الموضوع: مقال .. و مقام
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-06-10, 02:10 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
 اللميـــاء  
اللقب:
:: قلم ماسي ::
الرتبة:
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية اللميـــاء

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 3
المواضيع: 87
المشاركات: 1445
المجموع: 1,532
بمعدل : 0.29 يوميا
آخر زيارة : 21-11-13
الجنس :  مــركب ورق !
الدولة : مـــوج !
نقاط التقييم: 1502
قوة التقييم: اللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant future


الوسام الأول للمشرف المميز المركز الأول في مسابقة قصص من فجر الإبداع مسابقة بداية هجمة 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 23
وحصلتُ على 59 إعجاب في 37 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
اللميـــاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : اللميـــاء المنتدى : قـطــرات المـقـالـة الأدبيـــة
افتراضي

الفساد ظاهرة عالمية ولكن!!



استند الرئيس الأمريكي نيكسون إلى بعض الاضطرابات في المجتمع الأمريكي وشكل لجنة مارس ضغوطه على أفرادها لتضع تقريرا أطلق عليه وقتها "خطة هيوستون"، ذلك التقرير الذي مهد لتكوين جهاز "أمن الدولة الأمريكي"، ذلك الجهاز الذي يمتلك الحق في جمع المعلومات بصورة غير قانونية عن المواطنين الأمريكيين بحجة تأمين النظام والمحافظة على التوازن الداخلي، على أن تصل هذه المعلومات إلى الرئيس بشكل مباشر حيث أن هذا الجهاز السري تابع للبيت الأبيض وتحظى معلوماته بثقة خاصة. وتحت غطاء السرية والخصوصية توسع هذا الجهاز في جمع المعلومات عن الصحفيين والموظفين العموميين ورؤساء الأحزاب والشخصيات العامة والقيادات الدينية والاجتماعية ذات التأثير.

وفي عام 1972 استغل نيكسون المعلومات المتاحة لإعادة انتخابه رئيسا لأمريك، ولكن الصحافة الحرة والواعية استطاعت فضح هذه المؤامرة فيما عرف باسم "فضيحة ووترجيت"، وأقيل بسببها نيكسون من رئاسة أمريكا وتم حل هذا الجهاز. وفي عام 1976 تم الكشف عن قيام شركة "لوكهيد" لصناعة الطائرات برشوة عدد من المسئولين في اليابان وهولندا وإيطاليا وتركيا وذلك بهدف ترويج مبيعاتها من الطائرات.

وهناك العديد من فضائح الفساد العالمية في كثير من دول العالم المتقدمة منها والمتخلفة، وهذا يؤكد أن الفساد ظاهرة عالمية لا تقتصر على مجتمع دون آخر، بل هو ظاهرة إنسانية ترتبط بدوافع قوية لدى الإنسان خاصة دافعي التملك والخلود وهما من الدوافع الجامحة لدى الإنسان خاصة حين تضعف لديه الضوابط القيمة، أو تضعف آليات رقابته.

وبعبارة أخرى فإن الفساد مرتبط بالإنسان وبالحياة في كل المراحل التاريخية، فهو أشبه بالميكروبات والفيروسات التي تخترق الجسد في كل لحظة وتحاول الفتك به، ولولا وجود جهاز المناعة في الجسد الحي لهلك الناس جميع، وكذلك الفساد يهاجم المجتمعات البشرية في كل لحظة، والفرق بين مجتمع صحيح ومجتمع عليل ليس هو في غياب الفساد عن الأول ووجوده في الثاني وإنما في قدرة المجتمع الصحيح على اكتشاف الفساد واعتباره دخيلا على منظومته وبالتالي مقاومته بآليات قادرة على ذلك طول الوقت. أما المجتمع العليل فإن الفساد يتسلل إليه دون وعي به وبخطورته ودون استنهاض للهمم لمقاومته ودون وجود آليات للمواجهة.

ولا شك أن الدول المتقدمة لا تخلو من فساد بدرجة أو بأخرى ولكنها تملك وسائل إعلام حرة وقوية قادرة على تسليط الضوء على ذلك الفساد وتملك أيضا رأيا عاما وجماعات ضغط قادرين على توجيه الآليات المؤسسية لاجتثاث الفساد أو محاصرته في أضيق الحدود، أما الدول المتخلفة (والتي نحن منها للأسف الشديد) فوعيها بمظاهر الفساد أقل، كما أنها تفتقد للإعلام القادر على كشف الفساد بشكل فعّال، وتفتقد للرأي العام وجماعات الضغط ذات التأثير، وتفتقد أكثر لآليات محاصرة الفساد أو اجتثاثه، ومن هنا تنكشف المغالطة الخطيرة التي يروج لها أنصار الفساد ورعاته من أن الفساد موجود في كل المجتمعات وليس مقصورا على مجتمعنا المصري أو المجتمعات العربية فهو ظاهرة إنسانية توجد حيث يوجد الإنسان، فهذه كلمة حق يراد بها باطل ومقولة يراد بها تسهيل قبول الناس للفساد كأمر واقع وسنة كونية لا يمكن تلافيها أو تفاديها.

إذن فهناك فوارق جوهرية تخص ظاهرة الفساد بين المجتمعات المتقدمة والمتخلفة نوجزها فيما يلي:
1 – الفساد في الدول المتقدمة استثناء، أما في الدول المتخلفة فهو قاعدة للسلوك الخاص والعام خاصة لدى الطبقة الحاكمة والمتحكمة.

2 – هناك وعي في الدول المتقدمة بمظاهر الفساد وخطورته على المجتمع في حين نرى في الدول المتخلفة جهلا بكل ذلك وغموضا حول ما هو مقبول وما هو غير مقبول سياسيا وأخلاقيا وقانونيا.

3 – النخبة في الدول المتخلفة أكثر ميلا للفساد وممارسة له من ناحية الكم والكيف.

4 – المواطن في الدول المتخلفة أكثر قبولا للفساد كأمر واقع لا يملك تغييره وربما لا يفكر في تغييره أو يسعى إلى ذلك، بل قد يتقبله ويمارسه هو شخصيا كنوع من التكيف المشوه مع الواقع الحتمي في نظره، أو يفعله توحدا مع النخبة التي تحكمه وتتحكم في مصيره، وهو ما نسميه بالتوحد مع المعتدي فبدلا من أن يصبح ضحية لنخبة تمتص دمه، يتحول هو الآخر إلى فاسد يحاول أن يأخذ حقه ولو أمكن ينتزع فوق حقه حقوقا أخرى.

5 – هناك العديد من وسائل الكشف عن الفساد في الدول المتقدمة مثل وسائل الإعلام المختلفة والنقابات المهنية واستطلاعات الرأي وغيرها في حين نرى في الدول المتخلفة غيابا لهذه الآليات الكاشفة أو ضعفا شديدا لها أو تنكيلا بالقائمين عليها أو تجاهلا لما تكشفه.

6 – توجد في الدول المتقدمة مؤسسات وآليات لديها القدرة على تتبع الفساد الذي تكشفه وسائل الإعلام أو الأفراد أو الجمعيات وتقوم بمحاسبة المتورطين فيه أيا كانت مواقعهم، أما في الدول المتخلفة فإما أننا نجد غيابا لهذه المؤسسات، أو وجودها بشكل صوري غير قادر على محاسبة أحد.

7 – الدكتاتورية في الدول المتخلفة تشكل راعيا أساسيا للفساد ورموزه على الرغم من ادعاءاتها بمحاربته في الظاهر، وهذا يشكل تحديا هائلا أمام أي محاولة للإصلاح.

8 – تجري محاولات مستمرة لتزييف الوعي في الدول المتخلفة وبهذا يفقد المواطن العادي رؤيته للأمور فلا يتشكل رأي عام مضاد للفساد، في حين نرى رأيا عاما قويا ومؤثرا ومضادا للفساد بكل صوره في الدول المتقدمة.

9 – للرأي العام وزن وتأثير وقوة ضغط على صناع القرار في الدول المتقدمة في حين ينعدم تأثير الرأي العام أو يضعف جدا في الدول المتخلفة ولهذا لا يأبه الحكام الفاسدون بالرأي العام في تلك الدول.

10 – تشكل المنظومة القانونية سياجا ضد انتشار الفساد في الدول المتقدمة، في حين نجد تلك المنظومة مضطربة في الدول المتخلفة سواء من حيث صياغتها التى تخضع لهوى ومصالح الحاكم الفرد أو من حيث تطبيقها الذي يتم بشكل انتقائي لا يحقق مصالح جموع الناس بل يحقق حماية للفاسدين الكبار والصغار.

11 – مع شيوع الفقر والجهل والمرض في الدول المتخلفة تنهار القيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة وإتقان العمل، وتشيع قيم الخوف والانتهازية والتملق والفهلوة، تلك القيم التي تشكل أرضا خصبة يترعرع فيها الفساد.

12 – النخبة في الدول المتخلفة إما رخوة أو هشة أو مفتتة أو مستقطبة أو يتم احتواؤها بواسطة السلطة القائمة، ولهذا تصبح غير قادرة على إدارة دفة الأمور في اتجاه الإصلاح حتى ولو كانت تملك رؤية لذلك الإصلاح، أما في الدول المتقدمة فإن النخبة تشكل ضمير المجتمع وتملك مفاتيح التغيير والإصلاح فيه ولا يملك أحد تفتيتها أو سحقها أو استقطابها أو شراءها.

13 – لأسباب سياسية واقتصادية مختلفة تقوم بعض الدول القوية برعاية الأنظمة الفاسدة في الدول المتخلفة حيث تكون مستفيدة من وجودها أو تخشى وجود قوى أخرى في السلطة وهذا يشكل دعما للفساد وحماية له في الدول المتخلفة لا نجده في الدول المتقدمة التي تملك إرادة حرة بشكل نسبي.

14 – أنظمة الحكم في الدول المتخلفة استبدادية ولا تتغير بسهولة لذلك يعشش الفساد فيها لسنوات طويلة دون وجود فرصة لتغييره، وهذه الأنظمة تؤمن المحاسبة لأنها تعرف أنها أبدية في الحكم، أما في الدول المتقدمة فإن آليات التغيير السياسي تزيح أي نظام فاسد في أقرب انتخابات وتستبدله بنظام آخر له القدرة على كشف مساوئ النظام السابق ومحاسبة رموزه .
وبكلمات موجزة نستطيع القول بأن الفساد في الدول المتخلفة أشبه بفيروس في جسد بلا مناعة، وهذا الفيروس يتسلل إلى نواة الخلية (نظام الحكم ومؤسساته) فيصيغ برامجها طبقا لاحتياجاته ثم يتسلل إلى المجتمع فينتشر المرض وتتغير البرامج كلها طبقا للبرنامج الفيروسي.

أ.د \ محمد المهدي












توقيع : اللميـــاء

صباحكِ سكن كل الخلايا
وسرق من محراب وحدتي كل الطقوس القديمة
وأسر قدسية الصمت .. ورهبانية الخواء ووضعها
في وسط كلمة بين قوسين من أربعة حروف
قوامها عاري تماماً الا من كلمة
( .. أ .. ح .. ب .. كِ .. )


شادي الثريا

عرض البوم صور اللميـــاء   رد مع اقتباس