السلام عليكم
---------------------------------------------------
نهضت من فراشها كالمعتاد , لكن الإختلاف كان في أن لا أحد بجانبها هذا الصباح و لم تجد من إعتادت أن تلقي عليه التحية , و تجلس إليه في كلمة صباحية .
نهضت و إلى المطبخ إتجهت , حضرت فنجان قهوتها السوداء , جلست ترتشفها في استحياء و كأنها تخاف ملامسة شفتيها الفنجان , لا حظت أن الصمت يخيم على المكان , لا أحد بقربها يقول لها أحلى الكلام و لا يلومها على بعض الفعال .
لم تكن القهوة مستساغة , و لم تشعر بمذاقها بين اللسان , وضعتها جانبا و تركت المكان لتعود إلى شرفتها نصف المفتوحة تراقب الطريق من بعيد.
إتكأت على الجدار و أخدت تفكر بإمعان , هل فعلا كان هذا ما أريد , هل كان هذا هو خلاصة الكلام أن إبتعد عني يا فلان , فحريتي تساوي ألف من الرجال , طأطأت رأسها و حاولت إسكات دمعها لكنها لم تستطع النسيان , قلبها فارغ , مكانه فارغ , بيتها موحش لم تعد تسمع فيه لغو و لا كلام .
عادت تسأل نفسها هل كنت فعلا محقة حينما وصفته بتلك الصفات و حينما فهمت منه تلك المفاهيم هل نظرتي للحرية كانت صحيحة و للأنوثة كانت بالمعنى الصحيح .
هل خلقت لأخرج و أشقى و أعمل بين الرجال , أم خلقت لأخدم واحد لا غير , هل غيرته كانت مرض أم أنانية أم أنه فعلا أحبني بجدية .
هل حطمت قيود العبودية أم جعلت نفسي أسيرة الحرية , هل شعارات المرأة العربية الجديدة أن أخرجي يا فلانة فالعالم يتغير من حولك و أن البيت رق و عبودية .
هل درست لأجلس بالبيت أم أني فعلا كنت ذات يوم ملكة متوجة على عرش قلبه و لم أفهم كما قال قصده .
و هي تحاور نفسها هذا الحوار هبت نسمة باردة جعلتها تغادر المكان , و أكملت لتقول لنفسها لم تخطئي يا فلانة فلست الملامة لما درستي لما تعلمتي لما أنتي إنسانة ؟, لتحبسي بين الجدران و لتهاني كل يوم بنظرات رجل جبار , لا تغالطي نفسك الحب أبدا لم يكن أنانية , الحب أبدا لم يكن مكانا للعبودية و لا التملك كان يوما لأي إنسان , معاملاته كانت قاسية , تصرفاته كانت واهية , و لم يكن أبدا يحترم فيك يوما الإنسانة .
لم تفهم ما عساها تصدق هل تصدق كلامه بأنه لم يكن الغلطان أم تصدق عقلها الذي أبى الإستكانة , أم تراها تتبع قلبها الذي صار معه لغاية الآن .
في قلبها غصة و حسرة فهي أصبحت سجينة الأفكار , قد تكون تعودت على الجلاد و لم تعد تستطيع أن تتغير في الحال , و قد تكون فعلا أحبته لأنه كان أول من عيونها تفتحت عليه , و قد تكون فعلا على صواب و فعلت الصواب بأن كسرت قيود العبودية .
لكن الأمر الوحيد المعلوم الآن أنها مترددة في إتخاذ القرار هل تناديه هل تعود إليه و هل تخبره بالذي كان و تقول له أن تعال يا فلان فقد كنت مخطئة أم تراها تحتفظ بكبرايائها مهما حصل و تستمر في طريق وعر مليء بالأشواك ستخوضه لوحدها في زمن لا يؤمن بالحريات الأنثوية .