الموضوع: الرهان
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-07-13, 04:05 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
 عبدالرحمن منصور  
اللقب:
الــوجــــيه
الرتبة:
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية عبدالرحمن منصور

بيانات العضو
التسجيل: 21-10-09
العضوية: 2
المواضيع: 195
المشاركات: 1806
المجموع: 2,001
بمعدل : 0.38 يوميا
آخر زيارة : 24-04-24
الجنس :  ذكر
الدولة : السعودية
نقاط التقييم: 20956
قوة التقييم: عبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond reputeعبدالرحمن منصور has a reputation beyond repute


كاتب الشهر فبراير 2012 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 2,707
وحصلتُ على 1,278 إعجاب في 552 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
عبدالرحمن منصور غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : عبدالرحمن منصور المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي

الجزء الرابع و الأخير ..

رفع المصرفي الورقة فقرأ التالي :
"
غداً .. وفي منتصف الليل تحديداً سأسترد حريتي فأستعيد بذلك نعمة الاختلاط بالناس على أني أرى لزاماً علي- قبل أن أغادر غرفتي هذه فأبصر ضياء الشمس-أن أخبرك بشئ :
أعلن وأنا بكامل قواي العقلية وبضمير واعٍ مرتاح -تحت رقابة من لا تنام عينه جل وعلا- بأنني أمقت الحياة والحرية وكلما تنعته كتبك قاطبة .. بنعيم الوجود!

لقد دأبت ولخمس عشرة سنة خلت على دراسة حياة الانسان على هذه الأرض.. صحيح أنى ما رأيت أرضَاً ولابشراً..
لكني .. في كتبك أبحرت إلى عوالم من خيال.. أثملني فيها رحيق الزهور وشدو الطيور
.. رددّت روحي أعذب الأنغام وتوغلت في مجاهل الغابات فاصطدت الظباء والغزلان البرية...... ورأيت النساء.. نساء فاتنات كسحب الأثير أبدعتها قرائح عباقرة الشعراء...
فتيات كن إذا أويت إلى فراشي يزرنني فيسكبن في سمعي أروع الحكايا فانتشي لوقعها ويثمل فؤادي للحظات عفيفة.....
عبر كتبك -سيدي- امتطيت قمم الجبال الشاهقة لـ"البروز"و"مونت بلنك".. واكتحلت عيناي في ذراها بمرأى الشمس يتفتق عنها صدر الأرض..هناك في آخر العالم.. فتسكب أبان غروبها صبابة الذهب تطلي بها السماء والمحيط ورؤوس الجبال..سمعت هناك في الأعالي دوي الرعد.. ورأيت ومض البرق يقدّ فؤاد الغيوم كسيف عنترة بن شداد .. رأيت غابات خضر وبيادر وحقولاً وجداول وأنهاراً ومدناً...ومست يداي أطراف أجنحة النوارس المبحرة في خضم السماء .. في كتبك -سيدي- سبرت غور بحار لجّيّة ... صنعت المعجزات أحرقت مدناً عن بكرة أبيها وحررت أقطاراً !
لقد منحتني كتبك الحكمة كل الحكمة ... إن عبقرية الإنسان وحصاد فكره الفذّ قد أختزل الآن في جمجمتي.. وأنا على يقين الآن بأني أفوقكم طرّاً علماً وثقافة وذكاء وحكمة ...
على أني الآن أحتقر كل كتبك ..أمقت النعيم الدنيوي وحكمة الإنسان ..فقد أدركت أن كل شيء ماخلا الله باطل ... وأن كل ما بنا من نِعَم وما لدينا من متع.. ماهو إلا سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً... أيقنت -سيدي- بأنك مهما كنت جميلاً غنياً حكيماً..فإن يد الموت لاشك ستمتد إليك لتمحوك عن وجه البسيطة..فتتساوى بذلك مع الجرذان النافقة تحت الأرض ... عندها لن ينفعك مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..
تعساً لكم بني آدم ... تحسبون الزيف حقيقة .. وتخالون القبح جمالاً و... تستبدلون الذي هوأدنى بالذي هو خير ...
كم احتقر ما تمجّدون وخير دليل على ذلك .. هو إنني سأتنازل طائعاً مختاراً عن مبلغ الرهان المتفق عليه ..ذاك الذي طالما حلمت بأنه المفتاح إلى عوالم السعادة والنعيم ..ذالك الذي أمقته الآن فهولا يساوي في نظري شيئاً.. أجل سأحرم نفسي من حق الحصول عليه ، إذ أني سأغادر هذا المكان قبيل الموعد المضروب بخمس دقائق... فأكون بذلك قد خالفت بنود الاتفاقية وتصبح في حلُّ ساعتها من دفع المتفق عليه لي ..

عندما أنهى المصرفي قراءة ذلك وضع الورقة بهدوء على المنضدة ثم أنحنى فقبّل في حنان رأس الرجل الغريب وانخرط في بكاء عميق قبل أن يغادر الجناح..
ما أحس في أي وقت مضى بازدراء ذاتي كذلك الذي أحس به آنذاك مطلقاً ...حتى يوم مُنيَ بخسارة فادحة في سوق البورصة .. وما أن دخل بيته حتى استلقى على سريره لكن العذاب والدموع والألم لم يسلمه للنوم إلا بعد مضي وقت طويل ...
في صبيحة اليوم التالي جاءه الحارس المسكين يعدو .. وأخبره بأنهم قد شاهدوا السجين يتسلل من النافذة إلى الحديقة التي لفظته بعد أن عبر بوابتها ..
وهرع المصرفي من فوره مع حارسه إلى غرفة السجين فكتب تقريراً بذلك ولتلافي ما قد ينتشر من إشاعات وأخذ ورقة التنازل الخطي للسجين من على المنضدة وأبان عودته أقفل عليها باب خزانته..



تم بحمدلله .....،،،،













عرض البوم صور عبدالرحمن منصور   رد مع اقتباس
الأعضاء الذين آرسلوا آعجاب لـ عبدالرحمن منصور على المشاركة المفيدة: