مر العرب قبل الاسلام بفترة أصطلح على تسميتها بالجاهلية , وسميت بذلك لبعدهم كل البعد عن معرفة خالقهم بعبادتهم لتلك الحجارة من دون الله وبعض العادات السيئة .
وفي المقابل كانت لدى العرب بعض الخصال الحميدة التي كانت رصيدا لهم بين الامم ,والتي غابت عن العرب في عصرنا الحديث من الوفاء بالعهد واحترام المواثيق ونصرت المظلوم والصدق والكرم والعفاف وتهذيب النفس وقد سطرت قصائدهم تلك الاخلاق ,وكما قال الشاعر عنترة بن شداد
وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي
حتى يُواري جارتي مأْواه
وكان العرب ينصرون المظلوم الضعيف على الظالم القوي حتى يرد الحق الى أصحابة ,فقد شهد الرسول الكريم على ذلك حلف الفضول, عَن عَائِشَة ام الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول (لقد شهِدت فِى دَار عبد الله بن جدعَان من حلف الفضول مَا لَو دعيت إِلَيْهِ لأجبت وَمَا أحب أَن لى بِهِ حمر النعم) .
وبزغ نور الرسالة المحمدية لينبذ الشرك والكفر ويدعو الى التوحيد الخالص ويثبت الاخلاق الحميدة في نفوس العرب وينبذ سيئها ,فقال عليه الصلاة والسلام " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" و الاخلاق من أسس الدعوة المحمدية .
أما في العصر الحالي فيعيش العرب جاهلية من نوع أخر ,وهي جاهلية في الاخلاق لا في الدين فقد ضاعت حقوق الناس وظهرت الاخلاق الفاسدة, وأصبح بعض العرب للأسف الشديد يتنافسون ويتباهون في أكل مال الضعيف ,وفضح عورات المسلمين التى سترها الله بالإسلام , وأنتشر بين البعض الكذب حتى أصبح عادة بنقل الاخبار المظللة الواهية التي أفسدت العقول والذمم , ونقضت الكثير من العهود والمواثيق ,وكل ذلك بسبب ضياع الاخلاق القويمة التي حث عليها الاسلام بالأجر العظيم على فاعلها . فقال عليه الصلاة والسلام :" أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق "
وشتان بين الجاهليتين الاولى والثانية ,فالأولى جاهلية في العقيدة والثانية في الاخلاق ,وبعد كل هذا أصبحت أخلاق المسلم العربي ميزه تميزه عن غيرة من بني جلدته بعد ما كانت صفة ملازمة له حث عليها الدين الحنيف .