تعرَّف عليها أيام المدرسةِ، كل يومٍ يقف عند باب منزلهم يحملُ صرةَ كُتبهِ مطويةً بسجادتهِ الزرقاء، يشاهدها تتخبطُ بعتبة الباص الأصفر مع أختِها التي تصغرها بعامٍ.
إنها جارتهم، أحبها وأحبته بهيامٍ، بدأتْ علاقتهما بتبادلِ النظرات عند الأبواب، ثم تبادلا الرسائل الورقية عبر بريد السور، وتقاسما الابتسامات من فتحات النوافذ والشبابيك، في بعض الأحيان ترتكبُ جرأة، تُلوحُ له بيدها من داخل الباص، سرقاً كثيراً من الأوقات في الهاتف.
إنها أملٌ وإنهُ وائلٌ، قصةُ حبٍ تنمو في حضنِ(مجتمع عدم الاختلاط).
في آخر سنةٍ دراسية للثانوية العامة تقدمَ لها شابٌ من عشيرتها الأقربين، فترفض أملُ الاقترانَ به، قدمتْ لذويها التبريرات اللازمة التي تشفع لها رفض الزجية.
وتقدمَ لها آخرٌ، فرفضتْ لنفس التبريرات رغم استغراب أهلها منها، بررت لهم ذلك برغبتها بمواصلة الدراسة الجامعية وهي عزباء.
وائلٌ أكمل دراسة الثانوية العامة بتقدير ممتاز، طلب من والدهِ الزواج المبكر مختلقاً له أسباباً واهيةً، وحقيقته خوفاً على اختطاف محبوبتهِ، أو خوفاً من إجبارها على الزواج المبكر لأحد المتقدمين لها.
والده انتقد طلبه بشدةٍ وحزمٍ وقال له: سوف أساعدك وأقفُ معكَ في مشروع الزواج بعد تخرجك من الجامعةِ.
وائلٌ قرر ترك الدراسة الجامعية والعمل في أحدِ المصارفِ في مدينتهِ، حاول مواصلة دراسته الجامعية منتسباً للجامعة العربية في القاهرة.
عانى كثيراً في عملهِ بسبب حداثة عمرهِ وجمال وسامته، كان أغلب الموظفين ينظرون إليه نظرة خاصة، فيها ما فيها من السقط واللقط، فكان لا يعيرهم اهتماماً وبنفس الوقتِ يقدر لهم شعورهم الطائش في بلد غاب فيه رؤية جمال النساء.
بعد مرور أربع سنواتٍ من زواجهِ وسكنه محشوراً في غرفةٍ في بيت أهله تخرج أقرانه من الجامعات وجاءوا يعملون معه في نفس المصرف ولكن بوظفية مدراء في عمله.
يومها عَرِفَ، إنه كان مخطئاً بحق نفسهِ، يومها وجد ورقة الزواج وفقد ورقة الحب.
لا نستغني أبداً عن آرائكم وملاحظاتكم
دوَّنها بحرية هنا