النص أقل من أن يهدى
ولكني أهديه للــمـيـــاء بكل إمتنان لها
فهي من وهبتني هذه الفكره ومنحت قلمي مدادايصوغها
محبتي وإحترامي أيتها النقيه
اللــمــيــاء
\
/
غريبا في وطنه
جلس إلى طاولته الصغيرة في زاوية الغرفة المظلمة ليتناول عشائه , لقد عضه الجوع , فهذا النهار لم يتسنى له تناول الطعام إلا وقت الإفطار .
كان العمل كثيرا ومرهقا ... نظر حوله لاشيء إلا الظلام وعمرا يهرب موحشاً تقهره الوحدة ,, لا رغبة له بطعام يتناوله ثلاث مرات يوميا دون تغير أو تبديل .
غاب عن هذا العالم لتداعب مخيلته الأحلام الكثيرة .
هو يحلم ببيت صغير مرتب نظيف تعج زواياه بالحياة , بدأت تلك الأطياف باللعب حوله والنداء
بابا ... بابا ...بابا ... وثمة عتاب له لماذا تأخر بالعودة ...؟!
وهو يبتسم , منى تلقي نفسها بحضنه وباسم يتسلق على كتفيه وعلاء يحدثه بأموره المدرسية وزينب تشتكي أول أيامها الدراسية ...
فهي لا تريد ترك المنزل لتستحوذ منى على الدلال كله من الأم .
أخيرا هاهي أحلام تبتسم له : هيا حبيبي , طعام العشاء ينتظر والحمام معدا لأجلك هيا يا يا صغار للعشاء وبعد أن ينال بابا قسطا من الراحة سنذهب لقضاء الأمسية في بيت الجدة .
تناول طعامه الممل بنهم وهو يرى بعين حلُمت تلك المائدة التي أعدتها الزوجة الحبيبة والرفيقة
طعام تشتهيه النفس ويحتاج لمثله الجسد .
انتهى من تناول طعامه ومازال ذات الحلم يداعب نفسه ... تيقظ على سوط مفزع فقد تحطم زجاج النافذة الباليه بفعل الريح
وتناثرت أوراقا كثيرة كان قد نسيها على المكتب الصغير .
قام يجمع أوراقه ويتأمل عمره كيف مضى مابين عمله بالبناء وجلوسه في هذا المكان الموحش وحيدا بلا أهل ولا أحبه ... حتى طعامه إن لم يشاركه الحلم إياه تناوله وحيدا يائسا
تساقطت الدموع من عينيه رغما عنه , إلى أن وقعت عينه على تلك الشهادة
بدأ بالضحك المجنون مع البكاء السخي ...يا إلاهي
ثمانية اعوام جامعية لينسى أوراقه في مكان مظلم ويركض وراء عمل قد يأتيه بقوت يومه وقد لا يفعل
بالمقابل على الصعيد الآخر ... ترى الكوادر الأجنبية الغريبة والأقل كفاءة من ابن البلد المكافح المجد
ترتقي بالأعمال وتستلم المناصب دون قيد أو شرط .
رمى بجسده المنهك على سريره المتهالك وأطرق مفكراً بخيارين لا ثالث لهما ...
إما أن يقضي ما تبقى له من عمر حبيس الوحدة وهذه الجدران الباردة المظلمة يقتات الحسرة ويرتشف كأس الذل والهوان بين أهلٍ لم يعرفوه يوماً ـ
أو تكون الهجرة ... الهجرة إلى أي بلدٍ لا يهم , المهم أن يجد نفسه في بلدٍ قد يعطيه ولو القليل القليل من حق ضاع منه في وطنه
الـــنــهــايـــــــــه