كل موقف يتعرض له الإنسان بحياته أشبهه أنا بالوردة.
و قد يتعجب منى البعض من تشبيهى هذا ... لأن بعض المواقف الحياتيه تكون مؤسفة و محزنة و مؤلمة ... و الورود ترتبط بمخيلة الأكثرية منا بالمواقف السعيدة أو الرومانسية فقط .
لكن أريد أن أذكر هؤلاء أنه مثلما هناك زهرات الأوركيد و الجلاديولس و البسنت و الياسمين فإنه أيضا هناك زهرات البنفسج الحزين و الروزمارى المتألم وهو ما أربطه أنا بمواقف الحياة المؤسفة و المحزنة .
أسوق هذه المقدمة لكى أربط بينها و بين موضوعى . فكما ذكرت أن مواقف الحياة كالورود ... لكن سؤالى ... كيف نتعامل مع تلك المواقف مثلما نتعامل مع الورود ؟
أول سبيل لحُسن التعامل مع مواقف الحياة سواء مفرحة أو مترحة هو أن نتيقن أن ما اصابنا هو من عند الله و أنه قدر يجب التسليم به لانه لا راد لقضائه ... و سوف يقول الجميع أن هذا أمر مٌسَلم به إدراكنا لهذه الحقيقه
لكن لنكن صادقين مع أنفسنا ... كم من حقائق و مسلمات لا نلتفت إليها أو نتناساها ؟ كم منا أصابته مصيبة و رأيناه متسائلاً فى تعجب " لماذا يا الله ؟ " ولم يقل " الحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه " أليس هذا ما يحدث أحبائى ؟ هذا أيضا ليس معناه أننا غير مدركين أنه قدر ... لكن فوجائية الحدث و ربما فجاعته تجعلنا لا شعورياً ننساق إلى مثل تلك الأسئلة . كم منا حينما نجح نسب الفضل إلى تعبه و كده و سهره و لم يتذكر أن الفضل الأول و الأخير لله ؟
لكن أيضا هذا ليس لُب موضوعى .
هنا ساداتى قسمت مواقف الحياة إلى نوعين ..... و الورود إلى ثلاثة !!!
الوردة الأولى
الوردة الأولى أقصد بها المواقف المفرحه التى تقابلنا بحياتنا .... عندما نفرح فأننا نحيا فى نشوة الفرح ..... نشوة السعادة و كأن الحياة كلها إنصبغت باللون الوردى .... كأننا لا نرى من الوردة إلا أوراقها المزهرة و شذاها العبق ... و نتناسى أن ساقها ربما تحمل أشواكاً تضيرنا .. هذه ليست دعوة للتشاؤم ... لكنها دعوة للتدبر و الحنكة فى التعامل مع المواقف المفرجة ... لا أريدكم أن تفرحون و أنتم تتوجسون خيفة .... لكن لا تفرطوا فى السعادة ... لا تتمادوا بأفراحكم ... فكل شئ يزداد عن حده ... ينقلب تلقائياً إلى نقيضه ... ففى غمرة إنبهارنا بأوراق الوردة و عبقها الشذى .... نتيقظ على أشواكها توخذنا .... فنصحو من حلم جميل .... على دماء تسيل !!
الورده الثانيه
اقصد بالوردة الثانية هى المواقف المحزنة و المؤسفة التى نمر بها فى حياتنا .... و هى التى نشعر خلالها بأن الحياة قد أنتهت .... و أنه لا مجال لنحيا من جديد ... و لا أنكر انى واحدة من هؤلاء الذين إذا حزنوا فإنهم يروا السماء و كأنها أغلقت ابواب نورها و كأن الأرض قد تفننت فى إظهار عتمتها ... لكن بفضل الله اولا ثم بعض المقربين الذين يعنيهم امرى .... اتخطى هذه المرحلة و اتمرد على هذا الشعور
هذه المواقف ... اقصد هذه الوردة ... لا يرى الناس بها الا الشوك ... و لا يشعرون الا بألمهم يأن و دمائهم تسيل و اوجاعهم تستجير ... لا يرون إلا أشواك بارزة ... توخذهم فتزيد الامهم و تجدد نزفهم و تستبيح راحتهم و تستعذب السماع إلى أنينهم ... لهؤلاء ... و لنفسى قبلهم أقول لهم ان هناك بالوردو اوراق يافعة .... و عطر ذكى ... ارفع رأسك قليلاً حتى تراه... ربما لا تشعر بجماله ... لكن المؤكد ... أنه سيخفف وطأة ألام الشوك و سيجعلك ترى شيئا ربما كنت غافلاً عنه
الوردة الثالثة
هذه الوردة لا يملكها أصحاب الورود الاولى او الثانية .... لكن يملكها المحيطين بهم ... فهؤلاء ليسوا داخل دائرة الحدث ...... لذا فهو يرون الوردة بأكلمها ... أوراقها و أشواكها ..... مواطن الجمال و الفرح و مواطن الألم و الجرح
أصحاب هذه الوردة على كاهلهم عبأ ثقيل ... لأن دورهم هو دور إرشادى .... دورهم يحتم عليهم أن يحذروا صاحب الوردة الأولى من الأشواك .... و أن يلفتوا إنتباه صاحب الوردة الثانية إلى الشذى و الأوراق ...
جميعنا .... إمتلك بيوم من الايام أحد هذه الوردات ... أو إمتلكها جميعها ... لا شئ يميز أحدنا عن الأخر فى تلك النقطة ... أما الذى يميز فعلاً فهو كيفية تعاملنا مع الموقف
ومن اى جانب وزاوية نظرنا إلى ورداتنا ؟
" من يومياتى الخاصة - نُشِرت منذ ثلاث سنوات تقريباً - آثرت نشرها كما هي دون تشذيب رغم أني أرى أنها تحتاج للكثير منه ."
اللميـــاء!
"