[مــنــــــآل]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width0%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

جدي صالح وجدتي وضحى إنهما كأي كبيران بالسن
يعيشان معنـا أنا وأمي وأبي وأخوتي وأخواتي
جدي صالح مهتم بضيوفه .. بالنخيل .. بالجديد الذي يسمعه من الراديو ومن احاديث رجال الحاره
وجدتي وضحى تهتم بحنائها .. بطلاق فلانه وزواج علانه .. بأدوية النفاس والأدويه الخاصه بالأطفال والنساء
وأنــا أسمي أمل وعمري 22 سنه فلم الاحظ يوما أن لجدي وجدتي علاقة مميزة على الأقل كأمي وأبي
لم الاحظهـا إلا مؤخرا ً حينما مرضت جدتي (( أمـي وضحى ))
حيث كانت صحيحة الجسم متعافية وكثيرا ًما سخرت من ضعفنا ومن طعامنا وعاداتنا الغذائية
(( أنتن لاتأكلن التمر .. أجسامكن رخوة وعظامكن مكسرة من المكيفات ..الاصباغ لعبت بشعوركن ووجوهكن))
ولكنها مسكينة أقتحم المرض حياتها فجأة وأصيبت بالحمى طويلا ً .. بسبب إلتهاب حاد في الشعب الهوائية
كانت زفراتها ساخنة جدا ً.. وأحياناً تكون تهذي وتتكلم وهي لاتعلم بذلك من شدة الحرارة وخفقان قلبها
وفي إحدى ليالي مرضها كنت أرافقها بغرفتها وإذا بي أسمعها تهذي وتتمتم
(( ياحزن عيني عليك يابو محمد))
أستغربت من كلمتها ولكن .. القيت بها وراء ظهري ولم أعير لها أي اهتمام ..
ولأن أمي وضحى مريضة أصبح بيتنا مزارا ً وكثر الضيوف لمعاودتها والسؤال عن صحتها
ولم أشاهد أبوي صالح مهتما ًبمرض أمي وضحى ابدا ً
أستمر في مجلسه بالدّكّه بين النخل وأغصان السدر
وبأحاديثه مع رجال الحارة .. وأحيانا يتنحنح ليدخل ليسلم على النساء الزائرات لجدتي إذا كن من أقاربه
فتيقنت أن جدي لايكن لجدتي أي مشاعر ولاهي ايضا ً
وانما يعيشون مع بعضهم بطريقة عادية جدا ً كأي أحد في الدنيا .. وهل يعرفان الحب والاشتياق لبعضهم ..وهم بهذا بهذا السن ؟؟!
ضحكت في سري كثيراً من هذا الخاطر
وذات يوم ..كان الوقت عصراً
وكنت صاحية من نومي للتو وكعادتي أمر بطريقي على غرفة أمي وضحى قبل أن أمارس روتين يومي
وإذا بجدي يجلس على سرير جدتي .. وقد توسد رأس جدتي المغلف بالحرارة فخذ جدي
وإذا به ماسكا ً بيده اليمنى المصحف الكريم وضعاً يده اليسرى على جبينها المبلل بقطرات العرق من شدة حرارتها
ويقرأ بعض آيات القرأن بصوت تخنقه العبرات وينفث عليها ..
كانت جدتي بين أحضانه كطفلة صغيرة ..
جميلة جداً رغم آلامها ومرضها ولكنها لم تزل تكحل عيونها وتعطر (( شيلتها )) لاجله
عينيها مكحولتين فمها الدقيق وأنفها الطويل
خدودها المكورة التي تقرأ بين تجاعيدها الرضوخ والاستسلام والضعف والمرض
وكان جدي يأخذ أوراق المنديل ليمسح عن عيونه قطرات دموعه ..وقطرات عرق جبينها
كاد يذوب رقه وهو ينظر إليهـا بكل رحمة وحب وحنان
سمعتها تقول يابومحمد ناولني قارورة المويه و((الــمـُره))
اخذ الماء والـمُره وفتحه لها واعطاها وهو يقول له (( هني وعافية فديتك ))
ياااااااه
هل ما أراه حقا ً ام انه فلما ًسنيمائيا ً رومانسي ..
كانت الغرفة مشبعة بالحنان والحب الصادق العفيف
منظرهما كأطفال ...كطيور .. منظرهما كان شيء اعجز وصفه لكم
أستندت على الباب والدموع تنهار من عيوني .. ولم يشعران بوجودي
فجاة أخذ جدي يمسك برأس جدتي بكل رفق وحنان ويرفعها من فخذه ويقبل جبينها ويسندها على وسادتها وهو يقول لها
(( لاباس يالغاليه يا أم محمد جعله طهور وتكفير ))
وراح يفتح صحن التمر وأخذ تمرة وقدمهــا لهــا
وأذا بجدتي تقول له (( ياجعلي فداك .. ماعدت اقوى على التمرة ... قاسيه ما اقواها ياصالح ))
وإذا به اخذ يفتح فردة التمرة ليخرج منها حبة الطعام من داخلها وادخلها بفمه وراح يلوكها ويلوكها ويلوكها
إلــى أن لانت ومن ثم أخرجهـــا من فمه وقدمها اليها ..
واذا بجدتي تفتح فمها وتأكل فردة التمرة من بعد مالاكها جدي
زادت بي مشاعر اجهل أسمها .. وزاد نبض قلبي .. وزاد انهيار وتدفق دمعي
فلم اعد احتمل رؤيتهما ... فذهبت لأمي بالمطبخ .. واذا بها تبهر دله القهوة لجدي
ففكرت وقلت بخلدي سأذهب مع أمي حينما تذهب إليهم بالقهوة لأرى جدي كيف سيكون بحضورنا
وفعلاً ذهبت مع أمي وما أن اقبلنا عليهم وقبلناهم
إلا وينهض بكامل هيبته ووقاره وكأنه لم يكن العاشق المرهف الرومنسي الذي رأيته قبل لحظات
وإذا به يقول (( الحقيني بالقهوة يا أم خالد .. الرجال هاللحين بيجون .. ماعليكم باس )) !!!
/
\
/

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]