ترمب والحرب ضد وسائل الاعلام ...من الذي سيفوز؟
تميزت حملة الرئيس الأمريكي ترمب للرئاسة بحرب عاصفة وشرسة، وغير مسبوقة شنها ضد وسائل الاعلام التقليدية، واستعاض عنها بوسائط الاتصال الاجتماعي.
ولم تتهاون وسائل الاعلام معه أيضا بل شنت عليه حربا شعواء، وكانت المفاجئة انه فاز في الانتخابات على الرغم من انف وسائل الاعلام التي أطلقوا عليها فيما مضى لقب السلطة الرابعة ادراكنا منهم لخطورة دورها في المجتمع، ولم يكن أحد ليجرؤ على تحديها...
وقد فاز الرئيس الأمريكي ترمب في معركته تلك ضد وسائل الاعلام تلك بصورة جلية، وربما تكون هذه اول مرة تسجل وسائل الاعلام مثل هذه الخسارة المدوية، تلك الوسائل التي بذلت في حينه جهدا واضحا وجبارا للترويج للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلنتون واصطفت الى جانبها وساندتها في حملتها الانتخابية بكل قوة ضد ترمب، وتمنت فوزها وعملت من اجل ذلك، وقد اتضح كل ذلك من واقع ما كانت تنشره تلك الوسائل من برامج وتغطية واستبيانات رأي ارادت من خلالها توجيه الرأي العام والتحكم فيه وبرمجته وبالتالي دفعه بطرقها الخاصة لاختيار كلينتون...
وعلى الرغم من انتهاء الحملة الانتخابية وفوز ترمب المدوي في منصب الرئاسة والذي جاء عكس كل التوقعات خاصة تلك التي كانت تنشرها وسائل الاعلام، استمر هذا الأخير في حربه ضد وسائل الاعلام بنفس الشراسة، على الرغم من معرفته وهو القريب من وسائل الاعلام بقوتها وخطورة تحديها...
ولا بد ان ذلك جاء من اداركه لمخاطر استمرار حملات وسائل الاعلام المحرضة ضده، فقد سبق لصحفي واحد ان تسبب في طرد الرئيس نكسون من الرئاسة.
وقد لجأ الرئيس ترمب في حربه هذه لأسلوب ذكي ومدروس وهو محاولة افقاد تلك الوسائل للمصداقية حيث قام هو ومساعديه على تكذيب وسائل الاعلام تلك في كل مناسبة ممكنة وعلى امل تحجيم دورها في تشكل الرأي العام، وبالتالي منعها من التسبب في خروجه من الرئاسة كما حصل مع نكسون خاصة انه محاصر بمجموعة فضائح خطيرة يمكن لوسائل الاعلام إذا ما استثمرتها ان تنجح في نهاية المطاف على تخفيض شعبيته الى حد يصبح من الممكن إخراجه من الرئاسة.
والان وبعد مرور ستون يوما فقط على اعتلاء ترمب لعرش الرئاسة، يبدو ان وسائل الاعلام قد بدأت تحقق بعض النجاح في حربها ضده، حيث اثارت هذه الوسائل خلال هذه المدة بعض الفضائح المدوية بطريقة مثيرة كما حصل مع سي ان ان التي بثت اخبار عاجلة في أكثر من مناسبة حول تسريبات وفضائح تشمله وتشمل فريق العمل حوله، وعلى رأسها علاقته مع الروس مما تسبب في انخفاض شعبته بصورة مدوية لتصل الى أدني حد لأي رئيس امريكي في أيام حكمه الأولى 37% فقط.
هذا يشير الى ان وسائل الاعلام تظل قوة مؤثرة لا يستهان بها ابدا، وان من الغباء لأي شخص معاداتها، لان لا أحد يستطيع مهما بلغت قوته وعنجهيته ان ينتصر في الحرب على وسائل الاعلام، فكيف إذا كانت وسائل الاعلام هذه مملوكة لواحد من اقوى اللوبيات واخطرها واقدرها على التلاعب في الرأي العام والتحكم به وتوجيهه؟
كل هذا يعني ان الرئيس ترمب قد بدأ يخسر الحرب ضد وسائل الاعلام، وبدلا من ان ينجح هو في افقاد وسائل اعلام لمصداقيتها نجحت هي في تخريب صورته الذهنية في عقل الجمهور وبالتالي تخفيض شعبيته الى مستويات متدنية... ولن يطول الزمن حتى توجه له هذه الوسائل ضربة قاضية تأتي على شكل تسريب مدوي تنسبه الى مصادرة حكومية متنفذة...
وعليه يظهر ان أيام ترمب في الحكم أصبحت معدودة وان غدا لناظره قريب.