بسم الله الرحمن الرحيم
لم أكن أحسب أيامي بمدى سعادتي فيها أوتعاستي ولكني أعيشها كما هي دون أن أبحث فيها وراء أسباب ربما قد تسعدني أو تجعل حياتي أفضل وفي نفس الوقت تمضي أيامي وساعاتي رتيبة مملة دون أن يكون فيها مايثير أو يميزني عن الآخرين فقط أقوم بإلتزاماتي اليومية التي ألزمني الآخرين أن أفعلها أكثر من احساسي أنه يجب علي فعلها أو شعوري أن آدائها يجعلني أفضل أو أكثر انجازا من غيري ...فلم أشعر بالإبداع لمجرد قيامي بأعمال يقوم بها أبسط إنسان على هذه البسيطة....هكذا كانت تشعر "أم علي"بينها وبين نفسها
تدق الساعة الرابعة فجرا وربما لا يوجد ساعة أحيانا ولكنها الساعة الفطرية التي تجعل هذا الوقت هو الوقت الذي لا تحيد عنه...تستقيظ فيه وتردد ما ماقدرها الله من ذكر حتى يحين أذان الفجر فتصلي وتبدأ مشوارها الصباحي في إيقاظ أبنائها وزوجها للصلاة وللذهاب لأعمالهم ومدارسهم وتبدأ رحلة التنقل بين غرفهم وأسرتهم بعد أن باءت محاولاتها بالفشل لتعويدهم على الإستيقاظ من أنفسهم دون هذا العناء الذي تلاقيه يوميا....وبعد جهد يستيقظ أفراد الأسرة وبعد الصلاة تبدأ في تجهيزهم وتبدأ الأصوات تتعالى هذه نصرخ اربطي بكلتي ياأمي....وهذا أين الحليب ، والثالث جهزي فسحتي ياأمي ...وهكذا كل صباح يمضي في تجهيز هذا وتلبية طلب هذا ثم ترقبهم بنظرات الحب والخوف وهي تودعهم لأعمالهم ومدارسهم
لم تكن تنتظر كلمة شكرا ولكن كانت ستفرح لو أن أحدا قالها لها ، و ولم تكن تنتظر أن يسألها أحد ماذا ينقصك ولكن لا شك أنها ستكون أكثر سعادة لو أن أحد تذكر أن يسألها
هكذا تعودت ليس لما تقوم به من عمل ردت فعل فالجميع يرى أن هذا واجبها وعليها القيام به....حتى أنها مع الأيام آمنت بهذه النظرية وخيل إليها لو أن أحدهم نسي وشكرها ستشكره على شكره لها...
تأتي عليها أوقات تنتابها كثير من الأفكار تحاول بكل جهد إقصائها فتجد نفسها أحيانا واقفة أمام مرآتها لترى سنين عمرها في نظراتها الباهته وقسمات وجهها الحزيتة وتهاجمها تلك اللحظات المجنونة فتتمنى أن تصرخ وتقول لمن حولها أنها تتألم كما يتألمون تمرض كما يمرضون وتحزن وتفرح وتتمنى أن تجد من يشاركها لحظات الفرح والحزن....وماتلبث أن تلتفت حولها فتجد المنزل خاويا إلا من ملابس مرمية وأسرة مبعثرة وفوضى تعم المكان ...فتبدأ عملها المعتاد بالترتيب والتجهيز لعودتهم ..وقد تحاسب نفسها لأنها عودت من حولها أن طاقتها لا حدود لها ...