عرض مشاركة واحدة
قديم 14-12-12, 04:07 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
 عبدالرحمن منصور  
اللقب:
الــوجــــيه
الرتبة:
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية عبدالرحمن منصور

بيانات العضو
التسجيل: 21-10-09
العضوية: 2
المواضيع: 194
المشاركات: 1803
المجموع: 1,997
بمعدل : 0.38 يوميا
آخر زيارة : 25-03-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 20956
قوة التقييم: عبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond repute


كاتب الشهر فبراير 2012 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 2,703
وحصلتُ على 1,278 إعجاب في 552 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
عبدالرحمن منصور غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : عبدالرحمن منصور المنتدى : دورة تذوق النص الأدبي
افتراضي



7- الخيال والصورة الشعرية .
النقاد في هذا العصر يعبرون عن الخيال بمفهوم اخر وهو " الصورة الشعرية " أو "الصورة الشعورية "
وهذا طبيعي جداً فتركيب الصور الشعرية وتكوينها لا يتم إلا بواسطة الخيال وعن طريقه
لذلك نحن في هذه الدورة نستخدم مصطلح " الصورة الشعرية " في تعبيرنا عن الخيال أحياناً
لأنك إذا استخدمت هذا المصطلح فأنت قد حددت نوع الخيال الذي تقصده فهو الخيال الذي ينتج لنا صورا شعرية
كما أنك تنتزع مفهوم الخيال الأدبي من عدة مفاهيم أخرى يشملها الخيال كالخيال العلمي والخيال الذي بمعنى الوهم
إضافة إلى ذلك أن مفهوم الصورة الشعرية أدق وأقرب للأدب فهو يرتبط بالشعور والوجدان بشكل مباشر
ولكي لا يتوهم أحدٌ أن الخيال هنا بمعنى الكذب أو التوهم أو التزييف أو احلام اليقظة فهو ليس كذلك إطلاقاً
وكي نواكب مسيرة النقد الحديث في تغيير بعض مسمياته أو تغير نهجه أو نظرته للنص الأدبي بشكل عام


8- " التخيل أو الإسقاط "
لنعلم أولاً وكما قلت لكم في بداية هذه المحاضرة أن الخيال يعتمد بشكل رئيسي على علوم البلاغة الثلاثة وهي: علم المعاني ،وعلم البيان،وعلم البديع
لأن الخيال لا يستطيع أن ينشئ الصورة الشعرية إلا من خلال هذه العلوم وأخص منها بالذكر علم البيان الذي يشمل المواضيع التالية : فن التشبيه بجميع أنواع
والحقيقة والمجاز العقلي والمجاز المرسل والاستعارة بأقسامها والكناية بأنواعها ، فلو قمنا بتحليل الصورة الشعرية تحليلاً دقيقاً سنجد أنها لن تخرج عن هذه الأنواع
ولن ندخل في تفصيل ذلك .... ولكن سننظر للموضوع - طرق بناء الصورة الشعرية - بشكل مبسط يستطيع أن يفهمه كل شخص سواء أكان متخصص في اللغة أم لا
ولكن برجاء التركيز الشديد ومحاولة الفهم والاستيعاب بقدر المستطاع


نحن نعلم أن كل إنسان لديه معاني حسية ومعاني معنوية اكتسبها مسبقاً وتحددت معالمها في ذهنه وشرحنا ذلك في الفقرة الخامسة
وكل إنسان أيضاً يمر بالكثير من التجارب المختلفة والمتنوعة والتي يصحبها مشاعر وأحاسيس مختلفة أيضاً

إذا هناك تجارب كثيرة ينتج عنها عاطفة ومشاعر وأحاسيس مختلفة
وهناك أيضاً معاني حسية وأخرى معنوية مخزونة في ذاكرة كل إنسان

والأديب بشكل عام والشاعر على وجه الخصوص إذا مر بتجربة اثارت في نفسه مشاعر انسانية وحركت وجدانه
فهو لا ينقل إليك هذه التجربة وهذه المشاعر بشكل مباشر وسطحي كما حدثت له وكما أحس بها أو كما هي في الواقع
ولكنه يقوم عن طريق خيالة بإسقاط هذه التجربة وما يصحبها من مشاعر وأحاسيس على ما لديه من معاني حسية ومعنوية يختزنها في ذهنه وذاكرته
فينتج عن هذا الاسقاط أو التخيل ما يسمى بالصورة الشعرية ، والشعراء ينتهجون عدة طرق لإنتاج هذه الصورة الشعرية
سنذكر منها ما تيسر لنا ذكره مع أخذ مثال لكل طريقة كي تتضح الفكرة بشكل أفضل .


9- طرق إنتاج الصورة الشعرية :
1- التجريد : هو ان يتجرد الشاعر من ذاته أو من احدى جوارحه أو اعضائه فيقوم بمخاطبتها وكأنه يخاطب شخص اخر منفصل عنه تماماً.
كقول الخنساء ترثي اخاها صخراً وتقول : قذىً بعينك أم بالعين عوار ... أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار ؟
الخنساء هنا تجردت من نفسها فأخذت تخاطبها وتسألها وكأنها شخص منفصل عنها تماماً
فما هو سبب هذه الدموع المنهمرة باستمرار هل هي بسبب قذى في عينها ام بسبب مرض الرمد
أم لأن الدار خلت من صاحبها وسيدها صخراً بعد مقتله ...
فهي كأنها تجهل سبب هذه الدموع فأخذت تسأل هذه النفس التي تجردت منها وتضع عدة احتمالات

ومثال اخر للتريجد / يقول أبو ذؤيب الهذلي يرثي أبناءه الخمسة الذين ماتوا في عام واحد بسبب مرض الطاعون
أمن المنون وريبها تتوجع ***** والدهر ليس بمعتب من يجزع
المنون جمع منية وهو الموت
هنا الشاعر تجرد من نفسه فاخذ يخاطبها أو بالأصح يعاتبها على شدة الجزع وطول التوجع بسبب موت أبنائه الخمسة وان موتهم كان بيد الدهر
الذي لا يثنيه عن مشيئته جزع من جزع ولا اعتراض من اعترض فما الفائدة من طول الجزع والحزن على ما قد وقع

2- التشخيص :هو خلع الحياة على الحسيات الجامدة والظواهر الطبيعية الصامتة الغير عاقلة إلى حسيات عاقلة
حتى إنها تخاطب مخاطبة الذي يعقل ويفهم , وتخلع عليها صفات المخلوقات النابضة بالحياة والحركة
فالتشخيص إذا هو نقل المعاني الحسية الغير عاقلة إلى رتبة الحسي العاقل وهو الإنسان
كقول المتنبي :
يقول بشعب بوان حصاني ***** أعن هذا يسار إلى طعان
أبوكم آدم سن المعاصي *** وعلمكم مفارقة الجنان
ولكي نفهم فكرة البيت لابد ان نعرف شيء عن المكان والزمان الذي قال فيه المتنبي هذه الابيات
فالمتنبي كان في طريقه إلى عضد الدولة فمر بواد أو شعب اسمه " بوان " وهو يقع في أرض فارس
وهذا الوادي جنة من جنان الدنيا بما فيه من الاشجار والثمار والأزهار والأنهار والأطيار
استراح المتنبي اثناء رحلته في هذا الوادي فأعجب بطبيعته الخلابة وحين وصل إلى عضد الدولة
قال قصيدة طويلة مدح فيها عضد الدولة كما وصف جمال وروعة شعب بوان الذي استراح فيه
اخذنا منها هذين البيتين لكي نستشهد بهما على انشاء الصورة الشعرية عن طريق التشخيص

فالمتبني في البيت السابق اسقط على حصانة - والحصان حسي غير عاقل - اسقط عليه صفة من صفات البشر وهي الكلام والتعجب
فنقله من رتبة الحسي غير العاقل إلى رتبة الحسي العاقل فجعل الحصان يسال ويتعجب كيف تتركون هذا المكان وهذه الجنة وتخرجون منها إلى حرب وطعن وقتل ودمار ..!!!
ولكن الحصان استدرك وتذكر أن جميع البشر هم ابناء ادم الذي اسكنه الله الجنة لا نصب فيها ولا تعب ولا جوع ولا مرض ولا موت
ولكن آدم عصى ربه وأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها فأخرجه الله من جنته إلى الأرض التي كلها شقاء وعناء
كل هذا الكلام وهذه الأفكار هي في الحقيقة أفكار المتنبي وتساؤلاته واستفهامه وتعجبه الذي يدور في نفسه
ولكنه اسقط كل ذلك على حصانه بعد ان رفعه من رتبة الحسي الذي لا يعقل إلى رتبة الحسي العاقل القادر على الكلام والاستفهام والتعجب فنطق الحسان وتكلم وتعجب بدلاً عن صاحبه .
كما ان المتنبي اسقط في حديث الحصان قصة تاريخية ذكرت في القرآن وهي قصة آدم عليه السلام وخروجه من الجنة

فالشاعر المبدع لا يقدم لك أفكاره ومشاعره بطريقة سطحية مباشرة ولكنه يمزجها بمخزونه الكبير من المعاني الحسية والمعنوية
لينتج عن ذلك صورة شعرية تنبض بالحياة والحركة فتكون أعمق في التأثير وأبلغ في الخطاب

3- التجسيد : هو منح المعنويات ملامح الإنسان العاقل , أو بعض أعضائه أو بعض صفاته
فالتجسيد إذا هو نقل المعنوي إلى رتبة الحسي العاقل
كأن نقول " العدل عمر "
والكرم حاتم "
فالعدل والكرم أمران معنويان
وعمر وحاتم حسي عاقل
وكقول المتنبي :
وزائرتي كأن بها حياء **** فليس تزور إلا في الظلام
فالحمى أمر معنوي ولكن المتنبي خلع عليها بعض صفات البشر كالحياء
فنقلها من رتبة المعنويات إلى رتبة الحسيات العاقلة
واخذ يتكلم عنها وكأنها فتاة جاءت لزيارته اثناء الليل ... وقد تم شرح كل ذلك في الفقرة السادسة

4- التجسيم : ويقصد به تحويل المعنويات المجردة إلى حسيات غير عاقلة ,إذ يصبح لها جسم وحيز يمكن ملاحظته وإدراكه
كأن نقول " الحسد نار " فالحسد في الاساس أمرٌ معنوي ولكن نقلناه الى رتبة الحسي غير العاقل وهو النار
يقول صلى الله عليه وسلم " إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "

5- الإيضاح : هو تشبيه شيء بشيء اخر من نفس رتبته
كأن نشبه حسياً عاقل بحسي عاقل ( كأن نشبه رجلاً كريم بحاتم الطائي ) فكلاهما حسي عاقل
أو نشبه حسي غير عاقل بحسي غير عاقل ( كأن نشبه نور السراج بضوء القمر )
أو أن نشبه معنوي بمعنوي آخر كقوله تعالى ( طلعها كأنه رؤوس الشياطين )
فالشجرة التي تكلم الله تعالى عنها في هذه الآية هي شجرة الزقوم تنبت في جهنم ونحن لم ندرك هذه الشجرة بحواسنا الخمس فهي أمر معنوي
وقد شبه الله عز وجل ثمر هذه الشجرة برؤوس الشياطين
ورؤوس الشياطين أمر معنوي أيضاً لا نستطيع أن ندركه من خلال حواسنا الخمس فالصورة هنا للإيضاح
لأن طرفي التشبيه كلاهما امر معنوي

"" وقفة بسيطة ""
نلاحظ أن الخيال ينقل المعنى من درجة أقل إلى درجة أعلى منه
-ففي التشخيص نقل الحسيات غير العاقلة الى مرتبة الحسي العاقل
-وفي التجسيد نقل المعنويات إلى مرتبة الحسيات العاقلة
-وفي التجسيم نقل المعنويات إلى رتبة الحسيات الغير عاقلة فجعلها تدرك بالحواس الخمس
هذا النقل من رتبة أقل إلى رتبة أعلى يجعل الصورة الشعرية نابضة بالحياة والحركة
ولهذا نقول أن الخيال هو روح النص الأدبي، إذا فقده النص اصبح جثمان لا روح فيه ولا حركة

6- تراسل الحواس : هو أن يقوم الكتاب المبدع عن طريق خياله الواسع برسم الصورة الشعرية
بطريقة لا يوجد لها مثيل في عالمه الواقع ، فيقوم بعملية إبدال أو تراسل مابين الحواس الخمس
فيجعل حاسة البصر مثلاً تدرك الأصوات وتميزها والصوت في الواقع لا يدرك إلا من خلال حاسة السمع
ويجعل من الأشياء التي كانت لا تدرك الا من خلال حاسة البصر
يجعلها عن طريق خياله الواسع تسمع أو تلمس أو يكون لها رائحة أو طعم ومذاق
ويجعل حاسة السمع تدرك الأحاسيس والمشاعر المختلفة
كقولنا مثلاً .... طعم ضوءك ينساب في فمي .... و رأيت صوتك يسري في دمي
على هشاشة هذا المثال فسنجد فيه الكثير من تراسل الحواس
فالضوء لا يدرك إلا بحاسة البصر ولكن من خلال تراسل الحواس أصبح من الممكن إدراكه من خلال حاسة الذوق وهو إدراكاً مجازي وليس على الحقيقة
وكذا الصوت فالحاسة المختصة بإدراكه هي حاسة السمع ولكن في المثال السابق استطعنا أن ندرك الصوت من خلال حاسة البصر . وعلى هذا الشكل يتم ما يسمى بتراسل الحواس

فمن خلال تراسل الحواس نقوم بنقل وضيفة حاسة إلى حاسة أخرى
هذا النقل يساعد على نقل الأثر النفسي كما هو أو قريباً مما هو وبذا تكمل أداة التعبير بنفوذها إلى نقل الأحاسيس الدقيقة
وفي هذا النقل يتجرد العالم الخارجي عن بعض خواصه المعهودة ليصير فكرة أو شعوراً
وذلك لأن العالم الحسي صورة ناقصة لعالم النفس الأغنى والأكمل

والقرآن الكريم مليء بالكثير من تراسل الحواس والتي قد لا ندركها من خلال الوعي والفهم بشكل مباشر إلا لمن درسها ووقف عليها
أما أغلبية الناس فيدركونها من خلال اللاوعي مع ذلك فلذتها ودهشتها سيجدها الجميع سواء من علم بها أو من جهل لأنه قرآن معجز
فكلمة ( ألم ترَ ) وردت كثراً في القرآن الكريم
قال تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) وقال تعالى :( ألم تر كيف فعل ربك بعاد ) وقال تعالى : (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه )
الخطاب في هذه الآيات موجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحكي قصص أقوام لم يدركهم الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يرهم ولم يرى ما أنزل الله عليهم من العذاب
فمن المفترض أن يكون الخطاب ( ألم تسمع ) لأن رؤية الرسول لهؤلاء الأقوام لم تحدث ولكنه سمع بهم من القرآن الكريم
فهنا تراسل واضح ما بين حاسة البصر وحاسة السمع وهو ليس مجرد تراسل وحسب ولكنه إعجاز في منتهى الكمال
فالأمر الذي تراه بعينك درجة صدقه أعلى من الخبر الذي تسمعه بإذنك فاستعيرت الرؤية بدلاً عن السمع
لكي تؤكد صدق ما حل بهذه الأمم وهؤلاء الأقوام وأنه حقيقة لا مراء فيها ولا شك
واستعيرت الرؤية بدلاً من السمع أيضاً لكي تقرب لنا تلك الأحداث وتزيل الفترة الزمنية التي تفصل ما بيننا وبينها
وتجعل احتمال وقوعها شيء غير مستبعد لكل من جحد وأنكر وكذب الرسول
لأن التذكير بالنظر يقرب إلى الأذهان الأمر المستبعد الحدوث وهو اشد وأقوى من التذكير بالسمع
فتراسل الحواس الذي ورد في هذه الآيات
ليس مجرد إعجاز بلاغي وحسب ولكنه إعجاز من عدة أوجه كثيرة
ولو بحثنا في القرآن الكريم سنجد الكثير من الشواهد على ترسال الحواس
بجميع صوره المختلفة


إلى هذا الحد نكون قد انتهينا من الحديث عن هذا العنصر المهم جداً في النص الأدبي وهو عنصر الخيال
ولا أدعي أني استوفيت الموضوع من جميع جوانبه فهناك الكثير من الجوانب التي لا يتسع لنا الوقت لحصرها
ولكن حسبك من العقد ما أحاط بالعنق

اتمنى من الله أن تجدوا في هذه الصفحة ما يرضي شغفكم لفهم بعض الجوانب المهمة والممتعة في تذوق النص الأدبي
إلى حين نلتقي في المحاضرة القادمة تقبلوا مني اصدق الأمنيات

وللجميع خالص التحية مني ..،،،












عرض البوم صور عبدالرحمن منصور   رد مع اقتباس
6 أعضاء آرسلو آعجاب لـ عبدالرحمن منصور على المشاركة المفيدة: