عكا ونابليون
في أثناء حكم الجزار أتت حملة نابليون إلى الشرق الأوسط، واستطاع نابليون احتلال مصر وغزه ويافا وحيفا ووصل إلى مشارف مدينة عكا بغية احتلالها عام 1779 للميلاد، ونادى الجزار في الناس ووقف فيهم خطيباً يحثهم على الجهاد والنصر أو الشهاده، واستجاب له أهل المدينة بأسرهم وتجهزوا لمقاومة نابليون الذي حاصر المدينة طويلاً وأمطرها بوابلٍ من قذائف المدافع وزخات الرصاص، وإستمر حصاره لها طويلاً وتكبد جيشه خسائر فادحةً في الأرواح والعتاد، وكان نابليون مصمماً على احتلال المدينة حيث أنها كانت المعقل المقاوم الأخير قبل أن يصبح الشرق بأسره تحت سيطرته، ولكن عزيمة وإصرار وشجاعة وإيمان اهل المدينة ومقاومتهم الباسلة وحصانة أسوارهم منعته من ذلك، بالإضافة لمعاونة الجيش الانجليزي وامدادة للمدينة بالأسلحة والمعونات، إضطر نابليون إلى الإنسحاب يجر أذيال الخيبة والهزيمة وكانت تلك هي المرة الأولى التي يُهزم فيها نابليون على الإطلاق، وقبل أن يرحل رمى بقبعته فوق أسوار عكا من غيظه وقال على الأقل مرت قبعتي من فوق أسوارك يا عكا..
ورحل نابليون وهو يقول : تحطمت أحلامي على أسوارك يا عكا، سلامٌ عليكِ سلامًا لا لقاء بعده
مدينة عكا الحالية تنقسم إلى قسمين: المدينة الجديدة والبلدة القديمة. يبلغ عدد سكانها 35000 نسمة منهم 5000 عربي يقطن معظهم في البلدة القديمة. وهناك أقلية مسيحية وبعض جماعات من المعمدانيين والدروز.
شُيّدت المدينة الجديدة بمساكنها العامة وأحيائها التجارية ومنطقتها الصناعية لتستقبل المهاجرين اليهود الجدد. وتقع جميع هذه الأبنية خارج البلدة القديمة محافظة بذلك على طابعها وأصالتها.
البلدة القديمة محط الأنظار في عكا. فهي ما زالت تحافظ على الكثير من مظاهر الفترات الثلاث الأخيرة من تاريخها ألا وهي الفترة الصليبية والعربية والتركية. أعاد الأتراك بناءها فوق أطلال المدينة الصليبية القديمة التي أدى طول الهجر والتراب والرمال إلى دفنها. وتعود الحصون التي تحيط بها إلى عام 1700م وقد بناها الباشا أحمد الجزار على أساسات الأسوار الصليبية لحماية المدينة. إثنان من أبوابها فقط يعودان للعصر الصليبي (القرن الثاني عشر) وهما الباب البري والباب البحري. عند الانطلاق من الباب البري يمكننا الدوران حول الحصون المختلفة. وتتمتع جميع أسواق البلدة القديمة وحوانيتها بألوان المدينة الشرقية الزاهية.
أسوار عكا الخالدة