" 136 "
من الغريب حقاً ...
أن تستطيع أن تكتب وأنت خالي من الشعور تماماً.
فلا حب ولا كره ...
لا حزن ولا فرح ...
لا خوف ولا آمان ...
لا رغبة ولا رهبة ...
فأنت مجرد تمثال أجوف ممتلئ بالثرثرة...
أو أنت مجرد آلة كاتبة، تحسن الكتابة، ولكنها خالية تماماً من الشعور والإحساس.
هذه حقيقة وليست مزحة...
فهناك مرحلة تتخلى فيها عن كل مشاعرك، وكل احاسيسك، كل رغباتك، وكل آمانيك، وكل غرائزك التي مانفكت تلازمك طوال حياتك.
انها مرحلة يستوي فيها عندك كل شيء، فلا غالي ولا رخيص، لا قريب ولا بعيد، لا صديق ولا عدو.
لا يهمك من جاء ولا يهمك من رحل، لا يثيرك من مدح ولا يغيضك من قدح ... فأنت مجرد تمثال صامت، يضج بالثرثرة
مرحلة تتخلى فيها عن كل شي، كل شيء ،إلا عن صمتك، وثرثرة صاخبة تضج في داخلك الأجوف، لو استطاعت أن تخترق حاجز هذا الصمت المطبق، لما استطاع الورق أن يحمل أوزارها، ولما استطاع القلم أن يصلى نارها.
ولكل مرحلة جمالها الخاص، وجمال هذه المرحلة، أنك تتماها تماماً مع كل شيء، لدرجة أنك لا تشعر بأي شيء,
فالسمك هو المخلوق الوحيد الذي لا يعلم بوجود الماء، لأنه يعيش فيه.....