ج 13
ومات أبي ....
أصبت بالذهول حين علمت أنكم تعدون حجرة استقبالٍ خاصة بأبي فهو محكومٌ بالسجن المؤبد ,ترى هل استطاع والدك بماله ومنصبه إخراجه من السجن أم أن الصورة مختلفةٌ عن هذا...؟
لم أدرك أن أبي يغادر السجن إلى سريرٍ أبيض قد لا يمكث عليه إلا بضع ساعات ومنها إلى آخر منازل الدنيا...
حين رأيته صُرع قلبي ومعه آخر أملٍ لي بالرحيل عن هذا القصر أو حتى بالخلاص من هذا الزواج الذي رفضته كل جوارحي.
لم أفارق أبي ولو للحظات ...ثلاثةُ أيامٍ وأنا قابعةٌ بجواره أنتظر صحوةً منه مهما كانت قصيرة وبلا فائدة غيبوبةٌ أخذته مني إلى الضريح
حين سقط في بئر الموت السحيق صرخت بكى قلبي وانتحبت روحي كنت أحتاج لأي شخصً أتكئ على صدره فأفرغُ ما في نفسي من قهر.
الآن فقط أدركت أنني بحاجة إلى ذاك الزوج الغائب ليته بجواري الآن فأنا أحتاج لشخصٍ ليس محرماً علي السقوط على صدره وبين ذراعيه.
وكأنك علمت بحاجتي ؟هل سمعت أمنيتي ؟أم أنك أدركت مدى ضعفي وعجزي عن رفضك ؟! نعم لم أشعر بنفسي إلا وأنا على صدرك باكية أختبئ من الموت ورهبته أراقب بذهول حاولت الابتعاد حتى لا تظنوا بي الظنون لكنك ضممتني بقوةٍ أكثر.
هل أصدقك الحديث :لقد شعرت بالدفء استنشقت عبير الحياة وكدت أنسى رائحة الموت التي ملئت المكان ... بقيت على تلك الحالة حتى سقطتُ في نومٍ عميق هذا كل ما أعرفه.
تقول سمر أنك حملتني بين ذراعيك كطفلة صغيرة ووضعتني في سريري كي أغرق في بحرٍ من الهدوء إلى حين صحوة.
ضغط قلبه بيده: كنت على يقين أنك بحاجتي صدقا شعرت بالسعادة وأنت على صدري كم تمنيت لو طالت تلك اللحظات لو امتدت لسنوات طويلة لما ارتويت من قربك.
ماذا بعد...
مضت الأيام ثقيلة على نفسي بعد رحيل أبي رغم هذا لم أستطيع العودة لسجني فوالديك لي بالمرصاد, كما أنني لن أترك جامعتي أو أتغيب عنها بسبب وفاة أبي فهي باب الأمل الوحيد الذي سأجتاز من خلاله كل المحن التي أعانيها.
في هذه الأيام كان يتوجب علي قضاء نصف نهاري ويزيد في الجامعة بينما أظن أنك تفرغت تماما للمنزل ومن فيه ,فأنت قلما تغادر المنزل ,لست أعلم سبباً واحدا يدفعك لترك الدنيا ومن فيها من خلفك.
ربما موجة اكتئاب بسبب حبيبتك أو أنه تفرغٌ من نوعٍ خاص ...فهذه الفترة ستقضيها أحلام في منزلكم ولا يخفى على أيٍ منا عشقها لك وهيامها بك ومحاولاتها المستميتة استمالت قلبك.
آه لو تعلم كَمَّ الغيظ في قلبي منها,كيف تجرؤ هي على الاقتراب منك حد الالتصاق رغم إدبارك عنها ولا أمتلك نصف شجاعتها لمجرد الحديث إليك رغم وجود ما يستدعي الحديث بيننا.
فقد أخبرتني سمر أن أملاك أبي تم التنازل عنها لي أنا شخصيا قبل وفاته وليس من حق أي فرد من عائلته المطالبة بإرثٍ أو ما شابه.
منذ البداية علمت أن الأمور القانونية موكلةٌ لك ...أليس هذا سبباً كافيا لأتحدث معك؟!
كنت أفكر بجدية في هذه الأملاك وكيف سأتصرف بها ـ شيءٌ واحدٌ يمنعني إنه الخوف من الوحدة ,الخوف من الوقوف بوجه الريح بصدرٍ عاري لا يحميه أحد ـ
أنا يا حبيب القلب مهما اشتد عودي سأبقى فتاةٌ عاجزة عن الدفاع عن نفسها في مجتمعٍ يعج بالذئاب, وأعود للأنانية ذاتها...فأنا لا أمنحك فرصةً تريح نفسك من عناءٍ يجثو على هامتك فيسحقها رغم هذا أحتمي بك من كل شيءٍ يحيط بي حتى أنني أحتمي بك من نفسي ومن أفكاري ...ترى متى أعود براقة الضمير شفافة الروح تؤثر على نفسها ولو كان بها خصاصة ؟
متى أقف أمامك بثبات وأسمح لك بالحديث العالق في حنجرتك منذ أن التقينا...؟!
وجود أحلام في هذا المنزل لا يطاق ...هذا ما رأيته في وجوهكم جميعا لكنكم تركتم لها فرصة المحاولة المستميتة في الحصول على قلبك ولست أدري لماذا سمحتم لها رغم الغيظ المكتوم في صدوركم منها ومن تصرفاتها الطائشة.
تُرى هل لهذا الأمر علاقةٌ بي أم أنها مجرد أوهام؟! لماذا أحس بتسلط نظراتكم علي حين تجلس هي بجوارك مغازلةً ممازحه ...لن أفتري عليك فأنا ألحظ نفورك منها وابتعادك عنها رغم أن وضعها هذا رتيبٌ ومعتاد منذ سنوات كما علمت من سمر.
بالحقيقة خطر لي سؤالٌ بعيدٌ عني كل البعد ...هل يعقل أنها تمثلُ عليك الحب والغرام وتسعى للارتباط بك فقط من أجل المال والمصالح الشخصية ؟
هل ثمة شخصٌ يستطيع بيع مشاعره إلى هذه الدرجة من أجل متاعٍ زائل ...أنت تستحق الحب بل وأكثر من ذلك
حسناً لا يهم لن أكترث لهذه الأفكار على أنني لو كنت مكانها لوهبتك قلبي بصدق أو لتركتك بسلام تحلق في فضاءٍ أنت تستحقه مع من اخترتها بقلبك وروحك.
\
\
\
يتبع