ضيافـة الله
وإذا سكن أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، هبط ربنا الجليل جل جلاله، بلا تكييف ولا تمثيل، يتعالى ربنا
عن ذلك، إلى مرج أفيح، فمُدَّ بينه وبين خلقه حجابا من لؤلؤ، وحجابا من نور، ثم وُضِعَتْ منابر النور،
وسرر النور، وكراسي النور، ثم أُذِن لرجل كريم على الله عز وجل، بين يديه أمثال من النور، يسمع دوي
تسبيح الملائكة معه، وصفْقَ أجنحتهم، فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم، فقيل: من هذا الذي قد أَذِن له الله عز
وجل؟ فقيل: هذا المجبول بيده، والمعلَّم الأسماء، والذي أُمرتِ الملائكة فسجدتْ له، والذي أبيحتْ له
الجنة، آدم (صلى الله عليه وسلم)، أَذن له الله عز وجل. ثم أُذِن لرجل آخر على الله عز وجل، بين يديه
أمثال الجبال من النور، يسمع تسبيح الملائكة معه، وصفْق أجنحتهم، فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم، فقيل:
من هذا الذي أَذن له الله عز وجل؟ فقيل: هذا الذي اتخذه الله خليلا، وجعل النار عليه بردا وسلاما،
إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قد أَذِن له الله عز وجل. ثم أُذِن إلى رجل آخر على الله عز وجل،
بين يديه أمثال الجبال من النور، يسمع تسبيح الملائكة معه، وصفْق أجنحتهم، فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم،
فقيل: من هذا الذي قد أُذن له على الله عز وجل؟ فقيل: هذا الذي اصطفاه الله عز وجل برسالته،
وقربه نجيا، وكلمه تكليما، موسى عليه الصلاة والسلام، قد أُذِن له على الله عز وجل. ثم أُذِن لرجل آخر،
معه مثل جميع مواكب النبيين قبله، بين يديه أمثال الجبال من النور، ويسمع دوي تسبيح الملائكة،
وصفْق أجنحتهم، فقيل: من هذا الذي قد أُذِن له على الله عز وجل؟ فقيل: هذا أول شافع وأول مشفَّع،
وسيّد ولد آدم، من تنشق عنه الأرض، وصاحب لواء الحمد؛ أحمد (صلى الله عليه وسلم)، قد أُذِن
له على الله عز وجل. فجلس النبيون على منابر النور، والصديقون على سرر النور، والشهداء على
كراسي النور، وجلس سائر الناس على كثبان من المسك الأبيض الأذفر.