[اللميـــاء]

السلام عليكم



بدايةً و قبل أن يتهمني أي أحد بعد أن يفرغ من قراءة - إذا قرأه أحد - بأني أهاجم المصريين أو أني فِلة من الفلول و الطعمية - فأريد أن أقسم له بأإلظ الأيمان أني و الله العظيم مصرية - و مصرية جداً حتى النخاع الشوكي و البرشومي - لكن مشكلتي أن مصريتي لا تمنعني من رؤية العيوب التي أراها متفشية في مجتمعي ربما أحاول علاجها و إن لم أستطع فيكفيني ما سيلحق بي من شتيمة جراء المحاولة



ندخل في الموضوع



الموضوع يا سادة يا أفاضل هي أني كـ مصرية أرى أن المجتمع المصري ليس بينه و بين كلمة " مش عارف عمار " ... بمعنى أنك إن سألت مصري أي سؤال في أي مجال حتى و إن كان لا يعرف فآخر شئ تتوقع أن تسمعه منه " مش عارف " ، لذا فهو شعب لديه لكل سؤال جواب و ما أجمل الأجوبة



فمثلا إن ضللت الطريق في مصر فحذارِ أن تسأل - لأن الإجابة ربما توديك في ستين داهية - لن تضلك فقط

و إليكم ما حدث معي منذ سنوات قليلة حين ذهبت للمرة الأولى لـ حي الغورية الشهير - و لأني كنت أتوق لزيارة مسجد السلطان الغوري و بسبب الزحام ضليت الطريق ، و بكل براءة كـ براءة فاتن حمامة في فيلم دعاء الكروان سألت أحد المارة " لو سمحت فين مسجد الغوري؟" فنظر لي و كانت أول كلماته " يااه .. انتي ايه اللي جابك هنا .. انتي فين و جامع الغوري فين" .... شعرت حينها بأسف الرجل و إشفاقه عليّ ، فإذا به يستطرد " بُصي ... إنتي تعدي الناحية التانية و تاخدي تاكسي ، اوعي تديه اكتر من 7 جنيه (لا اعرف لما 7 بالذات) ما عليه ، و هو هيوصلك ... و لا اقولك لو مش عاوزة تركبي تاكسي اركبي ميكروباص للعتبة بـ نص جنيه و من هناك خدي تاكسي بجوز جنيهات لجامع الغوري" يا الله .... كم دعيت لهذا الرجل الذي أثلج صدره بخارطة الطريق التي وضعها لي و قبل أن أنتهي من دعائي فوجئت بأحد الباعة في أحد المحلات يسألني " إنتي عاوزة تروحي فين يا مدام ... مش مدام برضوا (و لا أعلم ما سر هذا السؤال العارض .... لكنه ذيل لكل من يقول يا مدام في القاهرة) .. فأجبته شكراً أنا عرفت الطريق .. فألح السؤال فأضطريت أن أخبره أني ذاهبة لمسجد الغوري ... فإذا به يخبرني .. ما أحنا في مسجد الغوري ... كل المنطقة دي اسمها مسجد الغوري و لو عاوزة المسجد نفسه فالباب قدامك اهوه ، طبعاً تحول دعائي لأخينا المفتي الأول لدعاء عليه و دعاء لكل المصريين أن ينجيهم الله من شر أن يسألوه .



هذا هو الحال إذا سألت، أما الطامة الكُبرى عندما يسألك أحد عن شئ و حين تجاوبه فإنه لا يشكرك على الجواب ، لكن يقذف بوجهك 3 كلمات " مش كدة برضوا" و التي تستفهم منها إنه على دراية كاملة بما سألك عنه لكنه كان يختبر ذكائك أو ربما صبرك

حدث منذ فترة سألتني زميلة السكن " لميا هي الـ UK اختصار لإيه " فأجبتها " United Kingdom " فقالت لي "مش كدة برضوا" ، فنظرت لها و سكت ،

أما الحالة الثانية حين يسألك أحد عن شئ و تجيبه عن ثقة ، فيفند ثقتك بنفسك و بما تعرفه و يخبرك " بيتهيألي إنك صح" ، فإن إستفزتك الكلمة و أكدت له إنك واثق يجيبك ببرود " ماشي يا عم عارفين إنك موسئف "مثقف" بس برضوا جل من لا يسهو، فيسحبك من حالة الدفاع عما تعرفه لحالة الشك و أن تسأل نفسك " هو أنا صح "



أما في بعض الحالات الأخرى فأنت لا تسأل و لا تُسئل ، لكنك تُفاجأ بعنصر خارجي أقحم نفسه عليك ليفتيك أو ليزيدك من علمه دون سؤال ، و النتيجة كما يلي :



منذ سنين و بأول وظيفة لي كنت أكتب مفاتيح الدول حتى تساعدني - وقتها كان استخدام الانترنت محدود للغاية - و كان عامل النظافة ينظف مكتبي و أنا أقول بصوت عالي :



0090 - تركيا

0091 - الهند

0092 - باكستان

0093 - و أصابني صمت لأني لا أعرف و ظللت أردد 0093 ، 0093 فين 0093 دي

فإذا بعامل النظافة يخبرني " 0093 دي سوهاج يا أبلة" .... و سأترك لكم التعليق.





تلك النماذج التي بأعلى لا تسئ لشخصها فحسب ، بل تسئ لمجتمعها و دولتها ككل إذا ما تعاملت بهذا المنطق مع من يترددون على دولتهم من جنسيات مختلفة. أتمنى أن تنزل كلمة "مش عارف " للقاموس المصري .... فهناك مقولة تقول " من قال الله أعلم فقد أفتى " .... و يبدو لي أن المصريين شعب لا يحب فتوى الله أعلم ، لكنه يرمي بنفسه بين أحضان " مش كدة برضوا" .



الرياض

17 يناير 2012



اللميـــاء