[مــريـــم]

عند ذكر الفقر تمر بذاكرة الإنسان تلك المجاعات المخيفة التي

تغرق القارة الإفريقية بقسوتها.

ويتبادر إلى الذهن هولاء الناس الذين هم بلا مأوى أو ملبس

يستر عوراتهم عن الآخرين.

أو من لا يجدون من الطعام إلا الندر البسيط والذي لا يكاد يشبع

المعدة الفارغة.

وتشتعل في نبضاتنا الحسرة على مثل هولاء ونطيل التفكير في أحوالهم .

مشاهد مؤلمة وحياة قاسية .........ولكن هل هذا هوالفقر

الحقيقي وهل تمثل احتياجات الجسد فقر حقيقي؟

أم أن الفقر الحقيقي هو فقر الروح وافتقادها لأساسيات حياتها،،

هناك من يتضور جوع ولكنه لن يمد يده لقطعة خبز مرمية

والذباب يقتات منها لأنه يملك في روحه مايغنيه عن هذه القطعة

وهناك من يملك الأرصدة والملايين ويمد يده ليأخذ لقمة جائع

معدم وهنا قمة الفقر

أن تفقد الروح شفافيتها والإحساس بالآخرين فتعيش لذاتها ومصلحتها

دون أن تقيد هذه المصلحة بما يمكن أن تسببه للآخرين من ألم

فهذه قمة الفقر

أن تعشق الروح الكذب والخداع وتطعن بحق وبدون حق في كل

من يخالفها فهذا قمة الفقر

أن تطلب ماليس لها وتتمنى مافي يد غيرها فقط لأجل تحقيق

رغباتها فهذا قمة الفقر

أن ترى من يتألم حولها فلا تذرف لها دمع ولا تحرك ساكنا فهذا

قمة الفقر

أن لا تواجه المعروف بالشكر والامتنان وتبخل بكلمة تسر بها

خاطر إنسان آخر فهذا قمة الفقر

أن تسلب شيء ليس من حقها وتعيش به سعادة دون أن تفكر

أنه ليس من حقها وأنها أخذته من غيرها فهذا قمة الفقر

وأخيرا أن تبتعد الروح عن بارئها وتبحث عن السعادة في غير
رضاه فهذا قمة الفقر.