(( بنت الشّواطئ ))
بقلم / ربيع بن المدني السملالي
جاءت تمشي سافرةً متبرجةً إلى أبيها الذي يجلسُ في زاوية من زوايا البيت يُدخّنُ سجارَته بشَراهة ، ويُشاهد ما شاء وشاء له الهوى قنوات خليعات وإذاعات قبيحات ..هذا الذي نيّف على السّتين من عمره ..ألقت عليه تحية أعجمية تركها الاستعمارُ الفرنسي الغاشم لهذه البلاد البائسة .، ثم قالت بنبرة تدلّ على ثقة ساذجة في نفس اجتاحها الضياعُ وتملكها التّشرّدُ وانتابها الخواءُ : ( بَابَا ) أريدُ الذّهاب مع صديقات لي إلى الشّاطئ شاطئ البحر للإستجمام والاستحمام والتّبرد ، ولا يخفاكَ أنّ الحرارةَ مفرطةٌ هذه الأيّام ..
فقال بعدما أطال النّظر في جسدها الذي يقطر إغراءً وفتنة ويرفل في ثوب رقيق شفّاف : أنت يا ابنتي تذهبين كلّ يوم تقريبا إلى هناك وبدون استئذان مني لأنّك تعلمين علمَ يقين أنّه لا مُشكلةَ لدي في ذلك ..فما معنى هذا يا حبيبتي ؟ ! ..
فقالت بخبث : أنا أعلمُ ذلك وأعلم أيضا أنّك (( رجل )) من المتفتّحين المتحضّرين ، ولكن أقصدُ أنّ الذهابَ إلى هناك يحتاج إلى بعض المصاريف ..وطأطأت رأسها حياءً (( الحياء المذموم )) ..
فافترثغره عن ابتسامة دلّت على أنّه قد رضي عن ابنته كلّ الرّضا ثمّ قال : لا عليك اذهبي وخذي من محفظتي ما يكفيك وصواحبك بالمعروف ..
فقبّلته قُبلةً سُمع رنينُها إلى المطبخ الذي توجد فيه (( الأمّ )) التي قالت باستهزاء : إيّاك أن تفوتي عليك صلاة العصر كما فعلت في المرة الفائتة ! ..
فأجابتها بسخرية وتهكم : (( ربُّنا ربّ قلوب والإيمان في القلب ))، (( إنّ الله غفور رحيم ))..
ثمّ خرجت تجري فرحا وطربا بعدما تركت جلباب الحياء قابعا بين جدران البيت كما تركت أباها منطرحا هناك كما يترك السّكيرُ قارورة خمر فارغة ...
وكتب ربيع بن المدني في شعبان 1431