" 248 "
" قبلة على الريق "
من الظلم أن تنامي بلا حضن، وأن تفيقي من غير أن توقظك قبلة، فما أطيب ثغرك قبل أن يفيق، وما ألذ ريقك على الريق.
وما أعذب شفتاك الجافتان الملتصقتان بعد نوم هذا المساء، كبتلات وردة جورية يانعة وندية، لم يطمثها الندى، تخفي في جوفها الشهد والرحيق وتفوح بالعبير والشذى.
وهاتان العينان المطبقتان كلؤلؤتين مزروعتين في حديقة وجهك المرمري الصافي، تحدها أهلة الجفون
تحيطها سنابل الرموش. و شعرك الليلكي المسترسل المتغجر والمنكوش
المنثور على صدري كخيوط بخورعطرية، كرسائل حب عذرية، كتبت بالحبر الأشقر، كخيوط الشمس الذهبية نشرت فوق أديم الوجه تفيق قليلاً كي تسكر.
وهذه الخصلات الثائرة المارقة والمنشقة، تساقطت على وجهي وتسللت من بين شفاهي كي أذوق فيها نكهتك الحلوة وطعمك الحالي، وكأنها قرأت ما يجول بخاطري وعرفت ما يدور ببالي.
وهذا الصدر القطني الممتلئ أنوثة المفرط في النعومة المتناهي في الحسن وفي الرقة، وخرزتا كرزٍ تغرق في تلٍ من ريش، كحمامتين هلاميتين طال بها المكث وطال بها التعشيش
لم تذنب كي تسجن، لم تطلق كي تحيا وتعيش كم أرهقها القيد وكم أرقها فيه التفتيش حينا باللثم وحينا بالعض وبالتخميش .
وانت تتوسدين ساعدي وتلتحفين ذراعي ومن أنفاسك العطرة أخذت أريج أنفاسي.
فما اتعسك يا حظي وكم أنت يا هذا الزمن قاسي فلا أراك الا في مخيلتي ولم أجدك الا في حرفي وقرطاسي
هكذا يجب أن تفيقي، وهكذا يجب أن تنامي، ما بين عيني ورمشي عيني، ما بين جلدي وأضلعي وعظامي.
فلا تبعديني عن غايتي ورغبتي، ولا تحرميني من لهفتي ومرامي فإني وإن بلغت سنين رشدي، فلم ابلغ إلى الآن سن فطامي.
/
\
/
الوجيه