|
قــطــرات الـقـصـة والروايــة ( خاص بالمواضيع غير المنقولة) |
|
18-03-17, 03:20 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
قــطــرات الـقـصـة والروايــة
المعاناة
المعاناة صباح أول يوم بعد عطلة نهاية الأسبوع . داخل قاعة الدرس بمدرستي [/frame]قلت في نفسي : ليتها تجاهلت تواجدي لأضع رأسي فوق الطاولة ، أشعر بهدير عميق يدوي بين صدغي ، ينبعث من جذوردماغي ويحاول الانفلات عبر ناصيتي . تصيح المدرسة مرة أخرى .انتبهي سارة إنك منشغلة عن الدروس منذ مدة . إني محتارة بين اختيارين بعد اعتذاري لها : إما أن أتنحى خلف الصفوف وأتفرغ لتتبع الوخزات المؤلمة المنبعثة من جمجمتي ، أو أغادر قاعة الدرس . إني - بصدق - غير قادرة على المتابعة والتركيز . صوتها وهي تقرر وتستنبط كأنه نعيق يلهب مسمعي ويغذي محنتي ــ وإن رفضت ... ما العمل ؟ أعتقد أنها ستفسر طلبي محاولة للهروب والتخلص .. سبق أن رفضت لزميلات معي نفس الطلب . إنها صارمة قاسية . لعل ظروف عيشها ، وفشلها في بناء أسرة، تحول دون تحليها بالشفقة والتسامح والحنو . أو أنها مصرة بجدية وصدق على إنقاذ الأجيال المستهدفة ، من الضياع . نفذ صبرها أمام إصراري على تجاهل ندائها ، فزمجرت ورددت كلمات لم تصلني إلا نبراتها الجافة . اشرأبت أعناق زملائي وتوجسوا شرا . بسرعة البرق استرجعت ، لما حرمت أحد تلاميذها من حضور حصصها لكونه - آنذاك - ادعى أنه نسي تحضير وإنجاز واجبات البيت . فما عساها ستقرر اليوم في حقي ؟ لا يهمني ،إنني لست مدعية ولا متظاهرة ، ولا أعرف ما الذي ينتابني . وخاصة هذه الأيام . وقفت هنيهة بجوار مقعدي ، ثم انحنت لتكلمني ، متحسسة حرارة صدغي . سألتني ... فأجابتها قشعريرة تسري بين أوصالي ، مع اصطكاك أضراسي . نابت عني لما أفقدتني القدرة على النطق . -خذي قسطا من الراحة بقاعة التمريض . وقبل انصرافك كلميني لأطمئن على صحتك . استغرب الجميع قرارها . أسرعت أنا بالانصراف قبل أن تغير رأيها . كلفت من يساعدني فولجنا قاعة صغيرة على بابها : مصحة المدرسة . حاولت احتواء رأسي بدراعي لأخفف من حدة آلام تمزق هدوء القاعة وتعصف براحتي . مكثت زهاء ساعة لا ألوي على شيئ، استعرضت خلالها شريط أحداثي : لم أنعم بالراحة ولا بالنوم منذ مدة . أعيش حالات القلق والكآبة ووهن الأعصاب . تنتابني أحيانا هستيريا الخوف من المجهول . لا أتبين مصدرها ولا مدى خطورتها ، وإنما أتوجس الهلاك المحقق . التقط سمعي طرقات غائرة على الباب ، ثم خطوات متلاحقة تتقدم نحوي ، إنها معلمتي . وجدتني سابحة بين خراطيم تنساب عبر عيني وأنفي وفمي ، منكفئة على ركبتي ككومة رمل صبت من عل . خاطبتني باسمي وحركتني برفق من كتفي . أجبتها بإشارة من سبابتي . حاولت مساعدتي للجلوس . رقت لحالي . نقلتني إلى مكتب إداري . وقالت : خفيفة ... خفيفة أجبتها بصوت خافت متهالك : -أعاني من انهيار كامل ، وآلام حادة متفرقة ... مع الإحساس بحالة غريبة : كأني ألقيت من رأس جبل شاهق ، ولا زلت أهوي وأتجه نحو قعر سحيق . جلست بجانبي وتناولت رأسي وأسندته إلى صدرها . شعرت بدفء منعش . قالت : -متى بدأ إحساسك بالألم ؟ -لا أستطيع التحديد ، كل الذي أتأكد منه أني أعاني بسببه من الأرق والاضطراب . - منذ متى؟ - لا أذكر . - هل تخشين شيئا محددا ؟ - أخشى أشياءعدة وعلى رأسها .. .. تلعثمت ولم أكمل حديثي .... فغيرت صيغة التساؤل . - هل تفكرين قبل نومك في حالة أو حدث بعينه ؟ - قلت : والدتي .. أخي ... أبي ... وأجهشت بالبكاء . والدتك وأخوك خرجا لقضاء بعض المصالح ولم يعودا . نتوقع وصول أخبار عنهما . ــ فأجبت : لكن أمي تكلمني يوميا قبل وبعد منامي . لا زلت أذكرأن عللها متفاقمة ولا تقوى على قضاء الليالي في العراء . إنني إلى الآن أقتسم معها فراشها من الورق المقوى وغطاءها القصير المترهل . أتألم لألمها وأبكي لتضورها وأرقد باستمرار بجوارها . صوتها دائما يدوي في مسمعي ، وكذا أنينها وتوسلاتها وأوامرها ورغباتها هاهي تارة تناديني وأخرى تصيح في وجهي ، وثالثة تحتضنني وتربض على رأسي بحنان متدفق يملأ جوانحي. أشاهدها كماأشاهد أخي ، وأكلمهما كلما أغمضت عيني . لا أستطيع تصور أنهما غادرا نحو المجهول . والذي يؤرقني كثيرا هو أبي الذي اقتيد بحضورنا من باب البيت أسيرا نحو مكان غير معروف . فبادرت المعلمة : إنه واقعنا المرعب الذي علينا أن نعيشة رغما عنا . وهي وقائع قمينة بإحداث ما تشعرين به ، لقد عايشت ونعايش جميعا أحداثا ومصائب يشيب لهولها الولدان . إننا نعاني مثل ما تعانين . ولكننا نتجاهل الألم من أجل الاستمرار . لفتني من جديد بذراعيها وأخذت تردد بصوت مخضب بزفرات الأسى مبلول بدموع الحسرة والحزن : خفيفة ... خفيفة ... ستفرج قريبا . سألتها إحدى العاملات بإدارة المؤسسة .فقالت : إننا جميعا نعاني مما تعاني هاته . غير أنها ضعفت أمام الصراع الانفعالي الذي ولد لديها ضغوطا نفسية متراكمة . تغذيها ــ للأسف ــ وتزكيها باستمرار تصرفات جيرانها وبعض أبناء عمومتها ... محمد الطيب
لا يسمح بنشر هذا الموضوع إلى المواقع الأخرى الا بذكر اسم صاحب الموضوع ومصدره الأصلي ../
الـموضـوع ://: :
المعاناة
-||-
المصدر :
قطرات أدبية
-||-
الكاتب :
محمد الطيب |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
3 أعضاء آرسلو آعجاب لـ محمد الطيب على المشاركة المفيدة: |
18-03-17, 07:59 AM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
محمد الطيب
المنتدى :
قــطــرات الـقـصـة والروايــة
حين نستسلم للضعف والانهيارات الداخليه والتي تبدأ من محيطنا
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
18-03-17, 10:24 AM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
محمد الطيب
المنتدى :
قــطــرات الـقـصـة والروايــة
متاهة الاحزان |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
18-03-17, 03:40 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
محمد الطيب
المنتدى :
قــطــرات الـقـصـة والروايــة
الكاتب العزيز
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
18-03-17, 07:13 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
محمد الطيب
المنتدى :
قــطــرات الـقـصـة والروايــة
الفاضل احمد الخضيري |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أنت عضو منتدى قطرات أدبية فاجعل ردك يعكس شخصيتك ومدى ثقافتك و وعيك وإطلاعك
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(عرض الكل) الاعضاء اللذين قامو بقراءة الموضوع : 5 | |
متاهة الأحزان, محمد الطيب, الخضيري, ايوب صابر, عبدالرحمن منصور |
|
|
تعريب وتطوير شبكة بلاك سبايدر التقنية 16-10-2009 |
الساعة الآن 09:38 AM.