بسم الله الرحمن الرحيم
اتجهت الى المسجلة وقمت بتشغيلها فاذا هي تصدح بذاك الصوت الدافئ
(نسم علينا الهوى من فراق الوادي
يا هوى دخل الهوى خذني على بلادي
ياهوى ياهوى يالي طاير بالهوى )
سافرت بخيالي الى ذكرياتي معك بطفولتنا حيث البراءة والشقاوة كنا دائما نتسلل عن باقي الأطفال ونتوجه الى الوادي نجلس بالقرب منه وخرير المياه الذي يكسر ذلك السكون وأيدينا متشابكة وابتسامتك تضيء الكون بنورها لم نكن نعرف للحياة معنى سوى اللعب والفرح ;……ما زالت رنة ضحكاتك على مسمعي كأنها الان عندما مددت يدك للماء ونثرته باتجاهي انزعجت لأن ملابسي تبللت لكن سرعان ما بادلتك الابتسامة وأنا أزج بك داخل النهر.
أتذكر الان جيدا الأغنية المحببة لك كنت ترددها باستمرار
كنا نتلاقى من عشية
ونقعد على الجسر العتيق
وتنزل على السهل الضباب
تمحي المدى وتحمي الطريق
ما حدا يعرف بمطرحنا
غير السماء وورق تشرين.."
كانت هذه الكلمات فعلا ترسم قصتنا بعمق على نفس الطريق المحفوف بأوراق الشجر في تلك الحقول الخلابة بلونها الأخضر كنا نلتقي لنتحدث في أمور كثيرة ولطالما أحببت اهتمامك بي وسؤالك عني وأسعد أوقاتي عندما تغني لي بصوتك الساحر ,فمن شدة حبك لهذه الاغنية أحببتها أحببت كل شيء يتعلق بك قصصك البوليسة وقصائد نزار وحبك لكرة القدم وحتى حبك للسفر ,كنت أحاول أن أعرفك من خلال أي شيء تحبه لأكون جديرة بحبك.
وكما غنت فيروز للشتاء والصيف كانت لذكرياتنا موعد بالصيف خلال أوقات سمرنا بالليل تحت ضوء القمر حيث نجلس مجتمعين مكونين حلقة حول النار التي تكسر من قسوة البرد لتدفئنا بينما تنساب تلك الكلمات لتدفئ ما بين حنايانا :
نحنا والقمر جيران بيتو خلف تلالنا
بيطلع من قبالنا يسمع الألحان ..
نحنا والقمر جيران عارف مواعدنا
وتارك بقرميدنا أجمل الألوان
كنت أتابع كل كلمة أتابعها بقلبي وليس بعقلي وعيناك لم تفارقاني تلمع ببريق خاص كنت أنا الوحيدة القادرة على فهمها فرغم تواجدنا بين العديد من الناس الا أني اشعر كاننا في عالم لوحدنا فتنتهي سهرتنا وأنا أحمل لك بقلبي أجمل شعور .
توقف الغناء لفترة فقمت وأدرت الشريط لكن ذكرياتي مازالت تنساب كعطرك الفواح ليخترق خلايا جسمي عندما اقتربت مني ونحن على شاطئ البحر
بكتب اسمك يا حبيبي ع الحور العتيق
تكتب اسمي يا حبيبي ع رمل الطريق
ولمابيدور السهر تحت قناديل المسا
يبقى اسمك يا حبيبي واسمي بينمحى "
رسمت باناملك السمراء حروف اسمي على الرمال لكن مافتئت أن اختفت بمجرد ما لامستها موجة هائجة لكن اسمك مازال مكتوبا على جدار قلبي منذ ذلك الحين ولم تستطع أي موجة اخرى أن تنسينيه وكيف أنسى من زرع الفرح والحب بقلبي من أعطى لحياتي معنى وجعل لرضاي غاية وجوده لم نكن شخصين عاديين بل روح واحدة في شخصين فلم تعد الكلمات لغتنا بل كانت نظراتنا وأطلقنا العنان لأحاسيسنا
كما جمعتنا رابطة الدم والحب جمعنا حبنا لفيروز
بيقولوا الحب بيقتل الوقت
وبيقولوا الوقت بيقتل الحب
يا حبيبي تعى نروح
قبل الوقت وقبل الحب
لم أعرف وأنا ببملكة حبك الا الهدوء والنعيم لطالما سمعت عذاب العشاق واهات المحبين وعتاب الحساد أما نحن فكنا أسطورة غريبة ووحيدة لأن مثلك لايوجد بين البشرروحك الطاهرة وأنفاسك الطيبة وامالك للغذ ومرحك الذي لا ينتهي كنت طفلا شقيا يسكن جسد رجل
بدأت أسطورة حبنا بميلادنا ومع اشراقة كل يوم يزداد فلم أعرف يوما معك لا غيوما ولا بردا ومطرا ولا زمهريرا كنت يوما ربيعيا .
شارف الشريط على الانتهاء لكن مازال ذاك النهر يضخ احساسا قويا لايمكنه أن يجف في يوم من الأيام
سنرجع يوماً الى حينا و نغرق في دافئات المنى
سنرجعمهما يمر الزمان و تنأى المسافات ما بيننا
سنرجع خبرني العندليب غداة التقينا على منحنى
بأن البلابل لما تزل هناك تعيش بأشعارنا
و مازال بين تلال الحنين و ناس الحنين مكان لنا
فيا قلب كم شردتنا رياح تعال سنرجع هيا بنا
أبى الفراق الا أن يضع بصمته بحياتنا فذابت كل خيوط الود التي لطالما نسجناها مع مرور السنين لكن لم يعد للوجود معنى اذا كان هذا الوجود حاضرا دون وجوده فهي أجساد قابعة في عوالم متناقضة لكن الأرواح حرة ترفرف حيث تشاء وهذا أسمى حب.