كان يا ما كان في قديم العهد والأوان ,في بستان أخضر باهي الألوان تعيش بين الأفنان زهرة بيسان :
هيفاء العود ونضرة المحيا ,بهيجة المبسم ورقيقة الملمس ;رخيمة الصوت وفواحة الطيب.تينع بقرب دوحة تبلغ عنان السماء تستتر تحت ظلالها وترغد بنعيم هنائها وسلامها ;وعلى أغصان تلك الشجرة الفيحاء يجثو عصفور الشادي بأمان ينقر قشرتها ويبحث عن القوت والزوان .تألفت روحاهما في خضم تلك الجنان الخلابة و ترعرعت صداقتهما في تربة خصبة بالوفاء والعطاء.
حل فصل الخير على جميع الأنام ,استقت الزهرة من ندى المطر وارتشف الشادي من لذيذ رحيقها ,كلما انبعثت خيوط الشمس معلنة يوما مشرقا ترنو بنظرها نحوه تقتات من همس شعره لتتمايل يمنة ويسرة من فرط أنسها وغبطتها ;ويحلو السهر تحت ضيء القمر بليالي الصيف الأثيرية فلا تخبو الأسرار بينهما وحده الهوى يجاري حكاياتهما وينسج من أحلامهما عباءة الغذ.
صارت قصة زهرة البيسان والشادي حكاية خالدة على ألسن الكثيرين
ودثرت بين أساطير العشاق الغابرة وحملت أريجها نسائم الريح الباردة
انسلت الأيام الرغدة كانسلال اللالئ من عقدها معلنة عن مقطع جديد
يثري حكايتنا بصخب الشغف على أكف الفراق !!!!!!!!!!
فبحلول فصل الخريف خرفت الشجرة وتبعثرت وريقاتها الذهبية على ضفاف الطريق لتأخذها زوبعة غبراء الى اللامنتهى ………….
لتتساقط بذلك أوراق قصتنا على محافل من أسى وبعاد فلقد اعتادت العصافير على الهجرة جنوبا باقتراب الشتاء بحثا عن ملاذ آمن من سطوة البرد وبحثا عن أوطان الدفء فلم يطب للزهرة المسكينة العيش دون صوت العصفور الشذي وسقتها الأقدار من كأس المرارة بعد ما
ذاقت حلاوة السعادة فسكبت مقلتيها دموعا غزيرة وجفت وريقاتها وشاخت ساقها وانحت كعجوز أضناها الدهر فهجرتها الابتسامة ونفحة التفاؤل واصفر لونها حتى غذت كجثة هامدة تنتظر ميقات البعث
لم تنجح الذكريات برسم نور الأمل برفات خلاياها وكبلها قيد الحنين بسجن الألم
ودعت روحها يوم وداع الشادي فلا الشمس غذت نورها ولا القمر أطرب ليلها ولا الشعر أبهج قلبها البائس ولا الصباح عطرها بنداه
ولا الزمن أنساها ما كان ولا الذكرى أدملت جراحها ولا الأماني لونت ثغرها ولا النور استكان أوصالها ولا الوصال عجل ببعث الحياة بروحها
فقط الانتظار رفيقها وظلها ومائها وقوتها وأمسها وحاضرها …….
تنتظر وتنتظر وتنتظر ……………
متى يعود الطير الى عشه الدافئ ????