حمود بإسلامه مع مايكل بإلحاده

[الملهم]

حمود بإسلامه مع مايكل بإلحاده أمام الفجوة العلمية التي بينهما :
اليوم السبت الساعة العاشرة مساء منتصف الشهر في هذا الوقت المألوف أعتاد حمود في إجازته أن يذهب إلی مقهى العقلاء ليستمتع بتذوق القهوة الفرنسية مع قراءة كتاب ينتقيه بعناية و في ليلة من الليالي أثناء تذوق قهوته اخرج من جيبه ورقة و مسك بيده اليمنی قلم ليدون ملاحظات عليها استخرجها من الكتاب الذي يقرأ منه و كتب بعض الملاحظات التي توصل لها من تأمله في المكان و مما تصوره ذهنه و في هذه الليلة زاد نشاطه لعدة أسباب و هي أولا انه في منتصف الشهر و كان القمر بدرا ثانيا لأنه يحب التأمل و أجواء المقهى تساعده علی الإنتاج الفكري .. بعد مرور وقت من وجوده في المقهى نظر إلی أحد رواد مقهى العقلاء أسمه مايكل يحمل الجنسية الفرنسية و يجيد اللغة العربية بطلاقة و سبب إجادته للغة العربية هو انه قضی أغلب عمره في الجزيرة العربية يتنقل من بلد عربي إلی بلد عربي آخر و الأهم من ذلك هو ان مجال عمله يختص في البحوث العربية فهو يدرس الفكر العربي و العوامل المؤثرة عليه كالمجالات الدينية و اللغة العربية و التاريخ العربي إلا أنه ملحد و يعلن عن إلحاده عندما يتوجه له سؤال مباشر عن إنتمائه العقيدي و ديانته و مايكل يعرف في المقهی و أمكنة عمله أنه مسالم و لا يحب المعتدين و مثقف جدا ، نظر مايكل بإتجاه حمود فرأی الثاني ينظر إليه مبتسما فأستجاب مايكل لبسمة حمود فبادله الإبتسامة ' لم تكن بينهما علاقة سابقا كل ما يعرفه حمود عن مايكل هو أنه ملحد و كل ما يعرفه مايكل عن حمود هو أنه كل يوم سبت يأتي إلی المقهى و يقرأ كتاب و يحتسي قهوة و أحيانا كوب شاي و يدون ملاحظاته علی ورقة يخرجها من جيبه و علی وجه الدقة يحدث ذلك عند نهاية كل قراءة ، بعد ساعة كاملة نهض مايكل من مكانه و هذه علامة انه ينوي مغادرة المقهى كان حمود في هذه اللحظة يترصده حتی لاحظ تحرك مايكل نحو باب المغادرة فتبعه إلی خارج المقهى ثم تحدث حمود قائلا سيد مايكل فألتفت إليه مايكل مبتسما و قال هل أردت مني مساعدة فكانت الإجابة يا صديقي أنظر للسماء الغيوم أزدحمت بصدرها و هذه بادرة و إشارة علی هطول المطر و انا أعلم أن منزلك بعيد عن هذا المكان و منزلي قريب من المقهى و أرغب في أن تشرفني لأجري معك حوار عاقل كنت أنتظره لكثرة ما سمعته عنك لماذا لا نحتسي الشاي معا قليلا حتی تهدأ الأجواء و تستقر رد عليه مايكل لأنني أحترم المثقفين الطيبين أمثالك و أعشق حديث المعرفة لن أرفض دعوتك فأبتسم حمود تحرك مايكل نحوه فترافقا لوجهتهما إلی منزل حمود و هما يتمشيان بطريقهما نحو المنزل وجه حمود سؤاله لمايكل صديقي مايكل ماذا يعني لك الوجود ؟ أجابه قائلا سؤال عميق يجب أن يتناوله فكر عميق لتكون إجابته علی السؤال دقيقة و من باب التبسيط إجابتي هي الوجود هو نتيجة عوامل أولية كتماسك الجسيمات و تفاعلات الطاقات و إمتزاجات العوامل الكيميائية و هذه العوامل أظهرت ما نطلق عليه وجود إذن الوجود هو كل شيء موجود و مرئي و لأكون واضحا معك العوامل الأولية مسألة أعقد من الحالات الكيميائية أي أنها إمتزاجات أولية كانت متلاصقة كوحدة عدمية فتفككت ليس كما يفهم البعض أن ذلك حصل صدفة أو بشكل عشوائي بل هو نتيجة تلاحم أنبثقت منه حرارة ذات كثافة عالية و هذا أوجد علاقة أنتجت تكوين جسيمات أولية انبثقت من الحرارة العالية و الكثافة الشديدة فتلاقحت ثم تماسكت و تداخلت ببعضها فنتج بسبب ذلك تفاعلات أدت في النهاية لتكوينات تطورت من تعقيد إلی تعقيد آخر بسبب العلاقات التي اتحدت حتی ظهر الوجود ثم الموجودات فأصبحت التكوينات مكونات ثم كائنات ثم طبيعة ثم نبات ثم حيوان ثم أنا وأنت و العملية مستمرة و أثناء إستطراد مايكل و إستماع حمود هطل المطر فتجنبا وسط الشارع إلی أن عبرا حواف المكان و هو الرصيف الذي بجانبه حائط يقلل قطرات المطر الغزيرة و ما ان أنهی مايكل كلامه و شرحه حتی تحدث حمود قائلا هذا هو منزلي وصلا عند الباب أخرج حمود من جيبه الأيسر مفتاحه ففتح الباب ثم قال تفضل أنك في منزلك أشعل الأضواء أدخله غرفة الضيوف رحب به قائلا أهلا و سهلا أزدان منزلي بحضورك أشغل التكييف ثم توجه حمود إلی المطبخ فتح إسطوانة الغاز سكب الماء الحار في الإبريق ثم وضعه علی النار حتی شاهده يغلي نثر قليلا من السكر بالماء حركه بالملعقة وضع قليلا من النعناع و كيسة الشاي بالماء المغلي حتی تغير لون الماء فظهر شكل الشاي فتح الدرج أخرج من العلبة قليلا من المكسرات وضعها في الصحن و في هذه اللحظة كان مايكل ينظر للحائط المملوء بالتصاميم و الرسومات يدقق بتفاصيلها و يتمعن فيها و ينظر إليها بعينيه الذكيتين دخل عليه حمود و هو يحمل الصحن أقترب منه فجلس بجواره سكب له في الكوب الزجاجي قليلا من الشاي ليتذوقه فقدمه لمايكل الذي أمسكه و شرب منه رشفه سأله حمود ما رأيك بالمذاق ؟ أنه حلو المذاق سلمت يداك أتاه الرد علی هذا النحو مع إيقاع صوت المطر الغزير الذي يتساقط علی المكان بغزارة ' هناك سر علمي يكمن في أي عملية إن أدركناها أكتشفنا ما يجري من حولنا و أزلنا الغموض عنا و أجبنا علی الأشياء المبهمة رد عليه مايكل كيف يحصل ذلك ؟ تمعن جيدا في الشاي ، من فضلك أشرح التفاصيل التي في ذهنك ! عندما تذوقت الشاي قلت أنه ذا طعم حلو طيب المذاق و أدركت طعمه و لونه إلا أنه نتيجة و كل نتيجة لها عوامل تكوين هي إمتزاجات و إلتصاقات و تماسكات و تداخلات عناصر عديدة مثال علی ذلك الماء و النار أظهرا الحرارة و الغليان و الماء و السكر أظهرا الطعم الحالي و الماء و الشاي أظهرا اللون و الماء والنعناع أظهرا النكهة وكل ما ذكرته تداخلهم و إمتزاجهم أظهر الشاي إلا أن هناك عنصر خفي وهو وحدة دفينة فاعل أولي يتعدى مسمی العوامل الأولية ماهو ؟ يا صديقي ألا تلاحظ أن المطر توقف رغم أن غزارة الحوار بدأت أبتسم مايكل وقال قل لي ما هو العنصر الخفي ؟ المحرك الذي كون هذه العملية و هي يدي التي سكبت و نثرت و وضعت و خلطت و حركت فظهرت النتيجة أمامك إلا أن هذا ليس كل شيء خلف هذه العملية قانون و هو شرط وجود مسمی محرك أول و شرطه إستقلاليته عن المكونات و هو عنصر متجرد عن بقية المكونات أي أنه خارج تفاصيلها لهذا أنا الوحيد الذي لم أصبح عنصر من عناصر الشاي رغم أنني كونته و سبب ذلك هو أنني متجرد عنه إذن أنا مؤهل لأن أكون محركا له لهذا إن عممنا الفكرة علی الوجود سنقول أن المحرك ليس من عناصر الوجود لأنه هو الذي كونه ' كلامك جميل و أعجبني إلا أنني أخالفك بنقطة و هي أنت عممت فكرتك علی الوجود و هذا لا ينبغي عليك أن تفعله لأنك من خلال ذلك تطرح تصور لن يكون من صالحك و ستنكره فيما بعد وهو أنك تبين أن محرك الوجود يماثلك أي أن هناك يد عملاقة نسجت و صممت و صنعت و حركت كل شيء و ان الكون ليس إلا حساء من صنعه و هذا لا يساعد علی التخيل أو التصور و لا ينبع من نهج علمي ، صديقي مايكل أشكرك لأنك أكدت مفهوم إيماني عميق و هو أن الموجد أو المحرك أو الله ليس كمثله شيء أي هو غير مجسم كما أن عناصر الكون ليست كعناصر الشاي لهذا مفهوم محرك يجب أن نضيف له أولي ليصبح المسمی المحرك الأولي و سأشرح لك مسألة علمية هامة و هي أنا محدد لأن هناك ماهية تحيط بي و كل ماهية تحيط ما أدنی منها تجسمه أي تحدده و تشكله و هذا سبب تجسيم و تجسيد الشيء المعين لأن هناك ما يحيطه و يحتويه و لا يستثنی من هذا الأمر إلا من يحيط بكل شيء و شرط ذلك أن لا يحيطه و يحتويه شيء و يحيط و يحتوي كل شيء ' أبتسم مايكل فقال كيف نثبت وجود ما تدعيه ؟ نثبت ذلك بعدم إغلاق مجالات البحث العلمي ، كلامك جميل لكن واقعيا أنت تستند علی ماذا فيما ذكرته أنا علی سبيل المثال أستند علی هذه العوامل و هي الموجود و المتفق عليه و العالم المرئي و القياس و النهج العلمي و التجارب و العلوم و الرياضيات التي برهنت تكوين العوامل الأولية و لا أعتمد علی ظنون و أوهام و أحلام و توقعات أو وجهات نظر لأنها تؤدي إلی شكوك و تناقضات و إحتمالات و جميع ما ذكرته يؤدي إلی تصديق الخرافة ، أخالفك بتحديدك الذي لم يراعي الثورة العلمية الجديدة و الإكتشاف العلمي الصحيح و البرهان الذي لا يندثر لهذا أنا أستند علی ما أخبرتك و هو قانون إن أستطعت أن تبين انه خطأ تفضل و إلی الآن أنت لم تستطيع تعطيله و إنكاره و هو خلف كل عملية قائمة محرك يستقل عنها و يتجرد عن تفاصيلها و يؤثر عليها و يحيط بها و كل مجسم أو كل ما له تكوين حصل تجسيمه بسبب إحاطة ماهية أحتوته و أثرت عليه و جعلته علی هيئة حدود و هذا يؤدي إلی نهج علمي يضاف علی كل ما ذكرته و هو إكمال البحث العلمي و عدم الإكتفاء بالحدود لتكتمل الإجابة و نصل إلی المحرك الأولي الذي ألصق كل شيء بكل شيء القانون الثاني الذي يتعارض مع العشوائية و المحدودية هو أن كل محرك يتجرد عن تفاصيل العناصر التي أثر عليها و إلا لن يستطيع تحريكها و تجسيمها و التأثير عليها إن كان من تفاصيلها سيكون ضمن عملية التفاعلات و تتبع هذه السلسلة يؤدي للإقتراب من معرفة المحرك الأولي إذن ما ذكرته لي سابقا أكملته لك الآن و هي أن العوامل الأولية ليست إلا نتيجة تحريك و البحث العلمي معرفة من هو المحرك لهذا المجال العلمي يجب أن لا يكون مغلق و لا محدد و لا مقيد و ينبغي أن يكون متاح للجميع سواء كانوا موحدون (موحدين) أو ملحدون (ملحدين) و الحقيقة بينهما أي وصل شيء بشيء يكشف ما بينهما و هو الجامع لهما ' نظر مايكل لساعته ثم قال نعم صحيح كأنك فتحت صراع علمي جديد أجابه حمود أنني مثلك رجل مسالم فأبتسما ، أسمح لي صديقي حمود سأقلب فكرتك رأسا علی عقب أنت تقول كل شيء نتيجة لتحريك محرك أولي و هذه رؤية جميلة إلا أن الواقع لا يتعامل مع الرؤى الجميلة مثال علی ذلك الكأس الزجاجي إن رفعته و أسقطته علی الأرض سيتكسر و ستتناثر القطع الزجاجية في المكان و هذا يدل علی أن العالم ليس منظم بل هو عالم قابل للتمزق و التفكك ليس فقط التحريك و التكوين و انني أری الموحدون (الموحدين) ينظرون إلی هذا المبدأ الخيالي و هو أن كل شيء جميل و بديع و منظم و هذا ليس صحيح ألا تلاحظ أن العالم يدمر نفسه تدريجيا و انه فوضويا و مبعثرا و غير منظم و لا يدرك ذلك إلا الساسة ما رأيك فيما ذكرته ؟ أشكرك علی ما طرحته و ما قدمته زادني إيمانا و علما و لم يتناقض مع ما ذكرته من جهة و من جهة أخری أثبت مسألة هامة الملحدون (الملحدين) ينكرونها المسألة الأولی أنت قلت إن رفعت الكأس أليس هذا تحريك و أليس نابع من إحاطة و هذا مقياس التأثير و التأثر قبل وجود اثر أليست يداك متجردة عن عناصر الكأس و المسألة الثانية ذكرت أن العالم يتقبل حالين تكوين و تفكيك أي أنه يتكون و يتدمر و هذا يدل علی أن المحرك الأولي يحيط بالحالتين أو كما أقول فعال لما يريد و هو لا يتحدد بمقياس أليس للكون بداية و له نهاية أليس هناك حياة و وفاة و ولادة و موت ضحك و بكاء لذة و ألم أنت كسرت الكأس و أنت إنسان و هناك من يصنع الكأس و هو إنسان إذن الإنسان يحتوي الحالتين و يحيط بهما أي هو يدمر او يعمر هذا يدل علی أن لكل شيء نقيضه أليست هكذا هي فكرة الخير و الشر الحق و الباطل البداية و النهاية الوجود و العدم العلم و الجهل الجنة و النار إذن يا صديقي يلزم التحريك الأولي إحاطة و هي تتحقق في إحتواء و هو إبداء الشيء و إنهائه أي كما ذكرت تجميعه و تفكيكه إذن يا صديقي الرعد و البرق لم يخرج من عوامل دون تحريك أولي من محرك أولي و إلا لكانت عوامل تفكيك الكأس هي من بعثرت تكوينها دون تحريك محرك يتجرد من مكونات ما أثر عليه لو تتبعت التحريك لوجدت خلفه محرك حتی تصل لأصل كل شيء و هو تحريك أولي لا يبديه إلا محرك أولي و هذا أصل البحث العلمي الكبير ' لا أود مقاطعتك لكن الوقت تأخر و الحوار معك ممتع عبرنا الوقت بشكل سريع جدا و توقف هطول المطر و أعدك انني سأكمل حواري معك لاحقا لكن من باب الإنصاف سأخبرك انني أدركت من كلامك أمرا هام و هو أن المحرك الأولي ليس ما تم إيصاله لعقولنا نحن الملاحدة كنا نتصور أنه هيئة جسمية و أنت غيرت ذلك و أحدثت نماء لتصوري عن ماهية المحرك الأولي أشكرك صديقي مايكل و لأرد لك الجميل أخبرك أيضا أنك وضحت مسألة هامة و هي فكرة الصدفة أنت وصفت حالات تداخلت فكونت نتيجة أي أبتعدت عن ذكر الشيء المبهم كنتيجة ألا وهي صدفة فتطرقت لمسببات التكوين الأولية الملحدون وصفوها علی أنها شيء حدث دون تعقيد أو تقعيد علمي شكرا صديقي حمود علی لطفك إذن خرجنا بنتيجة هامة و هي ان مجال البحث العلمي لم ينتهي و الملف لم يغلق و مهمتي و مهمتك معرفة سر عملية العوامل الأولية أليس كذلك ، بل مهمتي و مهمتك هي معرفة ما الذي يحيط هذه العوامل الأولية يا صديقي و هي التحريك الأولي الذي نتج من المحرك الأولي - إذن سنتسابق من جديد لنعرف من الذي سيقدم الثورة العلمية الجديدة و القيمة هي لصالحنا جميعا لأنها ستقلص الفجوة العلمية و الأهم من ذلك وصل شيء بشيء آخر ليحدث التماسك الكلي ' إلی اللقاء صديقي حمود إلی الملتقى يا مايكل سألقاك في مقهى العقلاء ومعي الدليل العلمي ، إذا أنتظرك صديقي حمود '' لن تنتظرني الآن لأنني سأوصلك للمقهى لأنني رافقتك إلی هنا من هناك و أنت أمانة عندي يا مايكل الذي تفعله معي هل أسمه في الإسلام خلق أم عدل أم إحسان - كلهم هم لا ينفصلون .. هذا ما ينبغي أن نشاهده في النقاشات العلمية

 

[طلال]

نقاش علمي ممتع
لكن ذلك لأهل الاختصاص و العلم الشرعي
حتى لا تتزعزع العقيدة عند مجادلة الملحدين
رأيت حمود بشخصه و علمه و إسلامه وحسن خلقه
كيف جادل مايكل و من وجهة نظره و هذا اسلوب
قوي و مقنع جدا
و أخذه باللين و النقاش
لنعلم كل الأمم ما هو الإسلام و خلق الإسلام
لكن للأسف الشديد حتى في بلاد العرب و المسلمين غابت تلك الروح وتملكت روح الغش
و الكذب و الفسق
وتكالبت علينا الأمم الفاجرة الفاسقة
وليتنا نخرج من الذل و المهانة التي أودت بنا
وفرت شمل هذه الأمة العظيمة

الملهم سلمت يداك