المتعمق في تاريخ الادب يجد ان الادباء الايتام لديهم خاصية وهي القدرة على التنبؤ ورؤية الاحداث المستقبلية بصورة تكون جلية أحيانا ضمن نصوصهم الادبية.
فهم في كثير من الأحيان يستشرفون المستقبل ويغردون بما سيأتي به أحيانا بصورة واعية وأخرى غير واعية وقبل سنوات قد تطول وقد تقصر من تحول تلك النبوءات الي واقع ملموس معاش ومدهش في كثير من الاحيان.
وهذه الخاصية لا تقتصر على الايتام الادباء فقط، وانما تشمل كل شريحة الايتام من مختلف المجالات الإبداعية مثل العلوم والسينما والمسرح والقيادة الخ...
ولكننا نركز هنا على شريحة الادباء الايتام لان تراثهم مدون وحي وكثير منه خالد بخلود الزمن، ويمكن الرجوع اليه في أي وقت لمقاربة ما حدث فعلا مع ما كان قد ورد على لسان الادباء على شكل نبوءات واستشراف مستقبلي.
وليس المهم هنا كيف يكون للأيتام مثل تلك الخاصية فالأمر يطول شرحه، وهذا المكان ليس موقعه المناسب، ولكن ذكر بعض الأمثلة من تاريخ الادب أمثال نسترادموس وجورج اورويل تؤكد على صحة هذا الادعاء، ويجب ان تجعل من أي نبوءة يأتي بها الادباء بمثابة علم احمر مرفوع للفت الانتباه خاصة إذا ما اشتملت تلك النبوءة على تحذير.
ودليل اخر مهم على صحة وجود تلك القدرات الخارقة هي معرفتنا ان البعض كان يمتلكها على مر التاريخ على شكل ملكات مثل الحدس والفراسة.
ولا بد ان هذه القدرات هي شكل اخر من اشكال التنبؤ والاستشراف المستقبلي ومؤشر على وجوده، والذي يجب ان يدفعنا الي أخذ تحذيرات الادباء التي تحملها نبوءاتهم بمحمل الجد، ونصغي مليا الي ما يقولون ويستشرفون.
روائي مصري عاش في اواخر القرن الماضي، وفي التسعينات منه نبه في نبوءة لافته في راوية له الي حرب أهلية قادمة في مصر، ووصف تلك الحرب واهوالها بصورة تفصيله مهولة. وقد بدت احداث الربيع العربي في مصر ارهاصات لتلك الحرب القادمة الموصوفة في الرواية المذكورة حين مقاربتها مع تفاصيل تلك النبوءة.
ونظرا لشدة التشابه بين ما يجري في مصر حاليا، ولما تنبأ به الكاتب المذكور الذي مات قبل حدوث الربيع العربي بسنوات، ومن واقع قوة الأدلة على قدرة الادباء على التنبؤ، ربما صار على العقلاء من أبناء مصر العربية، ان ينظروا الي نبوءة ذلك الاديب على انها علم احمر مرفوع بقوة منذ سنوات، وتحذير وتنبيه لما سيجري في قادم الايام.
فتنة طائفية في مصر ستحرق الأخضر واليابس وكذلك حرب أهلية. ولا اعرف ان كان بالإمكان عكس ما يتنبأ به الايتام... ولكن ربما يجدر بالجميع المحاولة لعدم سقوط البلد في هاوية تلك الحرب الاهلية المهلكة المتوقعة، او على الأقل السعي من اجل انقاذ ما يمكن إنقاذه؟
وقبل فوات الاون...