-- تابع --
سار باتجاه الكوشة وهو يفتعل الفرح، ويرسم على شفته ابتسامة عريضة محاولا التخلص من ذلك الحزن الذي لفه، لكن الألم كان طاغيا وكاد ان يمزق احشاءه ويقطعه اربا...اربا...ووحش الحزن يفترسه ويسيطر عليه تماما...
( لكن الألم كان طاغياً ) جاءت معبرة وجميلة ، ولكن ( كاد ) لم تكن جيدة لأنه في حالة معايشة للألم فكيف كاد ؟
كاد أي أن الحدث اقترب لكن مصطفى لم يقترب من الألم بل هو في حالة معايشه له في هذه اللحظة .
( وحش الحزن يفترسه ويسيطر عليه تماماً ) السيطرة تكون قبل الافتراس لأن الحزن حين يفترس فهو قضى عليه فكيف يسيطر بعد أن أنهاه ؟!
في حال تشبيه الحزن بكائن مفترس فإن الكائن المفترس يسيطر على فريسته ومن ثم يفترسها .
وما ان جلس الى جوار عروسه على الكوشة حتى حاول من جديد ان يتخلص من ذلك الشعور الرهيب بالفقد واليتم وكل ما صاحبه من الم عبر السنين...لكن الشوق كان عارما...والالم طاغيا...وكأن براكين من الشوق والوجع قد تفجرت فجأة في احشاؤه ودون سابق انذار خرجت بحممها عن السيطرة...
( وكل ما صاحبه من الم عبر السنين ) مدى السنين أبلغ من عبر لأن عبر اختراق والألم لم يخترق سنين حياته بل صاحبها والمصاحبة تعني الدوام لذا تكون مدى التي تعني معايشة الألم طوال السنين التي عاشها ، كذلك الفعل ( كأن ) لو حذفته وجعلت البراكين معطوفة على الألم الطاغي يكون أبلغ في تعميق المعاناة .
وفجأة صار عقله مسرحا لصراع رهيب بين الفرح والحزن...لكن عيون والدته التي طفحت دموعا، وهي تحاول جاهدة إخفاء ما بدى ظاهرا، رغم محاولاتها المستميتة بان تداري دموعها وان تشغل نفسها بأمور العرس لعلها تلعب دورا ثنائيا تسري عليه وتملأ الفراغ الذي خلفه غياب الاب كما فعلت دائما خلال سنوات يتمه الطويلة، رجحت كفة الحزن الذي كاد ان يمزقه شر ممزق...
( رجحت كفة الحزن الذي كاد أن يمزقه شر ممزق ) رجحت كفة الحزن الذي مزق قلبه وأفسد عليه أجمل اللحظات .. اقتراح صياغة آخر لأن كفة الحزن رجحت فعل ماضي أي أن الحزن سيطر وانتهى الأمر فحتماً سيمزقه ولم يكد .