أصبحت في حالة تفكير دائم بشخصيته وطريقة تعامله مع النـاس
وأدركت وتيقنت أن هنــاك سرا ً أوشيء آخر اجهله .. تمنيت أن تظهره لي الأيــام
وكان لي ماتمنيت ..
حينما آتانــــا الصيـف وقرر الأهل السفر إلـى منطقتنا وقريتنا ..حيث الحياة الطبيعية والطقس الممطر والبيت التراثي البسيط القابع بوسط المزرعة التي ورثناها من جدي
وتمت الرحلـــة .. وكان الجميع ملاحظ تغير نفسية عمي ساري
فالبعد عن صخب المدينة وعن الروتين والعمل جعله يكون أكثر هدوء وإبتسـام وإنسجام
كان يخرج من البيت من الساعة السابعة صباحا ً قاصدا ً التجوال بالمزرعة
وكنت بمثابة مراقب لكل تحركاته وتصرفاته ..
أحاول أن أكف عن التفكير بأمره ولكن لاجدوى
دون شعور مني أجد نفسي غارقة بمحيطه الغامض
وفـي إحدى الصباحات .. أستيقظت من نومي
وفتحت نافذة الغرفة .. ورأيته من بعيد بالمزرعة أمــامه شعلة نار ..عليها دلة القهوة وبيده هاتفه المحمول
قررت الذهاب إليـه والجلوس معه .. ولاسيما بهذه الإجواء الرائعة ..
خرجت من البيت وأتجهت صوب نخل المزرعة وقطفت له بعض من ثمارها وذهبت إليـه .. وكلما أقتربت منه .. سمعت صوت لأبيات شعرية صادرة من هاتفه ..
وأنتهت القصيدة وقام بإعادة تشغيلها من جديد
وما ان أقبلت عليه إلا وقام بإغلاق القصيـدة وأبتسم لـي ..
وألقيت عليه التحيه وقبلت رأسـه .. ورد علي التحيـه بإحسن منهـا ..
قدمت له صحن الرطب .. ولكن هذه المرة قدمته له بيدي اليمنى ..
( أنتي حلـوة يـانـورة مثل هالرطب ومثل هالخضرة والمـاء .. ومثل الذكريات الجميلـة ..)
الذكريـــات الجميلـة خفق لهـــا قلبـي بشـدة وأدركت ان وراءها الشيء الـذي طالما بحثت عنه
وتمنيت أن أمتلك شجاعة الكون لألقـي عليـه سؤال
( وما ذكرياتك الجميلة ؟؟!!)
وفعلا ً غمرني شيء أجهل مصطلحه .. قد تكون شجاعة .. وقد يكون تهور أو جنون .. لا أعلم ما أسميه
ولكن .. هي الحالة التي تنتابنا فجـــأة وتجعلنا نثور دون أدنى تفكير بالعواقب وبما سيترتب على تلك الثورة
ألقيت بسؤالي هكذا دفعة واحدة دون ترثيت ولا إكتراث ولاتلميح أو تمهيد ..
( عمي مارأيك بالحب ؟؟؟)
أي سؤال هـذا ؟ حملني وإيــــاه في سمـــــاء اللاوعــــي
وأي موقف جعلني أكون مرتجفة أمـــام أعتى إنســــان عرفته بحيــــاتـــي ..؟
مالذي أنتابني وجعلني أسأله أرق سؤال لأرق معنى بالوجــود .. ؟
بدأ الـخجـل .. أم الـخوف .. أم الندم .. لا أعلم .. ولكن ثمـة مشاعر بدأت تحتويني تجبرني على إبعـــاد نـظـري عنــه
وبالوقـت ذاتـه .. أشعـر بأنني أنتـظر .. أنتـظر غضبـه أو إستنفاره أو طرده لــــي
وماأن رفعت عيني عليـــه .. إلا و لمحت بريق دمعـة في عيونـه التي زادت بريقهـا شعـاع الشمس ..
زادت بي الشجــون .. وهربت مني الكلمـات .. وتهت بين مشاعري و الحيرة بالتصرف
كانت لحظاتي معه ..يغمرها السكوت والسكـون .. يشبه السكـون الذي يعقب دوي الرصاص و إنفجار القنابل والصواريخ
إجــلال وخشـــوع ورهبــــة أمـــام دمـوعه .. كيف لا ..!
وهي دموع الجبل (ساري)..
لاشيء يشبه دموع رجـل خمسيني ..صلب .. شامخ .. يهتز أمـام سؤال سـاذج من فتاة عشرينـية كل همها الإستكشاف والبحث
تعلمين يابنتي يانورة .. أن لاشيء أقسـى من تضارب الإحـلام مع بعضهــــا في قلب الإنسـان
حلمت بالعسكريـة كثيراً .. وحلمت بالزواج من فتاة أحببتها كثيرا ً
فهما حلمين عاشا معي منذ طفولتي .. فهي أبنت الرجل المزارع الذي يسكن بمزرعتنا هذه قبل سنين ..
إلا أن القدر وهبنـي أمرين .. وحرمني من الثالث
أعطاني العسكريـة التي ترفض زواجي من فتـاة لاتنتمي لوطنـي
ورضــا والدي عني .. الذي رفض زواجـي من تلك الفتاة وهو على فراش موته
بعدما قررت التنحي عن العسكرية من أجل الزواج منها
وكان رفضـه فقط من أجل شيء أسمـه عادات وتقاليد تحتم علينا الإرتبــاط من بنات القبيلـة
فأعطيت والدي وعـدا ً بعدم عصيانه ..
وأعطيتها وعدا ً وقلبا ً بأن لا أنســـاها ماحييت
وها أنــا عند وعدي لحبها الموشوم بقلبي .. :hurt[1]:
/
\
/
في يوم زفـــافــي .. رأيت عمـي ســاري يدخل ليتمتم لي بالدعاء والتبريكات قبل صخب المعازيم
وهمس لي وقال (يكفيني أن تكون العروس هي فقط التي تفهمني وعرفت سري ونجواي..)
وألتفت على أخـــي وقال (خذ العروس نـورة لزوجهــــا يــاولــد )
!!!!
تمت ..
ألـــذ مافـي الحــب إنـّــا نتألم ..:hurt[1]: