وهنا قصيدة آخرى وتأخذ منحا آخر وهو الحنين الى الريف بعدما غادره للدرسة بالقاهرة فقال شوق اليه
العودة إلى الريف
رقم القصيدة : 79146 | نوع القصيدة : فصحى | ملف صوتي: لا يوجد |
مهد الرجـاء ومهبط الأحلام | وطني عليك تحيتي وسلامي |
يا ريف فيك من الخلود أثارة | تنساب في خلدي وفي أوهـامي |
وترد إحساسي إليك إذا خلت | نفسي إلى الآمال والآلام |
وكأنني المسحور يقفو ساحراً | في بهرة كالطائف النوّام ! |
***
|
إني فقدتك في الطفولة غافلاً | عما حويت من الوجود السامي |
لكن وجدتك إذ كبرت بخاطري | رمزا أحيط بغمرة الإبهـام |
وتكشّفت نفسي فلُحـت كأنما | نفسي ، وأنت جمعتها بتؤام ! |
ووجدت أحلامي لديك وضيئة | لم تبل جدتها يد الأيام ! |
واليوم عدت إليك أحسب أنني | طير يؤوّبُ بعد جهد دام |
يا ريف تدعوني إليك ، وإنني | لَلمستطار إلى لقاك الظامي ! |
***
|
هذا الهدوء كأنما هو عالم | في الوهم لم يتبدّ للأقوام |
وكأنه الحلم الجميل يحوطه | صمت كصمت العابد المتسامي |
وتحس بالسر العميق تخالهُ | يضفى على الإيقاظ والنوام |
ويلوح في وضح النهار وينطوي | ما بين طيات الظلام الطامي |
هو ذلك السر الذي مفتاحهُ | ضمت عليه جوانح الأهرام |
***
|
إنّي أجول بخاطري متنقل | في حيثما امتد البسيط أمامي |
فإذا مواكب للجمال وديعة | جمعت طرائفها يد الإلهام |
للطير فيها ، للأزاهر موكب | للناس ، للحشرات ، للأنعام ! |
متآلفين ، سرى الرضا لنفوسهم | فيما اغتذوا من مشرب وطعام |
كل يرجّع للطبيعة لحنهُ | في ذلك الوادي الخصيب النامي |
وهنا الطبيعة كالغريرة إنما | ورثت وقار أبوّة مترام ! |
تلهو ، ولكن في براءة طفلة | من نسل آلهة غبرن كرام ! |
عبدتهم الأوهام في غمراتها | واندس بعض الوهم في الإبهامِ ! |
وتوارثته طبيعة خلدت بها | مصر على كر من الأعوام |
يا ريف مصر ، وأنت سر بقائها | اسلم ، فدتك مواهبي وحطامي |
*
|
نوفمبر 1933
|