وما قبل الرحيل ,
ضحكتك التي كانت حاضرة في كل لقاءاتنا , تشبه المخدر الذي لا أشعر معه بأي شي سواك ,
لا زلت أتذكّرك جيّداً ما قبل الرحيل :تمسك طرف يدي فتجعل أصابعك تزحف ببطء لتستقر في باطن كفّي وتضغط برفق ,
تلك الضغطات المتتالية تصيبني برعشةٍ تسري في عروقي حتى تصل قلبي , فتُترجم هناك لأجدها " أحبك , أحبك , أحبك .... "
إجادتك لتغييبي عن كل ما يحيط بي , إدخالي في دائرةٍ أنت حدودها وأنت مركزها يدهشني جداً ,
يبقيني على قيد يدك , ويبقيك على صدري وحولنا أنت وحدك وأنا وأنت فيك , نخرج منك تارة وننغمس فيّ تارة أخرى ,
في كل الأماكن التي نحن فيها تنبت الأزهار وتبني العصافير أعشاشها , وتمطر السماء , نبتلّ أنا وأنت فقط ,
وكل ما سوانا يشعر بالجفاف ويتهشّم مع كل خطوةٍ نخطوها نحو الإخضرار ,
كنت دائماً تقترب مِنّي , تهمس لي وتقول " أشعر بالجاذبيّة تسحب روحي إليك , أعدك بألا نفترق أبداً "
وقد رحلت ...!
وما بعد الرحيل ,
بكائي الذي كان حاضراً في كل اللحظات التي تزيد من مساحة البُعد بيننا, يشبه وخز الإبر التي أشعر معها بكل شي فيّ سواك ,
لازلت أتذكّرك جيّداً ما بعد الرحيل : تبدأ بترك طرف يدي وتسحب أصابعك بسرعةٍ من بين أصابعي بعد أن تعصرها بشّدة ,
أشعر بإنقباضٍ في داخلي يصيبني بإنتفاضةٍ قوّية تسري في عروقي حتى تصل قلبي ويعود صداها مُترجماً " غياب , غياب , غياب ... "
إجادتك لتغييبك عن كل ما يحيط بك , إخراجك من دائرتي التي لا أذكر إلا حدودها ومركزها فقط يؤلمني جداً ,
يفك قيد يدك ويُبعدك عن صدري ,ونصبح أنت فيك وأنا فيّ وأنت وحدك تنغمس فيك وأنا وحدي أخرج منك .
في كل الأزمان التي كنت فيها أنتظرك تموت الأزهار وتهجر العصافير أعشاشها ويشحّ المطر ,
أجف وحدي وكل ما سواي يشعر بالإخضرار ويُزهر مع كل خطوةٍ أخطوها نحو الجفاف .
أصبح طيفك يقترب مِنّي ويهمس لي " ....................................... "
الثلاثاء 11/3/2008