المشهد الثاني
( غرفة فندق في بروكسيل ، قبل عشرين عاما )
فرلين: (محتداً )
لن ترحل ، لن اتركك ترحل هذه المرة ، مادمت قد لحقتني بنفسك الى بروكسيل .
الشاعر: هل تطلب مني البقاء وترضى لنفسك الرحيل ؟
فولين : لقد دفعتني الى ذلك دفعا ، تماديت في السخرية مني ، كنت تريد اذلالي ، وما كان ذلك الاّ لأنك اردت ان نفترق .
الشاعر: فتتركني وتهرب الى بروكسيل ؟
فولين : ( مهتاجا )
اليس هذا ما كنت تريد ، لقد طلبت الصفح من زوجتي ( ماتيلد ) ، بعثت إليها لتنظم اليّ ، لكنها رفضت، هددتها بالانتحار ، غير اني وصلت في ايذائها حدا يبهت امامه التوسل او التودد، تسقط امامه كل توبة ، اوشكت ان اخنقها ذات يوم بيديّ هاتين اللتين رميت بهما طفلي الصغير الى الحائط، وحين غفرت لي جنوني وقبلت بعودتي الى المنزل، تركتها في القطار عند اول محطة ، اذاً ، فاذا كنت قد طعنت ، ليس لك ان تلمس المقبض ثانية، لن ترحل الى باريس .
الشاعر: كأنك تملكني ؟ سأرحل الى باريس .
فرلين : لماذا ؟
الشاعر:لن نعاود الكرة ثانية .
فرلين : ولكن لم ؟.
الشاعر: لقد مللت يا فرلين ، مثلما ملّ هذا المطر مخابئه فمضى ينهال متهالكا على القلوب الكئيبة، لن نستطيع ان نمضي معا الى النهاية ، لسنا نسير في درب واحدة.
فرلين : ( شديد اليأس )
انا انسان بائس
الشاعر: لقد استطعت منذ زمن بعيد ان احصل على محبرتك التي كتبت بها
ديوان(قصائد زحليّة) كانت المحبرة كنزا بالنسبة لي، رمزا احتضنته في اعماقي، وحافظت عليه، وألان لا أريده ان يتعفر في التراب.
(يخرج المحبرة)
انظر ……انها لم تفارقني يوما، ولن تفارقني لو رحلت
(يخرج فرلين من جيبه مسدّسا)
الشاعر: ما هذا ، ما حاجتك لمسدس
فرلين : انه لي ولك ، ولكل الناس.
الشاعر: اعطني المسدس.
فرلين : ابتعد ،
(يبتعد الشاعر ، ثم كمن خسر كل شىء)
هل يمكن لاطلاقة ان تحسم أمرا ما؟، انها تعترض الطريق حسب، بينما يبقى حلم الحسم مطوفا في الهواء،
(واضعا المسدّس على صدغ الشاعر)
لو احسست باطلاقة تخترق صدغك ، اتراك ستفكر بانها اختراع غبي!،احساس يسبق تفجر الدماء بلحظة ؟ او انها اعتراض احمق لا غير؟، لكنه اختراع أرحم أحيانا من اعتراض منظم وطويل في درك المسميات ، في عذاب الكلمات والرغبات المقيتة، ألا يكون أكثر رحمة من قذارة (الخشخاش) الملعون وبؤس الثمالة العتيق؟
(بلا أمل)
السعادة حلم ، الحب حلم ، والقصائد أضغاث أحلام ، ترى!، الى أّي مدى يستطيع المرء ان يمضي بجعبة الأحلام هذه؟.
(يصوب المسدس نحو الشاعر)
لن يستطيع المضي أبعد من هذه الاطلاقة .
(يطلق على يد الشاعر التي تمسك بالمحبرة ، الظلام يشتدّ فيه صوت المطر).