حائطي
سجل دخولك او إضغط هنا للتسجيل
المنتديات و وسائل التواصل الاجتماعي مابين المنهجية والتسطيح فرق كبير وشاسع بين ما أنتجته المنتديات في أواخر التسعينات الميلادية و العشر الأولى من الألفية، وما أنتجته وسائل التواصل الاجتماعي في هذا العصر. فالمنتديات كان لها دور كبير في تثقيف المجتمع وخدمة الثقافة والمثقف العربي في شتى المجالات الإنسانية والعلمية بشكل يتسم بالجدية والالتزام لدرجة تصل إلى حد الصرامة أحياناً، ومحاولة دؤوبة للارتقاء بالفكر العربي بشكل يكاد أن يكون ممنهجاً ومدروساً ومعداً بشكل جيد، ومحتوى خاضع للرقابة من قبل القائمين على تلك المنتديات، فساعد ذلك في الارتقاء بفكر المتلقي لدرجات أعلى وأفضل وأجمل واشمل مما كانت عليه قبل حقبة المنتديات، وقد ساعدت هذه المنتديات في نشرت الثقافة العربية وسهلت عملية التواصل والحوار البناء بين أبناء المجتمع العربي كافة من الخليج شرقاً إلى المحيط غرباً، وكانت المتنفس الوحيد للكثير منهم لنشر وتبادل ما لديهم من أفكار وعلم ومواهب مختلفة في شتى مجالات الفكر الإنساني، فتربى في حضنها الكثير من الأدباء والمثقفين والعلماء الذين لا ينكرون فضلها عليهم، بل إن البعض منهم بزغ نجمه أول ما بزغ في فضاء هذه المنتديات ولا سيما المنتديات الأدبية منها، وأكمل مشواره فيما بعد وأصبح علما يشار إليه بالبنان اليوم. وقد أثرت المنتديات المحتوى العربي وأكسبته تواجداً أكبر وأقوى على الشبكة العنكبوتية، فلو لم يكن هناك منتديات لما كان هناك محتوى عربي يذكر على شبكة الانترنت، فلو بحثت الآن في أحد محركات البحث عن أي موضوع في أي مجال، فلن تقودك نتائج البحث إلى لأحد تلك المنتديات التي وللأسف اقفل الكثير منها، أو على أكثر تقدير ستقودك نتائج البحث على صفحة أو صفحتين من صفحات الفيس بوك أو تويتر التي أعتبرهما أفضل ما أنتجت لنا وسائل التواصل الحديثة لحد الآن، والسبب في ذلك يكمن في أن الفيس بوك وتويتر يعتمدان على المحتوى النصي في الأساس، بالإضافة لمحتوى الصورة والفديو. بينما وسائل التواصل الأخرى التي تعتمد على محتوى الصورة فقط كالانستقرام أو محتوى الفديو فقط كالسناب شات وغيرها من وسائل التواصل التي ساعدت في كثير من الأحيان بشكل مباشر أو غير مباشر بشكل مقصود أو غير مقصود في تكريس التخلف والجهل وتسطيح الفكر، وقد جاءت وسائل التواصل الاجتماعي في الأساس كبديل عن المنتديات وأزاحتها بشكل كامل من المشهد الثقافي والعلمي، فلم تنتج لنا - غالباً- غير الغثاء وأشخاص سطحيين لدرجة القرف، فارغين لدرجة البلاهة، تافهين لدرجة الانحطاط، ولم أكن أعبء بهم ولا بسذاجتهم لو لم تصل سخافتهم وترهاتهم إلى جوف الكتاب، فالكتاب أجل من أن يكون مصب لزبالة فكر هؤلاء - إن كان لديهم فكرا في الأصل - وأرقى من أن يكون سلة مهملات لسخافة لقطاء الشهرة. فمالكم وللكتاب، دعوه فلا تنجسوه هو الآخر بغبائكم المستفحل ولا تلطخوه بسطحيتكم المقززة قد يقول البعض: أن الكتابة حق مشروع لكل إنسان ولا أحد يملك الوصاية فيقرر من يكتب ومن لا يكتب. قد يكون ذلك صحيحاً لحدٍ ما.ولكن بشرط أن يكون محتوى هذه الكتب متدرجاً ما بين مرتبة القبول إلى مرتبة الإتقان و الابتكار، أما أن تملأ هذه الكتب بالسخافات التي لا يختلف عليها اثنان، والترهات والخزعبلات والألفاظ السوقية الساقطة والمعاني السطحية التافهة، من ثم نقول إن ذلك حقاً مشروع، فلا وألف لا.. فهذا استهتار واستخفاف وتسطيح لعقلية القارئ حتى لو لم يقم بشراء هذا الكتاب أو لم يطلع عليه أصلا.هذا أولاً. أما ثانياً فالورق أعز وأجل من يكتب عليه مثل هذه الترهات والحبر أغلى من أن يُنفق في مثل هذه التفاهات، ليس الورق وحسب ولكن لو كتبت على ورق الحمام - أجلكم الله - لكان ورق الحمام أغلى من أن يكتب عليه مثل هذه السخافات التافهة وأن يسطر عليه مثل هذه العاهات الفكرية فما بالك أن تكتب على ورق أعد لأن يُملأ فكرا نيرا وعلما قيما. أليس هذا من كفر النعمة، فالورق والحبر بلا شك نعمة أنعم الله بها علينا، ولا يحق لأحد أن يرى هذه النعمة يكفر بها ويسكت. ولأدلل على صدق كلامي هاكموا بعض الصور لبعض كتب العاهات الفكرية التي بلينا بها في هذا الزمن، واعتذر منكم مسبقا اشد الاعتذار أن أعرضها على أنظاركم، ولكن هو بلاء لابد منه. // مع خالص تحيتي الوجيه