العودة   قطرات أدبية > الأقـــســــام الأدبــيـــة > قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
التسجيل القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 13-04-10, 07:52 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

الإخاء




إنّ كلمة الإخاء التي ينادي بها دعاة الإنسانية في عصرنا, ليست ابنة اليوم فحسبُ, بل هي ابنة جميع العصور, وقد برزت إلى الوجود منذ شعر الإنسان بأنّ بينه وبين الآخرين اشتراكًا في فكرة أو عاطفة أو منفعة, وبأنهم يشبهونه رغبات واحتياجات وميولاً. يجب أنْ يتألم المرء ليدرك عذوبة الحنان, يجب أنْ يحتاج إلى الآخرين ليعلم كم يحتاج غيره إليه, يجب أنْ يرى حقوقه مهضومة يُزدري بها ليفهم أنّ حقوق الغير مقدسة يجب احترامها, يجب أنْ يرى نفسه وحيدًا, ملتاعًا, دامى الجراح ليعرف نفسه أولاً ثم يعرف غيره, فيستخرج من هذا التعارف العميق معنى التعاون والتعاضد. كذلك ارتقى معنى الإخاء بارتقاء الإنسان.

فى جمعيات سرية وعلنية, في جمعيات علمية وفلسفية ودينية وروحانية استُعملت كلمة الإخاء بين الإنسان والإنسان قرونًا طوالاً, حتى جاءت الثورة الفرنساوية تهدم أسوار العبودية بهدم جدران الباستيل, وتعلن حقوق الإنسان مستخلصة من بين الأخربة والدماء والجماجم, كلمات ثلاثًا هنَّ شعار العالم الراقي: حريةٌ, مساواة, إخاءٌ.

حرية, مساواة: كلمتان جميلتان يخفق لهما قلبُ كل محب للإنسانية, لكن - لا بدَّ لكل شيءٍ من (لكن) - هل كان تحقيقهما في استطاعة البشر? ما أضيق معنى الحرية إذا ذكرنا أنّ مجموعة الكائنات تكوّن وحدة العالم, وأنّ على كلٍّ منها أنْ يصل إلى درجة معينة من النمو مشتركًا مع بقية الكائنات في إكمال النظام الشامل. وفي وسط هذا النظام القاهر نرى الإنسان وحدهُ متصرفًا في أفعالهِ بشرط أنْ يخضع للقوانين المحيطة به والنافذة فيه. هو حرٌّ بشرط أنْ تنتهي حريته حيث تبتدئ حرية جاره, وبشرط أنْ يعلم أنه حيثما وجَّه أنظاره وأفكاره وجد نظامًا معينًا; وأنّ حريته, كلَّ حريتهِ, قائمة في اختيار السير مع ذلك النظام أو ضده, واستعماله للخير أو الشر, للربح أو الخسران. فما أكثرها شروطًا تقيد هذه الحرية التي تندكُّ لأجلها العروش وتتطاحن الأمم للحصول عليها!

أما المساواة فحلمٌ جميل ليس غير. لأن الطبيعة في نشوئها التدريجى لا تعرف إلاّ الاختلاف والتفاوت. أين المساواة بين النشيط من البشر والكسول, بين صحيح البنية والعليل وراثة, بين الذكي وغير الذكي, بين الصالح والشرير? كلا, ليست المساواة بالأمر الميسور, بل هي معاكسة لنظام حيوي إذا غولب كان غالبًا قاهرًا.

كلمة واحدة, تجمع بين حروفها الحرية والمساواة, وجميع المعاني السامية والعواطف الشريفة. كلمة واحدة تدلّ على أنّ البشر إِذا اختلفوا في بشريتهم اختلافًا مبينًا فهم واحد في الجوهر, واحد في البداية والنهاية. كلمة واحدة هي بلْسم القروح الاجتماعية ودواء العِلل الإنسانية, وتلك الكلمة هي الإخاء. لو أدرك البشر أخوَّتهم لما رأينا الشعوب مشتبكات بحروب هائلة صرعت فيها زهرة الشبيبة, وما زالت الدماء جارية في القارات الأربع وما يظللها من سماء ويتخللها من ماء. لو أدرك البشر أخوَّتهم لما وجدنا في التاريخ بقعًا سوداء تقف عندها نفوسنا حيارى. لو أدرك البشر أخوَّتهم لما رأينا المطامع تدفع الأمم القوية إلى استعباد الأمم الضعيفة. لو أدرك البشر أخوَّتهم لما سمعنا في اجتماعاتنا كلمات جارحات يجازف بها كلٌّ في حق أخيه, وهي من أركان أحاديث صالوناتنا الجميلة. ولكن لننزلنَّ قليلاً إِلي ما هو تحت السياسة والتاريخ والصالونات, لننزلنَّ إلى مهبط الشعب حيث الشقاء مخيم, واليأس مستديم.

يتفجر ينبوع النهر في أعالي الجبال, فيهرول مقهقهًا على الصخور, حتى إذا ما حشر وسط الشواجن الخضراء ملأ الوادي ألحانًا وأنغامًا. يجري في الصحاري والقفار فتنقلب القفار والصحاري مروجًا خصيبة وجنات زاهرة. يسير في البادية والحضر على السواء فيروي سكان المدينة وأهل القرية بلا تفريق بين الشريف والحقير. يرضع الأشجار بتغلغله في صدر الأرض الملتهب, ويغذي الأثمار والنبات ناظمًا لآلىء في ثغور الورود. وكلما وزع من مياههِ زادت مياههُ اتساعًا وتدفقًا, فيتابع السير بعقيقه الفخم واسع العظمة رحب الجلال, حتى إذا ما جلب النفع على الكائنات, وملأ الديار خيرًا وثروة وجمالاً, رأي البحر منبسطًا لاحتضانه, فشهق الشهيق الأخير, وانصبّ في صدر البحر مهللاً مكبرًا. كذلك عاطفة الأُخوَّة لا تكون أخوَّة حقيقية إلاّ إذا خرجت من حيز الشعور إلى حيز العمل, تنفجر عذوبتها على ذرى الاجتماع, وتجري نهرًا كريمًا بين طبقات المجتمع, فتلقي بين المتناظرين سلامًا, وبين المتدينين تساهلاً, وتنقش محامد الناس على النحاس; أما العيوب فتخطّها على صفحة الماء. تساعد المحتاج ما استطاعت بلا تفريق بين المحمدي والعيسوي والموسوي والدهري. ترفع المسكين من بؤس الفاقة, وتنشر على الجاهل أشعة العلم والعرفان, وتفتح أبواب الرجاء لعيونٍ أظلمتها أحزان الليالي. فكم من درةٍ في أعماق البحر لم تُسَرَّ بها النواظر لأن يد الغوَّاص لم تصل إليها! وكم من زهرة نوَّرت في الفقر, فتبدد عطرها جزافًا في الهواء! إنما الإخاء يزيح بيده الشفيقة الشوك عن الزهرة المتروكة, ويرفع لها جدرانًا تقيها ريح السموم الفتاك. هو العين المحبة التي ينفذ نظرها إلى أعماق النفس فتري أوجاعها, وهو الهمة العاملة لخير الجميع بثقة وسرور, لأنه القلب الرحيم الخافق مع قلب الإنسانية الواجف.

الإخاء! لو كان لي ألف لسان لما عييتُ من ترديد هذه الكلمة التي تغذت بها الضمائر الحرة, وانفتحت لها قلوب المخلصين. هي أبدع كلمة وجدت في معاجم اللغات, وأعذب لفظة تحركت بها شفاه البشر. هو اللِّين والرفق والسماح, كما أنه الحِلم والحكمة والسلام. لو كان لي ألف لسان لظللت أنادي بها (الإخاء! الإخاء!) حتى تجبر القلوب الكسيرة, حتى تجف الدموع في العيون الباكية, حتى يصير الذليل عزيزًا, حتى يختلط رنين الأجراس بنغمات المؤذنين, فتصعد نحو الآفاق أصوات الحب الأخويّ الدائم














عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:53 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

ألحان الخريف



طافت في الجوّ روح الخريف, يا سوريا,

وعلى ضفاف النيل أنشأت ربة الشعر تشدو,

فخالجني الشعور بالوحشة

لاغترابي عن سحرِك البعيد, الخفىّ

وها يعاودني ذكرُ ربيعك البهيج,

وعهدُ الساعات المفعمة هناءً وصفوًا

ساعات خلت من الغموم والدموع

ولكن سرعانَ ما تولّت!

وفى تبلبل مخيلتي وازدحامها

يتجلى لي من لبنانك الوسيم

رسمٌ نمَّقَته آلهةُ الفنون

تحت سماءٍ صافية, وزرقةٍ فاتنة

فألمح الأرز الرفيع الذرى

تتمايل أغصانه سامقةً نحو العلي

تُلامِسُ أطلس الجوّ بأطرافها الخضراء العسلية,

لَمْسَ قلمٍ يخطّ على الصفحة النظيم...

وإني, يا لبنان, لأحدّث نفسي بحديث صيفكَ,

وأسمعُ صدح أطيارك في حدائق حفلت بالورد,

وأستعيد نداءات القلوب, ذات الحبّ الراسخ العنيد

التي ذاقت نشوة الطرب في ظلّ أحراجك,

وتمتلكني حاجات النفوس الغضّة النقية

من ظمأٍ إلى الحب, وركونٍ إلى الإيمان,

وثقةٍ بالأملِ, والصدقِ والامتثال,

ويقينٍ بذيوع العطف, وخلودِ الصلاح!

كنت في المدرسة, وسنّي دون الخامسة بعد العاشرة

ومشهد الأمواه يعرض لناظريَّ رُؤى الفراديس

فتهتزّ نفسي وتسمو وتطير... ومنذ ربيعَيْن اثنْينْ

لم تَنْسَى مني الشجن, يا هذه الهزّة الشعرية!

كالشمسِ والصَحْوِ للدَّجَنِ والمطر سحرُهُ

وكالسعادةِ والهناءِ وللغَمِّ لذاذاتُهُ

أيها الخريف! يا موسم الصفائح والمعالم فوق القبور

وموسم الأشرطة والأزهار المبلّلة بالدموع

وموسم أشجار السَّرْوِ الساجعةِ في المدافن

وموسم تفطّر القلوب حسرةً وأسىً!

يا مَوْسِمًا لا يُنسى

مما نستحضرهُ حيال مضاجع الراحلين

إذ تتلمّس أيدينا دقائِقَ ما لا يُلْمَس

من أشتات الآمالِ المبعثرةِ الزاوية!

يا موسم الشكاية, والعويل والانتحاب

بعد الضَّحِكِ الذي انقضى ولن يعود,

وموسم اليأَس الذي يُفجعُ الفؤاد

إزاء عمق المسافة, وجور الزمان,

ها هي ذي روحك الموزّعة الشائعة

تتجمعُ لندائي, وتفزعُ للتذكارات الرهيبة,

فما أنتَ إجمالاً, يا أيهذا الخريف

إلا موسم الأجفان المسبلة الجامدة...



من ديوان (أزهار حلم)
أصدرته مي باللغة الفرنسية عام 1911م



"يتبع"














عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:54 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

أتعرفُ الشوق والحنين ..


انقضى من الشتاء أكثره, وتململت الأرض لتستيقظ, واتضحت خطوط الأفق
كأنما هو تلقّى من روح الخليقة هيئة ونظرة وإشارة, وسرت فيه اللواعج
فإذا بقبته حافلة بحضور نفس عظيمة تهتز وتنبض وتشرئب إلى ناحية
معينة باسطة ذراعيها في لهفة واستعطاف.
***
الفأس بيد الفلاح شقت قلب الأرض فتحركت فيها رواكد الحياة وفاحت رائحة
البذور التي زرعت هنا موسمًا بعد موسم وأنتجت إلة تلو إلة,
وتقلبت فيها كوامن الألم الأبكم والكد المحتوم, وانتشر أريج الأزهار على
سياج الأسوار وعبق شذا النبات والريحان في الحدائق وذاعت رائحة النيل
الذي يجرف الأوحال المحسنة والتراب النفَّاح من أعالي السودان.
واشتعل لهيب الشمس فتضوعت رائحة النضج في الغصون.
وهتف النسيم العابر ينثر عطور الربوع القصية والأزهار المجهولة.
كل ما على الأرض يحدث عن عاطفة مركبة لا توصف ولا تحد, وجميع العطور
والمشاهد والأصوات تولد الشوق والحنين.
***
هاك السور يقطع المسافة ويعلن حكمة القيود والحدود.
وبين البساتين المنسقة والرياض الغناء وأسراب النخيل تنتصب الصروح
والقصور, وعلى جدرانها العارية ترقص أطياف الظل والنور.
وشريط النيل الأزرق منوع الأشكال في توزيعه الري والنعمة, فهو هنا يطوّق
جزيرة, وهناك يدفق شلالاً, ويجري من بعد نهرًا تائقًا إلى البحر.
وتتلألأ وراءه الضفة الأخرى بارزة المنازل بين طاقات النضارة, وتحمل
في أقصاها كتلة المدينة العظيمة تعلو فوقها قامات المآذن, ويخفرها
جميعًا حصن صلاح الدين.
وتساندت وراءها الآكام الجرداء في ألوان باهتة من الصخر والرمل
والتراب المتجمد.
وامتزجت في الجو كل أصباغ السماء وأذواب الياقوت والفضة والزمرد,
مدرجة في مهاد من النور الفتي, كأنما نحن في الساعة الأولى إذ خرجت
البرية مجلوّة من يد الباري.
كلّ ما هنا رؤي متجسدة متبلورة ترى ولا تدرك
أَخَبَرت الحنين الذي يحدثه مشهد ما يتحرك ويتغير كما يحدثه ما يبقى
على جموده المملوء معنى وتصميمًا!
أَعَرفْتَ الشوق وقد ثار وفار.
وأطلق من وجدانك شخصًا مجهولاً منك يطمح في وجع وتفطّر إلى البعيد السحيق?
أَعَرفْتَه تنبهه المحسوسات, وتزكيه المدركات, وتؤججه الذكريات?
أَعَرفْتَه يرعى في كيانك فأنت روح تلوب, وصوت يلهج, ويد تلتمس,
وجوانح تضطرم, وجنان يتسعر, وضلوع تتفجر?

::













عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:55 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

كـــــآبــــــة



لقد أبصرتك تتولدين، يا وريقاتي

العزيزة، وراقبتك تنبتين، وكنت

صغيرة تنمين في حلة خضراء

ناضرة هلا حدثتني: كم من قبلة

طاهرة شهدت، وأنت على الأفنان

أما كفاك العناق فيما بينك كلما هب

النسيم عليك مداعباً؟ أيتها الحسودات

الصغيرات، من عل رأيت السرور

يمر فطلبته، ظناً منك أن السعادة على

الأرض تقيم لكن لا، لا سعادة عندنا،

لأن الإنسان يرسم أمانيه، ويعجز عن

تحقيقها. وأنت أيتها الوريقات الساذجة

التي بذلت الجهود للتخلص من العبودية

إنك لن تظفري بما شاقك عندنا من مظاهر

الحرية، فالتقلب في التراب، والتمرغ في

الأوحال هو كل ما ستنالين حتى التحلل

والاضمحلال! وأنا حزينة إذ أراك تتناثرين

وترفرفين نحو مثواك القاسي الحزين أيها

الإله! لماذا وضعت في عيني الإنسان هذه

العبرات، قضيت بألا تجف ولا تنضب؟

لماذا؟ أي مسرة أنت ملاق في النكال

والإيلام؟ إنك لقادر ونحن ضعاف، إنك

العظيم ونحن البائسون نحن أشرار وأنت

كل الصلاح، أما كان الغفران أجدر برحمتك؟

أو ما كانت ملاشاتنا أوفق لرحيب قدرتك؟

ولكنك لم تفعل هذا أو ذاك، ونحن نشقى،

ونحن نتعذب. نفسي اليوم حزينة، وحزنها

قائم، واكر في الأوراق المتناثرة، وفي

الأحياء الذين يضحكون،وفي الموتى

الذين مضوا كأنهم لم يكونوا













عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:55 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

ارتياب



أصـــــديقتى ذات العيـــــو ن النجــل, قــد ولّــي النهـارُ!
والــــريح هوجـــاء تهـــبّ بنــــا وليس لهــــا قـــرارُ
ولهـــــا أنيــــن ثــــائرٌ كــــالقلب عـــاوده ادِّكـــارُ
ولهـــا صـــدًى فـــي النفس مكـبـــوتٌ, عصــىُّ, مســتثار
أصـــــديقتي, ذات العيـــــو ن النجــل! قــد ولّــى النهــار
بيـــن الزهـــور جلســت أحـ ـلـــم فــي حــنين واكتئــابِ
والزعـــزع النكبـــاء تـــعـ صـــف كـــل آونــةٍ ببــابى
والســــحب باكيـــة, فـــوا شـــجني لهـــذا الانتحـــاب!
فلكـــم يثـــير مــن الشــجى فــى مهجــتي دمــع السـحاب!
بيـــن الزهـــور جلســت أحـ ـلــم فــي حــنينٍ واكتئــاب.
هــــل تذكـــرين اليـــوم رأ س العــام, مــا أحــلاه ذكـرى!
يـــومٌ بـــه الســرّ الخــفيّ أضــاء فــي عينيــكِ ســحرا
وهــــلال روحـــي عـــابدٌ مِــن رُوحــكِ المعبــودِ بــدرا
يــومٌ بــه أوحــيت فـي نـفـ ســــي حديثًــــا مستســـرّا
هــــل تذكـــرين اليـــومَ رأ س العــام? مــا أحـلاه ذكـرى!
أســـفي لهـــذا الشــهر قــد ولَّـــــي, وآذن بانتهـــــاءِ
فيــــه رأيتــــك مـــرتيـ نِ, لـــدي ســـويعات المســاءِ
والآن أقضـــي الليـــل فـــى غـــير ابتهـــاجٍ أو صفـــاءٍ
واحــــرّ أشـــواقي لفـــجـ ــــرٍ منــك فتــان الضيــاءِ
أســـفي لهـــذا الشــهر قــد ولّـــــي, وآذَنَ بانتهـــــاءِ
ليــــلٌ مطــــيرٌ حــــالكٌ وكأنــــه ليــــل الـــوداعِ
والفكـــر أقتـــم لــم يــزل وســط الهواجــس فــي صـراع
أمســــى الفــــؤاد ممزّقًـــا بيــــن ارتيـــاب وارتيـــاع
مــاذا لــو كـان فـؤادُك المـغـ ــــرورُ أولـــع بـــالخداع?
ليــــلٌ مطــــيرٌ حــــالك, وكأنــــه ليــــل الـــوداع















عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:56 AM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

عام سعيد




كلمة يتبادلها الناس في هذه الأيام ولا يضنّون بها إلاّ على المتشح بأثواب الحداد,
فإِذا ما قابلوه جمدت البسمة على شفاههم وصافحوه صامتين كأنما هم يحاولون طلاء وجوههم بلونٍ معنويٍّ قاتم كلون أثوابه.

ما أكثرها عادات تقيِّدنا في جميع الأحوال فتجعلنا من المهد إلى اللحد عبيدًا!
نتمرّدُ عليها ثم ننفِّذ أحكامها مرغمين, ويصح لكل أن يطرح على نفسه هذا السؤال:
(أتكون هذه الحياة (حياتي) حقيقة وأنا فيها خاضع لعادات واصطلاحات أسخر بها في خلوتي,
ويمجُّها ذوقي, وينبذها منطقي, ثم أعود فأتمشى على نصوصها أمام البشر)?

يبتلى امرؤٌ بفقد عزيز فيعين لهُ الاصطلاح من أثوابه اللون والقماش والتفصيل والطول والعرض والأزرار فلا يتبرنط, ولا يتزيا, ولا ينتعل,
ولا يتحرك, ولا يبكي إِلاّ بموجب مشيئة بيئته المسجلة في لوائح الحداد الوهمية,
كأنما هو قاصر عن إِيجاد حداد خاص يظهر فيه - أو لا يظهر - حزنه الصادق المنبثق من أعماق فؤاده.

إِذا خرج المحزون من بيته فلا زيارات ولا نُزَه ولا هو يلتقي بغير الحزانى أمثاله.
عليه أن يتحاشى كل مكان لا تخيِّم عليه رهبة الموت; المعابد والمدافن كعبة غدواته وروحاته يتأممها وعلى وجهه علامات اليأس والمرارة.

وأما في داخل منزله فلا استقبالات رسمية, ولا اجتماعات سرور,
ولا أحاديث إِيناس. الأزهار تختفي حوله وخضرة النبات تذبل على شرفته,
وآلات الطرب تفقد فجأة موهبة النطق الموسيقي;
حتى البيانو أو الأرغن لا يجوز لمسه إِلاّ للدرس الجدي أو لتوقيع ألحان مدرسية وكنسية - على شريطة أن يكون الموقّّع وحده لا يحضر مجلسه هذا أحد.
أما القرطاس فيمسى مخططًا طولاً وعرضًا بخطوط سوداء يجفل القلب لمرآها.

كانت هذه الاصطلاحات بالأمس على غير ما هي اليوم, وقد لا يبقى منها شيء بعد مرور أعوام,
ولكن الناس يتبعونها الآن صاغرين لأن العادة أقوى الأقوياء وأظلم المستبدين.

إن المحزون أحق الناس بالتعزية والسلوى; لسمعهِ يجبُ أن تهمس الموسيقى بأعذب الألحان,
وعليه أن يكثر من التنزه لا لينسى حزنه فالحزن مهذب لا مثيل له في نفسٍ تحسنُ استرشاده,
وإِنما ليذكر أن في الحياة أمورًا أخرى غير الحزن والقنوط.

ألا رُبَّ قائلٍ يقول إن المحزون من طبعه لا يميل إِلي غير الألوان القاتمة والمظاهر الكئيبة,
إِذن دعوه وشأنه! دعوه يلبس ما يشاء ويفعل ما يختار!
دعوا النفس تحرّك جناحيها وتقول كلمتها!
فللنفس معرفة باللائق والمناسب تفوق بنود اللائحة الاتفاقية حصافة وحكمةً.

بل أرى أن أخبار الأفراح التي يطنطن بها الناس كالنواقيس,
ومظاهر الحداد التي ينشرونها كالأعلام,
إنما هي بقايا همجية قديمة من نوع تلك العادة التي تقضي بحرق المرأة الهندية حيةً قرب جثة زوجها. وإِني لعلى يقينٍ من أنه سيجىءُ يومٌ فيه يصير الناس أتم أدبًا من أن يقلقوا الآفاق بطبول مواكب الأعراس والجنازات, وأسلم ذوقًا من أن يحدثوا الأرض وساكنيها أنه جرى لأحدهم ما يجري لعباد الله أجمعين من ولادةٍ وزواجٍ ووفاة.

وتمهيدًا لذلك اليوم الآتي أحيِّي الآن كلَّ متشّحٍ بالسواد;
أما السعداء فلهم من نعيمهم ما يغنيهم عن السلامات والتحيات.

أحيِّي الذين يبكون بعيونهم, وأولئك الذين يبكون بقلوبهم:
أحيِّي كلَّ حزين, وكل منفردٍ, وكل بائسٍ, وكل كئيب.
أحيِّي كلاًّ منهم متمنية له عامًا مقبلاً أقلَّ حزنًا وأوفر هناء من العام المنصرم.

نعم, للحزين وحده يجب أن يقال: (عام سعيد)!














عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:57 AM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي


أنتَ أيها الغريب



أنا وأنت سجينان من سجناء الحياة, وكما يُعرَف

السجناء بأرقامهم يُعرَف كلُّ حي باسمهِ.

- بنظرك النافذ الهادئ تذوقتُ غبطة من لهُ عينٌ

ترقبه وتهتم به. فصرت ما ذكرتك إلاّ ارتدت نفسي

بثوب فضفاض من الصلاح والنبل والكرم, متمنية أن

أنثر الخير والسعادة على جميع الخلائق.

لي بك ثقةٌ موثوقة, وقلبي العتيُّ يفيض دموعًا.

سأفزع إلى رحمتك عند إخفاق الأماني, وأبثك شكوى

أحزاني - أنا التي تراني طروبة طيارة.

وأحصي لك الأثقال التي قوست كتفيَّ وحنت

رأسي منذ فجر أيامي - أنا التي أسير محفوفة

بجناحين متوجة بإكليل.

وسأدعوك أبي وأمي متهيبة فيك سطوة الكبير

وتأثير الآمر.

وسأدعوك قومى وعشيرتى, أنا التي أعلم أن

هؤلاء ليسوا دوامًا بالمحبين.

وسأدعوك أخي وصديقي, أنا التي لا أخ لي ولا

صديق.

وسأطلعك على ضعفي واحتياجي إلى المعونة, أنا

التي تتخيل فىَّ قوة الأبطال ومناعة الصناديد.

وسأبين لك افتقاري إلى العطف والحنان, ثم أبكى

أمامك, وأنت لا تدري .

وسأطلب منك الرأي والنصيحة عند ارتباك فكري

واشتباك السبل.

كل ذلك, وأنت لا تعلم!

سأستعيد ذكرك متكلمًا في خلوتي لأسمع منك

حكاية غمومك وأطماعك وآمالك. حكاية البشر

المتجمعة في فرد أحد.

وسأتسمع إلى جميع الأصوات علِّي أعثر على

لهجة صوتك.

وأشرِّح جميع الأفكار وأمتدح الصائب من الآراء

ليتعاظم تقديري لآرائك وأفكارك.

وسأتبين في جميع الوجوه صور التعبير والمعنَى

لأعلم كم هي شاحبة تافهة لأنها ليست صور تعبيرك

ومعناك.

وسأبتسم في المرآة ابتسامتك.

فى حضورك سأتحول عنك إلى نفسي لأفكر فيك,

وفى غيابك سأتحول عن الآخرين إليك لأفكر فيك.

سأتصورك عليلاً لأشفيك, مصابًا لأعزيك,

مطرودًا مرذولاً لأكون لك وطنًا وأهل وطن, سجينًا

لأشهدك بأي تهور يجازف الإخلاص, ثم أبصرك

متفوقاً فريدًا لأفاخر بك وأركن إليك.

وسأتخيل ألف ألف مرة كيف أنت تطرب, وكيف

تشتاق, وكيف تحزن, وكيف تتغلب على عاديّ

الانفعال برزانة وشهامة لتستسلم ببسالة وحرارة إلاّ

الانفعال النبيل. وسأتخيل ألف ألف مرة إلى أي درجة

تستطيع أنت أن تقسو, وإلى أي درجة تستطيع أنت أن

ترفق لأعرف إلى أي درجة تستطيع أنت أن تحب.

وفى أعماق نفسي يتصاعد الشكر لك بخورًا لأنك

أوحيت إليّ ما عجز دونه الآخرون.

أتعلم ذلك, أنت الذي لا تعلم? أتعلم ذلك, أنت

الذي لا أريد أن تعلم?


[ كتاب (ظلمات وأشعة), 1923 ]














عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:57 AM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

كُن سعيداً ..


إذا كنت محسنًا كن سعيدًا! لأنك ملأت الأيدي الفارغة, وسترت الأجساد العارية,
وكوّنت من لا كيان له فرضيت عن نفسك, وودت إسعاد عشرات ومئات
لتتضاعف مسرتك النبيلة الواحدة بتعدُّد المنتفعين بأسبابها.

إذا كنت شابًا كن سعيدًا! لأن شجرة مطالبك مخضلة الغصون, وقد بعد
أمامك مرمى الآمال فتيسر لك إخراج الأحلام إلى حيز الواقع إذا كنت
بذلك حقيقًا. وإذا كنت شيخًا كن سعيدًا! لأنك عركت الدهر وناسه وألقيت
إليك من صدق الفراسة وحسن المعالجة مقاليد الأمور: فكل أعمالك إن شئت
منافع, والدقيقة الواحدة توازي من عمرك أعوامًا لأنها حافلة بالخبرة
والتبصر وأصالة الرأى, كأنها ثمرة الخريف موفورة النضج, غزيرة العصير,
أشبعت بمادة الاكتمال والدسم والرغبة.

إذا كنت كثير الأصدقاء كن سعيدًا! لأن ذاتك ترتسم في ذات كل منهم. والنجاح
مع الصداقة أبهر ظهورًا والإِخفاق أقل مرارة. وجمع القلوب حولك يستلزم
صفات وقدرات لا توجد في غير النفوس ذات الوزن الكبير, أهمها الخروج من
حصن أنانيتك لاستكشاف ما عند الآخرين من نبل ولطف وذكاء. وإذا كنت
كثير الأعداء كن سعيدًا! لأن الأعداء سلّم الارتقاء وهم أضمن شهادة بخطورتك.
وكلما زادت منهم المقاومة والتحامل, وتنوَّع الاغتياب والنميمة, زدت شعورًا
بأهميتك, فاتعظت بالصائب من النقد الذي هو كالسم يريدونه فتَّاكًا ولكنك
تأخذه بكميات قليلة فيكون لك أعظم المقويات, وتعرض عما بقي, وكان
مصدره الكيد والعجز, إعراضًا رشيقًا. وهل يهتم النسر المحلّق في قصىّ
الآفاق بما تتآمر له خنافس الغبراء?

إذا كنت عبقريّا كن سعيدًا! فقد تجلّي فيك شعاع ألمعي من المقام الأسنى
ورمقك الرحمن بنظرة انعكست صورتها على جبهتك فكرًا, وفي عينيك
طلسمًا, وفي صوتك سحرًا. والألفاظ التي هي عند الآخرين أصوات
ونبرات ومقاطع صارت بين شفتيك وتحت لمسك نارًا ونورًا تلذع وتضىء,
وتُخجّل وتُكبّر, وتذلّ وتنشط, وتوجّع وتلطِّف, وتُسخط وتُدهش, وتقول
للمعنى (كن!) فيكون.

اذا كنت حرّاً كن سعيداً! ففي الحرية تتمرّن القوى وتتشدد الملكات وتتسع
الممكنات. وإن كنت مستعبدًا كن سعيدًا! لأن العبودية أفضل مدرسة تتعلم
فيها دروس الحرية وتقف على ما يصيرك لها أهلاً.

إذا كنت محبًّا محبوبًا كن سعيدًا! فقد دلَّلتك الحياة وضمتك إلى أبنائها
المختارين, وأرتك الألوهية عطفها في تبادل القلوب, واجتمع النصفان
التائهان في المجاهل المدلهمة فتجلت لهما بدائع الفجر وهنأتهما
الشموس بما لم تهتد بعد إليه في
دورتها بين الأفلاك, وأفضى إليهما الأثير بمكنون أسراره.

كن عظيمًا ليختارك الحب العظيم, وإلا فنصيبك حب يسفُّ التراب ويتمرَّغ في
الأوحال, فتظل على ما أنت أو تهبط به, بدلاً من أن تسمو إلى أبراج لم
ترها عين ولم تخطر عجائبها على قلب بشر, لأن هياكل مطالبنا إنما تقام
على خرائط وهمية وضعتها منّا الأشواق

::












عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:58 AM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

مات الكناري



طائر صغير ، نسجت أشعة الشمس ذهب جناحيه ،
و انحنى الليل علية فترك من سواده قبلة في

عينية، ثم سطت علية يد الإنسان فضيقت دائرة فضائه ،
و سجنته في قفص ، كان بيته في حياته

و نعشه في مماته !

طائر صغير ، أحببته شهورا طوالا ،
غرد لكآبتي فأطربها ،
و ناجى وحشتي فآنسها ، جاور روحي

فأخاها . غنى لقلبي فأرقصه ،
و نادم وحدتي فملأها ألحانا !

في الصباح كنت أفتح عيني فيستقبلني بالغناء ،
و تسيل موسيقى ألحانه على قلبي ،
فتذيبه و تسكره

في آن واحد ، و كنت اجلس للدرس و التحبير ،
فتشمئز نفسي أحيانا من عبوس الكتب ،
و يثقل قلمي

في يدي فيأخذ طائري في الزقزقة و التغريد ،
فتبتسم الأفكار على صفحات الكتب ،
و تنجلي الغيوم عن

صفحات نفسي.

و الآن انظر إلى القفص ، لقد صمت الطائر ،
و تجمد الشعاع المحيي فلا ترى في القفص الا قليلا

من الشمس المائتة.

مات الصغير المغرد ، مات صغير حشاشتي !

مات قبل غروب الشمس و قبل انقضاء الربيع.













عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
قديم 13-04-10, 07:58 AM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي


نشيد نهر الصفا



أنهر الصفا! جئتك تعبة الروح والجسد معًا.

قرأت خلاصة الأحوال الحاضرة فدّوى في مخيلتي هدير المدافع,
وتمثلت لناظرى صور الحرب المخيفة.
ثم قصدت الاجتماعات فملأ أذني ضجيجها التافه,
وضجرت نفسي من معانيها السطحية ومراميها الخبيثة.
عجبت لبلاهة الإنسان وركاكة ميوله وفتور همته.
إذ ذاك سمعت اسمك الموسيقيّ فأحببته لأن فيه جمالاً وعذوبة وسلامًا.

لقد أحرقت قدميَّ الرمال الحارة,
ومزّقت يديَّ أشواك الحياة,
فجئت أستخلص من أعشابك بلسمًا لجروحي.
تعلق بأهدابي غبارُ المادة محاولاً إخفاء الجمال المعنوي عن عينيَّ,
فأتيت أغسل أهدابي بمياهك المقدسة.

جئت لأرطب يديَّ وعينيَّ برضابك العذب.

ثقُل فؤادى عليّ, فأسرعت لأبعث به معك
إلى روح البحر العظيم الذي يناديك من عمق أعماق زرقته البعيدة.

أنت ابن الغيوم, وألعوبة الحرارة الهوائية,
وضحكة المادة الدائمة, وقهقهة الجو بين الهضاب والأودية.
أنت قبلة الشمس للبحر. أنت أنشودة الجبل في الوادي.
أنت الروح الصغيرة المسرعة إلى أحضان الروح الكبيرة.

أنت عميق كأسرار الجنان, عذبٌ كنظرات الولهان,
وفي اسمك ألوان وألحان.

أنت تهلمم تهلمم: هلمم:
دعاه قائلا له: هلمَّ. بى, أيها النهر,
فخذنى معك بعيدًا عن الحياة وضوضائها,
خذنى معك... لكن, ما هي نسبتى إليك?

أنت مجموع سوائل لا وجدان لها,
ولا قلب يخفق بين أجزائها. وأنا... أنا شيء آخر.
أنت لغز بين البحار والآفاق,
وأنا لغز بين الحياة واللانهاية.
أنا أعرف أني لا أفهمك,
وأشعر بجهل الإنسان وشقائه,
أما أنت... ما لنا ولك?

سيري, أيتها المياه, سيري واتركيني.
اسقي النباتات والأعشاب,
ضعي لآلئ في ثغور الورد,
رطبي صدر الأرض الملتهب,
ترنمي في وحدة الوادي,
اسردي حكايتك التي لا تنتهي,
اندبي هللي, اصرخي اهمسي,
أنشدي انحبي, اطربي احزني,
كل هذا ننسبه إليك.
نحن أبناء النشوة والكآبة.

سيري. أيتها المياه. ودعيني أبكى.
لقد تلبد جو فكري بالغيوم القاتمة.
وقلبي - ما لك وله! - منفرد حزين...












عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس
إضافة رد

أنت عضو منتدى قطرات أدبية فاجعل ردك يعكس شخصيتك ومدى ثقافتك و وعيك وإطلاعك



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(عرض الكل الاعضاء اللذين قامو بقراءة الموضوع : 5
مشاعر انثى, اللميـــاء, الصوت المسموع, الوقت الحر, نسيان

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
" مساحات للتفكير حول ما نحن عليه وما نريد أن نصير إليه " عبدالرحمن منصور قسم الحـــوار الجـــاد بقضايــــا الفرد والمجتمـع 43 21-08-18 07:41 AM
حوار ادبي حول رواية "موت صغير" الفائزة بالبوكر لمحمد علوان ايوب صابر القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين 28 29-04-17 05:23 PM
""" المـســاجلة الشعرية""" أنيس القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين 30 17-09-10 12:23 AM
المدارس الشعرية في الأدب العربي الحديث " 2 " (المدرسة الرومانسية ) عبدالرحمن منصور قـطــرات المـقـالـة الأدبيـــة 2 18-02-10 12:19 PM
المدارس الشعرية في الأدب العربي الحديث " 1 " ( مدرسة الإحياء والبعث ) عبدالرحمن منصور قـطــرات المـقـالـة الأدبيـــة 4 04-02-10 03:14 AM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية


 

      تعريب وتطوير  شبكة بلاك سبايدر التقنية 16-10-2009  

الساعة الآن 01:46 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع قطرات أدبية 2009