كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري
أما بعد
فإن للناس نفرة عن سلطانهم، فاحذر أن تدركني وإياك عمياء مجهولة، وضغائن
محمولة، وأهواء متبعة، ودنيا مؤثرة. أقم الحدود واجلس للمظالم ولو ساعة من
النهار، وأخف الفساق واجعلهم يدًا يدًاورجًلا رجًلا وإذا كانت بين القبائل ثائرة
فنادوا: يا لفلان، فإنما تلك نجوى من الشيطان فاضربهم بالسيف حتى يفيئوا إلى
أمر الله عز وجل وتكون دعواتهم إلى الله والإسلام. واستدم النعمة بالشكر،
والطاعة بالتألف، والمقدرة بالعفو، والنصرة بالتواضع والمحبة للناس وبلغني أن ضبة
تنادي: يا لضبة. وإني والله ما أعلم أن ضبة ساق الله بها خيرًا قط، ولا صرف بها
شرًا. فإذا جاءك كتابي هذا، فأنهكهم عقوبة حتى يفرقوا إن لم يفقهوا، وألصق
بغيلان بن خرشة من بينهم. وعد مرضى المسلمين، واشهد جنائزهم، وباشر
أمورهم بنفسك، وافتح لهم بابك؛ فإنما أنت رجل منهم، غير أن الله قد جعلك
أثقلهم حمًلا. وقد بلغ أمير المؤمنين أنه فشت لك ولأهل بيتك هيئة في لباسك
ومطعمك ومركبك ليس للمسلمين مثلها فإياك يا عبد الله أن تكون كالبهيمة همها
في السمن والسمن حتفها. واعلم أن العامل إذا زاغ زاغت رعيته، وأشقى الناس
من يشقى به الناس، والسلام.