[color="هرولنا للبلكونة, فوجدت ابني علي الأرض ينزف دما من كل جسده, فأسرعت إلي أسفل, ولا أعلم حتي الآن كيف حملتني ساقاي حتي نزلت علي السلم, فوجدت زوجي يفترش الأرض, وابني في حضنه, وكل ملابسه ملطخة بالدماء!! أسرعنا في سيارة يقودها أحد الجيران, إلي أقرب مستشفي, ولكن بعد دقائق فارق ابني الحياة, وليس هناك كلمات تصف لك هذه اللحظات بل الساعات التي عشناها, فلم يستوقفني عن حزني وشرودي, سوي مشهد زوجي وهو ساجد علي الأرض في المستشفي يدعو ربه أن يلهمه الصبر!!
مرت الأيام سيدي, وأنا لا أدري ما حدث, فقد كنت في عالم آخر, ولكني علمت أن زوجي ترك عمله, وأغلق عيادته, وأطلق لحيته, واعتزل الناس, وتدهورت صحته, وكره الدنيا ومن فيها, حاولت أن أقابله, ولكنه رفض.. أما ابنتي فمنذ حادث أخيها لا تطيق النظر في وجهي, ولا تريد رؤية أبيها, فهي تعيش الآن عند خالها, وتقول لي: أنت السبب ياماما في موت أخي, أنا بأكرهك, وبأكره بابا وتيته, والناس كلها!!
سيدي.. أنا مستعدة الآن لتقبيل رجل زوجي, ليصفح عني, لا بغرض أن يعيدني إليه, ولكن ليسامحني علي ما فعلت معه, فكفي عقاب الله لي, وحرماني من ابني وقرة عيني أمام عيني, بهذه الطريقة التي لن تمحي من ذاكرتي طوال الدهر... أرجو أن يسامحني زوجي من أجل ابنتي التي انهارت, وكل يوم صحتها إلي الأسوأ, ولا أستطيع تحمل فقدها هي الأخري, فأنا أنزف بدلا من الدموع دما, وأحزان الدنيا كلها لاتكفيني, وسأظل مسكونة بالندم طوال عمري, وسامح الله أمي, فقد كانت هي السبب!!
*
المصدر
( بريد الجمعة بجريدة الاهرام المصرية ) [/color]