ج8
لبنى :اعرف أنها فتاةٌ ثرية مرفهة عاشت حياتها متنقلة بين أروع المدن في لندن وباريس .
أحمد :ألم تحضر لزيارة الوطن أبداً...؟؟
لبنى :لقد ولدت في قريةٍ ما أو مدينه لست أعرف المكان تحديداً لكنها ولدت في منزل جدها من أمها ثم سافرت برفقة والديها كانت لا تزال رضيعه لم تحضر لزيارة الوطن أبدا إلا مرة واحدة برفقة فريق سياحي قضى أسبوعا في أحد الأماكن التاريخية تعرفت عليها وتآلفنا سريعا لكن إقامتها لم تطول هذا كل ما أعرفه عنها .
أحمد :أتعلمين ...ما رأيته اليوم بأم عيني يناقض ما أسمعه منك الآن لكنها قالت لي في لقائنا الأول أنها الزيارة الأولى للوطن وهي لا تعرف هنا أي شخص...لكن .
حدقت به :لكن ماذا ....؟تكلم بما تحسه .
أحمد :ألم تشعري أنها قريبةٌ من بعض الأماكن وكأنها تعرفها حق المعرفة {نظر للبنى بحيرة }بدا هذا واضحاً جليا عند الشاطئ لكن حتى هي تؤكد على أنها لم تكن هنا يوماً.
لبنى :اسمع يا أحمد ـ هناك شيئا ربما لا تعرفه أنت لكنها من أخبرتني بذلك .
أحمد :بماذا أخبرتك ,تكلمي .
لبنى :هي تتلقى العلاج على يد طبيب نفسي ,نعم هي مريضه بالوهم أو ما شابه ألا تعتقد أن لمرضها علاقة بتصرفاتها ؟؟
ضحك بملء قلبه :يتبادر إلى ذهنك أنها مجنونة {حدقت به بصمت }أعتقد أنها تتعرض لغسيل ذاكرةٍ تام يا لبنى.
ضحكت بعفوية :غسيل ذاكرة ؟؟هل تعي ما تقول !؟
أحمد :لو كان لمرضها علاقة لظهرت تلك التصرفات بأماكن أخرى هي الأقرب لحياتها في لندن كمدينة الألعاب في العاصمة وسوق الذهب الكبير والتجمعات التجارية ,مثلها يا عزيزتي مؤكد قضت الكثير من أوقاتها بالتسوق والترفيه أليس كذلك ...؟
لبنى فقط أمهليني بعض الوقت لأتأكد من ذلك ...هيا بنا نغادر .
ذهلت من طلبه حدقت به ثم بالضريح الصغير محدثةٌ نفسها :يااااااه أي سحرٍ وجاذبية تمتلكين يا أسيل أي قوة بك سيطرت عليه حتى أنه نسي ملاك على قربه منها ...
أفاقت على صوته :ألن ترحلي من هنا معي يا حبيبة القلب {نظرت ليدة الممتدة لها}
أمسكت بها مبتسمة محاوله إخفاء قلقها من القادم ومضت معه ليمضي أسبوعاً آخر وبل يزيد .
بتلك الفترة كانت أسيل تزور الميتم كل يوم على أنها لم تلتقي وأحمد أو لبنى لم تبحث عنهما لم تحاول الحديث إليهما وكأنهما آخر ما تهتم له أو تذكره .
إذا كان حضورها اليومي بذريعة العمل ليس من أجل الحبيب الغالي ,إذن لم تكلف نفسها عناء الوصول لهذا المكان ؟؟؟
طوال تلك المدة لحظت سميه على أسيل التعب والإرهاق بين الفينة والأخرى مواقف تحدث من الصبية فتهيج الدمع في مقلتيها والألم الرهيب في رأسها وصدرها معاً.
سميه :أسيل يا ابنتي ...
أسيل :نعم يا خاله ,هل من شيء ..؟؟
سميه :أريد الحديث معكِ {لم تنظر للخالة بقيت في مكانها تتأمل اللوحة الكبيرة على الجدار في حجرة الأطفال }ألا تسمعيني يا أسيل ؟؟
ردت بخجل :أعتذر سمعتك ولكن ...
سميه :لكن ماذا ؟أتمي حديثك ولو لمرةٍ واحدة لا تبتلعي الكلمات فأنا أريد معرفة ما تخفيه وراء ـ لكن ـ هذه .
أسيل :أعتقد أن هذه اللوحة رائعة وتحمل من عبق الطفولة الكثير لست راغبة بالتخلص منها بعد طلاء الجدران سنعيدها إلى مكانها ما رأيك ؟
سميه :هي لوحةٌ قديمة وقد عاثت بها الأيام فسادا وتشويه أرى أن نلقيها على مكب النفايات .
ردت بتوترٍ ملحوظ :كلا يا خالة أرجوك ,دعيها هنا في شطرٌ من المكان
حدقت بها مذهولة :شطرٌ من المكان !وهل عرفت هذا المنزل قبل اليوم لتكون اللوحة في نظرك شطرٌ منه ؟
تبسمت :ربما لم أعرفه بعيني لم أقضي فيه شيئا من عمري لكن قلبي يعرفه ويعشقه ...ذاكرتي التي تتعرض للقتل كل يوم على يد الطبيب تكاد تصرخ بأنها تعرفه .
سميه :حسناً لأجلك أنت فقط سأبقيها على أن نجد لها مكاناً مناسب أكثر من هذا الجدار.
حدقت أسيل بالجدران والأسرة وأمسكت رأسها لئلا يتفجر من الصداع الذي تحدثه تلك الصور المتدافعة منه وإليه ...
ليتكم تصلون إلى عينيّ ليتكم تجيدون إيقاظ ما نام من ذاكرتي وإعادة الروح لما مات منها .
أمسكتها سميه بقلق :هل أنت بخير ...هل أتصل بالطبيب ؟؟؟
أسيل :كلا يا خالة لكني سأضع اللوحة على الجدار الغربي قرب النافذة الكبيرة .
سميه : ولماذا هنا بالذات ؟؟!
\
\
يتبع