وصف الجنة ونعيمها (3)
أنهــار الجنــــة
وتأتي -يا عبد الله- أنهار الجنة وبحارها، فترى بحر الماء، وبحر العسل، وبحر اللبن، وبحر الخمر،
فتشرب منها، وتنعم بها. ثم تشقق الأنهار، سيحان وجيحان، والفرات والنيل، كل من أنهار الجنة،
وهذه الأنهار تشخب من جنة عدن، ثم تصدع بعد ذلك أنهارا، فتتمتع بمناظرها الخلابة،
وتشرب من مائها العذب.
وتذهب إلى رياض الجنة، وفي رياضها نهر من أنهارها، هو أصل أنهار الجنة كلها،
أظهره الله عز وجل حيث ما أراد. وفيها نهر النيل، وهو نهر العسل في الجنة، ونهر دجلة،
وهو نهر اللبن في الجنة، والفرات، وهو نهر الخمر في الجنة، وسيحان وجيحان،
وهما نهرا الماء في الجنة، تطوف عليها واحدا واحدا، فتُحملق بعينيك في جمالها،
وتتعجب من لذة مذاقها، وكأنك في حلم. ثم تأتي نهرا يقال له "البيدخ"،
عليه قباب من ياقوت، تحته حور ناشئات، تنطلق إليه، فتتصفح تلك الجواري،
فإذا أُعجبتَ بجارية منها تمس معصمها فتتبعك.
وصف الجنة ونعيمها (3)
نهر الكوثر
وتأتي إلى نهر الكوثر، وهو نهر في وسط الجنة، حافتاه من ذهب، يجري على الدر والياقوت،
تربته أطيب من ريح المسك، وطعمه أحلى من العسل، وماؤه أشد بياضا من الثلج واللبن.
والذي نفسي بيده، لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في ليلة مظلمة مصحية،
من شرب منها شربة لم يظمأ آخر ما عليه. عرضه مثل طوله، كما بين عمان إلى أيلة،
أو كما بين الكوفة إلى الحجر الأسود، أو كما بين أيلة إلى صنعاء. فيه ميزابان ينثعبان من الجنة،
أحدهما من ورق، والآخر من ذهب، من شرب منه لم يظمأ حتى يدخل الجنة،
فيه أباريق عدد نجوم السماء، حافتاه قباب الدر المجوف، وقباب اللؤلؤ والذهب،
طينه مسك أذفر، عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، مجراه على جنادل الدر والياقوت واللؤلؤ،
حاله المسك، ورضراضه التوم، نبته قضبان الذهب، ثمره ألوان الجوهر،
وماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، إذا شربتَ منه مشربا لم تظمأ بعده أبدا.