجل رغم تقواه يجيد ألاعيب السياسة، وعنده من المرونة في فهم الامور ما يجعله خطرا علي الامويين.. فقد علم انه عندما جاء الي مصر كانت هناك جماعة من أهل 'خربتا' يريدون الثأر لمقتل عثمان.. وانهم بالتالي لن يبايعوا عليا حتي يأخذ ثأر عثمان!
ولم يضيع الرجل وقته في محاولة اقناعهم بأنه لا ذنب لعلي في قتل عثمان، ولا له يد في ذلك، فهادنهم.. وحاول ابعادهم عن حلبة هذا الصراع.. أي حيدهم حتي يتفرغ لاحكام سيطرته علي مصر.
علم معاوية بذلك فاراد أن يستميله اليه، وارسل اليه العديد من الرسائل، وكان هو يرد علي رسائل معاوية بذكاء منقطع النظير.. فقد فاق دهاؤه دهاء معاوية!
فعندما ولاه الامام علي مصر ارسل اليه يقول:
سر الي مصر فقد وليتكم واخرج الي رحلك، واجمع اليه ثقاتك، ومن أحببت ان يصحبك حتي تأتيها ومعك جند، فان ذلك ارعب لعدوك، وأعز لوليك، فاذا انت قدمتها ان شاء الله فأحسن الي المحسن واشتد علي المريب، وارفق بالعامة والخاصة فان الرفق يمن'.
فأجابه سعد بقوله:
رحمك الله يا أمير المؤمنين.. فقد فهمت ما قلت.. أما قولك اخرج اليها بجند
فوا الله لئن لم ادخلها الا بجند آتيها به من المدينة لا أدخلها ابدا، فأنا ادع ذلك الجند لك، فان انت احتجت اليهم كانوا منك قريبا، وان اردت أن تبعثهم الا وجه من وجوهك كانوا عدة لك، وأنا اصير اليها بنفسي وأهل بيتي، وأماما أوصيتني به من الرفق والاحسان فان الله عز وجل هو المستعان علي ذلك.
ولم يدخل مصر الا في سبعة نفر من أصحابه واستطاع أن يحسن التعامل مع الناس، وأن يسوس الناس بالعدل فأحبوه.. وهاون المنشقين فلم ينفروا منه.

* * *

كان من الطبيعي أن يقلق معاوية بن أبي سفيان.. وكان من الطبيعي كعادته أن يستميله اليه، فقد خشي أن يجعل من مصر قوة تساند الامام علي وبالتالي ترجح كفته.. فكتب اليه:
الي قيس بن سعد: أما بعد
فان كنتم قد نقمتم علي عثمان بن عفان رضي الله عنه في أثرة رأيتموها، أو ضربة سوط ضربها أو شتيمة رجل أو في تسييره آخر، أو في استعماله الفتي فانكم قد علمتم * ان كنتم تعلمون * أن دمه لم يكن يحل لكم، فقد ركبتم عظيما من الامر، وجئتم شيئا ادٌّا، فتب الي الله عز وجل يا قيس بن سعد، فانك كنت من المجبلين علي عثمان بن عفان رضي الله عنه، ان كانت توبة من قتل المؤمن تغني شيئا، فأما صاحبك: فانا قد استيقنا انه الذي اغري به الناس، وحملهم علي قتله حتي قتلوه، وان لم يسلم من دمه عظم قومك، فان استطعت يا قيس أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل، وتابعنا علي أمرنا، ولكن سلطان العراقين، اذا اظهرت ما بقيت، ولن احببت من أهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان، وسلني غير هذا مما تحب، فانك لا تسألني شيئا الا أوتيته، واكتب الي برأيك فيما كتبت به اليك والسلام'.
لقد حاول معاوية أن يغريه بالمناصب كعادته، ولكن قيس اراد أن يحادثه باللغة التي يفهمها لغة المكر والدهاء فرد عليه بقوله:
أما بعد: فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه من قتل عثمان رضي الله عنه، وذلك أعد لم اقارفه ولم اطف به، وذكرت ان صاحبي هو الذي اغري الناس بعثمان ودسهم اليه حتي قتلوه، وهذا ما لم اطلع عليه، وذكرت: أن عظم عشيرتي لم نسلم من دم عثمان، فأول الناس كانوا فيه عشيرتي، وأما ما سألتني من متابعتك، وما عرضت علي من الجزاء فقد فهمته، وهذا أمر لي فيه نظر وفكرة وليس هذا مما يسرع اليه، وأنا كاف عنك، ولن يأتيك من قبلي شيء تكرهه، حتي تري ونري ان شاء الله، والمستجار الله عز وجل، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته'.

* * *

ولم يكن هذا الرد بكاف لوضع النقط فوق الحروف.. ان معاوية يريد استمالة الرجل، ولكن الرجل لم يعطه ما يشفي صدره.. فارسل معاوية اليه:
أما بعد: فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فاعدك سلما، ولم ارك تباعد فاعدك حربا، أنت فيما ها هنا كحنك الجذور، وليس مثلي يصانع المخادع، ولا ينتزع للمكايد، ومعه عدد الرجال، وبيده أعنة الخيل، والسلام عليك'.
وهكذا عندما لم يجد معاوية املا في الخداع، أن يظهر له قوته.. بينما قرر قيس بن سعد أن يضع النقط فوق الحروف فارسل الي معاوية:
أما بعد: فان العجب من اغترارك بي، وطمعك في، واستسقاطك رأيي، اتسومني الخروج من طاعة أولي الناس بالامرة، وأقولهم للحق، وأهدهم سبيلا، واقربهم من رسول الله وسيلة، وتأمرني بالدخول في طاعتك، طاعة أبعد الناس عن هذا الامر، واقولهم للزور، واضلهم سبيلا، وابعدهم من الله عز وجل ورسوله وسيلة، ولد ضلين مضلين، طاغوت من طواغيت ابليس.
وأما قولك: اني ماليء عليك مصر خيلا ورجلا ، فوالله ان لم اشغلك بنفسك حتي تكون نفسك أهم اليك، انك لذو جد، والسلام'.

* * *

قرأ معاوية الرسالة، وعرف ان الرجل لا يشتري وأنه لا يأبه به ولا يخشاه، فاستخدم الحيلة كعادته، وأخذ يحدث الناس علي أن قيسا من شيعته بدليل انه لم يقاتل أهل 'خربتا' في مصر المتعاطفين مع عثمان!

* * *

وأخذ بعض الناس يطالبون الامام علي أن يأمر واليه علي مصر بمحاربة 'أهل خربتا' واقتنع الامام بذلك، غير أن ابن سعد كان لا يري هذا الرأي، ويري أن الحرب ليس في صالح الامام في هذه الظروف.. وطلب اقالته فأقاله الامام وعين بدلا منه محمد بن أبي بكر!
وقد فرح معاوية عندما سمع هذا الخبر لانه كان يخشي من سعد، حتي انه عندما سمع ان سعد بن قيس عاد الي المدينة، ثم اتجه الي الامام علي بعد أن ضايفة في المدينة مروان بن الحكم ارسل معاوية الي مروان رسالة يقول له فيها:
امددت عليا بقيس بن سعد ورأيه ومكانه، فوالله لو امددته بمائة ألف مقاتل ما كان ذلك بأغيظ لي من اخراجك قيس بن سعد الي علي'.

* * *

جاء محمد بن أبي بكر ليخلفه في حكم مصر، ولم يستمع الي نصيحة قيس بن سعد بمهادنة أهل 'خربتا' فحاربهم ولكنهم انتصروا عليه.
وأراد الامام أن يولي 'الاشتر' حكم مصر.. ولكن ما كاد يدخلها حتي دس له السم في طعامه بواسطة أحد عملاء معاوية.
وكان الاشتر هذا مما يخافهم معاوية حتي أن الرواه رووا عن معاوية قوله: ان لله جنودا من عسل'.
وهو يعني أن يدس لاعدائه السم في العسل فيتخلص منهم.
مهما يكن من شيء فالتاريخ يقول لنا أن معاوية ارسل جيشا بقيادة عمرو بن العاص لاحتلال مصر، واستطاع عمرو دخول مصر، وبعدها قتل محمد بن أبي بكر، ومثل بجثمانه ووضعوه في جيفة حمار وحرقوه!!

* * *

وتمر الايام.. وتتوالي الاحداث، ويستشهد الامام علي، ويتولي بعده الخلافة ابنه الحسن رضي الله عنه الذي كان في مقدمة جيشه قيس بن سعد، الا أن الحسن اثر أن يتنازل عن الحكم لمعاوية بن أبي سفيان حتي يضع نهاية للحرب الاهلية بين المسلمين.. وطلب من اتباعه أن يطيعوا معاوية، ومن هنا فقد قام قيس بن سعد خطيبا في الناس وقال لهم:
أيها الناس. اختاروا الدخول في طاعة امام ضلالة أو القتال من غير إمام.
وأثر الناس وقد اجهدتهم الحروب الرضوخ للأمر الواقع، ومبايعة معاوية.. ومن الذين بايعوه قيس بن سعد بعد أن أمنه معاوية.

مراجع:

صور تاريخية * علي أدهم
الخلفاء الراشدون * عبدالوهاب النجار
اتمام الوفاء في سيرة الخلفاء * محمد الخضري












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 11:12 PM   المشاركة رقم: 44
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس
شارون يقود بنفسه جريمة اغتيال الشهيد!

تفاصيل الجريمة كما اذاعتها الفضائيات والصحف المختلفة، هي متابعة حركة الشهيد حين ذهب إلي الصلاة، وما كاد يخرج من المسجد حتي أطلقت عليه ثلاث صواريخ من طائرة الأباتشي التي زودت بها أمريكا اسرائيل.. حيث قتل هذا الرمز البارز من رموز المقاومة الفلسطينية، وأحد الشخصيات الهامة التي تلاقي احتراما كاملا من كل الفصائل الفلسطينية..
والتي يكن له الجميع الاحترام مهما اختلفت ميولهم السياسية داخل وخارج الأرض المحتلة.
والجريمة بشعة بكل المقاييس.. أن يتحول رئيس وزراء إلي رئيس عصابة تتربص لرجل يدافع عن حق وطنه في الحياة، ويرديه قتيلا..!
وقد أدان الاتحاد الاوروبي هذه الجريمة لأنها بشعة بكل المقاييس.. وغير متصورة، ولو كان الاتحاد الاوربي يري فيما يقوم به الفلسطينيون من حق الدفاع عن النفس نوعا من الارهاب لما أدانت هذه الجريمة.
وما كانت اسرائيل يمكنها أن تعربد في المنطقة، وتحتل أجزاء من سوريا، وتفرض سطوتها علي الاراضي الفلسطينية، لو لم تكن وراءها الولايات المتحدة التي تشد أزرها وتساعدها علي هذا الفساد والإفساد من أجل عيون كرسي الرئاسة الامريكية الذي يتحكم فيه اللوبي الصهيوني!

***

والشيخ أحمد ياسين تفتحت عيناه علي الدنيا ليري ماذا يفعل الكيان الصهيوني في وطنه، وما أكثر ما سمع في طفولته عن المذابح الاسرائيلية، والمجاذر الذي أرتكبها العدو في حق وطنه.. وعرف معني الغربة والاغتراب عن وطنه، ورغم إصابته في حادث وهو في التاسعة عشر من عمره أدي به إلي الشلل، إلا أنه لم يفقد روح العزيمة والإرادة، عندما أخذ قسطا وافرا من التعليم حيث درس الفقه والشريعة. في جامعة الازهر، وقد برز اسم الشيخ أحمد ياسين بقيام الانتفاضة الفلسطينية.
.. وبالطبع فقد عرف الرجل ظلام السجون الاسرائيلية.. ولكن السجن لم يحل بينه وبين أن يكون رمزا مهما من رموز المقاومة الفلسطينية.. منذ سجن بعد أن حكم عليه مدي الحياة عام 1989، إلي أن أطلق سراحه بمساعي من الملك حسين، ليعود من جديد إلي حلبة النضال ضد الكيان الصهيوني الذي إحتل وطنه.
والشهيد من مواليد عام .1938

***

لقد أنبعثت حركة حماس بعد الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت في 8 121987 وظهر وجودها قويا علي الساحة الفلسطينية حيث صدر أول بيان لها في 16/1/1988، وصدر ميثاق حماس في أول سنة 1409ه الموافق 18 أغسطس .1988
وقد أثارت حماس اسرائيل وإتهمتها هي والولايات المتحدة الامريكية بأنها حركة إرهابية، خاصة بعد أن نشطت وظهرت عملياتها الاستشهادية متحدية الوجود الصهيوني والهيمنة الامريكية، وقال الشيخ أحمد ياسين كلمته الشهيرة.
سنعمل.. إما أن نلقي الله عز وجل شهداء وإما أن ننتصر..
وشاء الله أن تكتب له الشهادة.. ليتغير مسار الحركة ومسار المقاومة الفلسطينية كلها كما يقول المحللون السياسيون لأن استشهاده يعني توحيد الجهود الفلسطينية كلها علي أساس أنهم جميعا في مركب واحد.. يسير إلي هدف واحد.. هو تحرير الارض الفلسطينية، والتي لم يعد السلام شيئا قريبا بل بعيد المنال، لايمان شارون واليمين الاسرائيلي بالحرب، وعدم إقتناعهم أصلا بفكرة السلام، وتخليهم عنه كهدف.. أما هدفهم فهو إخضاع الشعب الفلسطيني وتركيعه.. كما أن شارون يريد أيضا أن يقنع الاسرائيليين بأنه يملك زمام الأمور في يده، وأنه الأقوي، وأن يده الباطشة قادرة علي الوصول إلي أي رمز من رموز المقاومة، حتي لو حلقت طائرات الاباتشي لتقتل رجلا مشلولا علي كرسي متحرك!
و.. تاريخ شارون الأسود شاهد علي إنه إنسان يحب سفك الدماء، ومتعطش لرؤية الضحايا والاشلاء.. وما فعله طوال حياته.. ا بتداء من مذبحة صبرا وشاتيلا، إلي اغتيال الشيخ أحمد يس، مرورا بمئات الضحايا الفلسطينيين الذين اغتيلوا بإشارة منه.. يؤكد أنه كاليجولا في ثوب معاصر!












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 11:15 PM   المشاركة رقم: 45
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

اغتيال الدكتور الرنتيسي!
السفاح شارون نفذ تهديده بتصفية زعماء المقاومة الفلسطينية


لم تكد الدموع تجف علي قتل مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين حتي حقق شارون وعده بقتل الشهيد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي جهرة أمام سمع وبصر العالم وتحت سمع وبصر الامم المتحدة وبمباركة من الولايات المتحدة الامريكية للاسف الشديد.
وقد شيعت الجماهير الغاضبة في الارض المحتلة شهيدها قائد حركة حماس وهي تعبر عن سخطها للهمجية الاسرائيلية، والارهاب الاسرائيلي كما عبرت عن سخطها للعجز العربي متمثلا في نعش ملون باللون الاسود وقاموا باحراقه.

وخرجت المظاهرات الحاشدة في الارض المحتلة وبعض العواصم العربية تعبر عن استنكارها لهذا الحادث المؤلم الذي ان دل علي شيء فانما يدل علي سخرية اسرائيل من كل القيم والاعراف الدولية وادارة ظهرها للقانون الدولي.. وأيضا سخريتها من العالم العربي كله من خليجه الي محيطه الذي لا يملك الا كلمات الشجب.. تلك الكلمات الجوفاء التي لا تعبر عن أي معني.. ولا تؤدي الي أي هدف!
ولا تدل الا علي العجز والشلل في اتخاذ أي قرار مؤثر علي مجريات الامور في المنطقة.
وهذا العجز هو الذي شجع اسرائيل علي القيام بهذه الجرائم وهي لا تخشي شيئا وهي تعرف مقدما انها ستسمع كلمات الشجب والاستنكار.. والوعد والوعيد.. و.... كلها كلمات لا تلبث أن تتلاشي في فضاء العدم!

* * *

والعجيب أن شارون بلغ به التبرج أن يتباهي بفعلته، ولا يحاول حتي أن يضع ورقة التوت أمام جرائمه البشعة، بل انه اعلن صراحة ان اسرائيل ستظل علي سياستها بتصفية قادة المنظمات الفلسطينية والتي يتهمها بالارهاب!
ويهنيء جيشه الذي قام باغتيال الرنتيسي بهذا الانجاز الرائع.. عندما تتصدي له طائرة أباتشي، وتطلق عليه صواريخها لتقلته وتقتل معه ابنه وحارسه وبعض الفلسطينيين.
وتبلغ الوقاحة بالوزير الاسرائيلي جدعون عذرا بان يقول ان الدور سيأتي علي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في دمشق.
وبينما تغلي الشعوب العربية من هذا الحادث البشع الذي لا ينم الا علي الوحشية والغدر وعدم التحضر الاسرائيلي تخرج الولايات المتحدة الامريكية لا لتهديء من هذا الموقف الغبي بل لتزيد اشتعال الموقف وتستفز مشاعر العرب في كل مكان وهي تؤكد علي حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الارهاب!

* * *

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا اغتالوا الرجل؟
والاجابة واضحة .. فهم يحاولون ايقاف الانتفاضة ويحاولون ايهام الفلسطينيين ان يقبلوا بالفتات الذي يقدمونه لهم.. وأنه لا معني للكفاح المسلح لانه يؤدي الي طريق مسدود، وأن مصير من يسير في هذا الاتجاه هو الموت!
وأن عملية السلام هو السلام بالمعني الاسرائيلي أن يحتفظوا بمستوطنات يهودية في الضفة كما يحلو لهم.. وعلي الفلسطينيين مباركة ذلك حتي لو كان هذا يهدم خريطة الطريق!
وأن علي العالم العربي أن يرضخ لهذا الواقع بعد مباركة 'بوش' لاقتراحات اريل شارون وانهم لا يأبهون بما قاله الرنتيسي قبل اغتياله لموقع 'القسام' علي شبكة الانترنت:
ان استراتيجية حماس ترتكز علي أن الوطن الفلسطيني مغتصب بالكامل ولا نستطيع التنازل عن شبر منه رغم الاحتلال الواضح في موازين القوي لصالح العدو الصهيوني.
كما أوضح في هذا الحديث عن حالة الضعف العربي وأن الحركة حماس استراتيجية ثابتة تتمثل في السير في خطين متوازين:
الاول: مقاومة الاحتلال والتصدي للعدوان الصهيوني
والثاني: الحفاظ علي وحدة الشارع الفلسطيني وحمايته من خطر الاقتتال الداخلي الذي من شأنه أن يصرف الجميع عن مقاومة الاحتلال.
وقال أيضا ما ملخصه أن العدو الصهيوني لم يكن هدفه الاستمرار في احتلال غزة، بقدر ما كان هدفه الخروج بمكاسب من هذا الوضع، لان وجوده في غزة سيكلفه الكثير ماديا وأمنيا، ولكنه يريد أن يأخذ مكاسب في الضفة الغربية وعن طريق هذا الجدار الذي يلتهم '58 % ' من أراضي الضفة الغربية.

* * *

والخيانة والغدر اليهودي ليس وليد اليوم بل هو طبع في الشخصية الصهيونية عبر التاريخ.. والذي يتصفح صفحات التاريخ يري منهم العجب العجاب في هذه الخسة والغدر والنذالة.
فمثلا.. رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما هاجر الي المدينة امن اليهود علي عقيدتهم وأموالهم علي ألا يغدروا ولا يخونوا، لم يستطيعوا وقد غلب الطبع علي التطبع أن يؤتوا بعهدهم مع الرسول!
فبعد أن انتصر الرسول في غزوة 'بدر' حقد يهود بني قينقاع علي النبي، واخذوا يعلنون عليه الحرب الكلامية ليوهنوا من هذا النصر وقالوا له: لا يغرنك أن حاربت قوما لا عهد لهم بالحرب، فنحن لسنا كذلك'.
مما دفع الرسول الي حربهم واخراجهم من المدينة ليتوجهوا الي أي مكان يريدون فاختاروا بعض المناطق في الشام.
وبلغ الحمق بيهود بني النضير أنهم حاولوا قتل النبي عليه الصلاة والسلام بالايعاز لاحدهم 'عمرو بن جحاش' أن يقوم فوق الحائط الذي يجلس عليه الرسول ويلقي عليه حجرا، ولكن الله انقذ رسوله وابتعد عن هذا الحائط!
واتفق يهود بني النضير مع يهود بني قريظة ان ينقضوا العهد مع الرسول أثناء غزوة الاحزاب ولكن الله خيب آمالهم عندما انهزمت الاحزاب وتفرقوا وعاد كل من حيث جاء.
كذلك فعل يهود خيبر الذين تساقطت حصونهم علي يد المسلمين.

* * *

بل أن اليهود فعلوا ما لا يمكن تصوره عندما حاولت امرأة يهودية 'زينب بنت الحارث' ان تقتل النبي بالسم، فقد تقدمت الي الرسول وهي تحمل فوق رأسها شاة مشوية، وتقدمت الي النبي بها علي انها هدية لانه ابقي علي يهود خبير وانصفهم.
وكانت هذه اليهودية قد سألت عما يحب النبي من الشاة، وعرفت أنه يحب الذراع، فأغرقت الذراع بالسم، وافرغت الباقي علي بقية الشاة!
وأخذ النبي قطعة من اللحم واخذ يلوكها في فمه. وكان يأكل معه بعض أصحابه ومنهم 'بشر بن براء'
ولكن سرعان ما ألقي النبي قطعة اللحم من فمه، ومنع أصحابه عن الاكل وقال:
ان هذا العظم ليخبرني انه مسموم!
قال بشر:
والذي اكرمك لقد وجدت ذلك من أكلتي حتي التقمتها، وما منعني أن ألفظها الا انني كرهت ان أبغض اليك طعامك فلما أكلت ما في فمك لم تعد لي حاجة في نفسي بعد نفسك'.
وشعر بشر بآلام السم تسري في جسده وأخذ يعاني سكرات الموت.
وان الرسول أن يأتوا بتلك اليهودية وسألها
ما حملك علي ذلك؟
قالت:
لقدبلغت من قومي مالا يخفي عليك، فقلت: ان كان ملكا استرحت منه وان كان نبيا فسيخبر 'أي يوحي اليه بما حدث' وقرر النبي أن ينتظر.. فاذا مات بشر، فان المرأة تقتل قصاصا منها.. ومات بشر واقتص من هذه المرأة.

* * *

وما أكثر ما فعلوا.. وما أكثر ما غدروا في كل العصور.
ونسوا أن الذي أواهم وحماهم في أسبانيا وغيرهم أيام الحكم الاسلامي هم المسلمون، بل استعان بهم الكثير من حكام المسلمين في مختلف الاجيال، وتولي بعضهم المناصب المرموقة.
ومع ذلك فهم ينسون دائما دروس التاريخ.. ولا ولاء لهم الا لمصالحهم الخاصة.
واذا كان ولاؤهم في الماضي للانجليز حتي اخذوا وعد بلفور.. فان ولاءهم الآن للولايات المتحدة حيث وعود بوش.
و.... هذه التصرفات لن توقف شعبا اراد أن يتحرر.. وهذه الاغتيالات لن تحول بين الشعب الفلسطيني ونيل حقوقه المشروعة.. لان الحق دائما يأخذ طريقه الي الظهور مهما كان الظلام.. ومهما كانت وعورة الطريق.. والاغتيالات لرموز المقاومة هي دفعة الي الوراء لا الي الخلف.
واذا لم يكن شارون يعرف ذلك فليعد قراءة التاريخ!

مراجع

الفضائيات والصحف المختلفة
سيرة ابن هشام
حياة محمد * د/ محمد حسين هيكل
محمد * توفيق الحكيم












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 11:18 PM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

هو شيخ كبير .. نجلس إليه .. بعدما كبر سنه .. ورق عظمه .. وكف بصره ..
وهو يحكي ذكريات شبابه ..
نجلس إلى كعب بن مالك رضي الله عنه ..
وهو يحكي ذكرياته .. في تخلفه عن غزوة تبوك ..
وكانت آخر غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم ..
آذن النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم ..
وجمع منهم النفقات لتجهيز الجيش .. حتى بلغ عدد الجيش ثلاثين ألفاً ..
وذلك حين طابت الظلال الثمار ..
في حر شديد .. وسفر بعيد .. وعدو قوي عنيد ..
وكان عدد المسلمين كثيراً .. ولم تكن أسماؤهم مجموعة في كتاب ..
قال كعب – كما في الصحيحين - :
وأنا أيسر ما كنت .. قد جمعت راحلتين .. وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد ..
وأنا في ذلك أصغي إلى الظلال .. وطيب الثمار ..
فلم أزل كذلك .. حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً بالغداة ..
فقلت : أنطلق غدا إلى السوق فأشتري جهازي .. ثم ألحق بهم ..
فانطلقت إلى السوق من الغد .. فعسر علي بعض شأني .. فرجعت ..
فقلت : أرجع غدا إن شاء الله فألحق بهم .. فعسر عليَّ بعض شأني أيضاً ..
فقلت : أرجع غدا إن شاء الله .. فلم أزل كذلك ..
حتى مضت الأيام .. وتخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فجعلت أمشي في الأسواق .. وأطوف بالمدينة ..
فلا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق .. أو رجلاً قد عذره الله ..
نعم تخلف كعب في المدينة .. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مضى بأصحابه الثلاثين ألفاً ..
حتى إذا وصل تبوك .. نظر في وجوه أصحابه .. فإذا هو يفقد رجلاً صالحاً ممن شهدوا بيعة العقبة ..
فيقول صلى الله عليه وسلم : ما فعل كعب بن مالك ؟!
فقال رجل : يا رسول الله .. خلفه برداه والنظر في عطفيه ..
فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت .. والله يا نبي الله ما علمنا عليه إلا خيراً ..
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
قال كعب :
فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك .. وأقبل راجعاً إلى المدينة .. جعلت أتذكر .. بماذا أخرج به من سخطه .. وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ..
حتى إذا وصل المدينة .. عرفتُ أني لا أنجو إلا بالصدق ..
فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة .. فبدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين .. ثم جلس للناس ..
فجاءه المخلفون .. فطفقوا يعتذرون إليه .. ويحلفون له ..
وكانوا بضعة وثمانين رجلاً .. فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم .. واستغفر لهم .. ووكل سرائرهم إلى الله ..
وجاءه كعب بن مالك .. فلما سلم عليه .. نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم تبسَّم تبسُّم المغضب ..
ثم قال له : تعال ..
فأقبل كعب يمشي إليه .. فلما جلس بين يديه ..
قال له صلى الله عليه وسلم : ما خلفك .. ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟
قال : بلى ..
قال : فما خلفك ؟!
فقال كعب : يا رسول الله .. إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا .. لرأيت أني أخرج من سخطه بعذر .. ولقد أعطيت جدلاً ..
ولكني والله لقد علمت .. أني إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به علي .. ليوشكن الله أن يسخطك علي ..
ولئن حدثتك حديث صدق .. تجد عليَّ فيه .. إني لأرجو فيه عفوَ الله عني ..
يا رسول الله .. والله ما كان لي من عذر ..
والله ما كنت قط أقوى .. ولا أيسر مني حين تخلفت عنك ..
ثم سكت كعب ..
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه .. وقال :
أما هذا .. فقد صدقكم الحديث .. فقم .. حتى يقضي الله فيك ..
فقام كعب يجر خطاه .. وخرج من المسجد .. مهموماً مكروباً .. لا يدري ما يقضي الله فيه ..
فلما رأى قومه ذلك .. تبعه رجال منهم .. وأخذوا يلومونه .. ويقولون :
والله ما نعلمك أذنبت ذنباً قط .. قبل هذا .. إنك رجل شاعر ..
أعجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون ..
هلا اعتذرت بعذر يرضى عنك فيه .. ثم يستغفر لك .. فيغفر الله لك ..
قال كعب :
فلم يزالوا يؤنبونني .. حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي ..
فقلت : هل لقي هذا معي أحد ؟
قالوا : نعم .. رجلان قالا مثل ما قلت .. فقيل لهما مثل ما قيل لك ..
قلت : من هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع .. وهلال بن أمية ..
فإذا هما رجلان صالحان قد شهدا بدراً .. لي فيهما أسوة ..
فقلت : والله لا أرجع إليه في هذا أبداً .. ولا أكذب نفسي ..

* * * * * * * * *
ثم مضى كعب رضي الله عنه .. حزيناً .. كسير النفس .. وقعد في بيته ..
فلم يمضِ وقت .. حتى نهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلام كعب وصاحبيه ..
قال كعب :
فاجتنبنا الناس .. وتغيروا لنا .. فجعلت أخرج إلى السوق .. فلا يكلمني أحد ..
وتنكر لنا الناس .. حتى ما هم بالذين نعرف ..
وتنكرت لنا الحيطان .. حتى ما هي بالحيطان التي نعرف ..
وتنكرت لنا الأرض .. حتى ما هي بالأرض التي نعرف ..
فأما صاحباي فجلسا في بيوتهما يبكيان .. جعلا يبكيان الليل والنهار .. ولا يطلعان رؤوسهما .. ويتعبدان كأنهما الرهبان ..
وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم .. فكنت أخرج .. فأشهد الصلاة مع المسلمين .. وأطوف في الأسواق .. ولا يكلمني أحد ..
وآتي المسجد فأدخل ..
وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه ..
فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟
ثم أصلي قريباً منه .. فأسارقه النظر .. فإذا أقبلت على صلاتي .. أقبل إلي ..
وإذا التفتُّ نحوه .. أعرض عني ..

* * * * * * * * *
ومضت على كعب الأيام .. والآلام تلد الآلام ..
وهو الرجل الشريف في قومه ..
بل هو من أبلغ الشعراء .. عرفه الملوك والأمراء ..
وسرت أشعاره عند العظماء .. حتى تمنوا لقياه ..
ثم هو اليوم .. في المدينة .. بين قومه .. لا أحد يكلمه .. ولا ينظر إليه ..
حتى .. إذا اشتدت عليه الغربة .. وضاقت عليه الكربة .. نزل به امتحان آخر :
فبينما هو يطوف في السوق يوماً ..
إذا رجل نصراني جاء من الشام ..
فإذا هو يقول : من يدلني على كعب بن مالك .. ؟
فطفق الناس يشيرون له إلى كعب .. فأتاه .. فناوله صحيفة من ملك غسان ..
عجباً !! من ملك غسان ..!!
إذاً قد وصل خبره إلى بلاد الشام .. واهتم به ملك الغساسنة .. فماذا يريد الملك ؟!!
فتح كعب الرسالة فإذا فيها ..
أما بعد .. يا كعب بن مالك .. إنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك ..
ولست بدار مضيعة ولا هوان .. فالحق بنا نواسك ..
فلما أتم قراءة الرسالة .. قال رضي الله عنه : إنا لله .. قد طمع فيَّ أهل الكفر ..
هذا أيضاً من البلاء والشر ..
ثم مضى بالرسالة فوراً إلى التنور .. فأشعله ثم أحرقها فيه ..
ولم يلتفت كعب إلى إغراء الملك ..
نعم فُتح له باب إلى بلاط الملوك .. وقصور العظماء .. يدعونه إلى الكرامة والصحبة ..
والمدينة من حوله تتجهمه .. والوجوه تعبس في وجهه ..
يسلم فلا يرد عليه السلام ..
ويسأل فلا يسمع الجواب ..
ومع ذلك لم يلتفت إلى الكفار ..
ولم يفلح الشيطان في زعزعته .. أو تعبيده لشهوته ..
ألقى الرسالة في النار .. وأحرقها ..

* * * * * * * * *
ومضت الأيام تتلوها الأيام .. وانقضى شهر كامل .. وكعب على هذا الحال ..
والحصار يشتد خناقه .. والضيق يزداد ثقله ..
فلا الرسول صلى الله عليه وسلم يُمضي .. ولا الوحي بالحكم يقضي ..
فلما اكتملت أربعون يوماً ..
فإذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى كعب .. فيطرق عليه الباب ..
فيخرج كعب إليه .. لعله جاء بالفرج .. فإذا الرسول يقول له :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك ..
قال : أطلقها .. أم ماذا ؟
قال : لا .. ولكن اعتزلها ولا تقربها ..
فدخل كعب على امرأته وقال : الحقي بأهلك ..
فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ..
وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحبي كعب بمثل ذلك ..
فجاءت امرأة هلال بن أمية .. فقالت :
يا رسول الله .. إن هلال بن أمية شيخ كبير ضعيف .. فهل تأذن لي أن أخدمه ..؟
قال : نعم .. ولكن لا يقربنك ..
فقالت المرأة : يا نبي الله .. والله ما به من حركة لشيء ..
ما زال مكتئباً .. يبكي الليل والنهار .. منذ كان من أمره ما كان ..

* * * * * * * * *
ومرت الأيام ثقيلة على كعب ..واشتدت الجفوة عليه ..حتى صار يراجع إيمانه ..
يكلم المسلمين ولا يكلمونه ..
ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يرد عليه ..
فإلى أين يذهب ..!! ومن يستشير !؟
قال كعب رضي الله عنه :
فلما طال عليَّ البلاء .. ذهبت إلى أبي قتادة .. وهو ابن عمي .. وأحب الناس إليَّ .. فإذا هو في حائط بستانه .. فتسورت الجدار عليه ..
ودخلت .. فسلمت عليه ..
فوالله ما رد علي السلام ..
فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
فسكت ..
فقلت : يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
فسكت ..
فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
فقال : الله ورسوله أعلم ..
سمع كعب هذا الجواب .. من ابن عمه وأحب الناس إليه .. لا يدري أهو مؤمن أم لا ؟
فلم يستطع أن يتجلد لما سمعه .. وفاضت عيناه بالدموع ..
ثم اقتحم الحائط خارجاً ..
وذهب إلى منزله .. وجلس فيه ..
يقلب طرفه بين جدرانه .. لا زوجة تجالسه .. ولا قريب يؤانسه ..
وقد مضت عليهم خمسون ليلة .. من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامهم
..
* * * * * * * * *
وفي الليلة الخمسين .. نزلت توبتهم على النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الليل ..
فقالت أم سلمة رضي الله عنها :
يا نبي الله .. ألا نبشر كعب بن مالك ..
قال : إذا يحطمكم الناس .. ويمنعونكم النوم سائر الليلة ..
فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر .. آذن الناس بتوبة الله علينا ..
فانطلق الناس يبشرونهم ..
قال كعب :
وكنت قد صليت الفجر على سطح بيت من بيوتنا ..
فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى .. قد ضاقت علي نفسي .. وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت ..
وما من شيء أهم إليّ .. من أن أموت .. فلا يصلي عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .. أو يموت .. فأكون من الناس بتلك المنزلة .. فلا يكلمني أحد منهم .. ولا يصلي عليَّ ..
فبينما أنا على ذلك ..
إذ سمعت صوت صارخ .. على جبل سلع بأعلى صوته يقول :
يا كعب بن مالك ! .. أبشر ..
فخررت ساجداً .. وعرفت أن قد جاء فرج من الله ..
وأقبل إليَّ رجل على فرس .. والآخر صاح من فوق جبل ..
وكان الصوت أسرع من الفرس ..
فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني .. نزعت له ثوبيَّ فكسوته إياهما ببشراه ..
والله ما أملك غيرهما ..
واستعرت ثوبين .. فلسبتهما ..
وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فتلقاني الناس فوجاً .. فوجاً ..
يهنئوني بالتوبة .. يقولون : ليهنك توبة الله عليك ..
حتى دخلت المسجد .. فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وهو يبرق وجهه من السرور .. وكان إذا سُرَّ استنار وجهه .. حتى كأنه قطعة قمر ..
فقال لي : أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك ..
قلت : أمن عندك يا رسول الله .. أم من عند الله ؟
قال : لا .. بل من عند الله .. ثم تلا الآيات ..
فلما جلست بين يديه ..
قلت : يا رسول الله ! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله .. وإلى رسوله ..
فقال : أمسك عليك بعض مالك .. فهو خير لك ..
فقلت : يا رسول الله ! إن الله إنما نجاني بالصدق .. وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت ..
نعم .. تاب الله على كعب وصاحبيه .. وأنزل في ذلك قرءاناً يتلى ..
فقال عز وجل :
{ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ *وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ..












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 11:20 PM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

الفضيل بن عياض أحد الصالحين الكبار كان يسرق ويعطل القوافل في الليل، يأخذ فأساً وسكيناً ويتعرض للقافلة فيعطلها، كان شجاعاً قوي البنية، وكان الناس يتواصون في الطريق إياكم والفضيل إياكم والفضيل ! والمرأة تأتي بطفلها في الليل تسكته وتقول له: اسكت وإلا أعطيتك للفضيل .
وقد سمعت قصةً من رجل تاب الله عليه لكن تحدث بأخبار الجاهلية، قال: كنت أسرق البقر -وهو شايب كبير أظنه في المائة- قال: فنزلنا في تهامة ، فأتت امرأة ودعت على بقرتها وقالت: الله يسلط عليك فلاناً، وهو صاحب القصة، قال: فلما حلبت البقرة أخذت البقرة برباطها وطلعت الحجاز ، أي: وقعت الدعوة مكانها، فيشتهر -والعياذ بالله- بعض الناس حتى يصبح يضرب به المثل، فالمرأة كانت تقول للولد: اسكت وإلا أخذك الفضيل .

أتى الفضيل بن عياض فطلع سلماً على جدار يريد أن يسرق صاحب البيت، فأطل ونظر إلى صاحب البيت فإذا هو شيخ كبير، وعنده مصحف، ففتحه واستقبل القبلة على سراج صغير عنده ويقرأ في القرآن ويبكي -انظر الفرق بين الحياتين: هذا يقطع السبل، لا صلاة ولا صيام ولا عبادة ولا ذكر ولا إقبال، وهذا يتلو آيات الله أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الرعد9] وقال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر] جلس الفضيل ووضع يده على السقف وظل ينظر إلى ذلك الرجل العجوز الذي يقرأ القرآن ويبكي، وعنده بنت تصلح له العشاء، وأراد أن يسرقه وهو بإمكانه؛ لأن ذلك الرجل قوي، وهذا الشيخ لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، فمر الشيخ بقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد6] فنظر الفضيل إلى السماء وقال: يا رب! أني أتوب إليك من هذه الليلة، ثم نزل فاغتسل ولبس ثيابه وذهب إلى المسجد يبكي حتى الصباح، فتاب الله عليه، فجعله إمام الحرمين في العبادة، هذا السارق أولاً أصبح إمام الحرمين الحرم المكي، والحرم المدني، حتى يقول له عبد الله بن المبارك في قصيدته:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا
لعلمت أنك بالعبادة تلعب

من كان يخضب خده بدموعه
فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل
فخيولنا يوم الصبيحة تتعب












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 11:22 PM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

ال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون حدثنا المسعودي عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : بينما رجل فيمن كان قبلكم كان في مملكته فتفكر فعلم أن ذلك منقطع عنه وأن ما هو فيه قد شغله عن عبادة ربه ، فتسرب فانساب ذات ليلة من قصره ، فأصبح في مملكة غيره ، وأتى ساحل البحر ، وكان به يضرب اللبن بالأجر ، فيأكل ويتصدق بالفضل ، فلم يزل كذلك حتى رقي أمره إلى ملكهم وعبادته وفضله فأرسل ملكهم إليه أن يأتيه فأبى أن يأتيه فأعاد ثم أعاد إليه فأبى أن يأتيه وقال : ما له وما لي ؟ قال : فركب إليه الملك فلما رآه الرجل ولى هاربا ، فلما رأى ذلك الملك ركض في أثره فلم يدركه قال : فناداه يا عبد الله إنه ليس عليك مني بأس ، فقام حتى أدركه فقال له : من أنت رحمك الله ؟ فقال أنا فلان بن فلان صاحب ملك كذا وكذا تفكرت في أمري ، فعلمت أن ما أنا فيه منقطع ، فإنه قد شغلني عن عبادة ربي ، فتركته وجئت هاهنا أعبد ربي عز وجل فقال له : ما أنت بأحوج إلى ما صنعت مني . قال : ثم نزل عن دابته فسيبها ، ثم تبعه فكانا جميعا يعبدان الله عز وجل فدعوا الله أن يميتهما جميعا قال : فماتا . قال عبد الله : فلو كنت برميلة مصر ، لأريتكم قبورهما ، بالنعت الذي نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حديث آخر قال البخاري : حدثنا أبو الوليد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم إن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا ، فقال لبنيه لما حضر : أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب. قال : فإني لم أعمل خيرا قط فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في يوم عاصف. ففعلوا فجمعه الله عز وجل فقال : ما حملك ؟ قال : مخافتك فتلقاه برحمته ورواه في مواضع أخر ، ومسلم من طرق عن قتادة به. ثم رواه البخاري ومسلم من حديث ربعي بن حراش عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ومن حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
حديث آخر قال البخاري : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا . قال فلقي الله فتجاوز عنه وقد رواه في مواضع أخر ومسلم من طريق الزهري به.
حديث آخر قال البخاري : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني مالك عن محمد بن المنكدر وعن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون ؟ قال أسامة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل - أو على من كان قبلكم - فإذا سمعتم به بأرض ، فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال أبو النضر : لا يخرجكم إلا فرارا منه . ورواه مسلم من حديث مالك ومن طرق أخر عن عامر بن سعد به .
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا داود بن أبي الفرات حدثنا عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء من عباده وأن الله جعله رحمة للمؤمنين ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد تفرد به البخاري عن مسلم من هذا الوجه.
حديث آخر قال البخاري : حدثنا قتيبة حدثنا ليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمه أسامة فقال : أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب ثم قال : إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وأخرجه بقية الجماعة من طرق عن الليث بن سعد به .
حديث آخر وقال البخاري حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا عبد الملك بن ميسرة سمعت النزال بن سبرة الهلالي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رجلا قرأ آية وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها فجئت به النبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فعرفت في وجهه الكراهية وقال : كلاكما محسن ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا تفرد به البخاري دون مسلم.

حديث آخر قال البخاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : إن أبا هريرة قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم تفرد به دون مسلم وفي سنن أبي داود صلوا في نعالكم خالفوا اليهود. .
حديث آخر قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس سمعت عمر رضي الله عنه يقول : قاتل الله فلانا ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها رواه مسلم من حديث ابن عيينة ومن حديث عمرو بن دينار به. ثم قال البخاري تابعه جابر وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا الحديث طرق كثيرة ستأتي في باب الحيل من كتاب " الأحكام " إن شاء الله وبه الثقة.
حديث آخر قال البخاري : حدثنا عمران بن ميسرة حدثنا عبد الوارث حدثنا خالد عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال : ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة وأخرجه بقية الجماعة من حديث أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي به .
والمقصود من هذا مخالفة أهل الكتاب في جميع شعارهم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان المسلمون يتحينون وقت الصلاة بغير دعوة إليها ، ثم أمر من ينادي فيهم وقت الصلاة : الصلاة جامعة ثم أرادوا أن يدعوا إليها بشيء يعرفه الناس فقال قائلون : نضرب بالناقوس وقال آخر : نوري نارا فكرهوا ذلك لمشابهة أهل الكتاب فأري عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري في منامه الأذان فقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بلالا فنادى به ، كما هو مبسوط في موضعه من باب الأذان في كتاب " الأحكام ".
حديث آخر قال البخاري حدثنا بشر بن محمد أخبرنا عبد الله أخبرني معمر ويونس عن الزهري قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن عائشة وابن عباس قالا : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة على وجهه ، فإذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا وهكذا رواه في غير موضع ومسلم من طرق عن الزهري به.
حديث آخر قال البخاري حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا أبو غسان قال حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا يا رسول الله : اليهود والنصارى قال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن ؟! وهكذا رواه مسلم من حديث زيد بن أسلم به.
والمقصود من هذه الأخبار عما يقع من الأقوال والأفعال المنهي عنها شرعا مما يشابه أهل الكتاب قبلنا ، فإن الله ورسوله ينهيان عن مشابهتهم في أقوالهم وأفعالهم حتى ولو كان قصد المؤمن خيرا ، لكنه تشبه بفعله في الظاهر من فعلهم. وكما نهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لئلا يشابه المشركين الذين يسجدون للشمس حينئذ ، وإن كان المؤمن لا يخطر بباله شيء من ذلك بالكلية. وهكذا قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ فكان الكفار يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم في كلامهم معه : راع نا أي : انظر إلينا ببصرك واسمع كلامنا ، ويقصدون بقولهم : راعنا من الرعونة فنهي المؤمنون أن يقولوا ذلك ، وإن كان لا يخطر ببال أحد منهم هذا أبدا.
فقد روى الإمام أحمد والترمذي من حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم فليس للمسلم أن يتشبه بهم ؛ لا في عباداتهم ولا مواسمهم ولا في أعيادهم ؛ لأن الله تعالى شرف هذه الأمة بخاتم الأنبياء الذي شرع له الدين العظيم القويم الشامل الكامل الذي لو كان موسى بن عمران الذي أنزلت عليه التوراة وعيسى ابن مريم الذي أنزل عليه الإنجيل حيين ، لم يكن لهما شرع متبع بل لو كانا موجودين بل وكل الأنبياء لما ساغ لواحد منهم إن يكون على غير هذه الشريعة المطهرة المشرفة المكرمة المعظمة ، فإذا كان الله تعالى قد من علينا ، بأن جعلنا من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم فكيف يليق بنا أن نتشبه بقوم قد ضلوا من قبل ، وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل قد بدلوا دينهم وحرفوه وأولوه حتى صار كأنه غير ما شرع لهم أولا ثم هو بعد ذلك كله منسوخ والتمسك بالمنسوخ حرام لا يقبل الله منه قليلا ولا كثيرا ولا فرق بينه وبين الذي لم يشرع بالكلية ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

حديث آخر قال البخاري : حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى ، كرجل استعمل عمالا ، فقال : من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط ثم قال : من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ثم قال : من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ ألا فأنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ، ألا لكم الأجر مرتين. فغضب اليهود والنصارى فقالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ! قال الله : هل ظلمتكم من حقكم شيئا ؟ فقالوا : لا قال : فإنه فضلي أوتيه من شئت وهذا الحديث فيه دليل على أن مدة هذه الأمة قصيرة ، بالنسبة إلى ما مضى من مدد الأمم قبلها ؛ لقوله إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس. .
فالماضي لا يعلمه إلا الله كما أن الآتي لا يعلمه إلا هو ، ولكنه قصير بالنسبة إلى ما سبق ، ولا اطلاع لأحد على تحديد ما بقي إلا الله عز وجل كما قال الله تعالى لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ وقال يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا وما يذكره بعض الناس من الحديث المشهور عند العامة من أنه عليه السلام لا يؤلف تحت الأرض ، فليس له أصل في كتب الحديث ، وورد فيه حديث أن الدنيا جمعة من جمع الآخرة وفي صحته نظر . والمراد من هذا التشبيه بالعمال تفاوت أجورهم ، وأن ذلك ليس منوطا بكثرة العمل ولا قلته ، بل بأمور أخر معتبرة عند الله تعالى وكم من عمل قليل أجدى ما لا يجديه العمل الكثير هذه ليلة القدر العمل فيها أفضل من عبادة ألف شهر سواها وهؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنفقوا في أوقات لو أنفق غيرهم من الذهب مثل أحد ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه من تمر ، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره ، وقبضه وهو ابن ثلاث وستين على المشهور ، وقد برز في هذه المدة - التي هي ثلاث وعشرون سنة - في العلوم النافعة والأعمال الصالحة على سائر الأنبياء قبله حتى على نوح الذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ويعمل بطاعة الله ليلا ونهارا صباحا ومساء صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء أجمعين.
فهذه الأمة إنما شرفت وتضاعف ثوابها ببركة سيادة نبيها وشرفه وعظمته كما قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ .
فصل : وأخبار بني إسرائيل كثيرة جدا في الكتاب وفي السنة النبوية ولو ذهبنا نتقصى ذلك لطال الكتاب ولكن ذكرنا ما ذكره الإمام أبو عبد الله البخاري في هذا الباب ، ففيه مقنع وكفاية وهو تذكرة وأنموذج لهذا الباب والله أعلم .
وأما الأخبار الإسرائيلية مما يذكره كثير من المفسرين والمؤرخين فكثيرة جدا ومنها ما هو صحيح موافق لما وقع ، وكثير منها - بل أكثرها - مما يذكره القصاص مكذوب مفترى ، وضعه زنادقتهم وضلالهم وهي ثلاثة أقسام ، منها ما هو صحيح لموافقته ما قصه الله في كتابه أو أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنها ما هو معلوم البطلان لمخالفته كتاب الله وسنة رسوله ، ومنها ما يحتمل الصدق والكذب فهذا الذي أمرنا بالتوقف فيه فلا نصدقه ولا نكذبه لما ثبت في الصحيح إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا : آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وتجوز روايته مع هذا الحديث المتقدم وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 11:25 PM   المشاركة رقم: 49
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

إعدام يعقوب بن السكيت !
رفض سخرية الخليفة المتوكل من آل البيت فأمر بإعدامه تحت النعال !


عجيبة تلك الأقدار
.. ما أكثر عجائب التاريخ.. إنها قصص درامية تلك التي شهدتها دنيا الناس، تجعل المتأمل لها ترتسم في ذهنه عشرات من علامات الاستفهام الحائرة والمحيرة التي تبحث عن إجابات واضحة المعالم والقسمات، ولكن في كثير من الأحيان لا نجد الإجابات ولكن نجد أن علامات الاستفهام في حاجة إلي علامات استفهام جديدة!! ولا أحد يستفيد من حكمة التاريخ، لأن الأحداث كثيرا ما تكرر نفسها!!


لقد وقفت كثيرا أمام قصة واقعية من قصص التاريخ بطلها أحد الأدباء المرموقين، واللغويين الذين تحدثت عنهم المعاجم الأدبية، وهو يعقوب بن السكيت، وقالت عنه أنه من الأدباء المرموقين، واللغويين الذين كان لهم شأ عظيم في الحياة الأدبية العربية في العصر العباسي.
وما يعنينا هنا ليس الوقوف عنده كأديب ولغوي لأن الحديث عنه من هذه الزاوية في حاجة إلي متخصصين في اللغة ونحوها وصرفها، ولكن الذي يعنينا هو موقفه كمثقف أمام ما كان يجري في عصره من اعتداء علي الحق، والجنوح إلي النفاق رغبة في إرضاء الخلفاء والحكام ولو كان ذلك علي حساب الحقيقة.
فالناس في كل عصر.. وفي كل الأجيال.. نري بعضهم ينحاز إلي الحق حتي لو فقد في سبيل قوله الحق حياته نفسها.
كما نري أيضا من يداهن وينافق السلطة أو من في يده السلطة علي حساب القيم حتي يصل إلي ما يريد الوصول إليه من مكانة مخالفا بذلك ضميره ودينه، لأن مصلحته فوق أي اعتبار. هذان النموذجان من البشر نراهما في كل العصور!
ومن يقرأ التاريخ.. تاريخ الشعوب والحكام في مختلف الدول يري هذين النموذجين، بلا تغيير في الشكل ولا في المضمون.

* * *

وبطل قصتنا هذا قضي نحبه في عصر الخليفة العباسي المتوكل علي الله.
والمتوكل علي الله نري بعض المؤرخين يرفعونه إلي مكانة رفيعة، لأنه قضي علي الفتنة التي حدثت في عهد الخليفة العباسي المأمون، الذي كان مولعا بالجدل والفلسفة، وظهرت في عهده بدعة هل القرآن مخلوق أم كلام الله، وكان هذا الخليفة يري أن القرآن مخلوق، وكان يعذب كل من يقول بغير هذا الاعتقاد، وكان ممن عجذبوا بسبب هذه البدعة الإمام أحمد بن حنبل نفسه، والذي كان يقول بأن القرآن كلام الله.
ولكن المتوكل بالله عندما جاء إلي الحكم أبطل هذه البدعة، والحديث فيها وهذا مما يحسب له، ويقول الرواة أن ابن دؤاد صاحب هذه البدعة قد أصيب بالفالج الذي أعجزه عن الحركة.
وهناك من المؤرخين من عاب عليه أنه كان مسرفا في بناء القصور لنفسه، وأنه أرسل من هدم قبر الإمام الحسين والاستهزاء بالإمام علي وزوجته فاطمة الزهراء.

* * *

ولم يعجب أديبنا اللغوي ما يفعله هذا الخليفة من ازدراء للإمام علي وفاطمة الزهراء وهي من هي.. فهي بنت أعظم رسل السماء، وهي التي كانت قريبة من قلب والدها العظيم، وزوجها من هو في مواقفه أيام الرسول وجهاده العظيم وعلمه وتقواه، كما أن الحسين له في القلوب كل التقدير والحب لاستشهاده مظلوما علي يد بني أمية.
لذا استشاط يعقوب غضبا لمشاهدته رياء الناس الذين يضحكون عندما يسمعون هذا الخليفة يلوك بلسانه الإمام كرٌم الله وجهه وزوجته وولده الحسين، استنكر ذلك أمام الناس، وكان من الطبيعي أن يصل رأيه هذا إلي الخليفة، فما أكثر المنافقين الذين يريدون الوصول حتي عن طريق هذه الأساليب الدنيئة.

* * *

ان الخليفة يعتقد أنه بمجرد أن يرسل إلي هذا الأديب العالم إلي مجلسه، ويطلب منه الحديث عن الحسن والحسين، أنه سوف ينهار أمام مجلس الخليفة، وأنه سوف ينكر التهمة التي توجه إليه من أنه يرفض أن يجسب آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه يبدو جبانا أمام مجلس الخليفة!
ودخل الرجل إلي مجلس الخليفة في وقار العلماء، وكان الخليفة يجلس مع ولديه وبعض المقربين إليه.
لقد نظر الخليفة إليه بازدراء وسأله بازدراء:
يا يعقوب أتري الأميرين هذين؟
قال الرجل:
أراهما
قال له الخليفة مستهترا وشامتا
أيهما أحسن؟ ولداي هذان أم الحسين والحسين أيها الشيخ المجنون!!؟
قال الرجل الشيخ بكل الثقة:
إن قنبرا خادم الحسن والحسين أحسن منهما ومنك يا أمير المؤمنين.
لم يكن الخليفة وهو في أبهة الملك وعظمة السلطة يتوقع أن يكون جواب الشيخ الأديب بهذه القوة وبتلك الصراحة.. كان يتوقع منه أن ينفي أنه قال ما قال عن سبطي رسول الله، وأمهما الطاهرة، ولكنه فوجئ بهذا القول الجرئ، فما كان منه أن اشتاط غيظا وأمر غلمانه وخدمه أن يطرحوه أرضا ويدوسوه بالنعال!
وقام الخدم والغلمان بتنفيذ الأمر، ولم يتركوا الرجل إلا وهو علي شفا الموت، وخرج من حضرة الخليفة متوجها إلي منزله، ولم يلبث أن لفظ أنفاسه الأخيرة.

* * *

وتمضي الأيام وتسرع خطاها في فلك الزمان.. وإذا بالخليفة يحاول أن يغير خلافة العهد للمعتز، بدلا من المنتصر، مما جعل الأخير يحنق علي والده، ويدبر مكيدة لقتله حتي لا يفسح الطريق للخلافة لأخيه بدلا منه، فاتفق مع الجنود الأتراك علي قتل أبيه، فدخل خمسة منهم عندما ساد الظلام الليل، وكان مع وزيره الفتح بن خاقان، فقتلوهما معا وكان ذلك في الخامس من شوال سنة 247ه.

* * *

وقد حدٌث الشاعر البحتري عن هذه الحادثة فقال:
اجتمعنا ذات يوم في مجلس المتوكل فتذاكرنا السيوف.
فقال بعض من حضر:
دفع لرجل من أهل البصرة سيف من الهند ليس له نظير، فأمر المتوكل بكتابة كتاب إلي عامل البصرة بشرائه مهما بلغ.. فنفد الكتاب.
قال البحتري:
وبينما نحن عند المتوكل في ليلة أخري إذ دخل عليه عامله عبيدالله، والسيف معه، فسرٌ المتوكل به وانتضاه واستحسنه وجعله تحت ثني فراشه، فلما كانت الفداة طلب من الفتح بن خاقان علاما يثق بنجدته وشجاعته، فجاءه (بباغر) التركي، فدفع إليه السبف وزار له الرزق، ولم تمض الأيام حتي قتل المتوكل بذلك السيف من يد (باغر) المذكور قياما بغرض المنتصر!

* * *

ويقول الدكتور محمد رجب البيومي، في دراسته عن 'يعقوب بن السكيت يستشهد' في نهاية هذه الدراسة:
'صد م المتوكل بما لميكن يتوقع، وكسا الخزي الأحمر وجوه جلسائه، فقام كالثور الهائج يرغي ويزيد، ثم أمر غلمانه الأتراك فطرحوا الشيخ أرضا ليدوسون بالنعال، ثم ليتركوه في سكرات النزع، فيحمل إلي داره فاقد الإدراك، ويقلب المحتضر الشهيد عينيه في أهليه مودعا حتي إذا قضي وطرا مما يريد، جاء اليقين قلت رضوان الله.
ويشار القدر الساخر أن يري المتوكل إجابة صريحة دون كتمان حين يتآمر أحد هذين الأميرين المفضلين علي حياته.. فيلقي مصرعه ذليلا ضارعا بتدبير ولده تحت سوف الخدم من الأتراك.. هؤلاء الذين فزعوا من إعدام ابن السكيت، ليتهيئوا بعد قليل لسحق الطاغية العنيد.. فتأكله سيوف الأوشاب في ليلة رهيبة دامية وتقذف جثته في العراء.
ويراها الناس فيشمتون بالصريع ويترحمون علي يعقوب ثم يصيحون دهشين:
ما أعجل الثأر.. لقد انتصفت السماء.

مراجع

علماء في وجه الطغيان.. د. أحمد رجب البيومي
حماة الإسلام.. المرحوم مصطفي نجيب بك












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
قديم 09-06-15, 11:27 PM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
 الخضيري  
اللقب:
:: شـاعـر ::
الرتبة:

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 10
المواضيع: 268
المشاركات: 2192
المجموع: 2,460
بمعدل : 0.46 يوميا
آخر زيارة : 19-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 5392
قوة التقييم: الخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond reputeالخضيري has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 714
وحصلتُ على 496 إعجاب في 378 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
الخضيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : الخضيري المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

مذبحة بلاط الشهداء
استشهاد عبدالرحمن الغافقي منع المسلمين من السيطرة علي أوروبا بأكملها !


من أشهر المعارك الفاصلة في التاريخ تلك المعركة التي قامت بين المسلمين والفرنجة في سهول فرنسا علي ضفاف نهر اللوار في اكتوبر سنة 732م، والتي يطلق عليها معركة بلاط الشهداء.. حيث كان يقود جيوش الفرنجة 'شارل مارتل' ويقود جيش المسلمين في الاندلس عبدالرحمن الغافقي.
ولم تحظ معركة بكل هذا التهليل من جانب أوروبا كتلك المعركة، حيث تغني بها الشعراء والأدباء والفنانون، لاعتقادهم بأنه لو تم النصر للمسلمين في هذه المعركة لاكتسح الاسلام أوروبا كلها كما كان يأمل عبدالرحمن الغافقي. وبالتالي كانت هذه المعركة الحد الفاصل بين عصر وعصر، وانقلبت الموازين، وأمنت أوروبا من الزحف العربي الكاسح الذي اجتاح نصف فرنسا علي يد عبدالرحمن الغافقي
و لنعد قليلا الي الوراء حيث استطاع موسي بن نصير أن يرسل قائده طارق بن زياد أن يعبر جبل طارق ويستولي علي الاندلس 'أسبانيا'.. وكان جيش طارق بن زياد يضم 12 ألف مقاتل واستطاع جيش طارق أن يخترق الاندلس التي كانت تعاني من حكم ملك ظالم هو 'لوزريق'.. وبعدها دخل موسي بن نصير نفسه بجيش قوامه 18 ألف مقاتل، فوصل الي طنجة سنة 712م = 95ه، وبدأ يحكم أسبانيا، ويخضعها للحكم الاموي، بعد أن استولي علي أهم المدن الاندلسية وأصبحت أشبيليه هي العاصمة.
وعرف الاسبان تحت الحكم الاسلامي معني التسامح الديني، فلا اكراه لأحد علي دخول الاسلام، كما شاهد الاسبان عن قرب احترام المسلمين للآخرين، وسيادة قيم العدل والفضائل، فدخل الكثير منهم في الاسلام، بعد أن عاشوا عصرا جديدا مختلفا تماما عما كانت عليه الاندلس من قبل الفتح الاسلامي.
وتوالي الولاة تحت الحكم الاموي، بعد ذلك، وكان المد الاسلامي يتجه صوب أوروبا، وكانت من آمال موسي بن نصير الاستيلاء علي جنوب فرنسا وايطاليا والوصول الي عاصمة الخلافة الاموية بعد حصار القسطنطينة. ولكن الخليفة الوليد بن عبدالملك رفض خطة موسي بن نصير لانه كان يري أهمية انتشار الاسلام في البلاد المفتوحة بدلا من هذا التوسع الهائل وتوقفت طموحات موسي بن نصير.
ولكن ظهرت بعد ذلك الاضطرابات في الاندلس، واندلعت الفتنة والدسائس والمؤامرات من أجل الحكم، الي أن تولي عبدالرحمن الغافقي ولاية الاندلس، وكان رجلا من النابغين، تلقي الفقه والحديث عن عبدالله بن عمر وقد ذهب الي الاندلس مع المجاهدين، كما كان يمتاز بالحصافة العسكرية وبعد النظر، ولو ساعده الحظ وانتصر في معركة 'بلاط الشهداء' لكان من أعظم قواد التاريخ ولا ننشر الاسلام في أوروبا كلها، وتحقق الامل الذي لم يستطع أن يحققه موسي بن نصير، ولكن الرياح تأتي دائما بما لا تشتهي السفن كما يقولون.

****

لقد حكم الاندلس وهي تشرف علي فوضي عارمة فعاد الامن والامان الي ربوعها، وضبط الامور فيها حتي تكون قاعدة لتحقيق ما يرنو اليه من نشر ضوء الحضارة الاسلامية في ربوع أوروبا التي كان يخيم عليها الجهل والتخلف والغباء، واستطاع بالعقل أن يستولي علي نصف فرنسا.
وهنا استيقظت أوروبا لدرء هذا الخطر، واجتمعت أم الشمال علي ضفاف نهر اللوار بقيادة شارل مارتل لوقف الزحف العربي الاسلامي.

****

كانت المعركة في سهول فرنسا بين الاسلام والنصرانية بيد أنها كانت من الجانب الآخر بين غزاة الدولة الرومانية والمتنافسين في اجتناء تراثها، كانت بين العرب الذين اجتاحوا املاك الدولة الرومانية في المشرق والجنوب، وبين الفرنج الذين حلوا في المانيا وغاليس 'فرنسا'.. والفرنج هم شعبه من اولئك البربر الذين غزوا روما وتقاسموا تراثها من وندال وقوط وآلان وشوابيين، فكان ذلك اللقاء بين العرب والفرنج في سهول فرنسا، أكبر من نزاع محلي علي غزو مدينة أو ولاية بعينها، كان هذا النزاع في الواقع أبعد ما يكون مدي وأثرا، اذ كان محوره تراث الدولة الرومانية العريض الشاسع، الذي فاز العرب منه بأكبر غنم، ثم أرادوا أن ينتزعوا ما بقي منه بأيدي منافسيهم غزاة الدولة الرومانية من الشمال'.

****

مهما يكن من شيء فقد ازعج اوروبا أن الزحف الاسلامي يقترب من باريس نفسها.
وهنا عبأ 'شارل مارتل' جيشا ضخما يضم فيما يضم بعض الجرمان، وبعض العشائر المتوحشة، وقد ليسوا جلود الذئاب والنمور وهم متعطشون للقتال واستعد عبدالرحمن الغافقي لهذا الجيش الضخم، واحتدم القتال بين الفريقين في هذا المكان الشاسع بين بواتيه وتور.. واستبسل جيش المسلمين استبسالا رائعا في أول أيام القتال، لم ترهبهم جيوش الفرنجة بملابسهم من جلود النمور والحيوانات المتوحشة، حتي ظن شارل مارتل أن الهزيمة لاحقة بجيشه، وفكر في طريقة يخدع بها أعدائه فاشاع بأن جيشه سوف يستولي علي الغنائم التي غنمها المسلمون في المعركة، فتراجع البعض لحماية هذه الغنائم مما مهد الطريق لانكسار المسلمين، ولم يستمع 'البربر' لنداءات عبدالرحمن الغافقي للتفرغ للمعركة والمعركة وحدها، بل عادوا ادراجهم الي الخلف من اجل الغنائم، فكانت فرصة أمام جيش الفرنج أن يتقدم داخل صفوف المسلمين، وبذل عبدالرحمن الغافقي جهدا يفوق الطاقة البشرية وهو يحارب بسيفه وبنفسه ومع كتيبة الاعداء، مما جعل الاعداء يفرون من هذه الكتيبة، ويرجعون الي الوراء، الا أن الاعداء أحاطوا به بينما اندفع البعض الي الوراء لحماية الغنائم، حتي سقط شهيدا، وبسقوط عبدالرحمن الغافقي، تخاذلت جموع المقاتلين معه، وانسحبوا الي الوراء.. في تلك المعركة الدامية التي أطلق عليها المؤرخون معركة 'بلاط الشهداء' لكثرة ما سقط فيها من الشهداء.
وعندما تقدم شارل مارتل بحذر نحو المعسكرات المهجورة الا من الجرحي والمرضي، كان يخشي أن تكون هناك خدعة يرتد بعدها العرب للحرب، وعندما تيقن من انسحاب اعدائه، قتل جميع من في المعسكرات من جرحي المسلمين الذين لم يستطيعوا الانسحاب بلا رحمة، ولم يفرق بين جريح وأسير ومريض.
انما أعمل فيهم السيف، ونهب ما فيه من العتاد والسلاح وحول هذه المعسكرات الي بحيرات من دماء!
ولكنه تخاذل عن متابعة الجيش المنهزم، خشية أن تتحول انتصاراته الي هزيمة.

****

ان هذه المعركة كما يحدثنا عنها الدكتور محمد رجب البيومي، قد استشهد فيها عبدالرحمن الغافقي بعد أن ابلي احسن البلاء، وبذل اقصي ما يبذله قائد باسل في الزود عن حياضه، ولكن 'مأساة أحد' تكررت في سهول فرنسا مرة ثانية، اذ تكالب المسلمون علي الغنائم، وتركوا الجهاد، فأسفوا البطل الغافقي في الغرب كما سبق أن اسنوا الرسول الهاشمي يوم 'أجحد' في الشرق، وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد ليبرز للمسلمين شتي العبر وابلغ العظات، ولكن أين من يعقل ويتدبر ويقول أيضا:
ان كارثة الغنائم وحدها هي التي أبعدت النصر القريب، وأخلفت ظنون القائد في شجاعة جنوده، وقد دعا الي التخلي عنها دعوات صارخة حين وجد التناصر عليها يفتح باب الكارثة، واذا ضاق به الامر جاد بنفسه رخيصة هنية في جنب الله، فارتفع الي مقام البررة من الشهداء.

****

ويقول المؤرخ الكبير محمد عبدالله عثمان أن هذه الغزوة الاسلامية الشهيرة، وهذا الجيش الضخم، خيال الشاعر الاوروبي الحديث، فنري الشاعر الانجليزي 'شوذي' يقول في منظومته عن ردريك آخر ملوك القوط:
جمع لا يحصي
من شام وعرب وروم خوارج فرس وقبط وتتر عصبة واحدة يجمعها ايمان هائم راسخ الفتوة وحمية مضطربة، وآخره مروعة ولم يك الزعماء.. اقل ثقة بالنصر، وقد شمخوا بطول ظفر:
يتيهون بتلك القوة الجارفة التي ايقنوا انها كما اندفعت حينما كانوا بلا منازع ستندفع ظافرة الي الامام حتي يصبح الغرب المغلوب كالشرق بطأ الرأس اجلالا لاسم محمد.

****

وما أكثر ما في التاريخ من عبر، وأين هذا الماضي من الحاضر المتعثر.

مراجع

مواقف حاسمة في تاريخ الاسلام * محمد عبدالله عثمان
مع الابطال * محمد رجب البيومي












عرض البوم صور الخضيري   رد مع اقتباس
إضافة رد

أنت عضو منتدى قطرات أدبية فاجعل ردك يعكس شخصيتك ومدى ثقافتك و وعيك وإطلاعك



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(عرض الكل الاعضاء اللذين قامو بقراءة الموضوع : 9
متاهة الأحزان, مشاعر انثى, الخضيري, الــمُــنـــى, سحر المانع, نايف الشمري, نيفين عبدالله, نسيان, كاريزما

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نجوم بين دفتي التاريخ نسيان قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم 9 17-08-17 02:17 PM
كيد النساء في القديم والحديث ((((قوله تعالى : إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ .)) الخضيري قطرات مستمرة بالهطول 10 15-02-16 11:27 PM
عندما غير التاريخ مجراي ..!! توته قـطــرات النـثـر و الخواطــر الأدبـيــة 12 27-06-12 12:05 PM
أعظم رجل في التاريخ البشري ماااريا قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم 2 04-10-11 07:48 PM
Ooاشهر عشرين قصة حب في التاريخ والأدبOo ماااريا قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم 7 01-03-11 08:58 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية


 

      تعريب وتطوير  شبكة بلاك سبايدر التقنية 16-10-2009  

الساعة الآن 04:40 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع قطرات أدبية 2009