السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالعودة إلى سؤالك نسيان
وبعد أن طرحت السؤال على احد الأساتذة الذين أدرس على يديهم الماجستير
وبعد أن ناقشت الموضوع مع بعض الزملاء الذين يدرسون معي في نفس المرحلة
وبعد أن أجريت بحثاً معمقا وقراءة مستفيضة في بعض المواقع على الانترنت
خرجت بالكثير من الإجابات التي تحتمل وجهاً من وجوه الصحة قد تقترب حياناً وقد تبتعد أحياناً أخرى
ولكن هذا لا يقطع بصحة احدها أو بخطئه ... فجميعها تحمل وجهاً من الصحة
وبعضها كان تفسيرا وتعليلاً نحوياً والبعض منها كان تفسيراً من حيث دلالة الآية وتبياناً للّمْسةِ البيانية فيها.
وقد اخترت لكِ ثلاث إجابات وجميعها تحتمل الصحة وسننظر إليها من حيث نوع " الواو " التي وردت في الآية .
فإذا قلنا أن هذه الواو هي " واو الثمانية " وهي الواو التي تلحق العدد الثامن أو المعدود الثامن إشعاراً بأن السبعة عدد كاملاً
فالعرب قديما كانوا يعتبرون العدد إلى سبعة عدد كاملاً أما مع العدد الثامن فيضاف للعدد حرف الواو فيقولون :
واحد - اثنان - ثلاثة - أربعة - خمسة - ستة - سبعة - وثمانية
وقد دللوا على ذلك بقوله تعالى: (( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ))
وقوله تعالى في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم :(( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا ))
فكلمة " أبكارا " كان ترتيبها الثامن في ما سبقها من الصفات ولذلك سبقت بواو الثمانية
وكذلك في قوله تعالى: (( ( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ))
فقد سبقت الواو " الناهون عن المنكر " لان ترتيبها الثامن من بين صفات المؤمنين التي سبقتها في الآية .
فإذا قلنا أن الواو التي وردت في الآية التي تتحدث عن المؤمنين حينما يساقون إلى أبواب الجنة هي " واو الثمانية "
فلان عدد أبواب الجنة ثمانية أبواب ذكرت هذه الواو
ولان أبوب النار سبعة أبواب لم تذكر هذه الواو في الآية التي تتحدث عن أهل النار
أما إذا قلنا أن هذه الواو هي " واو العطف "
بمعنى أن قوله تعالي" فتحت أبوابها " معطوفة على ما قبلها " جاءوها "
وحرف العطف " الواو " يفيد مطلق الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه
فهذا يعني أن أبواب الجنة تفتح في نفس اللحظة التي يتوجه أهل الجنة إلى الجنة
فلا يصلون إلى أبوابها إلا وقد فتحت من قبل أن يصلوا إليها
لكرامتهم على الله تعالى ولكي يتعجلوا الفرح و السرور إذا رأوا الأبواب مفتحة لهم
أما الآية التي تتكلم عن أهل النار فليس فيها حرف الواو
وهذا يعني أن مجيء أهل النار ووصولهم إليها شرطاً لازم لكي تفتح أبواب جهنم لهم
فهي لا تفتح إلا بعد وصولهم و وقوفهم أمام أبوابها وهم ينتظرون سوء العذاب حتى تفتح لهم
وفتحت بعد وقوفهم إذلالا وترويعا لهم كما أن الوقوف على الباب المغلق فيه نوع من الإذلال و الهوان فصِينَ أهل الجنة عن ذلك
وإذا قلنا أن هذه الواو هي " واو زائدة "
فهي على اسمها زائدة قد تذكر وقد تحذف على حد سواء من دون أن تضيف للآية معنى مختلف في حالة الذكر أو حالة الحذف
وهذا لا أراه وجهاً صحيحاً .. فالقرآن ليس فيه حرف واحد يكون زائد ولا يعطي معنى مختلف .. فكل حرف في القرآن هو حرف معجز .
والله أعلى وأعلم .
أشكرك نسيان على أن فتحت لي هذا الأفق الواسع من البحث والمعرفة
لك التحية